الإثبات في العقد (المحرر) الإلكتروني بالقانون التونسي

ليـلى اللمـوشـي محررة عقود بإدارة الملكية العقارية ببن عروس

يعرف العالم اليوم ثورة رقمية و معلوماتية باتت فيه تكنولوجيا المعلومات تشكل العمود الفقري للمجتمعات الحديثة و شهدت العمليات التعاقدية جملة من المتغيرات التي شملت نظامها و طبيعتها القانونية فأصبح إبرام العقود يتم عن طريق وسائل الإتصال الحديثة و هو ما آثار إهتمام رجال القانون و فقه القضاء .

فالمعاملات التجارية إندمجت في العالم الإفتراضي بكل مكوناته من كتابات رقمية،توقيع إلكتروني ،تحويلات إلكترونية ،نقود إلكترونية ،بطاقات إئتمانية و إستعمال الشبابيك الأوتوماتكية مما وسع من دائرة التعامل و جعل منها أكثر سرعة و دقة في إبرام العقود و أضحت التجارة الإلكترونية تلعب دورا رائدا في التجارة العالمية.

و بالرجوع إلى القانون المقارن يمكن تعريف المعاملات الإلكترونية بكونها: ” أي تعامل أوعقد أو إتفاقية يتم إبرامها أو تنفيذها بشكل كلي أو جزئي بواسطة المراسلات الإلكترونية “

فالطبيعة اللامادية و الإفتراضية التي تتميز بها العقود الإلكترونية تطرح جملة من الإشكالات الخاصة تتحقق في صورة نشأة نزاع من جهة و عبأ إثبات العقد الإلكتروني من جهة أخرى.

إن الدارس للقانون عدد 57 لسنة 2000 المؤرخ في 13 جوان 2000 و المتعلق بإتمام بعض فصول مجلة الإلتزامات و العقود يستشف منه مساواة المشرع التونسي بين الكتب الورقي و الكتب الإلكتروني و أقر بأنها تتسم بميزة الإثبات و الحجية لكنها تخضع في بعض الأحيان إلى السلطة التقديرية للقاضي .

*العقد الإلكتروني في منظومة الإثبات

مواكبة من المشرع للثورة التكنولوجية و لتجاوز الفاصل الكبير بين العقود الإلكترونية و وسائل الإثبات الخمس المعتمد قانونا (الفصل 427 م.إ.ع) و تجاوزا لكل الصعوبات أصبح الكتب الإلكتروني بمختلف طرق كتابته مستوعبا لمفهوم الحجة المكتوبة و عليه أدرج المشرع الكتب الإلكتروني ظمن المنظومة التقليدية للإثبات و بالتحديد صلب الفرع الخاص بالحجج غير الرسمية و هنا السؤال الذي يطرح نفسه مدى قوة ثبوتيته؟.

· معرفة القوة الثبوتية للكتب الإلكتروني : بالرجوع إلى الفصل 453 مكرر المضاف لمجلة الإلتزامات و العقود يستشف منه أن العقد الإلكتروني تتأرجح حجيته بين الحجة غير الرسمية ،الحجة الرسمية و بداية الحجة المكتوبة “فالوثيقة الإلكترونية تعد كتبا غير رسمي إذا كانت محفوظة في شكلها النهائي بطريقة موثوق بها و مدعمة بإمضاء إلكتروني ” فهي تعد حجة غير رسمية تكتسي حجية نسبية إذ يمكن إثبات عكس ما ورد بها دون الحاجة للقيام بدعوى الزور.

و بالرجوع إلى أحكام الفصل 477 م.إ.ع الذي أشار فيه المشرع إلى أن الكتب الغبير الرسمي يرتقي إلى الحجة الرسمية إذا إعترف به الخصم أو ثبتت صحته قانونا و لو بغير إعتراف

و جاء أيضا صلب الفصل 453 مكرر م.إ.ع بأن العقد الإلكتروني غير رسمي فإن أحكام الفصل 449 م.إ.ع تنطبق عليه غير أن مسألة القوة الثبوتية للعقد الإلكتروني موضوعية و تبقى خاضعة للسلطة التقديرية للقاضي.

* دور القاضي في تقدير حجية الكتب في العقود الإلكترونية: إن قواعد الإثبات تهم بالأساس مصالح الخصوم الشخصية فيمكن الإتفاق على خلافها بتحديد الطرف المتحمل لعبأ الإثبات أو فيما يخص بوسائل الإثبات و هو ما تعرض إليه المشرع صلب الفصل 441 م.إ.ع

و يتقيد القاضي بهذه النوعية من الإتفاقات في حال وجودها و هو ما يتعارض مع وسائل إثبات التصرفات القانونية التي يعد فيها الكتب شرط صحة و إثبات .

فعند وجود إتفاق بين الأطراف حول كيفية إثبات المبادلة الإلكترونية و تفاصيلها يساعد القاضي على ترجيح الكتب الإلكتروني على غيره من وسائل الإثبات و في صورة غياب الإتفاق تزداد أهمية و صعوبة دورالقاضي إذا ماحصل نزاع بين الوثيقة الأكترونية و وسائل الإثبات الأخرى وهو ما تعرض إليه المشرع الفرنسي صلب الفصل(1316-2) من المجلة المدنية الذي أقر بموجبها الترجيح بين الكتب اإلكتروني و الكتب اليدوي.

أما المشرع التونسي فيمكن حصر المسالة فيما جاء به الفصل 444 م.إ.ع الذي ينص على ” أنه في صورة تعارض الوثيقة الإلكترونية مع الكتب الرسمي فيقع تغليب الكتب الرسمي في الإثبات و ذلك في حال شهادة المأمور الذي حرر و وقع الإتفاق بمحضره و لكن فيما زاد عن ذلك يمكن إعتماد الكتب الإلكتروني في معارضة الكتب الرسمي.

كما يجوز توجيه اليمين الحاسمة للنزاع في كل درجة من درجات المرافعة على أن تكون خاضعة لما جاء به الفصل 474 م.إ.ع .

و يبقى للقاضي الدور الحاسم في ترجيح الفة حسب العناصر التي قدمت إليه.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت