ويقصد به افتعال حالة نوم غير طبيعي تتغير فيها الحالة الجسمانية والنفسية للنائم ويتغير خلالها الاداء العقلي الطبيعي ، ويتقبل فيها النائم الايحاء دون محاولة طبيعية لايجاد التبرير المنطقي له واخضاعه للنقد الذي يفترض حدوثه في حالة اليقظة العادية وحالة النوم المغناطيسي اذ تتسم باستعداد ظاهر بقبول الايحاء فهي تضيق نطاق الاتصال الخارجي للنائم وتقصره على شخصية المنوم وتخضعه اخيراً لارتباط ايحائي(1) ، فالتنويم المغناطيسي يترتب عليه ان تنطمس الذات الشعورية للنائم وتبقى ذاته اللاشعورية تحت سيطرة ذات خارجية هي ذات المنوم المغناطيسي. ويقوم بالتنويم المغناطيسي خبير خاص يطلب من الشخص المراد تنمويه الاستلقاء على مقعد ثم يقوم بعملية تخفيف اثار المؤثرات الخارجية كاسدال الستائر في غرفة ومنع الضوضاء والحركة ثم يطلب منه ان ينظر الى نقطة معينة تقع فوق مستوى النظر ، فتصاب اعصاب العين بالتعب مما يساعد في عملية التنويم ثم يبدأ بالتحدث اليه ، ويوحي له بانه يحس ميلا الى النوم والتعب فتؤثر هذه الايحاءات في نفس الشخص فينام وتختفي ذاته الشعورية وتبقى الذات اللاشعورية خاضعة لسيطرة المنوم فيتمكن من ان يحصل على كل المعلومات المتعلقة بالجريمة في هذه الحالة(2)

والنوم المغناطيسي ظاهرة شديدة التعقيد وهي ظاهرة كم وكيف فليس كل الافراد يمكن تنويمهم مغناطيسيا كما ان بعضهم يمكن تنويمهم مغناطيسيا كما ان بعضهم يمكن تنويمه بدرجة يسيرة وبعضهم الاخر يمكن تعميق درجة نومه الى مدى متفاوت (3). ويرى بعضهم في التنويم المغناطيسي اهميته في مجال التحقيقات الجنائية ، اذ اتجهت الافكار الحديثة الى امكانية استخدامه لمواجهة التطور الاجرامي نظرا الى ماله من اثر في شخصية المتهم فيمكن عن طريق استخدام هذه الوسيلة استخراج ما يحتفظ به المتهم في اعماقه ولا يمكن الوصول اليه عن طريق الاجراءات العادية ، ومن جهة اخرى يرى بعضهم الاخر(4) ان لقاضي التحقيق ان يقدر قيمة الاعترافات التي يدلي بها المتهم المنوم مغناطيسيا ، ويقارن بينها وبين ما لديه من ادلة اخرى ، فان كانت هذه الادلة لا تعزز الاعترافات كان له ان يسقط الاعترافات في ميزان حسابه كما ان له في جميع الاحوال ان يأخذ بها او لا يأخذ حسب القناعة التي تتكون لديه من مجريات وظروف كل قضية ، لذا فالامر لا يخرج عن احد فرضين

الاول : ان الدليل المستمد من التنويم المغناطيسي له قيمة قانونية ومن ثم يمكن استخدامه في الاثبات الجنائي (5)

والثاني : ان ليس ثمة قيمة قانونية له البتة ومن ثم ينبغي طرحه دون مناقشة .

اما الاتجاه المعارض فيعد التنويم المغناطيسي اجراءا باطلا ، ومن ثم يبطل الاعتراف لان المتهم يكون خاضعا لتأثير من ينومه فتأتي اجابته ترديدا لما يوحي به شعور المتهم ومأواه ومكنون سره الداخلي وفيه انتهاك لاسرار النفس البشرية الواجب احترامها فضلا عن ذلك يشكل مساساً كبيراً بحق الفرد بالدفاع ، كما ان الاعتراف الصادر منه وهو تحت تأثير التنويم المغناطيسي يصدر عن ارادة غير واعية وغير حرة أي ان الشخص يكون مسلوب الارادة(6).

لذا يتضح ان بعض التشريعات في القانون المقارن قد ذهبت الى حد النص صراحة(7) على حظر استخدام هذه الوسيلة ، كما استقرت احكام القضاء المقارن كذلك على ان التنويم المغناطيسي هو احد الوسائل التي تنطوي على اعتداء سافر على حقوق الانسان اما في القضاء المصري والعراقي والاردني فلم نعثر فيها على حكم يفصح عن اتجاه محاكم هذه البلدان بخصوص هذا الموضوع .

________________

1- ينظر : د. قدري عبد الفتاح الشهاوي ، الموسوعة الجزائية الشرطية ، عالم الكتب ، القاهرة 1977 ، ص197 ، وينظر : كذلك د. محمد سامي النبراوي ، استجواب المتهم ، دار النهضة العربية ، القاهرة ،
1969م ، ص440.

2- ينظر : فاروق الكيلاني ، محاضرات في قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني
والمقارن، ج(2) ، ط (2) ، مكتبة الفارابي ، عمان ، 1985م ، ص36.

3- ينظر : محمد فالح حسن ، مشروعية استخدام الوسائل العلمية الحديثة في الاثبات الجنائي ،
دراسة مقارنة، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون في جامعة بغداد ، 1978م ، ص128.

4- ينظر : محمد فالح حسن ، مصدر سابق ، ص135.

5- ينظر : حسن علي حسن السمني ، شرعية الادلة المستمدة من الوسائل العلمية رسالة دكتوراه
مقدمة الى كلية الحقوق في جامعة القاهرة ، 1982م ، ص370.

6 – ينظر : د. محمد سامي النبراوي ، مصدر سابق ، ص487 . وينظر : كذلك محمد فالح حسن ، مصدر سابق ، ص136 – 173.

7- كما في المادة (136 / 1) من قانون الاجراءات الجنائية لالمانيا الاتحادية لسنة 1950 والمادة (78) من قانون العقوبات الارجنتيني والمادة (613) من قانون العقوبات الايطالي لسنة 1930 والمادة (106) من ولاية (برن) بسويسرا .

المؤلف : لي احمد عبد الزعبي
الكتاب أو المصدر : حق الخصوصية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .