الرشوة,أركانها وعقوبتها في نظام مكافحة الرشوة السعودي

Bribery, its Elements and its Punishment in the Saudi Anti-Bribery law

تعتبر جرائم الرشوة من أخطر الجرائم على الاقتصاد القومي لأي دولة، فانتشار الرشوة دليل قاطع على فساد القطاع الإداري بأكمله، مما يؤدي بدوره فساد المشروعات الاقتصادية وانهيار الدولة بأكملها، وقد واجهت جميع القطاعات في المملكة العربية السعودية جرائم كالرشوة والمحسوبية والواسطة مما أدي بها في النهاية إلى خسار مالية كبرى في جميع القطاعات من شركات وبنوك وفقدان استثمارات بسبب سياسات الفاسدين في المملكة.

وقد أصدرت المملكة العربية السعودية نظام مكافحة الرشوة السعودي محاولة منها لتقليل الفساد الإداري والحد منه بصورة كبيرة ومعاقبة ومحاسبة الفاسدين من الموظفين في شتى القطاعات الحكومية المختلفة ولكن هل قام هذا القانون بالدور الذي أعد من أجله أم أنه قانون انتقائي يحاسب البعض، والعض الآخر يفلت من العقاب. وهنا تكمن المشكلة الأساسية لتلك الجرم الذي يعتبر ضد الشرف والأمانة، وهي فساد المسؤولين الكبار فقد أصبح الوطن العربي طابونه كبرى من الفساد، فأصبح المواطن لا يستطيع أن ينهي مصالحه في أي جهة حكومية دون أن يدفع من تحت الطاولة، كي تنتهي معاناته من طول الإجراءات وأحياناً عدم انهائها على الإطلاق، لذا قد قامت المملكة العربية السعودية بحملة كبرى ضد الفساد وجرائم الرشوة والمحسوبية، وقد استحدث نظام مكافحة الرشوة السعودي الجديد؛

أولاً: الإطار القانوني لجرائم الرشوة المحلية:
يحظر رشوة الموظفين العموميين في المملكة العربية السعودية بموجب لوائح مكافحة الرشوة الصادرة بموجب المرسوم الملكي رقم 36 بتاريخ 29/12/1412 هـ الموافق 27/6/1992 (“لوائح الرشوة”). كما تحظر أنظمة الخدمة المدنية وأنظمة الضباط العسكريين الموظفين العموميين والضباط العسكريين من إساءة استخدام مناصبهم أو استخدام النفوذ، بما في ذلك فيما يتعلق بقبول الرشاوى، وقد يتم تأديبهم أو إنهاؤهم لفعل ذلك. ولكن على عكس لوائح الرشوة، لا تفرض هذه اللوائح أي عقوبات على أي شخص آخر غير الموظفين أو الموظفين العموميين.

ويمكن تعريف الرشوة بأنها تعني” عمومًا طلب أو قبول أو عرض أو تقديم أي وعد أو هدية (يُعرف بأنه أي ربح أو ميزة أخرى، ملموسة أو غير ملموسة، بصرف النظر عما يطلق عليه) من قبل أو إلى موظف عمومي من أجل التسبب في تأدية أو عدم أداء واجباته الرسمية (سواء كان التصرف أو عدم التصرف قانونيًا أم لا) أو متابعة أي مسألة مع الحكومة.
ولكن، من هو الموظف العمومي وفقاً لنظام مكافحة الرشوة؟
يتم تعريف مصطلح “موظف عمومي” على نطاق واسع ليشمل ما يلي:

(أ) الأشخاص العاملون في الحكومة أو أي خدمة عامة سواء بصفة دائمة أو مؤقتة.

(ب) المحكم أو الخبير المعين من قبل الحكومة أو أية هيئة لها اختصاص قضائي.

(ج) أي شخص يكلف بمهمة محددة من قبل الحكومة السعودية.

(د) مدراء وموظفو أي شركة أو مؤسسة تجارية أخرى يديرون أو يحافظون على مؤسسة عامة أو يؤدون خدمة عامة، وكذلك مدراء وموظفو الشركات المساهمة أو الشركات التي تساهم فيها الحكومة برأسمال أو يؤدون أنشطة مصرفية.

ووفقاً لنظام مكافحة الرشوة فقد نص على عقوبات مشددة حيث نصت المادة الأولى منه على” كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدا أو عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته أو يزعم أنه من أعمال وظيفته ولو كان هذا العمل مشروعا، يعد مرتشيا ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد عن مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يؤثر في قيام الجريمة اتجاه قصد الموظف إلى عدم القيام بالعمل الذي وعد به.”

والمادة التاسعة على “من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد عن مليون ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين.”

والمادة السابعة عشرة على:
“كل من أرشد إلى جريمة من الجرائم المنصوص عليها في النظام وأدت معلوماته إلى ثبوت الجريمة ولم يكن راشيا أو شريكا أو وسيطا يمنح مكافأة لا تقل عن خمسة آلاف ريال ولا تزيد عن نصف قيمة المال المصادر، وتقدر المكافأة الجهة التي تحكم في الجريمة، ويجوز لوزير الداخلية صرف مكافأة أعلى من المبلغ الذي يحدد بمقتضى هذه المادة، وذلك بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء عليها.”

وقد نص النظام تفصيلاً على العقوبات الخاصة بالرشوة، حيث لم يترك أحد دون عقاب.
ولكن ما هي عناصر جريمة الرشوة؟
وكما ذكرنا تُعرَّف الرشوة بأنها تقديم أو إعطاء أو تلقي أو التماس شيء ذي قيمة لغرض التأثير على تصرف مسؤول في أداء واجباته العامة أو القانونية. الرشوة جريمة تؤثر مباشرة على الدولة ككل من خلال ضباطها وممثليها. إن العرض أو الوعد الذي قدمته هدية في محاولة للرشوة يساوي هدية تم تقديمها فعليًا لغرض فاسد. ومع ذلك، هناك العديد من العناصر التي يجب إثباتها من أجل إثبات جريمة الرشوة.
أولاً: النية
النية هي واحدة من العناصر التي يجب أن تثبت لإثبات جريمة الرشوة. القصد الفاسد هو القصد من تلقي منفعة محددة مقابل الدفع. إن القصد من استغلال الفرصة لأداء واجب عام للحصول على منفعة أو ميزة شخصية غير قانونية من قبل الشخص الذي يتلقى الرشوة يكون بمثابة نية فاسدة.

ثانياً: يجب أن تنطوي الرشوة على شيء ذي قيمة يتم استخدامه للتأثير على فعل أو عدم فعل المستلم. ومع ذلك، يجب ألا تكون الرشوة بالضرورة في شكل نقود. يكفي إذا حصل المتلقي على أي شيء ذي قيمة من نفسه من الرشوة.

لذلك، لكي تكون التماس الرشوة، يجب أن يكون الشيء المطلوب إما قيمة أو نافعة. لا يلزم أن تكون ممتلكات أو أموال، لكن يمكن أن تكون بعض التصرفات الأشياء التي تشكل قيمة في سياق الرشوة تشمل، التعيينات في الوظائف العامة، والقروض، والشيكات، والسندات الإذنية.

ثالثاً: يرتكب الشخص الرشوة إذا قدم أو منح أي منفعة لموظف حكومي أو ضابط للتأثير على ذلك الموظف العمومي لانتهاك واجبه العام أو يمين منصبه والتأثير على تصويت هذا الموظف ورأيه، الحكم، أو ممارسة السلطة التقديرية، أو أي عمل أو عدم فعل بصفته الرسمية.

فعندما تتوافر كل هذه العناصر يمكنك بسهولة إثبات الرشوة على الموظف واتخاذ الإجراءات العقابية والتأديبية بحقه، ولكن كي يأتي هذا النظام بتأثير قوى لمحاربة الفساد والرشوة والمحسوبية، يجب أن يطبق على الجميع دون انتقائية، وإلا سيصبح الفساد في المملكة فساد مقنن لن يأتي بنتيجة، ويصبح النظام موضوع لدوافع شخصية وليس للحد من الفساد.