الرأي العام و دوره البارز في حماية الحقوق و الحريات العامة

القاضي علي كمال
الرأي العام اصطلاح شائع على ألسنة الكتاب والباحثين وكثيرا ما يذكره الصحفيون والساسة، ويرد في المناقشات البرلمانية بل انه يتردد على الالسنة في حياتنا واحاديثنا اليومية، وكل إنسان يهتم بالرأي العام لأنه قوة ذات تأثير كبير في حياة الناس فهو يبني الشهرة ويهدمها ويؤازر هيئات الخدمات العامة ويصنع القوانين ويلغيها ويرعى التقاليد الاجتماعية والمبادئ الاخلاقية او يتنكر لها.

ومع أن الرأي العام يوثر في الحياة اليومية لكل انسان الا ان القليل من الناس هم الذين يفكرون فيه تفكيرا عميقا ويعرفون الطريقة التي يعمل بها فبرزت اهمية الرأي العام في الوقت الحاضر حتى أصبح من اهم الدراسات التي استحوذت على أذهان الباحثين والمفكرين بسبب قوة تأثيره على مسار النشاط السياسي والاجتماعي والاقتصادي خصوصا في الدول الديمقراطية.

ويكاد الفقهاء يجمعون على اعتباره قوة هائلة من قوة الديمقراطية في حين عكس هذا في الدول التسلطية الدكتاتورية التي تعمل على التطويع والتحكم في اراء الجماهير الرأي العام مستخدما وسائل الإعلام والدعاية والشائعات والرقابة والتخلص من المعارضة.

والرأي العام له من الاهمية بحسب طبيعة النظام السياسي الحاكم فالديمقراطية تستطيع ان تودي وظائفها بكفاءة حينما يتحقق التوازن في بناء المجتمع وحينها يصبح القانون انعكاسا للرأي العام فان ذلك يجعل من اليسير حل مشكلة الصراع على السلطة ودروه في حماية الحقوق والحريات العامة فثقل الرأي العام الحديث في المجتمع الديمقراطي ينشأ في شكل مطالب جزائية او في شكل احتجاجات وبذلك يعد الرأي العام من اكثر الوسائل تحقيقا للتوازن بين الحقوق والمتطلبات، فكلما حرصت السلطة الحاكمة على احترام احكام الدستور والقانون، برز الدور الوقائي في مجال الضمانات.

وقديما كان الرأي العام يتكون بطريقة بسيطة وذلك لانه كان قائم على الروابط الشخصية فيما بين افراد الجماعة حيث يؤثر الفرد بالآخرين ويتأثر بهم في الوقت نفسه اذ كان للتضامن الاجتماعي دور بارز في هذا المجال وكان الفرد في محيطه الاجتماعي يقيم الأحداث كما تبدو له وان يكون له رأي حولها ويتخذ موقفا ازاءها.

والرأي العام في جماعة او مجتمع او امة معينة يبين وجهات نظر الناس و تتصل بالحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للشعب ومواقفهم ازاء قضاياهم العامة المحلية او الدولية.

والرأي العام لا يثبت على حالة واحدة ولكن يستجيب للمتغيرات والدوافع المستقلة او المحكومة . ولم يصل الفقه إلى تعريف محدد للرأي العام سواء كان دوليا او محليا رغم كل الجهود الذي بذلت لحد الآن. وبعيدا عن الخلافات الفقهية والاجتماعية والإنسانية فإننا نرى أصوب ما ذهب إليه هو كون الرأي العام هو الموقف او الاتجاه الذي يتبناه او يتكون لدى الغالبية العظمة لأبناء الشعب بصورة عامة او ومؤسسات تنظيمية شعبية او رسمية أمام مسائل تهم الصالح العام لمجموع الشعب بفترة زمنية بعد نقاش طويل لضمان حقوقه وحرياته فيها حيث تنهض بسبب مشكلة او موقف عام يعبر الشعب الرأي العام عنها بوسائل تعبير مختلفة توثر في السياسة العامة للدولة ايجابيا او سلبيا لحصول القناعة لديهم بأهمية اتخاذ هذا الموقف او الرأي.

وان الرأي العام ينبغي ان يكون حصيلة الاطلاع والمعرفة الوافية بجوانب الحديث وان يكون الاهتمام بالحدث او القضية احد البواعث المهمة لتكوين الرأي العام وان تتفاعل قطاعات واسعة في المجتمع في حوار ونقاش وبحث وجهات النظر المختلفة وان لا يقتصر أمر تكوين الرأي العام على أقلية من زعماء الرأي أو نخبة مثقفة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت