الجرائم الواقعة على الأموال

تعرف جرائم الاعتداء على الأموال بأنها: «الجرائم التي تنال بالاعتداء أو تهدد بالخطر الحقوق ذات القيمة المالية، ويدخل في نطاق هذه الحقوق كل حق ذي قيمة اقتصادية ويشكل جزءاً من الذمة المالية». وتفترق جرائم الاعتداء على الأموال بالتحديد المشار إليه عن جرائم الاعتداء على الأشخاص[ر] في مدلولها الواسع التي تنال بالاعتداء أو تهدد بالخطر حقوقاً لصيقة بشخص المجني عليه كالحق في سلامة البدن والحق في الشرف وغير ذلك.

ولا يقتصر نطاق جرائم الاعتداء على الأموال على الجرائم التي تنال بالاعتداء الجانب الإيجابي من الذمة المالية، أي مجموعة الحقوق الثابتة للمجني عليه ولكنها تتسع كذلك للجرائم التي تمس الجانب السلبي للذمة فتزيد دون حق من الديون الملتزم بها المجني عليه، كالمراباة وبعض صور الغش في كمية أو نوع البضاعة.

وقد اتبع المشرع في قانون العقوبات تقسيم هذه الجرائم حسب الترتيب الآتي، وذلك بموجب المواد من 621 حتى 735.

أولاً: أخذ مال الغير

وقد قسمت هذه الجرائم إلى:

1- السرقة: وقد عرفها المشرع بأنها: «أخذ مال الغير المنقول دون رضاه».

2- الاغتصاب والتهويل: يقصد بالاغتصاب قيام شخص، بنية اجتلاب نفع غير مشروع له أو لغيره، اغتصاب توقيع شخص آخر أو أي كتابة صادرة عنه تتضمن تعهداً أو إبراء، وذلك بالتهديد أو الإكراه، أو إكراه شخص على إجراء عمل أو الامتناع عن إجرائه إضراراً بثروته أو بثروة غيره. أما التهويل فيقصد به تهديد شخص شخصاً آخر بفضح أمر من أموره أو إفشائه أو الإخبار عنه وكان من شأنه أن ينال من قدر هذا الشخص أو شرفه أو من قدر أحد أقاربه أو شرفه لكي يحمله على جلب منفعة له أو لغيره غير مشروعة.

3- استعمال أشياء الغير دون حق: ويقصد بهذه الجريمة اعتداء شخص على مال مملوك للغير بنيّة استعماله أو الانتفاع به بلا حق ويكون من شأن ذلك إحداث ضرر للمجني عليه.

ثانياً: الاحتيال وسائر ضروب الغش

عالج قانون العقوبات هذه الجرائم في الفصل الثاني من الباب الحادي عشر، وقد ذُكر من هذه الجرائم:

1- الاحتيال: هو حمل شخص شخصاً آخر على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقول أو أسناداً تتضمن تعهداً أو إبراء فاستولى عليها بالخداع والاحتيال وذلك: باستعمال الدسائس، أو بتلفيق أكذوبة أيدها شخص ثالث ولو عن حسن نية، أو بظرف مَهَد له المجرم أو ظرف استفاد منه، أو بتصرفه بأموال منقولة أو غير منقولة وهو يعلم أن ليس له صفة للتصرف بها، أو باستعماله اسماً مستعاراً أو صفة كاذبة.

2- ما جرى مجرى الاحتيال: ويقصد بذلك حمل الغير على تسليم بضاعة لشخص ينوي عدم دفع ثمنها أو كان يعرف أنه ليس باستطاعته الدفع.وكذلك من يوفر لنفسه منامة أو طعاماً أو شراباً في محل عام وهو ينوي عدم الدفع أو يعلم أنه لا يمكنه أن يدفع، ومن يتخذ أيضاً بالغش واسطة نقل عامة، برية أو بحرية أو جوية، دون أن يدفع أجرة الطريق.

3- المراباة: ويقصد بجرم المراباة إقراض شخص شخصاً آخر قرضاً مالياً لغاية غير تجارية، وذلك بفائدة ظاهرة أو خفية تتجاوز حد الفائدة القانونية.

4- الشيك بلا مقابل: يعد مرتكباً جرم شيك بلا مقابل كل من أقدم عن سوء نية على سحب شك بلا مقابل سابق ومعد للدفع، أو بمقابل غير كاف، أو على استرجاع كل المقابل أو بعضه بعد سحب الشيك، أو على إصدار منع عن الدفع للمسحوب عليه.

ثالثاً: في إساءة الائتمان والاختلاس

ويقصد بهذا الجرم استيلاء شخص على منقول يحوزه بناء على عقد (وديعة، وكالة، إجارة، عارية، رهن) عن طريق خيانة الثقة التي أودعت فيه بموجب هذا العقد، وذلك بتحويل صفته من حائز للمال لحساب مالكه إلى مدّع بملكيته.

رابعاً: الغش في المعاملات

وتتضمن الجرائم التالية:

1- جريمة العيارات والمكاييل غير القانونية أو المغشوشة، والغش في كمية البضاعة: عد المشرع مرتكباً لهذه الجريمة كل من استعمل أو اقتنى في مخزنه أو دكانه أو في عربات البيع أو في غيرها من الأماكن المعدة للتجارة عيارات أو مكاييل أو غيرها من عدد الوزن أو الكيل تختلف عن العيارات والمكاييل المعينة في القانون أو غير موسومة. وكل من غش شخصاً آخر سواء في كمية الشيء المسلم أو ماهيته إذا كانت هذه الماهية هي السبب الدافع للصفقة.

2- جريمة الغش في نوع البضاعة: ويقصد بهذه الجريمة قيام البائع بغش المتعاقد المشتري، سواء في طبيعة البضاعة أو صفاتها الجوهرية أو تركيبها أو الكمية التي تحتويها من العناصر المفيدة أو في نوعها أو مصدرها عندما يكون تعيين النوع والمصدر معتبراً بموجب الاتفاق أو العادات السبب الرئيسي للبيع.

3- عرقلة حرية البيوع بالمزايدة: وتتناول هذه الجريمة إقدام شخص، في أثناء مزايدة علنية، على عرقلة حرية المزايدة والالتزامات وذلك بالتهديد أو بالعنف أو بالأكاذيب، أو على إقصاء المتزايدين والملتزمين بهبات أو وعود.

4- المضاربات غير المشروعة: تقوم هذه الجريمة بتوصّل شخص، عن طريق الغش، إلى رفع أو تخفيض أسعار البضائع أو الأسهم التجارية العامة أو الخاصة المتداولة في البورصة ولاسيما بإذاعة وقائع مختلفة أو ادعاءات كاذبة، أو بتقديم عروض للبيع أو الشراء قصد بلبلة الأسعار، أو بالإقدام على أي عمل من شأنه إفساد قاعدة العرض والطلب في السوق.

خامساً: جرائم الإفلاس

وهي الجرائم التي لا يتصور أن يرتكبها إلا التاجر المفلس نفسه، وتنحصر في اثنتين: الإفلاس الاحتيالي والإفلاس التقصيري. والفرق الجوهري بين الحالتين هو أن جريمة الإفلاس الاحتيالي تعد جريمة قصدية في حين أن جريمة الإفلاس التقصيري هي جريمة غير قصدية.

هذا ويعد مفلساً محتالاً كل تاجر مفلس أخفى دفاتره واختلس أو بدَّد قسماً من أمواله أو اعترف مواضعة بديون غير متوجبة عليه سواء في دفاتر أو صكوك رسمية أو عادية أو بموازنته. أما المفلس المقصّر فهو كل تاجر متوقف عن الدفع:

أ- إذا كان قد استهلك مبالغ باهظة سواء في عمليات الحظ أو مضاربات وهمية على النقد أو البضاعة.

ب- إذا أقدم بعد التوقف عن الدفع وفي سبيل تأخير الإفلاس على شراء بضائع ليبيعها بأقل من ثمنها أو عقد للغاية نفسها قروضاً أو حولّ سندات أو توسل بطرق أخرى مبيدة للحصول على المال.

ج- إذا أقدم بعد التوقف عن الدفع على إيفاء دائن إضراراً بكتلة الدائنين.

د- إذا وجدت نفقاته الشخصية أو نفقات بيته زائدة عن الحد.

سادساً: التقليد

وهو يشمل الجرائم التالية:

1- تقليد العلامات الفارقة للصناعة والتجارة: ويقصد بهذه الجريمة إقدام شخص على تقليد علامة فارقة للصناعة أو التجارة تخص غيره. ولو أضاف إليها ألفاظاً أخرى مثل تشبيه أو شبه أو صنف، أو نوع، أو صفة، أو على وضع علامة تخص غيره أو علامة مقلدة على محصولاته أو سلعه التجارية، أو على بيع محصول علامة مغتصبة أو مقلدة أو عرضه للبيع.

2- شهادات الاختراع: تتحقق جريمة شهادات الاختراع بسبب قيام شخص بإلحاق الضرر، وعن معرفة، بحقوق مستمدة من شهادة اختراع أعطيت ونشرت وفقاً للقوانين. ويترتب الضرر المذكور نتيجة بيع البراءة أو عرضها للبيع أو تقليدها أو استعمالها.

3- الرسوم والنماذج الصناعية: يعد مرتكباً جريمة الرسوم والنماذج الصناعية كل من يلحق عن معرفة ضرراً في هذه الرسوم والنماذج المسجلة والمنشورة حسب الأصول.

4- المزاحمة الاحتيالية: يقصد بهذه الجريمة إقدام شخص بوسائل الغش أو الادعاءات الكاذبة أو بالتلميح عن سوء قصد على تحويل زبائن الغير إليه.

5- اغتصاب العنوان التجاري: تنشأ هذه الجريمة من جراء قيام شخص باغتصاب اسم الغير التجاري، إما بوضعه أو إظهاره بأي شكل كان على المحصولات الطبيعية أو المصنوعة أو توابعها، أو بإذاعته في منشورات أو إعلانات أو فواتير أو رسائل وما شابهها.

سابعاً: الملكية الأدبية والفنية

يقصد بهذه الجريمة إتيان شخص عملاً من شأنه أن يمس بحقوق الملكية الأدبية أو الفنية، المضمونة بالقوانين، إما بالطبع أو النقل، أو الترجمة أو التهذيب أو الإيجاز أو الإسهاب، أو بالتكييف أو النقل لفن آخر، أو بالتمثيل أو العزف أو التلاوة أو الإلقاء على العموم.

ثامناً: الأضرار الملحقة بأملاك الدولة والأفراد

1- الهدم والتخريب: يعد مرتكباً جريمة الهدم والتخريب كل من هدم أو خرّب قصداً الأبنية والأنصاب التذكارية والتماثيل أو غيرها من الإنشاءات المعدة لمنفعة الجمهور أو للزينة العامة، وسواء كانت هذه الأموال للدولة أو للأفراد.

2- نزع التخوم واغتصاب العقار: يقصد بهذه الجريمة قيام شخص بطم حفرة أو هدم سور أو قطع سياج أو نزعه أخضراً كان أم يابساً أو هدم أو تخريب أو نقل أي علامة تشير إلى الحدود بين مختلف الأملاك.

ويعد مغتصباً للعقار كل من لا يحمل سنداً رسمياً بالملكية أو التصرف واستولى على هذا العقار أو على قسم منه.

3- التعدي على المزروعات والحيوانات والآلات الزراعية: يعد مرتكباً لهذه الجرائم كل من قطع أو قصف أو أتلف مزروعات قائمة أو أشجاراً أو شجيرات بنت الطبيعة أو نصب يد الإنسان أو غير ذلك من الأغراس العائدة للغير. وكذلك كل من رعى أو أطلق ماشية أو سائر الحيوانات الأخرى فيما كان لغيره من الأراضي المحمية أو المغروسة أشجاراً مثمرة أو المزروعة أو التي فيها محصولات، وبالإجمال كل من أتى بحيوانات يمكن أن تحدث ضرراً إلى أرض تخصه أو ليس له عليها حق المرور أو الرعي.

ومن أقدم أيضاً قصداً غير مضطر على قتل حيوان جر أو حمل أو ركوب أو مواشي من مختلف الأنواع تخص غيره. وكذلك من أقدم قصداً على إتلاف الأدوات الزراعية أو كسرها أو تعطيلها فيما لو كانت بملكية غيره.

تاسعاً: الجرائم المتعلقة بنظام المياه

وتتعلق هذه الجرائم بالتعديات التي تقع على ضفاف الينابيع ومجاري المياه والأفعال التي تمنع جريان المياه العمومية جرياً حراً، والأعمال التي من شأنها التأثير على كمية المياه العمومية وجريها، أو تلويثها.