_ أولاً : قانون العقوبات الاداري المصري : 

لا يوجد حتى الآن ما يمكن أن نسميه بقانون العقوبات الاداري المصري ولكن المشرع المصري قد استخدم فكرة الجزاءات الادارية في مواضع مختلفة كسحب رخصة القيادة أو الغلق الاداري ولا يتضمن القانون المصري معياراً شكلياً لتحديد الجريمة الادارية . وقد اقترحت اللجنة المختصة ببحث المشكلات القانونية والعملية الناتجة عن الاختلاف بين القانون الجنائي وقانون العقوبات الاداري على المشرع المصري أن يتبنى نظاماً قانونياً جديداً يقوم على عشرة مبادئ أهمها فيما يتعلق بالجرائم الادارية معيارين لتحديد الجريمة الادارية وهما : الأول موضوعي يرتبط بالمصلحة موضوع الحماية الجنائية والثاني شكلي بالنظر لعقوبة الغرامة اذا كانت مقررة كعقوبة وحيدة أم بالتبادل مع الحبس بحيث يتم رفع الصفة التجريمية عن كل فعل مقرر له غرامة كعقوبة وحيدة أو مع الحبس اذا كان عقوبة تخييرية .

_ ثانياً : بالنسبة للغرامة : 

يمكن اقتراح رفع الصفة التجريمية عن الجرائم المقررة لها عقوبة الغرامة فقط ، واعتبارها جريمة ادارية وذلك لأن الغرامة في التشريع المصري قليلة القيمة خاصة في ظل التضخم المالي المستمر ومع ذلك قد ترتفع قيمتها في بعض الحالات كالتهرب الجمركي والضريبي . ويفضل ألا يكون هناك تحديد لمقدار الغرامة عند تطبيق نظام الحد من العقاب في مصر بل تترك لمدى تناسبها مع الجريمة الادارية .

ثالثاً : بالنسبة لمدة الحبس : 

1- المقصود بالحبس في التحديد الشكلي للجريمة الادارية في مصر : 

المقصود بالحبس قصير المدة ذلك الحبس المقرر الى جانب الغرامة كعقوبة تخييرية وذلك بغرض تطبيق نظام الحد من العقاب . وللحبس قصير المدة العديد من المساوئ فهو لا يحقق الهدف من العقوبة :

_ فالردع العام لا يتحقق بالحبس قصير المدة وان كان يتحقق بالاجراءات التي تسبق تنفيذ العقوبة مثل القبض والتحقيق والمحاكمة .

_ والردع الخاص فان أثر العقوبة يتضاءل نتيجة ضآلة مدة الحبس ولا تساعد على تأهيل المحكوم عليه واصلاحه وأيضاً ضيق المكان المخصص لتنفيذ العقوبة يسهم في اختلاط المحكوم عليه ويؤثر على زيادة نسبة العود وتعدد الوسائل الاجرامية .

_ كما أن العقوبة سالبة الحرية ولو كانت قصيرة المدة فانها لا تصم المحكوم عليه فقط بوصمة الاجرام بل تصم أفراد أسرته وتجهدهم مالياً .

ومن المستقر عليه فقهاً أن أفضل الأسس التي يتم بها تحديد المقصود بالحبس قصير المدة في ضوئها هى المدة ، ولذلك ذهب البعض الى القول بأن تلك المدة لا يجب أن تزيد عن ستة أشهر على أساس أن هذه المدة هى الحد الأدنى لضمان اعادة تأهيل المحكوم عليه واصلاحه. وهناك من يرى أن مدة السنة هى التي تكفي لتحقيق الردع العام  كما أنها كذلك تكفي لارضاء شعور العدالة لدى الغير هذا فضلاً عن أن تلك المدة تكفي لوضع برنامج تأهيلي واصلاحي للمحكوم عليه . وتبدو سلامة هذا الرأي الأخير في تحديده لمدة الحبس بسنة كاملة لوجاهة أدلته وقوتها وسلامة منطقه .

2- عدم المساس بما ورد في قانون العقوبات : 

على الرغم من تضمن قانون العقوبات المصري لنصوص لا بأس بها تقرر الغرامة وحدها أو مقترنة بالحبس الذي لا تتجاوز مدته سنة ، الا أنه يفضل عدم المساس بتلك النصوص وذلك على الأقل في المراحل الأولى لتطبيق نظام الحد من العقاب حتى لا يفقد الأفراد ثقتهم في نظام العدالة وتختلف نظرتهم للمصالح القانونية محل الحماية الجنائية حين يرونها وقد أصبح الاعتداء عليها لا يمثل الا مجرد جريمة ادارية تخضع لجزاء اداري يتم توقيعه عن طريق الادارة ، هذا بالاضافة الى أن كثيراً من الجنح التي يتضمنها قانون العقوبات لا تصلح أن تكون مجرد جرائم ادارية . وعلى العكس مما سبق فان نظام الحد من العقاب يصلح للتطبيق على أغلب ما يرد من جرائم في قوانين العقوبات التكميلية منها على سبيل المثال :

1- جرائم المساس بالعلامات التجارية

2- جرائم الاخلال بالاشتراطات الصحية فيما يتعلق بالأغذية

وعليه يمكن القول هنا بصلاحية نظام الحد من العقاب وقانون العقوبات الاداري للتطبيق على مثل هذه الانتهاكات ، وقد أصبحت المخالفات في كثير من الدول مثل ألمانيا وايطاليا وروسيا مجرد جرائم ادارية تخضع لجزاءات ادارية وهذا ما فعله المشرع الفرنسي أيضاً تطبيقاً لسلطته في انشاء المخالفات . وكل هذا يدل على تغير نظرة بعض المشرعين للمخالفة كجريمة بالمعنى الحقيقي ومدى ضرورة التدخل بالجزاء الجنائي لحماية المصالح الاجتماعية المختلفة .