حكم النقض الأول في قضية ” هبة ونادين “

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
الأربعاء(ا)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ محمود عبد الباري “نائب رئيس المحكمة”
و عضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الهنيدي وعبد الفتاح حبيب
وهاني مصطفي ومصطفي محمد احمد
“نواب رئيس المحكمة”
وحضور رئيس النيابة العامة لدي محكمة النقض السيد/مصطفي الدخميس.
وأمين السر السيد/ خالد عمر.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأربعاء 19 صفر سنة 1431هجريا الموافق 3 فبراير سنة 2010م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 9651 لسنة 79 القضائية.
المرفوع من
محمود سيد عبد الحفيظ عيساوى “محكوم عليه”
ضد
النيابة العامة
المدعيين بالحقوق المدنية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم4072 لسنة 2008 الشيخ زايد (والمقيد بالجدول الكلي برقم7258 لسنة 2008) بوصف انه في يوم 27 من نوفمبر سنة 2008 بدائرة الشيخ زايد – محافظة الجيزة:

أولاً: قتل نادين خالد محمد جمال الدين عمدا من غير سبق إصرار أو ترصد بأن دلف إلي مسكنها وتوجه إلى غرفة نومها فشعرت به ولاحقته وامسك بها وعاجلها بضربة بسكين في رقبتها ثم انهال عليها طعنا في أنحاء متفرقة من جسدها قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخري هى انه في ذات الزمان والمكان سالف الذكر قتل هبه إبراهيم عقاد جاويش عمدا من غير سبق إصرار أو ترصد بأن دلف إلي الغرفة التي تواجدت بها عقب اقترافه للجناية الأولي وعاجلها بضربة بذات السكين في وجهها وانهال عليها طعنا في أنحاء متفرقة في جسدها قاصدا من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وكان القصد من جريمتي القتل هو تسهيل ارتكابه لجنحة سرقة والتخلص من العقوبة وهو انه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرق المبلغ النقدي والهاتفين النقالين المبينين قدرا ووصفا بالتحقيقات المملوكين للمجني عليها الأولى .

ثانياً:أحرز من غير ترخيص و بدون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية سلاحا ابيض(سكين)
واحالته محكمة جنايات الجيزة لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى والد المجني عليها الأولي قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه علي سبيل التعويض المدني المؤقت.
وادعي والد ووالدة المجني عليها الثانية قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه علي سبيل التعويض المدني المؤقت.
وادعي زوج المجني عليها الثانية قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه علي سبيل التعويض المدني المؤقت.
وادعي الأستاذ/ إبراهيم عبد الرحمن المحامي عن نفسه قبل المتهم بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه قبل والد المجني عليها الأولي ووالدة المجني عليها الثانية علي سبيل التعويض المدني المؤقت.
كما ادعي علي عصام الدين زوج المجني عليها الثانية بمبلغ خمسة آلاف وواحد جنيه ثم عاد وتنازل عن هذا الادعاء.
والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء في 15 من ابريل لسنة2009 إرسال القضية لفضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة17 من يونيه لسنة2009 للنطق بالحكم.

وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضوريا وبإجماع الآراء عملا بالمادة234/1, 2, 3من قانون العقوبات والمواد1/1, 25مكرر/1, 30/1من القانون394لسنة1954 المعدل بالقانون165 لسنة 1981 والبند 11من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول مع أعمال المادة32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالإعدام و بمصادرة السلاح الأبيض(السكين) المضبوط.
ثانياً: بإحالة الدعاوى المدنية إلي المحكمة المدنية المختصة.

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 20 من يونيه سنة 2009 و أودعت مذكرة بأسباب الطعن في 8من أغسطس سنة2009 موقعا عليها من الأستاذ/ احمد جمعة شحاتة المحامي.
كما عرضت النيابة العامة على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها.
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

المحكمة
بعد الإطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة:-
أولاً : حيث أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة علي محكمة النقض عملا بنص المادة 46من القانون رقم57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه علي انه روعى فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوما المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة1992 , إلا انه لما كان تجاوز هذا الميعاد وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبني الرأي الذي ضمنته النيابة العامة بمذكرتها ما عسي أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة للقضية في الميعاد المحدد أو بعد فواته, ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
ثانياً : وحيث أن طعن المحكوم عليه قد استوفي الشكل المقرر قانونا.
وحيث انه مما ينعاه الطاعن علي الحكم المطعون فيه انه إذ دانه بجريمة القتل العمد المقترن بجناية أخري” قتل عمد ” والمرتبطة بجنحة سرقة وكذا إحراز سلاح ابيض (سكين) دون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أن المحكمة عولت في إدانة الطاعن ضمن ما عولت عليه علي شهادة الدكتورة /هبه الجبالي وتقرير المعامل الجنائية من انه عثر علي تلوثات دموية علي السكين المستخدمة في قتل المجني عليهما تعود إلي دماء المتهم مع مخالفة ذلك للثابت بالأوراق كما عولت المعاينة التصويرية التي أجريت بمعرفة النيابة العامة للواقعة دون إيراد مضمونها ومؤداها , وكذلك ردت بما لا يسوغ علي دفعه ببطلان استجوابه أمام النيابة العامة لعدم حضور محام مع المتهم وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث أن البين من الإطلاع علي أوراق الدعوى أن كلا من الشاهدة الدكتورة/هبة الجبالي والدكتورة/ لمياء حسيني لبيب قد قررتا أن البصمة الوراثية للحامض النووي المستخلص من التلوثات الدموية الآدمية المأخوذة من مسح سلاح ويد السكين المضبوط تتطابق في جميع العوامل الوراثية للحامض النووي المستخلص من أظافر المتوفاة /هبة محمد العقاد كما تتطابق مع البصمة الوراثية للحامض النووي المستخلص من عينة الدماء الخاصة بالمتوفاة /هبة محمد العقاد وعلي ذلك فقد ثبت أن الدماء الموجودة علي سلاح السكين تخص المتوفاة /هبة محمد العقاد وهي ذات النتيجة التي وردت بتقرير المعامل الجنائية.

ولما كان ذلك وكان الأصل انه يتعين علي المحكمة ألا تبني حكمها إلا علي الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها علي أمور لا سند لها من التحقيقات فان الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه بإدانة الطاعن علي شهادة الطبيبتين انفتي الذكر وكذا تقرير المعامل الجنائية ونسب إليهم القول انه ثبت بالفحص المعملي أن البصمة الوراثية للحامض النووي المستخلص من التلوثات الدموية المأخوذة من مسح سلاح ويد السكين المضبوط تتطابق في جميع العوامل الوراثية لدماء المتهم بالإضافة لدماء المتوفاة / هبة العقاد رغم مخالفة ذلك الثابت بالأوراق علي السياق المتقدم فانه يكون قد استند إلي ما لا أساس له في الأوراق.

ولما كان ذلك و كان من المقرر طبقا لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن الحكم بالإدانة يجب أن يبين كل دليل من أدلة الثبوت التي استند إليها في بيان جلى مفصل فلا يكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون كل دليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدي تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة و مبلغ اتساقه مع باقي الأدلة التي أخذ بها وإلا كان الحكم قاصرا.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد من بين ما اعتمد عليه في إدانة الطاعن علي محضر المعاينة التصويرية التي أجريت بمعرفة النيابة العامة ومثل فيها المتهم كيفية ارتكابه للجريمة وإذ عرض لهذا الدليل لم يورد عنه إلا قوله ” وأجرت النيابة العامة معاينة تصويرية للحادث مثل فيها المتهم كيفية ارتكابه الحادث من وقت تسلقه سور الحديقة إلي أن قتل وسرق المجني عليهما وقد شاهدت المحكمة تلك المعاينة بغرفة المداولة وقام بعرضه فنيان من وزارة الداخلية والمحكمة واجهت المتهم بما عرض عليه فقرر انه هو الذى قام بتمثيل كيفية ارتكاب الجريمة وتم تصويره أثناء ذلك وذلك دون أن يعني بسرد مضمون تلك المعاينة التي أوردها وعلى نحو ما سلف في صيغة عامة مجهولة مكتفيا بالقول أن المحكمة شاهدتها ودون أن يذكر مؤداها حتى يمكن التحقق من مدي مواءمتها لأدلة الدعوى الاخرى وكان لا يبين من الحكم أن المحكمة حين استعرضت هذا الدليل في الدعوي كانت ملمة به إلماما شاملا يهيئ لها أن تمحصه التمحيص الشامل الذي يدل علي أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف وجه الحقيقة تمكينا لمحكمة النقض من الوقوف علي صحة الحكم من فساده.

ولما كان ذلك وكان الدفاع عن الطاعن قد تمسك ببطلان استجوابه من النيابة العامة وبطلان اعترافه المستمد من هذا الاستجواب الباطل لعم دعوة محاميه للحضور معه, كما يبين من الرجوع إلي المفردات أن وكيل النيابة المحقق استجوب الطاعن بجلسة4/12/2008 كما أجري المعاينة التصويرية فى ذات التاريخ واعترف الطاعن في المحضرين بقتله المجني عليهما ومثل كيفية ارتكابه للجريمة وتم هذا الاستجواب وتلك المعاينة دون دعوة محاميه للحضور ودون أن يندب له المحقق محاميا.
ولما كان ما تقدم و كانت المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006 الصادر في 15/7/2006 والمعمول به اعتبارا من 28/7/2006 قد نصت علي انه” لا يجوز للمحقق في الجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوبا أن يستجوب المتهم أو أن يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر, وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير لدي قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق كما يجوز أن يتولي هذا الإعلان أو الإخطار , وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب علي المحقق من تلقاء نفسه أن يندب محاميا…..” وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانه خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوبا هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فيما عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وذلك تطمينا للمتهم وصونا لحرية الدفاع عن نفسه وللتمكن من دعوة محامي المتهم تحقيقا لهذه الضمانة الهامة, يجب علي المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير فى قلم كتاب المحكمة أو إلي مأمور السجن أو أن يتولى محاميه هذا الإقرار أو الإعلان ولم يتطلب القانون لهذه الدعوى شكلا معينا فقد تتم بخطاب أو على يد محضر أو احد رجال السلطة العامة…..وإذا لم يكن للمتهم محاميا .

ولما كان ذلك وكان بالثابت من التحقيق وعلي سياق المار ذكره أن الطاعن لم يكن معه محاميا وقت استجوابه بجلسة3/12/2008 وكذا أثناء المعاينة التصويرية والثابت بمحضريهما اعترافه بقتله المجنى عليهما وتمثيله لكيفية ارتكاب الواقعة كما لم يندب له المحقق محاميا تطبيقا للأثر الفوري للقانون رقم 145 لسنة 2006 وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفع الطاعن في هذا الشأن بقوله ” إن المتهم لم يزعم انه عين محاميا عنه وقت استجوابه وإجراء المعاينة التصويرية أو أن محاميه تقدم للمحقق مقررا الحضور معه وقت الاستجواب أو إجراء المعاينة التصويرية فان ما ينعاه الدفاع في هذا الشأن يكون علي غير أساس من القانون خليق بالرفض”. وذلك دون أن تفطن المحكمة لما أجراه المشرع من تعديل علي المادة 124 انفه الذكر بموجب القانون رقم 145 لسنة 2006 والمعمول به اعتبارا من 28/7/2006 والحاكم لمنازعة الطاعن والتى أوجبت علي المحقق ندب محاميا في حالة عدم تعيين المتهم لمحام عنه أو في حالة عدم حضور المحامي بعد دعوته .
و لما كان لا يعلم الأثر الذي كان يتولد في عقيدة المحكمة بالنسبة لهذا الدليل (الاعتراف) والمأخوذ من استجواب الطاعن إذا كانت قد تنبهت إلي تعديل النص. لما كان ما تقدم فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه و الإعادة و ذلك دون حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة :
أولاً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية.
ثانياً: بقبول طعن المحكوم عليه شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الجيزة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.