الاصل ان تستهدف الادارة من اصدار قراراتها الادارية تحقيق المصلحة العامة ، وضمان سير المرافق العامة بانتظام واطراد ، واشباع الحاجات العامة ، وحماية النظام العام وبإمكانها تحقيق تلك الاهداف بتطبيق ما حددته النصوص التشريعية وما صدر تطبيقاً لها من انظمة وتعليمات .اما بالنسبة للافراد ومهما كانت درجة ثقافتهم واياً كان النظام الذي يحكمهم فانهم يطيعون القانون والنظام ويمتثلون لأوامر السلطة الادارية . والمفروض ان لا يجد الافراد من اطاعتهم وامتثالهم لقرارات تلك السلطة أي حرج . وان تكون الادارة قد استعملت سلطتها بحسن نية ووفقاً لما امر به القانون . فالادارة قبل ان تلجا الى استعمال حقها في التنفيذ المباشر عليها التأكد من حقها ومن توافر الشروط المطلوبة لكي لا يعتبر العمل الصادر منها غير مشروع ، حيث يحق للقضاء الاداري الحكم بايقاف تنفيذ القرار الاداري اذا طلب منه ذلك انتظارا ًللفصل في موضوع طلب الغائه ، ذلك لانه في بعض الحالات قد يترتب على تنفيذ القرار نتائج يصعب او يتعذر تداركها عند الحكم بالغاء القرار بعد ذلك ، وان عدم المشروعية في القرار قد تعود لعدة اسباب :

أ- اما لعدم مراعاة الادارة الشروط او القواعد او الاجراءات القانونية في التنفيذ المباشر .

ب- واما ان تلجأ الى التنفيذ المباشر مراعيه شروطه واجراءاته ولكن مستندة الى قرار غير مشروع .

ج- او يكون كلٌ من القرار والاجراءات غير مشروعة .

د- او يكون العمل الذي تقوم به الادارة لا يمت باي صلة الى نص قانوني (1).

وقد حمّل القضاء الاداري الفرنسي الادارة مسؤولية التجاوز في استعمال حق التنفيذ المباشر حتى وان كان قرار التنفيذ مشروعاً ولكن طريقة تنفيذه غير مشروعة فتحمل الادارة المسؤولية نفسها (2). واعتبر ايضاً التنفيذ المباشر غير المشروع الذي يتمحض عنه اعتداء على حق الملكية او الحريات الفردية عمل من اعمال الاغتصاب المادي voiede fait الذي يخضع للقضاء العادي كونه عمل قد تجرد من صفته الادارية فيمكن للقضاء ان يحكم بايقاف التنفيذ والتعويض عن الضرر الذي اصاب الافراد من جراء قيام الادارة بالتنفيذ(3) .اما بالنسبة للقضاء الاداري العراقي فان قانون مجلس شورى الدولة لم ينص على جواز ايقاف التنفيذ عند الطعن بقرار (ما) حيث اشترط في المادة 7 / ثانياً التظلم لدى الجهة الادارية قبل تقديم الطعن ولم يعالج القانون حالة ما اذا اصاب المدعي ضرر يستحيل او يصعب معالجته خلال فترة التظلم الاداري وكانت تلك الحالة من الحالات المستعجلة التي يتطلب تدخل القضاء المستعجل (4).

فنرى ضرورة اعطاء محكمة القضاء الاداري سلطة وقف تنفيذ القرار الاداري المطعون فيه قبل التظلم منه ، اذا وجدت المحكمة ما يستدعي ذلك لاحتمال تضرر المدعي او ان طبيعة الدعوى تتطلب سرعة تدخل المحكمة .كما ان القضاء العراقي وفر ضمانة هامة اخرى وهي التعويض اذا لحق باحد الافراد ضرر من جراء التنفيذ المباشر لقرار اداري غير مشروع ٍ مستهدياً بذلك بقواعد القانون الاداري المعروفة فقهاً وقضاءً ، وهذا ما اكدته محكمة التمييز في احدى قراراتها ( ولما كانت دائرة الكمارك قد حجزت البطاطا لمدة اسبوعين في مخزن غير ملائم مما ادى الى تلفها مخالفة بذلك احكام المادة 28 من النظام رقم 35 لسنة 1968 الذي نص على بيع الاموال القابلة للتلف حال القبض عليها ، اوتسليمها لاصحابها لقاء وضع قيمتها امانة لدى دائرة الكمارك الى حين صدور القرار فتكون بذلك معتدية وحق عليها التعويض )(5).

فعلى الادارة ودرءاً للمسؤولية عنها ان تتحرى الدقة في اتخاذ اجراءات التنفيذ المباشر وخاصة من حيث مدى توافر الشروط والضوابط المنصوص عليها .اما بالنسبة للموظف المنفذ للقرار فان مسؤوليته عن تنفيذ القرار المعيب بعيب جسيم لا تتحقق حتى يتمكن ذوي المصلحة عن اثبات كونه يعلم بمصاحبه ذلك العيب للقرار او في طريقة تنفيذه ، ولا يكون مسؤولاً اذا لم يتوافر هذا الشرط كأن يكون القانون الصادر او الانظمة والتعليمات التي صدرت تطبيقاً له كانت تجيز تنفيذ القرار مباشرة ثم عدل النص بعد اكمال التنفيذ (6).

________________________

1- ينظر د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، اصول القانون الإداري ، مرجع سابق ، ص208 ، مبادئ واحكام القانون الإداري اللبناني ، مرجع سابق ، ص508 .

2- ينظر د . حامد مصطفى ، مرجع سابق ، ص287 ، وينظر كذلك محمود خلف حسين ، مرجع سابق ، ص292 .

3- ينظر

– د. ابراهيم طه الفياض ، مرجع سابق ، ص399

– د.سعاد الشرقاوي ، مرجع سابق ، ف12 من هامش ص307 .

– د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، اصول القانون الإداري ، مرجع سابق ، ص208 .

4- تنظر المادة (7/2) من قانون مجلس شورى الدولة المرقم 65 لسنة 1979 .

5- مجلة القضاء ، ع 1و2 ، مطبعة العراق ، 1972 ، ص254 وما بعدها .

6- د. حامد مصطفى ، مرجع سابق ، ص287 .

المؤلف : ذكرى عباس علي ناصر الدايني
الكتاب أو المصدر : وسائل الادارة لازالة التجاوز على الاموال العامة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .