موانع ترقية ضابط الشرطة (المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية أو الموقوف عن العمل)

الدعوى رقم 40 لسنة 32 ق “دستورية” جلسة 2 / 2 / 2019

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من فبراير سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمـى إسكندر ومحمود محمـد غنيم والدكتور محمـــد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة 32 قضائية “دستورية”

المقامة من
طـــارق علـى حسن

ضد
1- رئيس الجمهوريـــة
2- رئيس مجلس الـــوزراء
3- وزير العــــدل
4- وزير الداخليـــة

الإجراءات
بتاريخ الخامس عشر من فبراير سنة 2010، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة (64) من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971، وإلغاء كافة الآثار المترتبة على هذه المادة بالنسبة له.
وقدَّمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، ومن باب الاحتياط الكلى: برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 5/1/2019، إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، وصرحت بمذكرات في أسبوع، وفى الأجل المشار إليه قدَّم المدعى مذكرة صمم فيها على الطلبات.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى، كان قد أقام الدعوى رقم 30952 لسنة 58 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى، ضد المدعى عليه الرابع، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 21 لسنة 2004 بتأخير أقدميته، وذلك على سند من أن المذكور كان قد حل دوره في الترقية إلى رتبة “رائد” في 1/8/2003، إلا أنه لم تتم ترقيته لإحالته إلى المحاكمة التأديبية، وفى غضون يناير سنة 2004، أصدر وزير الداخلية القرار المشار إليه بترقيته إلى رتبة رائد اعتبارًا من 18/11/2003، وتضمن هذا القرار تأخير أقدميته من رقم 206 لسنة 1992 – أقدمية التخرج – إلى رقم 1104 لسنة 1992، ليكون تاليًا للرائد / عبد الرحمن إبراهيم عبد المجيد، وذلك دون سند أو مبرر، وبالمخالفة لأحكام القانون. وبتاريخ 17/3/2004، تقدم بتظلم من هذا القرار، ثم لجأ إلى لجنة فض المنازعات بوزارة الداخلية بالطلب رقم 9890 لسنة 2004، وبتاريخ 28/7/2004، انتهت اللجنة إلى رفض طلبه، مما حدا به إلى إقامة دعواه المشار إليها توصلاً للقضاء له بطلباته المتقدمة، وأثناء نظر الدعوى، دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (64) من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971، لمخالفته لمبدأ المساواة الذى كفلته المادة (40) من الدستور الصادر سنة 1971، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية طعنًا عليه، أقام دعواه المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى، المُبدى من هيئة قضايا الدولة، على سند من أن مناعى المدعى التى ضمَّنها صحيفة دعواه لا تعدو أن تكون تعقيبًا على تقرير هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإدارى، ونقدًا للنص المطعون فيه، مما لا يجوز طرحه على المحكمة الدستورية العليا، وذلك مردود: بأن طلبات المدعى الختامية الواردة بصحيفة دعواه المعروضة قد انصبت على طلب الحكم بعدم دستورية نص المادة (64) من قانون هيئة الشرطة المشار إليه، لمخالفته لمبدأ المساواة، وهو ما يدخل الفصل فيه في نطاق الولاية الحصرية التى وسدها الدستور لهذه المحكمة بمقتضى نص المادة (192) منه، والبند (أولاً) من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، في الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، الأمر الذى يضحى معه هذا الدفع في غير محله، وغير قائم على أساس سليم، حقيقًا بالقضاء برفضه.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه، إلى الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية. كما جرى قضاء هذه المحكمة كذلك على أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية.
وحيث إن المادة (64) من قانون هيئة الشرطة السالف الذكر تنص على أنه “لا تجوز ترقية ضابط محال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو موقوف عن العمل في مدة الإحالــــــة أو الوقف، وفى هذه الحالة تُحجز للضابط رتبة لمدة سنة فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من ذلك وثبت عدم إدانته أو عوقب بالإنذار أو بعقوبة الخصم من المرتب أو الوقف عن العمل مدة لا تجاوز خمسة أيام في الحالتين وجب عند ترقيته حساب أقدميته في الرتبة المرقى إليها ومنحه مرتبها من التاريخ الذى كانت تتم فيه الترقية لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية.
ويعتبر الضابط مُحالاً إلى المحاكمة التأديبية من تاريخ صدور قرار الإحالة”.
والواضح من هذا النص أن المشرع لم يُجز ترقية الضابط المحال إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية في جناية مخلة بالشرف أو الأمانة، أو الموقوف عن العمل، طوال مدة الوقف أو الإحالة، والتى تبدأ في حالة المحاكمة التأديبية من تاريخ صدور قرار الإحالة، وحفاظًا على حق الضابط المحال أو الموقوف عن العمل في الترقية، متى حل دوره فيها أثناء مدة الإحالة أو الوقف عن العمل، أوجب النص حجـز رتبة له لمدة سنة من التاريــــخ الذى كان يستحق فيه الترقية لو لم يُحل للمحاكمة، فإذا استطالت مدة المحاكمة لأكثر من ذلك، فقد اقتصر النص على بيان أثر انتهاء المحاكمة إلى ثبوت عدم إدانته أو بعقابه بعقوبة الإنذار أو الخصم من المرتب أو الوقف عن العمل، وذلك لمدة لا تجاوز في الحالين خمسة أيام، فجعل تحديد الأقدمية في الترقية، واستحقاق المرتب، راجعًا إلى التاريخ الذى كان يستحق فيه الضابط المحال هذه الترقية، حال عدم إحالته إلى المحاكمة، فإذا ما انتهت المحاكمة بالحكم نهائيًّا على الضابط المحال خلال مدة السنة التى تم حجز الرتبة له خلالها، فإن تأثير ذلك على الترقية إلى الرتبة المُحتفظ بها يكون خاضعًا للأصل العام المترتب على انتهاء مدة الإحالة، وزوال المانع من الترقية، وهو استرداد الجهة الإدارية سلطتها في الترقية إلى الرتبة المُحتفظ بها، والتى يتعلق بها حق الضابط في الترقية إليها، وليبقى الأثر المترتب على ذلك خاضعًا للقواعد العامة التى تضمنها قانون هيئة الشرطة، والتى من بينها النصوص الحاكمة لحالات وضوابط التخطى في الترقية وموانع الترقية، والتى حوتها المادة(15) منه، والتى لم تُجز ترقية الضابط لأسباب تتصل بتقدير كفايته، والفقرة الثالثة من المادة (17) من هذا القانون التى أجازت تخطى الضابط في الترقية لأسباب يقتضيها الصالح العام، دون أن تشترط أن يكون قد صدر بشأنه حكم تأديبى، بل تركت الأمر لتقدير السلطة المختصة، والمادة (65) من القانون المذكور التى لم تُجز ترقية الضابط الذى وقعت عليه عقوبة الوقف عن العمل طوال مدة الوقف، واشترطت ألا تقل مدة الحرمان من الترقية عن ثلاثة شهــــور، كما حظرت ترقية الضابط المعاقب بعقوبة تأجيل العلاوة أو الحرمان منها مدة التأجيل أو الحرمان، بما لازمه أنه لا يجوز تخطى الضابط في الترقية أو حرمانه من الترقية أو تأخير أقدميته، بغير نص صريح على ذلك في القانون، أو ترتيب ذلك كأثر تبعى للقرار التأديبى، ولا محل في هذا الشـأن إلى تأويل أحكام نص المادة (64) المشار إليه، متى كان من شأن ذلك إنشاء عقوبة، لما في ذلك من مخالفة لأحكام القانون، وما يترتب عليه من ازدواج في العقوبة، وتقرير جزاء لم يقرره المشرع بنص صريح في القانون، خاصة إذا ما وضع في الاعتبار أن تأخير الأقدمية في الرتبة، كانت من بين الجزاءات التى استبعدها المشرع من نطاق الجزاءات التأديبية التى حددها في نص المادة (48) من قانون هيئة الشرطة، بالنظر لآثارها على الحيـاة الوظيفية للضابط، والتى لا يمكن تداركها – على ما أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه – ومن ثم لا يجوز توقيع أى من الجزاءات المتقدمة إلا في الأحوال المحددة التى بينها القانون، وأوردها على سبيل الحصر، دون التوسع في تفسيرها لتشمل جزاءات لم يرد النص عليها صراحة، لما في ذلك من مصادمة لأحكام الدستور والقانون.
متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن طلبات المدعى المطروحة في الدعوى الموضوعية قد انصبت على وقف تنفيذ وإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 21 لسنة 2004، الصادر في غضون يناير سنة 2004، بترقيته إلى رتبة “رائد” اعتبارًا من 18/11/2003، مع تحديد أقدميته ليكون تاليًا للرائد / عبدالرحمن إبراهيم عبدالمجيد محمد، والذى صدر قبل مضى مدة السنة المقررة بنص المادة (64) المشار إليها، والتي يُحتفظ فيها للضابط بالرتبة، والتي تبدأ بالنسبة للمدعى من 1/8/2003، تاريخ استحقاقه للترقية طبقًا لترتيب أقدمية التخرج، وبعد صدور قرار مجلس التأديب الاستئنافي لضباط الشرطة بجلسة 18/11/2003، بتأييد قرار مجلس التأديب الابتدائي، بمجازاته بخصم شهر من راتبه، وزوال المانع من الترقية، وقد استند هذا القرار صراحة في تأخير أقدمية الضابط المذكور، من رقم (206/92) إلى (1104/92) لنص المادة (64) المار ذكره، ومن ثم فإن الضرر الذى لحق بالمدعى لا يكون راجعًا إلى النص المطعون فيه، وإنما إلى الفهم الخاطئ لهذا النص، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، من قبل السلطة المختصة، والذى لا يشكل عيبًا دستوريًّا، يستنهض ولاية هذه المحكمة، الأمر الذى تنتفى معه مصلحة المدعى في الطعن على هذا النص، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .