السؤال
بواسطة ZAKI
اهم النشاطات المرتبطة بالعلوم القانونية و الادارية اللتي بامكاني ان انشئ بها مؤسسة     الجزائر
الرأي القانوني

في إعتقادي 

ربما تقصد هذا

تهتم الجغرافيا الاقتصادية بدراسة مكان الأنشطة الاقتصادية وتوزيعها وتنظيمها المكاني على سطح الكرة الأرضية، وتركز على مواقع صناعة، تجارة، تجارة التجزئة والجملة، مواصلات، والقيمة المتغيرة للعقار. كما تدرس الأنشطة الزراعية والتجارة العالمية. ظهرت الجغرافيا الاقتصادية عام 1888 وهي تهتم بدراسة الموارد الاقتصادية في العالم من حيث توزيعها تباينها وربط هذا التباين بالعوامل البشرية والطبيعية والحضارية المتحكمة في الإنتاج النقل التوزيع والاستهلاك.
• الجغرافيا الاقتصادية • تصميم: • – الجغرافيا الاقتصادية، مسار نشأتها وتطورها ومفهومها وعلاقاتها بالعلوم المجاورة لها • – الحقل التحليلي للجغرافيا الاقتصادية – الجغرافيا الاقتصادية: مفاهيم ونظريات ومناهج تحليل وعلوم مجاورة، • – الاسئلة الاساسية للجغرافيا الاقتصادية • – مفاتيح للجغرافيا الاقتصادية (الموارد الطبيعية-السكان-وسائل الاتصال والمواصلات) • توطين الانشطة الاقتصادية (نظرية التوطين)- • -اعادة توطين الانشطة الاقتصادية • -التحولات الاقتصادية الدولية وإعادة توطين الانشطة الاقتصادية (الترحيل الصناعي والعولمة ) • -الجغرافيا الاقتصادية القطاعية ( الجغرافيا الفلاحية- الصناعية-الطاقة-الخدمات-النقل-السياحة : نبذة عن بعض فروعها وبعض مكوناتها ) • -جغرافية التدفقات ( او تدفقات الرساميل والاشخاص) • -العولمة الاقتصادية، سياقاتها ومضامينها وتجلياتها المجالية • _الموارد الاقتصادية • —————————————-
تقديم عام :
• الجغرافيا الاقتصادية، مسار نشأتها وتطورها ومفهومها وعلاقاتها بالعلوم المجاورة لها • في البداية كانت الجغرافيا الاقتصادية عبارة عن فرع من الجغرافيا البشرية، الا ان هذا الفرع تضخم وتشعب وازدادت اهميته فانفصل عنها (عن الجغرافيا البشرية). فما هو مفهوم هذا الفرع (الجغرافيا الاقتصادية) ومحتواه وطرق بحثه واهدافه؟. • تاريخ الجغرافيا الاقتصادية وعلاقتها بالعلوم الاخرى: • ينقسم تاريخ الجغرافيا الاقتصادية الى قسمين: • -عصر التوسع التجاري الاوروبي (بعد الكشوفات الجغرافية والحملات الكولونيالية) • -عصر الصناعة الحديثة والنمو الحضري المعاصر • أ-عصر التوسع التجاري الاوروبي:(ظهور الجغرافيا التجارية) • خلال هذه المرحلة حدثت ثورة تجارية تمثلت في نمو الاسواق ونشاة مراكز جديدة لكل من الانتاج والاستهلاك. لذا، ظهرت الجغرافيا التجارية التي ركزت على دراسة الانتاج ووفرت للتجار والحكومات المعلومات المنظمة عن السكان والاقاليم وموارد الثروة في العالم، مثال ذلك ما كتبه الهولندي فارينوس ب. الذي وفر معلومات تجارية عملية لتجار امستردام، او الانجليزي تشزلم ج. 1889 الذي الف “كتاب الجغرافيا التجارية” الذي تناول فيه العوامل والمحاصيل والاقاليم. • وظهرت الجغرافيا الاقتصادية على يد الالماني جوتز سنة 1882 ، الذي اقترح منهجا تحليليا لدراسة موارد الثروة الاقتصادية آخذا بعين الاعتبار مبدا السببية، اي البحث عن الاسباب الطبيعية والبشرية والاقتصادية التي تفسر هذه البيانات الاحصائية. • وظهر اول بحث يستخدم اصطلاح “جغرافيا اقتصادية” في الولايات المتحدة الامريكية عام 1888. وكتبت إلين سمبل (جغرافية أمريكية من أنصار الحتمية البيئية) كتابا بهذا العنوان سنة 1900. • وكانت الحرب العالمية الاولى دافعا قويا لتطور هذا التخصص الوليد (الجغرافيا الاقتصادية) الذي أصبح عليه أن يقدم البيانات والمعلومات والخرائط والأشكال عن مصادر المواد الغذائية والخامات في العالم ولفهم المشاكل الاقتصادية بالمناطق المختلفة. وصار هدفه علميا أكاديميا وقويت أركانه في بداية العشرينيات من القرن العشرين. وظهرت أول مجلة علمية له بالولايات المتحدة سنة 1925 تحمل نفس الاسم “الجغرافيا الاقتصادية”. وحدد الاقتصادي روبنسون أ. اهتمامات هذا العلم فقال: “إنه يحاول أن يتحقق من تقسيم العمل جغرافيا ثم يفسره ويشرحه. وهو علم متكامل يرتبط بالاقتصاد التقليدي من خلال مبدإ تقسيم العمل والتكلفة المقارنة […] وهو يعالج المبادئ والاسس أكثر من التفاصيل، ومنهجه تحليلي يأخذ بالأسباب أكثر من كونه علما وصفيا”. • وقد تأثرت التعريفات الاولى للجغرافيا الاقتصادية (في بداية تطورها) بنظرية الحتم البيئي التي سادت العلوم الانسانية في آخر القرن 19. وسيطرت هذه النظرية على الجغرافيا الاقتصادية حتى الثلاثينيات من القرن العشرين. وترد هذه النظرية كل شيئ يقوم به الانسان إلى البيئة الطبيعية فقط. فهي تفسر الظاهرة البشرية بظاهرة طبيعية (فكرة أو نظرية الحتم الجغرافي). وظهر ذلك في تعريف درير س. للجغرافيا الاقتصادية بأنها “دراسة البيئات المختلفة كعامل يؤثر على الطرق المتنوعة التي يسلكها الانسان في بحثه عن الرزق”. أما كولبي س. فقال “ان الجغرافيا الاقتصادية هي دراسة علاقة الانشطة الاقتصادية بالبيئة الطبيعية”. وقال كل من جونز وويتسلي في كتابهما “ان أهم إضافة للجغرافيا الاقتصادية هي فهم العلاقة بين البيئة الطبيعية والحياة الاقتصادية في جهات الارض المختلفة”. • فأنصار نظرية الحتمية الجغرافية اعتقدوا أن البيئة الطبيعية هي التي تحدد النشاط الاقتصادي الذي يمارسه الانسان. وانعكس هذا على الجغرافيا الاقتصادية التي ركزت على الانتاج وتبادل السلع وطرق التجارة في العالم وعلى خصائص المناطق الاقتصادية، خاصة الاقاليم الزراعية. وكان جل اهتمام الجغرافيا الاقتصادية آنذاك منصبا على الانتاج الاولي ذي الصلة الوثيقة بالبيئة الطبيعية. • ب-عصر الصناعة الحديثة والنمو الحضري المعاصر واتساع مجال العلوم • لقد أحدث التقدم الصناعي واطراد نسبة الحضرية تغيرا جوهريا، فتحول العالم من زراعي تجاري بسيط إلى عالم جديد أكثر تعقيدا من ذي قبل. وانعكس كل ذلك في نشأة مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية جديدة. واطردت التجارة بين أجزاء العالم المتقدم أكثر من اطرادها بين الدول المتقدمة والمتخلفة، وظهرت المناطق الحضرية المتروبوليتانية. وأثرت محاولات سبر أغوار المشكلات الجديدة للمجتمعات تأثيرا كبيرا وعميقا على الاقتصاد والجغرافيا الاقتصادية، فاتسع نطاق كل من العلمين كما أضاف كل منهما فروعا وتخصصات جديدة لمواكبة التغيرات التي طرأت على بقاء نقطة التركيز لكل منهما كما هي بدون تغيير(السوق والاستهلاك للاقتصاد بينما الانتاج والتباين المكاني –المجالي- للجغرافيا الاقتصادية). وأدى اتساع مجال العلمين إلى التداخل بينهما وقل وضوح خط الحدود المشترك بينهما. • سياق اتساع علم الاقتصاد: • يعزى اتساع علم الاقتصاد إلى الازمات والمشاكل الاقتصادية الكبيرة التي حلت بالعالم، الامر الذي انعكس في زيادة التعقد الاقتصادي مع ما يترتب على ذلك من الحاجة لتخطيط العمل والعمال والحكومة. وتشتمل الازمات الاقتصادية في القرن العشرين على الازمات الزراعية، والازمة المالية العالمية 1929/1931، والحربين العالميتين الاولى والثانية، وموجات التضخم الحادة. • فالازمة الزراعية حثت على اتساع الدراسات النظرية والتطبيقية في الاقتصاد الزراعي، وركزت بعض هذه الابحاث على السوق. بينما ركزت بعض الدراسات الاخرى في هذا الخصوص على جانب الانتاج الزراعي، ومن ثم زاد ارتباطها ليس بالاقتصاد فقط وإنما أيضا بجغرافية الزراعة. • أما الانخفاض المالي العالمي –الازمة المالية- فقد حث على اقتصاد كينز واحصاءاته وتحليل الدخل القومي. وشهد العالم الغربي ازمات بطالة نتيجة لسوء عمل جانبين من جوانب السوق ألا وهما الادخار والاستثمار. وكانت اقتصاديات كينز وتحليل الدخل القومي بمثابة أدوات لفهم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي ظهرت بعد التصنيع والتحضر والعمل على حلها. ولم ترتبط هذه القفزة الكبيرة للأمام لعلم الاقتصاد بالجغرافية الاقتصادية. فلم تهتم الجغرافيا الاقتصادية بمسالة الدخل القومي وتباينه المكاني –المجالي- وإنما انشغلت بدراسة اقتصاديات المناطق الصغيرة، أي دراسة اقتصاديات المكان. • وشغلت الحربان العالميتان كثيرا من علماء الاقتصاد بفكرة تعبئة الموارد والتخطيط الاقتصادي الاقليمي. وانعكس نشاط علماء الاقتصاد ومشاريع المساعدات التقنية في زيادة اهتمامهم بالاقتصاديات الاقليمية وبذلك اقتربوا من الجغرافيا الاقتصادية. وأدت الحرب الباردة واتساع فجوة التباين في مستويات التنمية الاقتصادية الاقليمية ومعدلاتها إلى تشجيع علماء الاقتصاد على الدخول في هذه الناحية للبحث عن تفسيرات لتباين الاقتصاديات الاقليمية من اجل الترشيد، فازداد اقترابهم من الجغرافيا الاقتصادية. وكان لكل هذه التغيرات في مجال الاقتصاد أثر مباشر على الجغرافيا الاقتصادية. • فالتركيز على التخطيط خاصة الاقليمي شجع علماء الاقتصاد على الاهتمام جزئيا باقتصاديات المكان (اي الجغرافيا الاقتصادية) مثال ذلك دراسات إيزارد. ومن ثم كان إدخال الاقتصاد لبعد التباين المكاني في دراسته عاملا أساسيا في التقريب بينه وبين الجغرافيا الاقتصادية. وربما يكون التخطيط من اسباب زيادة اهتمام علماء الاقتصاد بالإنتاج والإنتاجية (معلوم ان الإنتاج والإنتاجية هما مجال دراسة الجغرافيا الاقتصادية). وشجع هذا التغير في مجال الاقتصاد زيادة الادراك للمبدإ الذي مفاده أن الانتاج والانتاجية هما مفتاح الوفرة في القرن العشرين، بينما كانت التجارة هي مفتاح ذلك – مفتاح الوفرة – في القرن التاسع عشر. واتجه الاقتصاد في الوقت الحاضر الى دراسة الانتاج والانتاجية، ومن ثم اقترب من الجغرافيا الاقتصادية. • وأنشأ الاقتصاد في بدايته نماذج مجردة تتجاهل بعد التباين المجالي لكنه أخذ هذا الاعتبار بعد ذلك في حسبانه، ومن ثم أنشا نماذج حديثة تتضمن التباين المكاني. وكانت نماذجه الأولى استاتيكية فأنشا حاليا أخرى دينامية. وركز الاقتصاد في البداية على الاسواق والاستهلاك إلا انه يتناول حاليا موضوع الإنتاج والإنتاجية. ويوازن بين محتواه وبين ما يسفر عنه التقدم التقني (تراجع أهمية النقل)، كما يوازن بين أساليبه اللفظية والرياضية مع الميل للملاحظة التجريبية (المجال). • فالتحولات العميقة والكبيرة التي عرفها الواقع العالمي الجديد، في الإنتاج والمبادلات والتحضر وغير ذلك، ومواكبة الدراسات الاقتصادية لتلك التحولات، كل ذلك استفادت منه الجغرافيا الاقتصادية لتجديد مواضيعها ومناهجها وأدواتها. • اتساع الجغرافيا الاقتصادية: • – التقدم التقني حد من فكرة الحتم البيئي وقوى نظرية الامكان او الاحتمالية. فظروف البيئة الطبيعية تؤثر في نشاط الانسان ولا تحدده. • – اما الازمة المالية 1929/1932 فجعلت الجغرافيا الاقتصادية تقف هي الاخرى على ضرورة زيادة التدخل الحكومي النشيط في الاقتصاد. • – التغير الصناعي الحضري الذي حل بالعالم أدى الى اتساع اهتمامات الجغرافيا الاقتصادية، التي لم تبق مقتصرة على دراسة الانتاج الاولي –الزراعي- بل اصبحت تهتم ايضا بإنتاج الصناعات التحويلية والنقل والتجارة والخدمات وغيرها مثل تسويق السلع وخصائص النظم الاقتصادية وتباينها المكاني. كما بدأ بعض الجغرافيين في الاهتمام بجغرافية رأس المال والاستثمار على غرار دراسة الاقتصاد للبنوك وتكوين راس المال وتدفق النقود. ومع هذه التغيرات ازداد ارتباط الجغرافيا الاقتصادية بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية (البشرية) مع عدم إهمالها أيضا للعوامل الطبيعية المؤثرة في إنتاج السلع وتبادلها واستهلاكها. • ومع اتساع الجغرافيا الاقتصادية زاد اقترابها من علم الاقتصاد. وكانت نشأة كلا التخصصين ترجع لعصر الثورة التجارية. فعلم الاقتصاد يركز في دراسته على الاسواق بينما تركز الجغرافيا الاقتصادية على دراسة الانتاج والتباين المكاني. فهناك إذن بالضرورة علاقة تكاملية بين العلمين. وأدت حركة التصنيع والتحضر والأزمات الاقتصادية التي حلت بالعالم والحروب الى اتساع مجال العلمين وزيادة اقترابهما من بعضهما خاصة في الوقت الحاضر. • وكانت الجغرافيا الاقتصادية تركز على موضوع الانتاج الا انها بدات تهتم ايضا بموضوع الاستهلاك والتسويق والنقل وكثير من الظاهرات الاقتصادية الاخرى. كما اخذت الجغرافيا الاقتصادية بالبعد الاقتصادي والاجتماعي في تفسيراتها في مقابل تركيزها التاريخي – سابقا- على البعد الطبيعي والتقني. ولم يعد الجغرافي الاقتصادي يقنع بالتعميمات التي يستنتجها من الخرائط فقط بل يتقدم خطوات حاليا في سبيل إيجاد تعميمات لفظية ورياضية قوية بخصوص دراساته، لم تكن متوفرة من قبل. • ويمكننا القول أنه خلال العقود الأخيرة، طرأت على الجغرافيا الاقتصادية تغيرات جوهرية مست المستويات الثلاثة الآتية: • -محتواها، • -ومنهجها في البحث والدراسة، فقد دخل القياس الرياضي والتنظير الى ميدان الجغرافيا الاقتصادية، • – تغيرات مست التوزيع الجغرافي لموارد الثروة الاقتصادية وتنظيمها ونقلها وتبادلها والإطار التقني المتبع في كل ذلك. فموارد الثروة الاقتصادية ظاهرات حية تتسع وتنكمش وتتغير باستمرار (فحم حجري، بترول، طاقة متجددة، دوم، صوف، بلاستيك، مواد تركيبية، وغيرها). وعموما فالجغرافيا الاقتصادية تتغير وتتطور باستمرار (محتوى، مناهج بحث ودراسة) لأن موارد الثروة الاقتصادية ظاهرات حية تتسع وتنكمش وتتغير باستمرار. إذ تظهر ثروات اقتصادية جديدة وتنفذ موارد ثروة اقتصادية او يتحول الانسان عنها الى غيرها، وتظهر مناطق جديدة منتجة لثروة ما، بعد ان كانت لا تنتجها من قبل (بحر الشمال وانتاج البترول والغاز الطبيعي منذ 1973 – جبال الالب “والذهب الابيض”، …الخ). • • سياق ميلاد الجغرافيا الاقتصادية “الجديدة” • يمكن اعتبار الجغرافيا الاقتصادية، المتداولة حاليا، بمثابة ثمرة تلاقح حصل بين مفهوم المجال جغرافيا، والمناولة الاقتصادية لهذا المجال، • وقد شكلت بعض المفاهيم (مثل التشتت، التوطن، المسافة، …) أساس وأصالة الجغرافيا الاقتصادية. بعبارة أخرى، يمكننا القول أن سياق ميلاد الجغرافيا الاقتصادية “الجديدة” حكمته الظروف الداخلية للجغرافيا ومناهج مساءلتها وتغير نموذجها من جهة، كما حكمته أيضا مؤثرات خارجية تعود أساسا للعلوم الاقتصادية ولتغيرات الظروف الاقتصادية والاجتماعية. ففي تاريخ العلوم الاقتصادية – علم الاقتصاد الكلاسيكي – لم يحض المجال (المكان) باهتمام الدارسين. والمثير حقا أن المشكلة الاقتصادية كانت تدرس خارج أبعاد ومؤثرات المجال، رغم أن هذا الأخير ليس حياديا، بل له أثره الواضح في النشاط الاقتصادي، ومع ذلك أهمل. أما عامل الزمن فقد كان حاضرا منذ مدة طويلة في التحاليل الاقتصادية. والواقع أن المسافة – وهي مفهوم مجالي – تستهلك الزمن كما أنها تشكل عائقا يرفع تكاليف الإنتاج. وقد تكون المسافة، أحيانا، عنصرا إيجابيا حينما تبعدنا عن المنافسة وعن بيئة ما غير مواتية.
والى غاية الحرب العالمية الثانية بقي المجال والمشاكل المرتبطة بتدبير المجال متغيرات يجهلها الباحثون في العلوم الاقتصادية. اما الجغرافيون فعلى الرغم من انهم وضعوا الاصبع على القضايا المتعلقة بدور المجال في تنظيم الحياة الاقتصادية الا انهم لم يتعمقوا في ذلك.
إن التفكير في المجال داخل الفكر الاقتصادي كان محدودا وعرضيا وهامشيا خلال الفترة الممتدة ما بين القرن 16 والقرن 19. وقد أنتج اقتصاديون أمثال ستيوالرت وسميث وفون تونن وريكاردو وماركس ومارشال ولونهارد، أفكارا غنية كان حريا أن تؤسس لجغرافيا اقتصادية متينة، لكن ذلك لم يحصل إلا خلال النصف الثاني من القرن العشرين. فخلال بداية القرن التاسع عشر اهتمت مؤلفات الاقتصاد السياسي بالقضايا الماكرواقتصادية. فدافيد ريكاردو المعاصر لفون تونن،لم يعر اهتماما للأبعاد المجالية في أعماله وأفكاره، فالبلدان في تصوره عبارة عن تشكيلة لموارد ، وهي بلدان لا يهتم فيها بالتقسيمات الداخلية ولا بمميزات تلك التقسيمات، أي أنها بلدان بدون أبعاد مجالية. أما نظريته عن الريع فقد بناها أساسا على تنوع خصوبة الترب، بحيث لم يعط أي دور لتكلفة النقل في تنوع المجالات. وكارل ماركس بدوره لم يكن مباليا بالقضايا المجالية. وألفريد مارشال بين أهمية المناطق الصناعية. أما المهندس الاقتصادي الألماني ويلهيلم لونهارد فقد نشر مقالا سنة 1882 مهد الطريق لنظرية التوطين. فهدف علم الاقتصاد في هذه الفترة كان هو بناء نظرية متماسكة للأسواق وللتوازن الاقتصادي. ونستثني من بين أولئك فون تونن الذي كان أول من تطرق إلى البعد المجالي وأول من تحدث عن نظرية اقتصادية مجالية. ففي مؤلفه “الدولة المنعزلة” الذي صدر سنة 1826، تحدث عن نظرية استعمال الحيز الفلاحي، ووضح بشكل دقيق كيف أن العلاقات والروابط بين الريع العقاري وتكلفة النقل وأثمنة المنتجات الفلاحية تشكل دوائر متراكزة للاستعمالات المختلفة للمساحة الزراعية حول تجمعات سكانية كبرى.
مع نهاية القرن 19 وبداية القرن 20، كان الوضع بالنسبة للجغرافيا الاقتصادية، كما يلي : -من جهة، بدأ بعض علماء الاقتصاد – قبل الجغرافيين – في إدماج دور المجال في تفكيرهم : دور المجال عبر مختلف مظاهر الحياة الاقتصادية مثل التجارة والاتصال والمواصلات وتوطن الصناعات. -من جهة أخرى، قام الجغرافيون بوصف (وليس تفسير) توزيع الانشطة الاقتصادية على وجه الارض. ودون تنسيق علمي بين الجانبين، بدأت تظهر بعض النظريات المؤسسة وبعض الدراسات التجريبية التي ستؤسس فيما بعد للجغرافيا الاقتصادية. في اوروبا الغربية وخلال نفس هذه الفترة كان حضور الجغرافيا الاقتصادية لا يزال ضعيفا. وبدأت تظهر كتابات لأمثال الجغرافي الالماني كوتز 1882 وكذلك فريديريك 1904. وظهرت مفاهيم المشهد الاقتصادي والمجال الاقتصادي على يد كريندر 1926 ووايبل 1933. وفي فرنسا ظهرت مساهمات هوسر (1905-1915) وكتاب فيدال دو لابلاش “مبادئ الجغرافيا البشرية” 1921 حيث اهتم فيه بالنقل وتوزيع العمل وهيكلة مجال التجمعات السكانية والتوزيع الجغرافي للنوى الحضرية. وخلال ثلاثينيات القرن العشرين أبدى بعض الجغرافيين بفرنسا اهتماما بالجغرافيا الصناعية في إطار دراسات إقليمية (بلانشارد 1934 – كابو راي 1934 – بيران 1937). ورغم كل ذلك فان جغرافيي هذا العصر لم ينحو منحى جغرافيا اقتصادية تحليلية أو نظرية. والفضل يعود لجماعة من علماء اقتصاد ألمان، عملوا، خلال الثلث الأول من القرن العشرين، على امتداد وتوسع الحدود التصورية للجغرافيا الاقتصادية. من جملة هؤلاء نجد أساسا فيبر 1909 الذي بنى نظرية عن التوطن الصناعي (المثلث الشهير للتوطن الصناعي : السوق-الحديد-الصلب). هناك ايضا الجغرافي الالماني والتر كريسطالير 1933، والاقتصادي الالماني اوغست لوش 1940، اللذان وضعا نظرية – نظرية المواقع المركزية – للتوزيع الجغرافي للمراكز الحضرية (الاسواق) التي تستقطب الساكنة او الزبناء الذين يتصرفون وفق المنفعة والثمن. واتفقا على ان البحث عن الثمن الزهيد والمنفعة المرتفعة من قبل المستهلكين، تؤدي إلى ظهور توزيع جغرافي منتظم للمدن او “للمواقع المركزية”، يكون الشكل السداسي لتوزيعها سائدا. أما بالندر تورد 1935 فقد نشر كتابا يولي اهتماما اقصى لتكلفة النقل. فقد بين اهمية حجم الاسواق وتعقد عوامل التوطن داخل مجتمع مبني على توزيع العمل. كما ابرز العلاقة بين مسالة التوطن الصناعي وتحديد الاثمنة والمنافسة فيما بين الشركات.
مع بداية القرن العشرين بدأت بعض شعب الاقتصاد في جامعات امريكية تعطي دروسا في الجغرافيا الاقتصادية. وبدأت تظهر، لدى الأنجلوسكسون خاصة، أولى الكتب في الجغرافيا الاقتصادية (1913) كما ظهرت مجلة الاقتصاد الجغرافي سنة 1925 في جامعة كلارك الامريكية.
خلال نفس هذه الفترة، (الثلث الاول من القرن العشرين)، ساهم اقتصاديون امريكيون في بناء الاسس النظرية للجغرافيا الاقتصادية : رايلي 1931 – زيف 1949 – الاقتصادي هوتيلينغ 1929.
والتابث أنه في مرحلة التشكيل ساهم علماء الاقتصاد أكثر مما ساهم الجغرافيون في توسيع الحدود التصورية للجغرافيا الاقتصادية. فأعمال عدد قليل من الاقتصاديين أمثال فيبر وهوفر ولوش ورايلي وزيف والجغرافي كريسطالير شكلت الاساس والاصل لجغرافيا اقتصادية نظرية حقة. ووضعت هذه المساهمات قواعد لما سيتحول بعد الحرب العالمية الثانية الى علم الاقاليم والتحليل المجالي. هذه المساهمات اعتمد عليها جغرافيون بعد الحرب لتحدي أرثوذكسية الجغرافيا الكلاسيكية.
وعموما فان جغرافيي فترة ما بين الحربين اهتموا قليلا بتحليل تنظيم مجال الاقتصاد على عكس اهتمامهم بوصف بعض الوضعيات التجريبية. الانبثاق الحقيقي لتخصص حديث العهد: بدات الجغرافيا الاقتصادية تتطور خلال سنوات 1950- 1960 حينما انفصلت تدريجيا عن الجغرافيا البشرية، ونحتت مفاهيمها ونظرياتها الخاصة. وهي عبارة عن تخصص “ملتقى” يستعير مادته وادواته من عدة تخصصات مثل علوم الطبيعة والاقتصاد وعلم النفس الاجتماعي. وهذا لا ينفي كونها تتوفر على شخصيتها المتميزة وأدواتها الخاصة. ورغم كونها تستعمل مقولات الاقتصاد فهي تتميز عنه كليا. والجغرافيا الاقتصادية تختلف عن الاقتصاد الكلاسيكي حيث يغيب المجال وتختلف عن الجغرافيا البشرية حيث البعد الاقتصادي محدود. كما تتميز عن الاقتصاد المجالي الذي يتخذ المجال كموضوع للدراسة. علم الاقتصاد المجالي: ويعتبر علم الاقتصاد المجالي بمثابة الأصل في نشاة الجغرافيا الاقتصادية، إذ استعارت منه معظم نماذجها التي تعود لفون تونن ولوش وهوفر ووينغو ولاحقا والتر إزارد وألونصو وبالندير. ويمكن القول أن الأبحاث العلمية التي جرت بين سنوات 1820 و 1950 ساهمت بشكل غير مباشر في تكوين الأساس والقاعدة للنظريات المعاصرة للاقتصاد المجالي. • وكان الانجلوسكسون هم من شكل هذا التخصص لا سيما والتر ازارد وادغار هوفر. • والتر ازارد يعتبر اب الاقتصاد المجالي ومؤسس علم الاقاليم خلال سنوات 1950. • علم الأقاليم، أو علم الاقتصاد المجالي، يهتم بمشاكل وموضوعات اجتماعية واقتصادية ذات أبعاد جهوية ومجالية، وذلك بإعمال مختلف التصورات والمناهج ونماذج التحليل النظرية والتجريبية.
وهناك عدة تعاريف لعلم الاقاليم أو أو علم الاقتصاد المجالي، وذلك لانفتاح هذا التخصص على الاقتصاد والبيئة والايكولوجيا والانسان. وقد اعطاه والتر ازارد في كتابه “مقدمة في علم الاقاليم” سنة 1975 ثلاثة عشرة تعريفا، منها : « en bref, la science régionale, en tant que discipline, traite de l’étude attentive et patiente des problèmes sociaux dans leurs dimensions régionales ou spatiales, en employant diverses combinaisons de recherche analytique et empirique ». ومشروعية “علم الاقاليم” كعلم جديد تتجسد في كون الجهة اصبحت مقرا لعرض وحل المشاكل والقضايا الجهوية. • وكان لظهور “جمعية علم الأقاليم” التي أسسها الاقتصادي الأمريكي والتر إزارد، فضل كبير على الجغرافيا الاقتصادية. هذه المؤسسة انضم إليها اقتصاديون ومتخصصو جغرافيا اقتصادية وعلماء اجتماع وعلماء سياسة وأنتربولوجيون ومتخصصو عمران وغيرهم. • ويصعب التمييز بين المناهج الخاصة بعلم الأقاليم وبعض مقاربات الجغرافيا الحضرية والاقتصادية وكذالك الاقتصاد الحضري والجهوي والمجالي، إذ تتداخل ضمن بوثقة واحدة. وتشترك هذه التخصصات في معالجة موضوعات (مثل: التنمية الاقتصادية الجهوية – توطن النشاط الاقتصادي – التنظيم الاقتصادي للمجال – الأنظمة الحضرية – التفاعلية المجالية)، على مستوى الوصف والقياس والتفسير. • • علم الاقتصاد المجالي كتخصص جديد، ساهم في إغناء الجغرافيا الاقتصادية، إذ مدها بمعظم النماذج التي تعتمدها في الدراسة. في هذا السياق تبنت الجغرافيا الاقتصادية نماذج الرواد الأوائل مثل فون تونن وألفريد فيبر وكريسطالر ولوش، وذلك قبل ظهور والتر إزارد ومدرسته خلال سنوات 1950. • • تقاسمت الجغرافيا الاقتصادية مع التخصصات القريبة منها، جملة من المواضيع مثل: الجهة والجهوية والجهة المتجانسة والجهة الواقعة تحت نفوذ قطب ما. • وتعتبر نماذج توطن الأنشطة الإقتصادية التي تعتمدها الجغرافيا الاقتصادية، دليلا واضحا على أثر هذه العلوم في الجغرافيا الاقتصادية. واذا كان بول كلافال قد ساهم بأعماله في انفتاح الجغرافيين (الفرنكفونيين خاصة) على التحليل الاقتصادي، فإن “جمعية علم الأقاليم باللغة الفرنسية” التي اسست سنة 1961 من طرف الاقتصاديين فرانسوا بيرو وجاك بودفيل ومعهما والتر إزارد، قد ضيقت مساحة التباعد بين المقاربات الجغرافية والاقتصادية، وإن لم ترق إلى مستوى هذا الانفتاح في البلدان الأنجلوسكسونية. على صعيد فرنسا كان الجغرافي بول كلافال وحيدا في علاقته بالجغرافيا الأنجلوسكسونية من جهة وبالاقتصاد الجهوي العصري وبعلم الأقاليم من جهة اخرى. وقد انفتح على ابعاد جديدة في التحليل المجالي واقترح تجديد الجغرافيا الاقتصادية عبر الاقتصاد المجالي. من جهة اخرى وبشكل عام فان “الجغرافيا الجديدة” أو “الجغرافيا الكمية” سهلت على متخصصي الجغرافيا الاقتصادية بناء جسور منهجية وموضوعاتية نحو أعمال الاقتصاد المجالي وفتحت الباب نحو جغرافيا تطبيقية تتجه خصيصا نحو قضايا التهيئة الجهوية. في هذه الفترة ظهر الأستاذ وليام غاريسون وطلبته بجامعة واشنطن وبدأوا يشتغلون على أفكار المدرسة الألمانية في تحليل التوطن وقالوا بإمكانية إخضاع بعض التساؤلات الجغرافية للتحليل الرياضي والاحصائي (الجغرافيا الجديدة أو الكمية). أخذوا يطبقون الأدوات الكمية على مختلف نظريات التوطين وتحليل المواقع المركزية. فتصدوا لبعض القضايا الرئيسية في الجغرافيا الاقتصادية مثل التوطين والتدفقات المجالية والسلوكات الاستهلاكية والبنيات الشبكية. أما الثورة النظرية والكمية التي عاشتها الجغرافيا الجديدة (على صعيد المقاربات والأدوات) خلال النصف الثاني من القرن العشرين، فقد جعلتها قريبة ومقبولة أكثر من قبل الاقتصاديين.
وخلال سنوات 1970 بدأت تظهر اولى الكتب الفرنسية في الجغرافيا الاقتصادية العامة، كما بدأت تظهر كتب في الجغرافيا الاقتصادية القطاعية.
الموضوع والتساؤلات : البعد المجالي للاقتصاد : ( تعريف الجغرافيا الاقتصادية ) الجغرافيا الاقتصادية تدرس توزيع الأنشطة الاقتصادية وديناميتها المجالية. فهي تحلل الهندسة السوسيومجالية الناتجة عن الأنشطة (الإنتاج) والاستهلاك والتوزيع. الجغرافيا الاقتصادية تدرس البعد المجالي للأنشطة الاقتصادية والاقتصاد بشكل عام أي الندرة. فإلى أي حد يعتبر المجال مادة اقتصادية؟ وكيف أن الأنشطة الاقتصادية تتوطن وتتوزع وتشكل المجال؟ الجغرافيا الاقتصادية تحلل الشكل والترجمة والأبعاد المجالية للاقتصاد وللنظام والإنتاج الاقتصادي. الجغرافيا الاقتصادية العامة تعالج الاساس الاقتصادي المجالي للنشاط البشري في ابعاده الانتاجية والاستهلاكية والتوزيعية والتقاطع والتوطين. اما الجغرافيا الاقتصادية القطاعية فهي تدرس نشاطا محددا مثل الصناعة والنقل والسياحة والإدارة والتجارة والزراعة… • الجغرافيا الاقتصادية فرع رئيسي من الجغرافيا البشرية تهتم بدراسة توطين الانشطة الاقتصادية وتوزيعها المجالي. (الى أي مدى يتخذ المجال بعدا اقتصاديا وكيف يتحول هذا المجال مع توزيع وتوطين الانشطة الاقتصادية, كيف يتدخل المجال (موارد، اكراهات) في انتاج واستهلاك وتبادل الموارد الاقتصادية) • . تتناول الدينامية المجالية للانشطة الاقتصادية • وتحلل الهندسة السوسيومجالية الناتجة عن انشطة الانتاج والاستهلاك والتوزيع. وهي تدمج المبدا الاقتصادي -الندرة- ضمن المقاربة المجالية. انتقلت الجغرافيا الاقتصادية من مرحلة الوصف (دراسة مختلف الموارد الطبيعية الاقتصادية وتوزيعها، الانتاج والتوزيع وعوامل توطين الانشطة الاقتصادية) الى مرحلة تحليل دور الفاعلين الاقتصاديين. فهي كانت تتطور بتطور التخصص الام –الجغرافيا- وأيضا بتطور الاقتصاد. • الجغرافيا الاقتصادية تدرس التوطينات الاقتصادية في اشكالها وتوزيعاتها المجالية والعوامل المؤثرة فيها وفي تطورها مجاليا وزمانيا. • يستمد هذا الفرع تسميته كفرع من فروع الجغرافيا من كل من علم الجغرافيا والصفة من الاقتصاد • وهناك العديد من التعاريف للجغرافية الاقتصادية : • – هي العلم الذي يدرس إنتاج السلع وتوزيعها . • – هي العلم الذي يدرس العلاقة بين العوامل الطبيعية والظروف الاقتصادية ودراسة إنتاج الحرف والنشاط الاقتصادي . – إن الجغرافية الاقتصادية تشمل كل أنواع الأنشطة التي يقوم بها الإنسان في العالم وينتج عن ذلك إنتاج وتبادل واستهلاك سلع ذات قيمة وفائدة , وإن أي شيء يدفع الإنسان ثمناً له أو يسعى للحصول عليه , أو يعمل لكي ينتجه , يعد سلعة اقتصادية: الجغرافية الاقتصادية : تعني الدراسة لأنواع نشاط الإنسان على سطح الأرض لإنتاج وتوزيع موارد الثروة الاقتصادية واستهلاكها. • والجغرافية الاقتصادية تعد فرعاً من فروع الجغرافيا إلى جانب الجغرافيا الطبيعية والجغرافيا البشرية. وهي أكثر تلك الفروع وضوحاً وتحديداً وأوسعها ميداناً وأغناها مادة وأكثرها مراجع، لأنها تتناول بالبحث والدراسة موارد الثروة الاقتصادية في أقاليم العالم المختلفة من حيث الإنتاج والتسويق والاستهلاك، كما تدرس المشكلات المتعلقة بتوزيع مظاهر النشاط الاقتصادي على سطح الأرض وعلاقاتها ببيئاتها وهي تعنى بدراسة الحرف، كما أنها تتناول موارد الثروة الاقتصادية والطبيعية والأنشطة البشرية كما تهدف إلى حصر موارد الثروة الاقتصادية في بيئات العالم، وتوضيح طرق الاستفادة منها واستثمارها استثمارا عقلانيا. • تضم الجغرافيا الاقتصادية العديد من الفروع العلمية، فمنها الجغرافيا الاقتصادية النظرية، التي تركز على بناء نظريات خاصة بالتوزيعات المكانية للأنشطة الاقتصادية، ومنها الجغرافيا الاقتصادية الإقليمية، التي تدرس الظروف الاقتصادية لمناطق أو دول معينة في العالم، ومنها الجغرافيا الاقتصادية السلوكية التي تستعرض العمليات المعرفية المتضمنة في عمليات اتخاذ القرارات الاقتصادية الخاصة بالأماكن المعينة، كما تدرس سلوك الشركات والأفراد. • في الوقت الحاضر زادت أهمية المنظور الاقتصادي الجغرافي نظرا لزيادة تدفقات وتعاملات الاقتصاد العالمي. الاسئلة الكبرى الاساسية الثاوية في صلب الجغرافيا الاقتصادية وتحليل الظاهرة الاقتصادية: يمكن حصر تلك الأسئلة في أربعة هي : -أين تتوطن مختلف الانشطة؟ -لماذا هي تتوطن بهذا الشكل؟ -ما هو افضل توطين لنشاط ما (بعد التهيئة المجالية للتخصص)؟ -ما هو احسن نشاط يصلح لأن يوطن في مجال ما (البعد التنموي والتخطيطي للمسالة)؟
• تحليل الظاهرة الاقتصادية عملية عقلية في جوهرها. ويهدف التحليل إلى عزل الصفات والخصائص المكانية والاقتصادية للظاهرة الاقتصادية قيد البحث. ولا بد وأن يتم وصف الظاهرة الاقتصادية وصفا دقيقا قبل تحليلها. ويحدد الجغرافي الاقتصادي طريقة التحليل بأربعة أسئلة هي: أين، لماذا (الشكل والعامل والعملية )، وماذا وكيف ؟ • – أين يتوطن النشاط الاقتصادي ؟ • يعتبر الموقع أو الموطن الجغرافي أحد الحقائق الجغرافية الأساسية. والسؤال الأول الهام في الجغرافيا الاقتصادية وهو أين التوزيع الجغرافي. • – ما هي خصائص النشاط الاقتصادي؟ • فبعد أن ينتهي الدارس من تحديد موطن السلعة وموقعها الجغرافي ينتقل إلى البحث عن خصائصها الاقتصادية. فما هي خصائصها ومقدار الإنتاج وتجارته وانتاجية الوحدة المساحية. • – لماذا يقوم هذا النشاط الاقتصادي هناك ؟ • يتعلق هذا السؤال بالأسباب ( العوامل ) الجغرافية الطبيعية والتاريخية والاقتصادية والبشرية في التوزيع الجغرافي للظاهرة الاقتصادية أي التعليل -بعض محددات الدراسة الجغرافية الاقتصادية : • دراسة إحدى السلع أو أحد الموارد، تنطلق من المحددات الآتية: • – أين يمكن إنتاج السلعة وتسويقها واستهلاكها ؟ • – وأين تنتج هذه السلعة وتسوق وتستهلك ؟ • – ولماذا أمكن إنتاج هذه السلعة وتسويقها واستهلاكها ؟ • – وكيف تنتج السلعة وتنقل وتسوق وتستهلك ؟ • إذا ما طبقنا هذه المحددات على إنتاج البترول مثلا، علينا تحديد توزيع مناطق الإنتاج في العالم، وعلاقة مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك، وطريقة نقل المنتجات البترولية وعلاقتها بالأسعار والمنافسة التجارية الدولية، ودور البترول في النشاط الاقتصادي العالمي أو في علاقات الدول المنتجة بالدول المستهلكة. • مناهج البحث في الجغرافيا الاقتصادية: • المنهج هو طريقة لتنظيم البيانات والمعلومات والأفكار المتعلقة بإحدى الظاهرات. واتفق الجغرافيون الاقتصاديون على أن فرع تخصصهم يبحث التوزيع الجغرافي لفروع الإنتاج المختلفة مع العناية بتفسيرها وتعليلها، ثم يحلل خصائصها الاقتصادية والتباين الجغرافي المرتبط بذلك، وذلك بتناول الظاهرات من جوانبها الموضوعية والإقليمية. • – الانطلاق من واقع التطورات الراهنة التي يعرفها العالم والتي يتفاعل فيها العامل التكنولوجي والتواصلي والاقتصادي لإعطاء وثيرة سريعة للتقلبات والتحولات، مما يصعب معه التكهن بالمستقبل ويقلل من فعاليات الخطط والاستراتيجيات المستقبلية ولو كانت على المدى المتوسط والقصير. فالتحولات الراهنة وما يكتنفها من فوضى (لأن آلياتها مجهولة ) كفيل بإعطاء رؤية جديدة لمختلف المباحث التي تتناولها الجغرافيا الاقتصادية. • تتعدد مناهج دراسة الجغرافيا الاقتصادية أو طرق دراستها، إذ يمكن أن تدرس أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة كالصيد والزراعة والتعدين والصناعة والتجارة والنقل والسياحة والخدمات. أو على أساس تحديد موارد الثروة الاقتصادية والسلع المتعددة كالقمح والقطن والسكر والفحم والحديد والبترول… أو من خلال معرفة المقومات الطبيعية والبشرية المؤثرة في إنتاج الثروات الاقتصادية. • المفاتيح الأساسية لفهم الجغرافيا الاقتصادية • 1-أهمية الموارد الطبيعية: • -الوصول إلى الماء بالنسبة للزراعة والطاقة بالنسبة للصناعة • -الفلاحة تتطلب أراضي زراعية ومراعي • -الصناعة تتطلب مواد خام (معادن – خشب – إلخ) • -السياحة تنمو أساسا حيث توجد مفاتن سياحية طبيعية أو بشرية • 2-السكان: • النشاط الاقتصادي يتطلب يدا عاملة مؤهلة توجد في المدن الكبرى والجامعية وفي المناطق الصناعية وهي رخيصة الثمن في البلدان الفقيرة وفي البلدان حيث يوجد الاستبداد • كما تحتاج الانشطة الاقتصادية لساكنة مستهلكة تكون عديدة في المجالات المتحضرة وذات طاقة شرائية مرتفعة في البلدان المتقدمة، كما أن النشاط الاقتصادي يتسبب في أشكال من التلوث لذا قد تضطر بعض الانشطة الى الابتعاد عن التجمعات السكانية • وفي سياق نمو اقتصاد المعرفة تتوطن الانشطة الاقتصادية الراقية قرب الجامعات ومراكز البحث العلمي (مثال سيليكون فالي) • 3- دور وأهمية وسائل الاتصال والمواصلات المختلفة • في النظام الاقتصادي الذي يسود العالم حاليا، هناك عوامل عدة توجه وتؤثر في القرارات ذات الصبغة الاقتصادية، فتوطين أي نشاط إنتاجي أو تجاري يتوخى المردودية الاقتصادية تراعي اعتبارات متشابكة ومختلفة، • أما إعادة التوطين والانتشار فتفسر بالبحث عن القليل من تكلفة الإنتاج، سيما وأن الانخفاظ في تكاليف النقل البحري وفي مستحقات الجمارك أصبحت تحفز بشكل متزايد عولمة الاقتصاد، لكن الاعتبارات الإستراتيجية لا زال دورها فاعلا ومثال مواطن صناعة الأسلحة شاهد على ذلك، عوامل تجعل الجغرافيا الاقتصادية في تطور مستمر (هذه العوامل تتحول باستمرار في اطار دينامية متواصلة) : -التوطين -خطوط الاتصال -ظهور قوى تجارية جديدة -الاهمية المتزايدة او المتناقصة للصادرات او للواردات وينبغي تجنب منزلقين : – الاكتفاء بوصف توزيع الموارد -تفسير الظواهر السوسيو اقتصادية بالطبيعة او بالعوامل الطبيعية.
نظرية التوطن توطن الأنشطة الاقتصادية
بجانب الدراسات التحليلية والوصفية لتوطن الأنشطة الاقتصادية نجد اتجاها آخر تمثل في استنباط قوانين ونماذج ونظريات تهدف إلى فهم هذه الظاهرة والتحكم فيها والعمل على تنظيم المجال واختيار الموطن الأمثل لهذا النشاط أو ذاك.
نظرية التوطين تدور حول السؤال التالي : لماذا يتوطن نشاط اقتصادي ما في مكان ما ؟ وهذه النظرية تنطلق من اعتبار أن المتدخلين الاقتصاديين يتصرفون وفق ما يحقق مصلحتهم : فالمنشآت الاقتصادية تختار مواقع تزيد في أرباحهم؛ والمستهلكون يختارون التي تزيد في منفعتهم. وقد كانت المسافة في هذه الفترة وإلى حدود السبعينات من القرن العشرين العنصر الأساسي في تنظيم المجال وتوطن مختلف الأنشطة تبعا لمبدإ القرب والمدى المسافي الذي يحدد منطقة تداول السلع وإشعاع الخدمات، ولذلك كان النقل، وبصفة غير مباشرة تكلفة النقل، من أهم العناصرالمحددة. عملية توطن الأنشطة الاقتصادية في المجال هو فعل منظم ومرتبط بعوامل محددة؛ إذ يخضع لضغوطات تملي على صاحب القرار الاقتصادي أن يتلاءم معها، كما يخضع لنوعية الأهداف والطموحات التي يرمى إليها. عموما، وعادة فإن توطـّن الأنشطة الفلاحية سهل التفسير، إذ هو يخضع قبل كل شيء إلى ضغوطات البيئة، فهي التي تحدد نوعية النشاطات وأماكن توطّنها. فمثـلما تستحيل زراعة الأرز في المناطق شبه الجافة، فإنّه تستحيل غراسة النخيل في مناطق العروض العليا. أما توطّن الأنشطة الصناعية والخدمية فيخضع إلى ضغوطات البيئة وإلى اختيارات صاحب القرار الذي يختار من بين عوامل الجذب العوامل التي تلائم مصالحه.
فندرة المياه بالنسبة للصناعة وبالنسبة للخدمات (السياحة بالخصوص) تحد أو قد تمنع تركــّـز هذين النشاطين.
وعدم وجود أراض مخصصة ومهيّأة للمشاريع الصناعية أو الخدمية في المناطق التي يبحث عن التواجد بها، أو ارتفاع أثمان الأراضي المخصصة لها.
ومن عوامـل جذب الـتوطـّن الصناعي والخدمي توفر وتنوّع وسيولة وسائل النقل التي تربط ما بين المؤسّسة والمزوّدين، أو ما بين المؤسّسة والمستهلكين. ووجود يد عاملة مختصة وذات كفاءة مع جودة المحيط الإداري، وجودة الخدمات الاقتصادية في محيط قيام النشاط الاقتصادي، كالبنوك، وشركات التأمين، و مؤسّسات الاستشارة… ووجود تشجيعات وحوافز تمنحها الدولة في المناطق المحرومــة اقــتـصاديا، أو في المناطق الحرّة. ويتمثل التوطن في تحديد المكان المناسب لنشاط اقتصادي ما وكيفية توزيع ذلك النشاط في المجال والمسافة القصوى التي يمكن فيها تعاطي هذا النشاط. وتتلخص دراسة التوطن في الإجابة عن التساؤلات التالية : أين تتوطن الأنشطة الاقتصادية؟ لماذا تتوطن هنا وبهذا الشكل وليس في مواطن أخرى؟
ما هي العناصر المحددة لهذا التوطن؟
ما هي طبيعة العلاقات التي تربط العناصر؟
ما هو المنطق الذي يحكم هذا التوطن؟ نموذج التوطن الزراعي لفون ثونن أهم الشروط والمقدمات المنطقية (الفرضيات) التي تعتمد عليها نظرية فان ثونن :
1-مدينة تقع وسط إمارة، او دويلة منعزلة، لها منطقة زراعية خاصة بها
2-تعتمد هذه المدينة على فائض حاصلات المنطقة التابعة ولا تستورد شيئا من أي منطقة ثانية
3-المنطقة المحيطة بالمدينة والتابعة لها لا تصدر فائض حاصلاتها لأي جهة اخرى غير تلك المدينة
4-تمتاز المنطقة المحيطة التابعة بأنها تشتمل على بيئة طبيعية متناسقة وملائمة للانتاج الزراعي والحيواني في العروض المعتدلة
5-يسكن المنطقة التابعة مزارعون يرغبون في الحصول على أقصى حد ممكن من الارباح وفي امكانهم تعديل وتطوير أنماط الزراعة طبقاً لمتطلبات السوق 6-تستخدم هذه المنطقة وسيلة نقل واحدة وهي العربات التي تجرها الخيول
7-تتناسب تكاليف النقل تناسبا طرديا مع المسافة كما ان إيجار الأرض الزراعية يتناسب عكسياً مع كلفة النقل.
بناءً على الشروط السابقة فان الاستثمار الزراعي للأرض يأخذ شكل دوائر متقطعة ولكنها تشترك في مركز واحد، وتعتمد الزراعة، لأبعد منطقة عن المدينة أثمان البيع للسلعة الزراعية في السوق، وعلى سعر الانتاج، وتكاليف النقل في المنطقة الى المدينة، لذا فان ربح المزارع يعتمد على العلاقة بين هذه المتغيرات الثلاثة ( قيمة السلع المباعة – تكاليف الانتاج – تكاليف النقل). أي ان الربح يساوي قيمة السلع المباعة مطروحاً منه مجموع تكاليف الانتاج والنقل من المزرعة الى السوق. بناءً على ما تقدم، فقد افترض “فان ثونن” وجود مناطق زراعية بشكل دوائر حول سوق المدينة هي : – المنطقة الاولى : الارض القريبة من السوق وتستغل في زراعة المنتجات القابلة للتلف السريع مثل الالبان والخضروات، وكلما كانت حاجة المدينة كبيرة لهذه المحاصيل اتسع نطاق هذه الدائرة. – المنطقة الثانية: وقد خصصت لإنتاج الخشب، اذ يستخدم كوقود ويستخدم في البناء. – المنطقة الثالثة : خصصت لانتاج الحبوب. – المنطقة الرابعة: وقد خصصت لمزارع الثروة الحيوانية والتي يتخذ إنتاجها شكلين هما : حيوانات يمكن تسويقها دون الحاجة لوسيلة النقل، ومنتجات الالبان ليست سريعة التلف نسبيا كالجبن مثلاً. -وخارج نطاق هذه الدوائر، يوجد الامتداد البري قام فون تونن (Von Thünen) بوضع نموذجه انطلاقا من تجربته الخاصة كعالم إقتصاد زراعي وكمزارع في شمال ألمانيا قرب مدينة روستوك Rostock) دامت قرابة الأربعين سنة استخلص منها أهم الاستنتاجات حول توطن مختلف الزراعات والعوامل التي تتحكم فيه. وقد لخص تجربته هذه في كتاب نشره سنة 1826 بعنوان الدولة المنعزلة لقد حاول فون ثونن أن يجيب على بعض التساؤلات المطروحة من بينها : – كيف تتوزع الزراعات في المجال؟ – ما هي العناصر المحددة لهذا التوطن (التوزيع) ؟ – ما هي المسافة القصوى التي تمتد عليها زراعة ما ؟ – أين تكون زراعة ما مربحة أكثر من غيرها وكيف يتم تحديد ذلك؟ أسئلة تطرح على كل من يريد أن يجيب بدقة على مسألة التوطن. الفرضيات الأساسية لنموذج فون ثونن : (خمس فرضيات) يخضع بناء هذا النموذج إلى عدد من الفرضيات الأساسية تبسط الواقع وتكتفي بما هو أساسي وتستغني عن ما هو ثانوي في المقاربة المعتمدة. ويمكن تلخيص هذه الفرضيات في ما يلي: – التجانس المجالي : المجال متجانس في كل الاتجاهات وعلى جميع الأصعدة. فهو عبارة عن سهل منبسط متجانس المواصفات على مستوى التركيبة الجيولوجية والتضاريس والمناخ والنبات والجريان المائي والتربة. لذا، نجد أن الفلاح بإمكانه تعاطي أي نشاط فلاحي في أي مكان، نظرا إلى أن التربة هي نفسها في كامل المنطقة. – السلوك العقلاني : يعتبر الإنسان راشدا يحكم العقل في كل سلوكاته تبعا للمنطق الاقتصادي وحسب قانون المنفعة القصوى والمجهود الأدنى سواء كان منتجا مزارعا أو مستهلكا. وتبعا لذلك فإن الفلاح يسعى إلى التوطن في أنسب موضع يؤمن له أوفر دخل في حين أن المستهلك يحاول الحصول على أحسن السلع بأبخس الأسعار. فالإنسان إقتصادوي في كل تصرفاته. – الثلاثية النقلية : تتلخص في حرية النقل وإمكانيته في كل الاتجاهات من جهة وفي العلاقة التناسبية بين المسافة وتكلفة النقل من جهة ثانية. أما العنصر الأخير من الثلاثية فيكمن في وجود وسيلة واحدة للنقل. – التربة : تجانس التربة في كل المواضع وبالتالي تصبح كل الزراعات ممكنة في كامل أرجاء المنطقة. في هذه الحالة تصبح التربة غر محددة لنوعية النشاط الفلاحي. – أحادية المركز: لا توجد إلا سوق واحدة للتبادل بين الفلاح والمستهلك تتواجد بالمدينة المركز دون اللجوء إلى التوريد أو التصدير مما جعل المؤلف يفترض حالة الدولة المنعزلة وهو عنوان الكتاب، إذ هناك اكتفاء ذاتي في إطار اقتصاد معاشي وهو ما كان متواجدا بالفعل آنذاك في شمال ألمانيا في مطلع القرن التاسع عشر.
Le point noir représente la ville ; 1 (blanc) : la zone de maraîchage et élevage laitier ;
2 (vert) : la forêt pour le bois de chauffage ; 3 (jaune) : céréales, cultures de plein champ ; 4 (rouge) : élevage extensif. La zone sombre en extérieur représente la région où l’agriculture n’est plus rentable (c’est l’étendue sauvage)
نلاحظ أن الزراعات تتوطن في شكل أحزمة متراكزة حول السوق- المركز بصفة متدرجة من الزراعات كالخضر والتي تتطلب يدا عاملة كثيفة واعتناء مستمرا من طرف الفلاح وهي في نفس الوقت سريعة التلف وتتطلب تزويد السوق والمستهلك بشكل دائم ومستمر تكاد تكون بنسق يومي. في الأحزمة الموالية نجد الغابة ثم الحبوب وأخيرا نجد تربية الماشية.
حدد فون ثونن في الفترة التي عاش فيها بشمال ألمانيا أربع أحزمة متتالية هي على التوالي : – الخضر : نظرا لأنها تستهلك طازجة وتتطلب اعتناء متواصلا طوال كامل السنة ويدا عاملة عديدة وتنقلات يومية مما يستوجب توطنها مباشرة على تخوم المدينة نظرا إلى الدخل المرتفع الذي توفره. – الحزام الغابوي : الذي يمثل مصدرا للتدفئة والطبخ والبناء. ففي منطقة باردة جدا كشمال ألمانيا في بداية القرن التاسع عشر يمثل الاحتطاب نشاطا هاما وموردا كذلك للعديد من الأسر. فالطبخ كان يعتمد أساسا على الحطب والأخشاب، فحاجة الإنسان لهذه المادة يومية. – الحبوب : هي زراعة لا تتطلب إلاّ أيام عمل معدودات خلال السنة حيث يمكن توطنها على مسافات أبعد. – تربية الماشية : تربية الماشية لا تحتاج إلى يد عاملة كثيفة أو تنقلات وكل ما كانت تحتاجه هو المكوث على المراعي التي تتوفر على الأطراف وأما التنقل فإنها بالإمكان أن تتنقل بنفسها دون تكاليف تذكر. نلاحظ هنا أهمية المسافة وبصفة غير مباشرة تكلفة النقل التي تمثل العامل المحدد في توطن الأنشطة الفلاحية وتوزع الزراعات على المجال. الدينامية المجالية ونموذج فون ثونن : – يمكن إدخال حركية على النموذج بتغيير مختلف العناصر ككلفة النقل أو الإنتاج أو مستوى الأسعار وهو من شأنه أن يمكننا من تحديد أثر ومكانة كل عنصر. – فكل ارتفاع للدخل يؤدي إلى توسع الحزام المعني على حساب الأحزمة المحيطة وكل تراجع للدخل يفضي إلى انحسار وانكماش للحزام المذكور. أهمية النموذج (أهمية النظرية) : هي نتاج فكري لا يمكن الاستهانة به وقد وضعت الأسس النظرية لنظريات الموقع الصناعي التي جاءت بعدها، وفيها الكثير من مواطن القوة، خاصة ما يتعلق باستعمالات الارض، ومن نقاط الضعف فيها القول بوجود التجانس.
نظرية التوطن : التوطن الصناعي إن النشاط الصناعى يمكن أن يقوم فى موقع ما أو غيره من المواقع، إلا أن نجاحه لا يمكن ضمانه إلا باختيار الصناعة المناسبة والموقع المناسب لها ، الذى تتهيأ لها فيه كل أو معظم المطالب الموضوعية فتتفوق فى أهميتها على الصناعات الأخرى التى تشاركها الموقع ذاته، وهذا ما نعنيه بالتوطن الصناعى. وبهذا الفهم فإن توطن الصناعة يعنى نجاحها فى موقعها وهذا يقود إلى زيادة أهميتها. وبهذا فان مفهوم التوطن الصناعى هو فحص وتحر عن قدرة وقابلية المكان المراد قيام الصناعة به على إمداد الصناعة أو اى من فروعها بمتطلباتها الأساسية. ركزت نظريات المواقع الصناعية والخدمية على عدد من النقط : – الموقع الذي يحقق اقل كلفة للإنتاج، – عامل السوق يقرر الموقع الأمثل، – الموقع الذي يحقق أقصى الأرباح، – الموقع الذي يحقق اقل كلفة للمستهلك. وقد تناول الالمانيان ألفريد فيبر ولونهارد ويلهيلم هذا الموضوع (موضوع توطن الانشطة الصناعية). اعتبر لونهارد أن تكلفة النقل تلعب دورا حاسما في توطن النشاط الصناعي وأن المكان الأنسب لتوطن مؤسسة صناعية ما، هو الذي يساعد على إنقاص هذه التكلفة. وقد صاغ لونهارد نموذجا استعان فيه بالشكل الهندسي المثلث حيث ان النشاط الصناعي يتوطن في نقطة ما، بين المادة الخام ومصدر الطاقة والسوق. ألفريد فيبر اشتغل على نفس النموذج لاحقا، غير أنه أضاف إليه تكلفة العمل (تكلفة اليد العاملة ليست متجانسة في كل مكان وهناك نقط تتوفر على يد عاملة وفيرة ومتنوعة ومؤهلة) وتكلفة اقتصادات التكتل أو اقتصاد المستويات (توطن عدة مؤسسات صناعية بجوار بعضها البعض يمكنها من التعاون على انجاز بنية تحتية مشتركة للنقل مثلا). المواد الوازنة هي المواد الأولية التي تفقد نسبة كبيرة من وزنها عند التحويل كالحديد أو اللفت السكري أو الفسفاط. فكلما كان الوزن المفقود هاما كلما كانت تكلفة النقل مرتفعة وكلما اتجه المصنع نحو موطن الاستخراج للحد من التكلفة النقلية. كلما ارتفع المؤشر المادي ( الذي يعني نسبة المواد الاولية المستهلكة على السلع المنتجة او المدخلات على المخرجات) كلما كانت تكلفة النقل مرتفعة في العالية (من موطن الاستخراج إلى المصنع) ومنخفضة في السافلة (من المصنع إلى السوق) ومن هنا تنخفض التكلفة الإجمالية كلما قرب المصنع من موطن الاستخراج. لصنع طن من الفولاذ نستخدم طنا من الفحم وطنا من الحديد (1 + 1 = 1). هذه الثلاثية جعلت فيبر يستعمل المثلث لتحديد التوطن الأمثل الذي تصل فيه تكلفة النقل أدنى قيمها :
يخضع توطن الوحدات الصناعية إلى عدة عوامل من أهمها الطاقة والسوق والمواد الأولية واليد العاملة وتكلفة النقل.
تكلفة النقل : ففي المرحلة الأولى من الثورة الصناعية كانت تكلفة النقل باهظة خاصة بالنسبة للمواد الأولية الوازنة وبالتالي تسعى الوحدات الصناعية إلى الحد من تكلفة النقل سواء بالنسبة للمدخلات (الطاقة والمواد الأولية) أو للمخرجات (المنتجات الموجهة للسوق). في هذا الإطار وضع فيبر نموذجه. وكان النقل سابقا يمثل العنصر الأساسي في التوطن الصناعي والعوامل الأخرى ما هي إلا عوامل تعدل أو ترجح نوعا ما الكفة. فالصناعة تنقسم حسب معامل التكلفة إلى : – صناعة موجهة للسوق تقترب من السوق. – صناعة موجهة للتزود تقترب من مواطن الاستخراج نظرا لارتفاع تكلفة نقل المواد الأولية. وتعتبر في هذه الحالة صناعة مرتبطة بالمواد الأولية وحساسة جدا تجاه تكلفة النقل. . – صناعة حرة لا تتأثر بتكلفة النقل وبالتالي يمكنها أن تتوطن في أي مكان
وقد أدى تطور النقل إلى تراجع دوره ومكانته في تحديد التوطن وأصبحت تسهيلات التزود والتموين والنفاذية هي التي تحدد التوطنات أكثر من تكلفة النقل بالإضافة إلى عنصر اليد العاملة كلفة ونوعية. وقد أدى التقدم فى وسائل النقل وتعددها إلى تخفيض تكلفة النقل حيث تصل تكلفة النقل فى الصناعات الاليكترونية مثلا إلى 4% من سعر السلعة. وقد مكنت ثورة وسائل النقل من خلق حركية صناعية كبيرة ظلت في حدود البلد الواحد حتى غاية 1950-1960 وذلك بالدول الصناعية. ثم توالى انفتاح الاقتصادات بفضل تطور النقل الى ان شهدنا انتشارا للصناعات على الصعيد العالمي.
ادى التطور المتزايد لوسائل النقل والاتصال الى التحرر من الاكراهات المرتبطة بالمخرجات (جملة السلع والخدمات التي وقع إنتاجها من طرف مؤسسة ما) بالنسبة للانتاج الصناعي، إذ أصبح نقل المنتجات الصناعية القابلة للاستهلاك نحو الأسواق أمرا ميسرا ولا يفرض على المؤسسات الصناعية تكلفة مرهقة. كما أن التطور المتواصل لوسائل النقل خفف سطوة المواد الخام ومصادر الطاقة (المدخلات) على توطن المؤسسات الصناعية. السوق : يقصد بالسوق أكثر من مضمون، فقد يتمثل فى الناس عددا ومقدرة شرائية، وقد يكون صناعة أخرى أو زراعة او قطاعا اخر. ويجذب السوق عددا كبيرا من الصناعات لتتوطن فيه على اساس انخفاض تكلفة النقل، وتتميز كل صناعة لجأت إلى السوق بخاصية معينة أو أكثر دفعتها للتوطن وذلك كما يلى : – لو زاد حجم المنتج كالزجاج مع بقاء الظروف الأخرى على ما هى عليه فان المصنع يتوطن فى السوق مثل صناعة المياه الغازية. -إذا كانت السلعة المصنوعة سريعة التلف أو لا تحتفظ بخصائصها مدة طويلة وتتدهور قيمتها إذا بقيت بدون تسويق فإنها تتوطن فى الأسواق مثال صناعة الخبز. -لو كانت السلعة رخيصة نسبيا وتؤدى تكلفة توزيعها إلى رفع أسعارها فان مصانعها تتوطن فى الأسواق مثل صناعة الآجر. من جهة أخرى، تستقطب الاماكن الاكثر كثافة سكانية بعض الصناعات وذلك بسبب ما توفره من سوق استهلاكية لهذه الصناعات، خاصة عندما يكون نقل المخرجات اكثر كلفة من نقل المدخلات. اليدالعاملة : يعد توفير اليد العاملة اساسى فى قيام الصناعة. إلا أن قيام الصناعة لم يعد متوقفا دائما على العمالة الرخيصة. ويرجع ذلك لمرونة عنصر العمل الذى يسهل نقله من مكان لأخر. على الرغم من ذلك لعبت العمالة دورا فى رفع أو خفض سعر السلعة وقدرتها على المنافسة. وليس أجدر بنا ان نتطلع للعملاق الاسيوى الصين الذى اكتسح العالم برخص منتجاته النابعة من رخص أجور عمالته. ولا ينبغي أن يفهم ان الصناعة فى الوقت الحاضر أصبح يستغنى فيها تماما عن العمال فى الصناعة، بل يحتاج الإنتاج إلى خبرة ومهارة عمالية عالية. فالميكنة تتطلب عمالا غاية فى المهارة لتشغيل وصيانة المصانع المعقدة. وسيظل للعمالة اثر على توطن الصناعة. ومن شروط الموطن المناسب للصناعة توفر العمال بكفاية كما وكيفا. المادة الخام : الصناعة التحويلية تقوم بإدخال تحويرات على المواد الخام لتحويلها إلى سلع مصنعة. ويجب التنبيه بان كل الصناعات لا تعتمد فقط فى الحصول على خاماتها على الحرف الأولية الزراعة والتعدين بل إن كثيرا من الصناعات تعتمد على صناعات أخرى للحصول على الخامات اللازمة لها. كما أن اى صناعة لا تستخدم مادة خام واحدة بل أنها تحتاج إلى عدة خامات وتتفاوت ظروف كل خامة عن الأخرى من حيث نسبتها فى الصناعة وبعدها أو قربها عن المصنع. ويتضح تأثير المادة الخام فى الحالات الآتية : – – تتوطن الصناعة عند المادة الخام إذا كانت المادة الخام تفقد جزء كبيرا من وزنها بعد التحويل مثل توطن صناعة السكر بالقرب من الزراعة. – تتوطن الصناعة بالقرب من المادة الخام إذا كانت تشكل هذه المادة نسبة كبيرة من التكاليف فمثلا صناعة الحديد والصلب يفضل ان تقوم الصناعة عند المادة الخام كما كان الحال فى بريطانيا حيث جذبت مراكز إنتاج الفحم صناعة الحديد والصلب إليها رأس المال : فى الماضي كان رأس المال المحلي هو المؤثر فى قيام الصناعة لكن الآن تدخلت عوامل كثيرة فى قيام الصناعة مثل دخول الاستثمار والسماح لرأس المال الاجنبى بالعمل خارج حدود بلدانه بل تقوم هيئات دولية بضمان المشاريع الصناعية. ويمكن إضافة عوامل أخرى مؤثرة في توطين الصناعات، من قبيل : – ضغوطات البيئة (مثلا ندرة المياه بالنسبة للصناعة). – اختيارات صاحب القرار الذي يختار من بين عوامل الجذب العوامل التي تلائم مصالحه. – عدم وجود أراض مخصصة ومهيّأة للمشاريع الصناعية أو الخدمية في المناطق التي يبحث عن إقامة المصنع بها، أو ارتفاع أثمان الأراضي المخصصة لها. – جودة المحيط الإداري، – جودة الخدمات الاقتصادية في محيط قيام الصناعة، كالبنوك، وشركات التأمين، ومؤسّسات الاستشارة… – وجود تشجيعات وحوافز تمنحها الدولة للصناعة في المناطق المحرومــة اقــتـصاديا، أو لقيامها في مناطق الحرّة.
– القرب من مصادر الطاقة.
تهيئة المجال والتوطن الصناعي : ومنذ بداية القرن العشرين لم تعد الصناعات بالدول المتقدمة حرة في اختيار أماكن توطنها خاصة بالأوساط الحضرية، وذلك بسبب التشريعات الحضرية الجديدة للتهيئة المجالية. ظهر هذا الامر منذ بداية القرن العشرين في انجلترا، وظهر بعد الحرب العالمية الثانية بفرنسا. فالسلطات المحلية بالمدن شرعت في تهيئة ما سمي بالمناطق الصناعية. وقد كان الهدف الرئيسي من كل ذلك هو إبعاد الصناعات المتمركزة داخل الوسط الحضري، حيث يضيق المجال ويزدحم ويرتفع ثمن الارض ويتلوث فضاء المدينة. وهكذا بدأت تنتشر الاحياء الصناعية عبر بلدان العالم. وبعد 1973 أصبحت الجماعات المحلية تتدخل بشكل أكبر في التهيئة المجالية، حيث عملت على تهيئة مواقع صناعية. بل انها في اطار التنافس على جلب الانشطة الاقتصادية باتت هذه الجماعات تهيئ اقطابا بالقرب من المطارات ومن بدالات الطرق السيارة، هذه الاقطاب (تكنوبول) تتوفر على مقومات عدة تقنية وبيئية وخدمية وغيرها. هوفر ومفهوم تكلفة الانتقال : قام هوفر في دراسة تخص الصناعة وبالخصوص تكلفة الانتقال التي تشمل بالإضافة إلى تكلفة النقل المعهودة كل التكاليف المنجرة عن نقل السلعة انطلاقا من المصنع حتى وصول السلعة إلى المستهلك النهائي، وتضم التأمين والتكاليف المالية والمصاريف التجارية للتوزيع والشحن والتفريغ. هناك عناصر خمسة تتدخل في تحديد تكلفة الانتقال أو التحويل : – طبيعة المنتوج ومدى قابليته لتحمل تكلفة مرتفعة كالسلع القابلة للتلف والمواد الخطيرة ومدى تحملها الرصف. – الكمية حيث تنخفض الكلفة بارتفاع الكمية المنقولة باستعمال تقنيات ملائمة ( نقل متخصص) وتعريفة مناسبة تشجع غالبا على شحن كميات مرتفعة وتساعد كبار المنتجين. – المسافة حيث أصبحت جل التعريفات تراجعية مما يشجع على التوطن على مسافات بعيدة. – الوسيلة المستعملة بحيث تتميز كل وسيلة نقل بمسافة معينة تكون فيها هي الأنجع وبكلفة دنيا لا يمكن أن تنزل تحتها. فحتى مسافة 150 كلم تكون الشاحنة هي الأقل كلفة ثم نجد السكك الحديدية بين 150 و 450 كلم وأخيرا نجد الطيران والملاحة. فباستعمال الوسيلة المناسبة يمكن التخفيض من كلفة النقل. -إمكانية وجود نقل سلعي في الرجوع.

ويكيبيديا