إعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاء

لو تأملنا في هيكل المجلس الأعلى للقضاء – المنصوص عليه في المادة الخامسة من نظام القضاء – لوجدنا أن أفراده رئيس و عشرة أعضاء ، منهم الأعضاء الثلاثة الثابتون ؛ لأنهم يشغلون مناصب محددة ، وهم :-
1/ رئيس المحكمة العليا .
2/ وكيل وزارة العدل .
3/ رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام .
– أما الأعضاء الأربعة المتفرغون فيُختارون من بين رجال القضاء العاملين فيه .
– وهناك ثلاثة أعضاء غير متفرغين يُسمون بأمر ملكي ، وليس من شرطهم أن يكونوا قضاةً سابقين ، بل يكفي أن يتوافر فيهم من الشروط ما يُشترط في قاضي استئناف عند التعيين ؛ أي ( تدريس الفقه وأصوله تسعة عشر عاماً على الأقل ) .
– وواسطة عقد ذلك الهيكل هو : معالي رئيس المجلس ، وليس من شرطه أن يكون قاضياً كما في النظام أيضاً .

= ولو تأملنا السير الذاتية لهؤلاء النخبة : لرأينا أن عدداً منهم شغل وظائف تختلف عن الباقين ، وهم ( كما جاء ترتيبهم في موقع المجلس ) على النحو التالي :
1/ رئيس المجلس : شغل وظائف أكاديمية عدة في جامعة أم القرى ، وأخرى قيادية في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ، كما صار عضواً ثم رئيساً لمجلس الشورى ، غير أنه لم يشغل أي وظيفة قضائية .

2/ رئيس المحكمة العليا : شغل وظائف قضائية متنوعة مدة 43 عاماً ( محكمة الضمان والأنكحة ، المحكمة العامة ، عضوية ثم رئاسة محكمة تمييز ) .

3/ الشيخ : إبراهيم بن شايع الحقيل : شغل وظائف قضائية مدة 23 سنة ( تجاري – جزائي – إداري فرعي ) .

4/ الشيخ : فهد بن عبد الرحمن الفارس : شغل وظيفة كاتب عدل ، ثم عدة وظائف إدارية في مجلس القضاء الأعلى السابق ، ثم صار قاضي استئناف . غير أنه لم يعمل قاضياً في أيٍ من المحاكم قبل الاستئناف .

5/ الشيخ : ظافر بن محمد القرني : شغل وظائف قضائية مدة 35 سنة ( المحكمة العامة – قضاء الاستئناف ) .

6/ د. عبد الرحمن بن محمد الغزي : شغل وظائف قضائية مدة 28 سنة ( جزائي عدلي – المحكمة العامة ) .

7/ الشيخ : أحمد بن عبد المجيد الغامدي : شغل وظيفة كاتب عدل ، ثم شغل وظائف قضائية مدة 28 سنة ( المحكمة العامة – قضاء الاستئناف ) .

8/ رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام : شغل وظائف قضائية مدة 23 سنة ( المحكمة الجزئية ، المحكمة العامة ) .

9/ د. عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة : أستاذ أكاديمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، ثم عضو في مجلس الشورى ، ولم يشغل أي وظيفة قضائية .

10/ د. علي بن عباس الحكمي : أستاذ أكاديمي في جامعة أم القرى ، ثم عضو في مجلس الشورى ، ولم يشغل أي وظيفة قضائية .

11/ وكيل الوزارة : شاغر .

= ولو أعدنا النظر في سير الأعضاء السابقين ( من القضاة ) لوجدنا أن التخصص الغالب فيهم ( القضاء العام ) ، ويمكن قبول اندراج اختصاص ( الأحوال الشخصية ) ضمن هذا الاختصاص .

= أما بقية الاختصاصات القضائية – المناطة بالمجلس الأعلى للقضاء – فعلى النحو التالي :

1/ القضاء الجزائي العدلي : شغله أحد الأعضاء المتفرغين مدة مناسبة لتمثيل هذا الاختصاص .

2/ القضاء الجزائي الإداري : شغله أحد الأعضاء على فترات متقطعة كما في سيرته المنشورة في موقع المجلس المعلوماتي ، ويظهر أنها غير كافية لتمثيل هذا النوع .

3/ القضاء التجاري : يمثله في المجلس عضو واحد ( معالي الشيخ : إبراهيم الحقيل ) ومدة شغله هذا النوع مناسبة لتمثيل هذا الاختصاص .

4/ القضاء العمالي : لا نجد من بين الأعضاء من يمثله أصلاً .
– ولعل ( رئيس اللجان العمالية العليا ) خير من يمثل هذا الاختصاص في المجلس .

5/ اللجان القضائية غير المستثناة : لا نجد من بين الأعضاء من يمثلها ، مع أن كثيراً منها سيندرج تحت مظلة المجلس حتماً عما قريب .

= ومن الغريب : أن نرى كل هذا الفراغ في خبرات أعضاء المجلس في الوقت الذي يوجد من بين الأعضاء من ليس بقاضٍ أصلاً .
– أي : أن المجلس يُعاني من تكدُسٍ في اختصاص ( القضاء العام ) من جهة ، ومن جهة أخرى يكابد فراغاً في عدد من اختصاصاته ، والتي يُمكن إحلال من يُمَثِّلُها محلّ بعض الأعضاء المكررة تخصصاتهم ، ومحلَّ من لم يعمل في القضاء أبداً .

= من المؤكد : أن المجلس الأعلى للقضاء سيصعب عليه احتواء الاختصاصات الوافدة بدون انضواء من يُمَثِّلها في عضوية المجلس ؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، ولا ينبئ المجلس عن الشيء مثل أهل الخبرة به .

= فهل نرى إعادةً لهيكلة المجلس ؟، بصورة تتلاءم مع المرحلة القادمة ؛ لينهض بجميع اختصاصاته كماً وكيفاً دون تأخير ، وعلى النحو الذي يريده ولاة الأمر لهذا المرفق الهام من مرافق الدولة .