الاختصاص الشخصي للقانون الجنائي  

يطلق عليه بعض فقهاء القانون الجنائي مبدا شخصية القانون الجنائي او صلاحيته الشخصية ويقصد به (تطبيق القانون الجنائي للدولة على كل من يحمل جنسيتها ولو ارتكب الجريمة خارج اقليمها ).

ويعد هذا المبدا الاصل في تطبيق القانون الجنائي في المكان بالنسبة لكل القوانين الجنائية في العالم، ثم تحولت القوانين الجنائية الى مبدا الاقليمية الا ان هذا المبدا لم يفقد وجوده كليا بل اصبح له دور تكميلي يقتصر على بعض الحالات التي يفلت فيها المجرم من العقوبة فيما لو طبق مبدا الاقليمية مثل ارتكاب شخص جريمة في دولة اخرى ثم عودته الى دولته قبل ان يتم الحكم عليه ففي هذه الحالة سيفلت المجرم من العقوبة فيما لو طبق مبدا الاقليمية حيث لا تستطيع تلك الدولة التي هرب منها ان تطبق عليه القانون بعد ان خرج منها ولا تستطيع دولته ان تطبق عليه القانون لانه لم يرتكب الجريمة على اراضيها كما لا تستطيع دولته ان تقوم بتسليمه لتلك الدولة لان احكام تسليم المجرمين المتفق عليها بين الدول هو عدم امكانية تسليم الدولة لرعاياها وهذا بطبيعة الحال سيجعل من الجاني في مامن من الملاحقة والعقاب.

لذلك كان لابد من تطبيق مبدأ شخصية القانون الجنائي في هذه الحالة حيث وبموجب ذلك سيخضع الجاني الذي ارتكب جريمة في دولة اجنبية ثم عاد الى دولته الى قانون دولته واختصاص محاكمها بالاضافة الى ان مبدا شخصية القانون الجنائي يتيح معاقبة الموظفين والمكلفين بخدمة عامة من الذين يعملون في الخارج عن الجرائم التي يرتكبونها اثناء قيامهم باعمالهم الوظيفية والتي لا تستطيع الدولة الاجنبية التي ارتكبوا فيها الجريمة ان تحاسبهم بسبب تمتعهم بالحصانة الدبلوماسية او القنصلية التي تمنع تلك الدولة من ملاحقتهم لتلافي اتهامها بالتدخل في شؤون تلك الدولة.

لقد اخذ المشرع العراقي في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 بمبدا شخصية القانون الجنائي في المادتين (10 و12) منه فقد عدت المادة العاشرة كل عراقي يرتكب جريمة خارج العراق يخضع لسلطان قانون العقوبات العراقي ولاختصاص محاكم الجزاء العراقية اذا كان الفعل الذي ارتكبه يعد جريمة بموجب القانون العراقي والتي جاء فيها ( كل عراقي ارتكب وهو في الخارج فعلا يجعله فاعلا او شريكا في جريمة تعد جناية او جنحة بمقتضى هذا القانون يعاقب طبقا لاحكامه اذا وجد في الجمهورية وكان ما ارتكبه معاقبا عليه بمقتضى قانون البلد الذي وقع فيه ).

كما تنص المادة 12 الفقرة الاولى على انه (يسري هذا القانون على كل من ارتكب في الخارج من موظفي الجمهورية او المكلفين بخدمة عامة لها اثناء تاديتهم اعمالهم او بسببها جناية او جنحة مما نص عليه هذا القانون)

اما الفقرة الثانية من نفس المادة اي المادة 12 من قانون العقوبات فتنص على انه (يسري كذلك على من ارتكب في الخارج من موظفي السلك الدبلوماسي العراقي جناية او جنحة مما نص عليه هذا القانون ماتمتعوا بالحصانة التي يخولهم اياها القانون الدولي العام)

واستنادا لذلك فانه يخضع لاختصاص قانون العقوبات العراقي ومحاكم الجزاء العراقية ثلاث فئات من الاشخاص ممن يرتكبون جرائم خارج العراق تطبيقا لمبدا الاختصاص الشخصي للقانون الجنائي وهؤلاء الاشخاص هم: العراقي الذي يرتكب خارج العراق جناية او جنحة ويشترط فيه ان يكون عراقيا وقت ارتكاب الجريمة ويرجع في ذلك الى احكام قانون الجنسية العراقية وان تكون الجريمة المرتكبة تشكل جناية او جنحة طبقا لاحكام قانون العقوبات العراقي وكذلك ان تكون الجريمة مما يعاقب عليه قانون الدولة التي ارتكبت فيها سواء كانت جناية ام جنحة ام حتى مخالفة والشرط الاخير هو ان يعود العراقي مرتكب الجريمة الى العراق بعد ارتكابه لها ، الفئة الثانية هم الموظفون او المكلفون بخدمة عامة من الذين يرتكبون جناية او جنحة خارج العراق بشرط ان يكون موظفا في الجمهورية العراقية او قائما بخدمة عامة لها بغض النظر عن جنسيته والشرط الثاني ان تكون الجريمة طبقا لاحكام قانون العقوبات العراقي اما جناية او جنحة والشرط الثالث ان تكون الجريمة ارتكبت اثناء تادية العمل الرسمي او بسببه.

اما الفئة الثالثة فهم موظفو السلك الدبلوماسي العراقي الذي يرتكب خارج العراق جناية او جنحة ويشرط فيه ان يكون من موظفي السلك الدبلوماسي وارتكب الجريمة في الوقت الذي كان يتمتع به بالحصانة الدبلوماسية التي يقررها القانون الدولي والشرط الثاني هو ان تكون الجريمة طبقا لاحكام قانون العقوبات العراقي جناية او جنحة.

المحامية / ورود فخري