يعدّ جرم إساءة الأمانة من الجرائم الشائعة في مجتمعنا السوري بحيث اعتاد الناس على إيداع مبالغ مالية لدى بعضهم البعض على سبيل الأمانة وإرجاع المبلغ حين الطلب أو حسب ما يتفق عليه الطرفين ثم يفاجئ الشخص الذي أودع مبلغاً لدى شخص آخر بنكرانه له حقه في ذمته فنكون عندها أمام حالة تحقق إساءة الأمانة.

وللحديث أكثر والإلمام بباقي ما يهمنا في هذا الموضوع لابد من التطرق لبعض المواد القانونية التي تناولت هذا الجرم في القانون السوري.

فقد نصت المادة 656 من قانون العقوبات السوري: كل من أقدم قصداً على كتم أو اختلاس أو تمزيق سند يتضمن تعهداً أو إبراءً أو شيء منقول سلم إليه على وجه الوديعة أو الوكالة أو الاجارة أو على سبيل العارية أو الرهن أو لإجراء عمل لقاء أجرة أو بدون أجرة شرط أن يعيده أو يقدمه أو يستعمله في أمر معين يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة تتراوح بين ربع قيمة الردود والعطل والضرر وبين نصفها على أن لا تنقص عن ألفي ليرة سورية.

وكذلك نجد نص المادة 567 : كل من تصرف بمبلغ من المال أو بأشياء أخرى من المثليات سلمت إليه لعمل معين وهو يعلم أو كان يجب أن يعلم أنه لا يمكنه إعادة مثلها ولم يبرئ ذمته رغم الإنذار يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة حتى ربع قيمة الردود والعطل والضرر على أن لا تنقص الغرامة عن ألفي ليرة سورية.

ونلاحظ أن جريمة إساءة الأمانة تستهدف الاعتداء على حق الملكية إضراراً بالمالك في ماله وتتم بكل فعل يدل على أن الأمين اعتبر المال الذي أؤتمن عليه مملوكاً له يتصرف فيه كما يتصرف بماله وينكره على صاحبه وغالباً ما يتم توثيق ذلك بين الطرفين بعقد يسمى سند الأمانة ويجرب توثيقه أحيانا لدى الكاتب بالعدل أو في مكتب محام ضماناً لصاحب المال لاستعادة ماله في المدة المتفق عليها أو حين الطلب فإذا رفض إعادة المال إلى صاحبه يلجأ منظم سند الأمانة لمصلحته إلى ملاحقة هذا الشخص بجرم إساءة الأمانة وفق المادة 656 من قانون العقوبات السوري.

أركان جريمة إساءة الأمانة:

الركن المادي هو حيازة الشيء بقصد تملكه ويجب توفر عدة شروط لحصول الفعل الإجرامي:

وجود عقد الأمانة.
أن يكون موضوع إساءة الأمانة مالاً منقولاً.
أن يكون المال مملوكاً للغير.
أن المال التسليم ناقل للحيازة.

الفعل الجرمي في جريمة إساءة الأمانة:

هي إرادة الفاعل الذي يعرف أن يده على الشيء المؤتمن عليه هي حيازة ناقصة وصد تغيير هذه الحيازة الناقصة وجعلها كاملة منكراً حقوق المجني عليه وتظهر هذه الإرادة إلى العلن من خلال الأفعال المادية الدالة على الفعل الجرمي وهي كتم الشيء بإخفائه وإنكار وجوده ورفض تسليمه.

والنتيجة الجرمية وعي الضرر الذي يترتب على الفعل الجرمي سواء كان ضرر مادي أم ضرر معنوي.

عناصر الجريمة:

توجيه إنذار من قبل المجني عليه قبل إقامة الدعوى الجزائية لكشف نية الفاعل بوضوح، ويعتبر الإنذار الذي يوجه عن طريق الكاتب بالعدل ركن من أركان جريمة إساءة الأمانة وليس وسيلة من وسائل إثباتها.
عدم إبراء المدعى عليه ذمته بعد توجيه الإنذار.
يتوقف تحريك الدعوى العامة بجرم إساءة الأمانة على ورود شكوى من المجني عليه بحق الفاعل.
في حال تعدد المجني عليهم يكفي أن يتقدم أحدهم بالشكوى لتحريك النيابة العامة الدعوى بالنسبة لكامل المبلغ موضوع الجريمة.

وهكذا نكون ولو بشكل مختصر ومقتضب قد أضأنا على هذا الموضوع بشكل قانوني وتطرقنا فيه لكافة أركان وشروط تحقق جرم إساءة الأمانة.

غسان الشحادة