القوامة

تعريفها ومصدرها

القيم هو من تعينه المحكمة لإدارة أموال المحجور عليه بسبب الجنون أو العته أو السفه أو الغفلة، ولا تعين المحكمة قيماً على الشخص إلا إذا طرأ أحد عوارض الأهلية المذكورة بعد بلوغه سن الرشد، أما إذا طرأ أحد عوارض الأهلية المذكورة قبل بلوغ سن الرشد، فإنه تستمر الولاية والوصاية عليه، أو إن المحكمة تحكم باستمرار الولاية أو الوصاية عليه، وهذا ما يفهم من نص الفقرة الرابعة من المادة 163من قانون الأحوال الشخصية السوري ونصها: «تنتهي الولاية ببلوغ القاصر ثماني عشرة سنة ما لم يحكم قبل ذلك باستمرار الولاية عليه لسبب من أسباب الحجر أو يبلغها معتوهاً أو مجنوناً فتستمر الولاية عليه من غير حكم». ويفهم كذلك من نص الفقرة (ب) من المادة 189 التي تنص على أنه تنتهي مهمة الوصي:

ببلوغ القاصر ثماني عشرة سنة إلا إذا قررت المحكمة قبل بلوغه هذه السن استمرار الوصاية عليه أو بلغها معتوهاً أو مجنوناً. وفي الراجح عند الأحناف وهو ما يمكن أن يؤخذ به عملاً بالمادة 305 من قانون الأحوال الشخصية، فإنه إذا طرأ العارض كالجنون أو العته بعد البلوغ رشيداً، فإنه تعود الولاية إلى الأب أو الجد عند عدم وجود الأب. وهناك قوامة على المال الموقوف[ر: الوقف].

شروط القوامةCustodianship في القانون السوري

نصت المادة 206 من قانون الأحوال الشخصية على أنه يسري على القيم ما يسري على الوصي من أحكام إلا ما استثنى بنص صريح. وهذا يعني أن الشروط الواجب توافرها في القيم وصلاحياته هي ذاتها المقررة للوصي، وبالتالي تكون شروط القوامة هي الآتية:

1ـ الإسلام: وذلك عندما يكون المحجور مسلماً؛ لأن القوامة ولاية وسلطة وهي ممنوعة من غير المسلم على المسلم لقوله تعالى: ]وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً[، (النساء: 141)، وقد نصت المادة 178 من قانون الأحوال الشخصية السوري على أنه يجب أن يكون القيم من ملة المحجور.

2ـ كمال الأهلية: أي أهلية الأداء، فلا يجوز للقاصر مميزاً أم غير مميز، ولا للمجنون والمعتوه أن يكونوا قواماً؛ لأنهم يحتاجون إلى الرعاية المالية، وعاجزون حكماً عن إدارة أموالهم ففاقد الشيء لا يعطيه.

3ـ الذكورة والبصر: ذهب جمهور الفقهاء ووافقهم قانون الأحوال الشخصية السوري إلى عدم اشتراط الذكورة والبصر في القيم، فأجازوا القوامة إلى المرأة وإلى الأعمى؛ لأنها شرعت لحسن إدارة المال وحفظه، وهذا يستوي فيه أو في الحد الأدنى منه المرأة والرجل والأعمى والبصير.

4ـ العدالة: اشترطت المادة 178 أن يكون القيم عادلاً، والعدالة عند الفقهاء تكون بملازمة التقوى بالبعد عن الكبائر، والدناءات من الصغائر، وعدم الإصرار على باقي الصغائر ويقابلها الفسق، وعند الجمهور لا قوامة للفاسق سواء مس فسقه أمانته أم لا.

وقد منع قانون الأحوال الشخصية السوري (المادة 178 فقرة آ) قوامة المحكوم عليه في جريمة سرقة أو إساءة ائتمان أو تزوير، أو في جريمة من الجرائم المخلة بالأخلاق والآداب العامة، وكذا المحكوم بإفلاسه إلى أن يعاد إليه اعتباره.

5ـ القدرة على القيام بمهام القوامة: وهي حفظ المال وإدارته واستثماره فإذا كان عاجزاً عن ذلك عزله القاضي وأقام آخر مقامه.

6ـ ألا يكون خطراً على مصلحة المحجور: وهو ما يفهم مما نصت عليه الفقرتان (ج ـ د) من المادة 178 من قانون الأحوال الشخصية السوري من أنه لايجوز أن يكون قيماً: من قرر الأب أو الجد ـ عند عدم الأب ـ حرمانه من التعيين قبل وفاته إذا ثبت ذلك ببينة خطية، وكذا من كان بينه هو أو أحد أصوله أو فروعه أو زوجه وبين المحجور نزاع قضائي أو خلاف عائلي يخشى منه على مصلحة المحجور.

صلاحيات القيم وحقوقه وواجباته ومسؤوليته

يأخذ القيم من حيث الواجبات والحقوق والصلاحيات أحكام الوصي، وقانون الأحوال الشخصية قد سوى أساساً في هذه الأمور بين الوصي المختار من الأب أو الجد وبين الوصي المعين من قبل القاضي، واتجه على العموم إلى التضييق من هذه الصلاحيات وأناطها أو معظمها بإذن القاضي حفاظاً على مصلحة المحجور. وإن كان كثيرون يظنون أن الأفضل إطلاق صلاحيات الأوصياء نوعاً ما بعد التشدد في حسن انتقائهم، وفي معاقبة المسيئين منهم حتى لا تضيع على المحجورين الفرص النافعة.

وتكون القوامة على أموال المحجورين بغير أجر إلا إذا رأت المحكمة بناء على طلب القيم أن تحدد له أجراً ثابتاً أو مكافأة على عمل معين، وبكل الأحوال لايجوز فرض أجرة عن مدة سابقة على الطلب.

ويجب على القيم أن يُودِع باسم المحجور في خزانة الدولة، أو في مصرف توافق عليه المحكمة كلَّ ما يحصله من نقوده وما ترى المحكمة لزوماً لإيداعه من الأسناد والحلي وغيرها في خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلمه إياها ولا يسحب منها شيئاً إلا بإذن القاضي. ويرفع من هذه الأموال ـ قبل إيداعها ـ مصاريف الإدارة والنفقة المقررة لشهر واحد. وعلى القيم أن يقدم حساباً سنوياً مؤيداً بالمستندات، وللمحكمة أن تلزمه بتقديم كفالة تقدرها وتكون نفقاتها على المحجور. وإذا أخل القيم بواجب من الواجبات المفروضة عليه بمقتضى قانون الأحوال الشخصية كان مسؤولاً عما يلحق المحجور من ضرر بسبب تقصيره وضامناً له كالوكيل.

انتهاء القوامة

تنتهي القوامة بقبول القاضي استقالة القيم، وبزوال أهليته، وبفقده وبعزله. والقاضي يعزله إذا تحقق فيه سبب من أسباب المنع من القوامة السابق الإشارة إليها، أو إذا ظهرت في حسابه خيانة، أو إذا رأت المحكمة أن في أعماله أو إهماله ما يهدد مصلحة القيم. وكذا إذا قررت المحكمة رفع الحجر عن المحجور.

وعلى القيم الذي انتهت قوامته أن يسلم في ثلاثين يوماً الأموال التي في عهدته مع حساب عنها مؤيد بالمستندات يقدمه إلى من يخلفه، أو إلى المحجور الذي تقرر رفع الحجر عنه، أو إلى ورثته إن توفي، وعليه أن يقدم صورة عن الحساب إلى المحكمة.

وإذا توفي أو حجر على القيم أو فقد، فعلى ورثته أو من يمثله القيام بما تقدم، ويباشر مدير الأيتام صلاحياته بما يحقق مصلحة المحجور إلى أن يعين القاضي قيماً آخر يخلفه. فإذا امتنع القيم من دون عذر عن تسليم أموال المحجور ـ حسبما تقدم ـ أحيلت القضية إلى النيابة العامة بعد إنذاره بعشرة أيام لإقامة الدعوى عليه بإساءة الائتمان.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت