أداء اليمين الدستوري للنواب الجدد

تبدأ يوم غد الأحد أعمال الدورة غير العادية لمجلس الأمة الأردني حيث سيفتتح جلالة الملك الدورة بإلقاء خطاب العرش أمام مجلسي الأعيان والنواب مجتمعين، لينصرف بعد ذلك كل من الأعيان والنواب إلى مجلسه لتبدأ جلساتهم البرلمانية. إن أول استحقاق دستوري يجب على كل من أعضاء مجلس النواب السابع عشر ومجلس الأعيان القيام به هو أن يقسم كل عضو اليمين الدستورية أمام مجلسه بالصيغة الواردة في المادة (80) من الدستور وذلك قبل الشروع في العمل.

إن هذا الإجراء وفي ظل المعطيات التي شهدتها الانتخابات النيابية الأخيرة من تلويح عدد من النواب الفائزين بتقديم استقالاتهم من المجلس وتوقيف عدد من المرشحين الذين فازوا بعضوية مجلس النواب يثير تساؤلا دستوريا حول وضع النائب أو العين الذي لا يؤدي القسم لأي سبب من الأسباب، فقد يتغيب عدد من النواب المحتجين على نتيجة الانتخابات، أو قد يصار إلى إعادة توقيف أي من النواب المتهمين أو غيرهم بتهمة شراء أصوات وبالتالي يتخلفون عن جلسة أداء القسم الدستوري.

من خلال استعراض نصوص الدستور الأردني نجد أن المادة (80) التي حددت صيغة القسم قد اشترطت أداء القسم من قبل كل عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب قبل الشروع في العمل، في حين حددت المادة (68) من الدستور مدة مجلس النواب بأربع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب في الجريدة الرسمية. إن المشرع الدستوري قد أكسب الشخص صفة النائب من تاريخ نشر نتائج الانتخاب في الجريدة الرسمية بحيث يبدأ حساب مدة الأربع سنوات عمر مجلس النواب من ذلك التاريخ. أما أداء النائب للقسم فيكون فقط لغايات الشروع بالعمل، بمعنى أن النائب الذي لن يتمكن من أداء القسم في أول جلسة لمجلس النواب لا تسقط عنه العضوية ولا يعتبر انتخابه لاغيا، بل يقتصر الأمر على حرمانه من حقه الدستوري في مباشرة عمله كنائب في مجلس النواب والمتمثل في حضور جلسات المجلس والكلام فيها، وطرح أسئلة واستجوابات على الحكومة وحجب الثقة عنها وذلك لحين أدائه اليمين الدستورية.

إن خير مثال يدعم وجهة النظر هذه ما يحدث في بريطانيا بعد كل انتخابات تشريعية، حيث إن هناك خمسة نواب على الأكثر من حزب الشين فين يتم انتخابهم عن منطقة إيرلندا الشمالية إلا أن هؤلاء النواب المنتخبين لا يحضرون جلسات المجلس ولا يمارسون أية أعمال نيابية فيه كونهم يرفضون أداء القسم أمام مجلس العموم البريطاني لأنهم يرفضون الولاء لملكة بريطانيا.

أما النظام الداخلي لمجلس النواب، فقد اعتبر في المادة (22) منه أن النائب يعتبر منتخبا ويمارس حقوق النيابة منذ إعلان نتيجة الانتخاب. إن هذه المادة غير دستورية ويجب العمل على إلغائها، ذلك أن النائب وفق أحكام الدستور يعتبر منتخبا من تاريخ نشر نتائج الانتخاب في الجريدة الرسمية، وليس من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب الذي قامت به الهيئة المستقلة للانتخاب بشكل رسمي بعد البت في كافة الاعتراضات المقدمة حول إعادة الفرز. كما أن ممارسة حقوق النيابة قد ربطه الدستور الأردني بأداء اليمين أمام مجلس النواب، فلا تثبت أي حقوق للنائب إلا بعد أدائه اليمين الدستورية.

ويثور التساؤل أيضا حول حكم النائب أو العين الذي يخطئ في صيغة اليمين وذلك بحذف كلمة منه أو إضافة كلمة إليه. إن الأصل أن يقسم النائب أو العين اليمين أمام مجلسه وفقا للصيغة الواردة في المادة (80) من الدستور بحرفيتها دون إضافة أية كلمة أو عبارة على نص اليمين وذلك تحت طائلة بطلان القسم وإعادته بالصيغة المحددة في الدستور.

وقد اثيرت هذه المسألة أثناء أداء القسم للمجلس النيابي الرابع عشر، حيث افتى المجلس العالي لتفسير الدستور وبموجب قراره رقم (2) لسنة 2003 أن كل نائب ملزم بأداء اليمين بالنص الذي ورد في المادة (80) من الدستور وأنه لا يجوز له إضافة أية كلمة أو عبارة على النص أو اختصار أية كلمة أو عبارة من الكلمات والعبارات الواردة فيه. فأي حذف أو تبديل أو إضافة أية كلمة على صيغة اليمين يعد بمثابة تعديل غير دستوري على أحكام المادة (80) من الدستور كونه قد تم بطريقة مخالفة لإجراءات تعديل الدستور المنصوص عليها في المادة (126) من الدستور، بالتالي فإن النائب أو العين يكون ملزما بإعادة اليمين بالصيغة التي حددها الدستور الأردني.

د. ليث كمال نصراوين