العنف ضد الزوجة
المقصود بالعنف
العنف بمعناه اللغوي لا يثير مشكلة فهو يعني الشدة و لكنه يستخدم اصطلاحا للشدة الغير مبررة و لكن حتى مع هذا الاصطلاح فان له أكثر من تفسير فأضيق التفاسير هو تفسيره بالضرب الشديد و تقييد اليدين او الرجلين مثلا و هناك تفاسير أخرى توسع من نطاقه إلى حد أن بعضها يعتبر إجبار الزوج زوجته على المعاشرة يعتبر عنفا حتى و لو لم يضربها و لم يسحبها و لم يجرها و هذا التفسير يتعارض بشكل صارخ مع الشريعة التي جعلت الزوجة فراشا لزوجها و ألزمتها بان تجيبه متى طلبها
الضرب :
يمثل الضرب احد مصاديق العنف و لكن يقع النقاش في السؤال عن مدى مشروعيته أو أي الضرب مشروع و متى لا يكون مشروعا خصوصا مع وجود آية قرآنية صريحة يقول الله تعالى : ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ) سورة النساء /34
و هذه الآية الشريفة تجيز الضرب من حيث المبدأ و لكنها تضع عليه شرطين احدهما التدرج فلا يصل للضرب إلا بعد استنفاذ الوسائل الأخرى المذكورة و الشرط الثاني أن الضرب في حال استعماله يجب أن لا يكون على الوجه و أن لا يترك اثر بمعنى آخر ضرب رمزي أو ضرب خفيف للتأديب و للتعبير عن عدم الرضا و طبعا مع افتراض أن الزوج في موقع المحق و ليس في موقع المتعسف المتسلط الظالم
الإهانة :
الإهانة المجردة يصعب جدا وصفها بالعنف و لكنها قد تدخل تحت المفهوم الأوسع و هو مفهوم الإيذاء و مفهوم الضرر
المعاشرة القاسية :
تذهب بعض الدراسات الاجتماعية إلى اعتبار معاشرة الزوجة رغما عنها هو احد مصاديق العنف و لكن بنظرة شرعية لهذه المسألة نجد ان الشريعة لا تعتبر ذلك عنفا ما لم يصاحبه إيذاء كضرب أو قضم إذن أو ما شابه .. نعم هناك بعض التفاصيل قد يقع فيها النقاش و لكن من حيث المبدأ فان شرعا يحق للزوج معاشرة زوجته و إن كانت رافضة و يجب عليها تمكينه من حقه الشرعي
الموجهات التاريخية
مرت علاقة الزوج بزوجته على مر التاريخ بمراحل متعددة فكانت في فترة من عمر البشرية تعامل هي والأمة بشكل متقارب ففي بعض الشعوب لم يعترف للمرأة بصفة مواطنة و في الجاهلية كانت نكاحها يورث بمعنى انه إذا توفى زوجها و له ابن من غيرها فانه يرث نكاحها قهرا عنها فتصبح زوجة له شاءت أم أبت ولكنها في الإسلام اكتسبت عددا من الحقوق المهمة و الكبيرة مثل الحقوق في الميراث وثبتت لها ذمة مالية مستقلة عن زوجها و عن أهلها كما ثبت لها الولاية على مالها تتصرف فيه كيفما تشاء
الأسباب الحياتية المعيشية
تواجه الزوج ظروف معيشية صعبة كما يواجه مشاكل تتعلق بالعمل أو نزاعات مع الآخرين و يتعرض للإرهاق و تكون الزوجة هي المتنفس لتفريغ الغضب و الشعور بالقوة والاقتدار
الموجهات الاجتماعية
يختلف أسلوب التعامل مع الزوجة باختلاف الوضع الاجتماعي و نعي به هنا بيئتها المعيشية ففي بعض الدول التي يتكون شعبها من عشائر فقد تكون الزوجة هي إحدى مواد التصالح و تسوية الخلافات بين عشريتين و تسمى (فصلية) أي أنها لفصل الخصومة و لزوجها الحق إما يقيم لها احتفالا للعرس أو إن يشأ يجرها من شعرها إلى بيته

التربية و السلوك:
للتربية و السلوك الأسري و الاجتماعي انعكاسا واضحا و مباشرة لكيفية تعامل الزوج مع زوجته فمن الصعب أن يصدر ذلك العنف من زوج تربى في بيئة لا يمارس فيها العنف و لم يتعرض الزوج لأي مؤثرات مرضية او لم يكن يتعاطى الكحول و المخدرات و لم يستفزه الزوجة
دور الزوجة في العنف الواقع عليها:
بنسبة قد تتجاوز السبعين في المائة فان للزوجة دورا كبيرا و مباشرا في العنف الواقع عليها و في كثير من الأحيان يكون ذلك مقصودا منها لكن تسجل على زوجها نقاط تحسب عليه و لكي تقدم عليه بلاغا لدى السلطات في الوقت الذي يتحاشى هو فيه أن يقول بأنه قد اعتدت عليه زوجته و تتراوح مساهمة الزوجة في الاستفزاز او التحقير او التعييراو الشتم أو اختيار الأوقات غير المناسبة لتقديم سلسلة مطالبها و في نطاق أضيق تقوم هي بضرب الزوج أولا أو تقذفه بأشياء كالصحو ن أو تقوم تكسير أغراضه
بيت الطاعة :
لم يعد يحكم الآن كما في السابق بالقبض على الزوجة الناشز و إرغامها للبقاء في بيت زوجها ليمارس معها حقوقه الشرعية و يكتفى الآن متى ثبت النشوز بحرمان الزوجة من نفقة الزوجية لأن وجوبها على الزوج متوقف على قيام الزوجة بواجبها و هو التمكين و هذا الذي يجري عليه العمل الآن هو مماثل لما يطبق في القانون المدني حيث انه لا يجوز تنفيذا الالتزام الواجب على المدين رغما عنه متى استلزم ذلك مساسا بحريته الشخصية و يكتفى في حال عدم تنفيذه اختيارا بالحكم عليه بتعويض مالي
قانون العقوبات :
قانون العقوبات لم يأت بنص خاص يتناول العنف ضد الزوجة و نحن نتكلم الآن عن الضرب أو الشتم فيدخل عنف الزوج تجاه زوجته تحت بند الاعتداء على سلامة جسم الغير او شتم الغير و لكل منهما عقوبة تترواح بين الغرامة و الحبس و يتوقف تحريك الدعوى على شكوى كتابية من الزوجة لان المشرع قدر أن تماسك الأسرة أهم من تطبيق العقاب و لذلك حتى مع شكوى الزوجة يراعي القاضي ما أمكن عدم حبس الزوج لان الوضع معقد فحبس الزوج يعني فصله من عمله و ضياع أسرته بما فيهم زوجته و نحن لا ننصح الزوجة باللجوء لهذه الوسيلة لان الأعم الأغلب فان دخل الأسرة البحرينية لا يكاد يكفيها و تكن الزوجة هي الجرح و الخنجر في القضية فإذا حبس الزوج بقيت هي و أولادها بلا عائل و إذا حكم عليه بغرامة انتقص مقدار الغرامة من المصروف و الدخل الذي ينفق على الأسرة فنحن نحث دائما على محاولة إصلاح الوضع بالتفاهم بين الطرفين و أهلهما
القانون المدني القديم و الأساس المحتمل
كان القانون المدني القديم لا يجيز للزوجة المطالبة بالحكم على زوجها بتعويض مالي بسبب العنف الواقع عليها و كان يقتصر حقها في المطالبة بتطبيق قانون العقوبات عليه (الحبس او الغرامة) و لذلك تفسيران محتملان احدهما منع الزوجة من محاولة ابتزاز الزوج و اختلاق الأسباب للحصول على مال منه .. و التفسير الآخر هو ان القانون أصله أوربي و هناك و حسب الديانة المسيحية فان الذمة المالية للزوجين مشتركة فلا يمكن و لا يصح منطقا و عقلا ان يحكم عليه بمال يخرج من ذمته المالية التي تشترك معه الزوجة فيها ليدخل ثانية الى ذات الذمة المالية المشتركة
القانون المدني الحديث
القانون المدني الحديث يتعامل مع الزوج بصفة مستقلة كأي فرد آخر و دونما اعتبار لصفة الزوجية فيه فمتى ثبت عليه العنف أو الإيذاء أو الضرر بحكم جنائي بات حق للزوجة أن تطالب المحكمة المدنية الحكم عليه بتعويض مالي كما يحق لها التقدم بطلب التعويض لدى ذات المحكمة الجنائية التي تنظر شكواها فيصدر في الحكم في شقي الدعوى معا في الشق الجنائي بالبراءة أو الإدانة بالحبس أو الغرامة و في الشق المدني بالحكم بالتعويض أو القضاء برفضه لعدم توافر أسبابه .. و لكن مطالبتها بالتعويض امام المحكمة الجنائية أفضل لها لسهولة الإثبات في المواد الجنائية عن المواد المدنية .
المحاكم الثلاث التي تنظر الموضوع
و على ما تقدم فمتى واجهت الزوجة عنفا من زوجها لديها الحق القانوني في اللجوء للقضاء الجنائي و للجوء للقضاء المدني على النحو السالف بيانه كما يحق لها اللجوء للمحكمة الشرعية لطلب التطليق للضرر و تنظر المحكمة الشرعية الكبرى في طلبها بهيئة مكونه من ث%D