الخطأ الطبي
القاضي عماد عبد الله شكور

رجال الطب، اذ ما خرجوا عن الأصول المستقرة والثابتة للمهنة والتي لم تعد ‏محلا للنقاش وقت تنفيذ العمل الطبي عد ذلك خطأ طبيا، ويسمى أيضا الإهمال الطبي ‏او السريري.‏

‏ ان صور الخطأ الطبي هو فشل الطبيب في تشخيص المرض او ارتكابه خطأ ‏اثناء اجراء عملية او إعطاء دواء خاطئ او القيام بعمل دون موافقة المريض او من ‏يقوم مقامه قانونيا. ‏

‏وما ان يقع الخطأ الطبي الا ونهضت المسؤولية وبنهوضها برز الأطباء ‏المجتهدون للمطالبة برفعها عنهم كي لا تكون حائلا أمام تقدم الطب لان المسؤولية ‏تبعث في نفوسهم الخوف والرهبة ومن ثم إخفاء الأخطاء بدلا من محاولة معالجتها ‏ودراسة أسبابها فيخسر المجتمع فرصة الاستفادة من اخطائه. ‏

‏ تخوفهم من الاجتهاد يؤدي الى تضرر المرضى أنفسهم إلا ان عدم مساءلتهم ‏تفسح المجال لتهاون الأطباء كون ضمير الطبيب لا يمكن دوما ان يكون هو الرقيب ‏ما دمنا لا نستطيع الجزم ان جميع الأطباء هم أصحاب ضمائر حية.‏

‏لذا تجب الموازنة بين مصلحة الطبيب ومصلحة المريض وذلك من خلال ‏تقرير المسؤولية الطبية عن كل خطا ثابت. ‏

‏من المسلم به ان معيار الخطأ الطبي هو معيار فني يتمثل في الشخص من ‏أواسط الأطباء أي ...ماذا يفعل طبيب محترز في مثل ظروفه… أي انه عندما ننظر ‏الى الطبيب ينظر الى طائفته من الأطباء فهل هو طبيب عام ام أخصائي يعالج نوعا ‏معينا من الامراض ام هو العالم الثقة الذي يرجع اليه في الحالات المستعصية حيث ‏لكل واحد منهم مستواه الفني.‏

‏والسؤال الوحيد الذي على المحكمة ان تطرحه على نفسها لتقدير مدى وجود ‏الخطأ وهو انه …ماذا يفعل طبيب محترز في مثل ظروفه؟ حيث وفي ضوء الإجابة ‏عن هذا السؤال تتقرر المسؤولية الطبية من عدمها. ‏

‏ كما وتجب الملاحظة ان الطبيب لا يكون مقصرا إذا استند في العلاج إلى أساس ‏علمي ما دام الاجتهاد فيه لم يستقر على رأي معين حيث ان إيمان الطبيب في راي ‏على حساب رأي آخر لا يعد خروجا عن أصول الفن.‏

‏ ولا شأن للمحكمة في المسائل الفنية وليس لها ترجيح رأي على آخر فان ‏اعتقدت المحكمة بعدم صحته لها حق انتخاب خبراء آخرين لتقديم خبرتهم في هذا ‏الشأن وترجح من الخبراء ما تشاء لان ذلك يدخل ضمن سلطتها التقديرية. ‏

‏فالطبيب يُسال عن الخطأ المهني يسيره وجسيمه متى ما استقر الأطباء عليه ‏كخطأ لا يتسامحون مع من يغفله ويُسال كذلك عن خطا مساعديه متى ما كان هو في ‏مركز القائد للعمل الطبي.‏

إعادة نشر بواسطة محاماة نت