رؤية حول العقار التجاري
خالد شاكر المبيض

كثر الكلام حول واقع ومستقبل قطاع العقار التجاري وتضاربت حوله الآراء فالبعض يراه أكبر المتأثرين بالركود الاقتصادي الأخير وتتجه أسعاره في اتجاه نازل حل به ما حل بالعقارات ككل والبعض الآخر يرى أن مجموعة من العوامل المؤقتة أثرت عليه خلال الفترة الماضية وعلى رأسها تأثر قطاع التجزئة والذي يعد المحرك الأكبر للقطاع التجاري وبمجرد زوال تلك العوامل وتحسن قطاع التجزئة سيكون له نصيب الأسد في الإرتفاع وزيادة حجم الطلب على العقار التجاري .

دعونا أولا اعزائي القراء أن نحدد ما هو العقار التجاري الذي نقصده, هو كل عقار سواء كان أرض تجاريه أو عقار قائم يخدم عدد من الـأنشطة التجارية ومحلات التجزئة بمختلف أنشطتها أو المكاتب التجارية ويشمل مختلف أنواع المباني التجارية من عمائر مكتبيه أو مايسمى بالبلازات وصولا بالمجمعات والمولات التجارية والتي تجمع عدد مختلف من الأنشطة التجارية وعلى رأسها مقرات الشركات ومحلات بيع التجزئة والمطاعم والمقاهي والأنشطة الترفيهية .

باعتقادي الشخصي ومن خبرة طويلة في هذا القطاع فأن هناك خلل وفهم خاطئ في تشخيص واقع الوضع الحالي من البعض حول السبب الحقيقي وراء تأثر العقارات التجارية وإيعاز السبب الى الأنظمة والقوانين الحكومية من تأنيث وتوطين بعض القطاعات التجارية والرسوم المختلفة واجتمعت في وقت الركود الاقتصادي الذي يعانيه عدد كبير من اقتصادات دول العالم وان زوال تلك المؤثرات سيعيد الانتعاش لقطاع التجزئة وبالتالي ستنتعش العقارات التجارية مره أخرى , فباعتقادي أن السبب الحقيقي حول ضعف قطاع تجارة التجزئة خلال الفترة الماضية يكمن في عدة أسباب هامة أخرى بالرغم من أنه قد تكون بعض القوانين والأنظمة الحكومية جعلت تأثرة أسرع وأوضح ولكن من المؤكد لم تكن السبب الرئيسي في ذلك التراجع فالسبب الحقيقي يكمن في التحول الكبير والسريع الذي اجتاح واحد من أهم قطاعات الإقتصاد وهو قطاع تجارة التجزئة ليس محليا فحسب بل في غالب الدول الكبرى والذي جعل عدد كبير منها يتأثر سلباً وأثر بدوره في العقار التجاري وذلك لأن غالبية العقارات التجارية صممت لتناسب أنشطة قطاع التجزئة في حقبة انتعاشها ولكنها لم تعد تناسب وتواكب متطلبات هذا التحول والقطاعات الأخرى التي لم تتأثر بذلك التحول والتي أصبحت تقود الطلب على العقارات التجاريه مما أدى إلى خروج المستأجرين منها وأصبحت شاغرة أو إنخفض الدخلها.

وسأقوم بسرد عدد من أشكال تلك التحولات والتي أثرت على قطاع التجزئة والتي بدورها أثرت على بعض العقارات التجارية خلال الفترة القليلة الماضية ومنها :

1- طفرة التسويق الإلكتروني عبر منصات التواصل الإجتماعي وتقنية تحديد المواقع (GPS) والتي أفقدت العقارات ذات المواقع المتميزه أهميتها كعنصر أساسي لنجاح النشاط فلم تعد أمرا ضرورياً لسهولة وصول العملاء إلى المتجر أو موقع النشاط عبر تقنية مشاركة الموقع فبدلاً من دفع مبالغ كبيرة في إيجار المواقع المتميزة لإظهار النشاط يتم الإكتفاء بموقع غير بارز ويناسب النشاط وبسعر إيجاري أقل وبالتالي بدأنا نشاهدعدد من المواقع التجارية في مواقع مميزه وبارزة تفقد الرغبة في إستأجارها وبعضها فقد قيمة كبيرة من إيجاره السنوي

2- طفرة توصيل الطلبات عبر تطبيقات توصيل الطلبات بين المتاجر و عملائهم أفقدت القطاع التجاري طلب عليه حيث لم تعد أهمية التوسع في عدد أكبر من الفروع كما في السابق لسهولة الوصول لأكبر عدد من العملاء وإكتفت كبار شركات التجزئة بفتح عدد أقل من الفروع لها في مناطق مختلفة لتغطية أكبر عدد من الأحياء معتمده على خدمة التوصيل

3- طفرة التجارة الإلكترونية أثرت بشكل واضح على أنشطة تجارية كانت في السابق المسيطر على أكبر عدد من المحلات التجارية وتشغل مساحات ضخمة وتدفع إيجارات كبيره حيث أصبح المستهلك بالوعي الذي يجعله يستطيع شراء أغلب مستلزماته من خلال المتاجر الإفتراضية وبالتالي أصبح المستقبل في الإستثمار في قطاع التجزئة المحلي منحصر في الأنشطة التي لا يمكن للمتاجر الإفتراضية منافستها وعلى رأسها قطاعين وهما قطاع المأكولات والمشروبات وقطاع الترفيه فلا يمكن أن تستورد طعامك أو مشروباتك من أسواق دول مجاورة كما تفعل بالمنتجات الاستهلاكية الأخرى وكذلك قطاع الترفيه والذي يضم عدد من الأنشطة والفعاليات والتي تحتاج أن تكون قريبة منك للاستمتاع بها

4- أن عدد كبير من المباني التجارية بنيت على الطراز القديم والتي لاتملك جاذبية التصميم ولا تخدم الأنشطة التي تقود قطاع التجزئة والتي لم تتأثر من طفرة التجارة الإلكترونية وعلى رأسها نشاطي المشروبات والمأكولات وأنشطة الترفيه والتي تعتمد على توفر بعض المرافق لجذبها

5- قطاع المكاتب قد يكون الأقل تأثرا من تلك التحولات ولكن من الضروري الحرص على دراسة الفئة الأكبر وتمثل أكبر حجم للطلب والتي باعتقادي ستكون فئة رواد الأعمال والذين يحتاجون مساحات أقل ومرافق أفضل تضمن نجاحهم وبالتالي نجاح مشروعك التجاري القائم عليهم
من الضروري تشخيص الحاله بشكلها الصحيح لمواكبة التغيرات وضمان النجاح

وأختم بنصيحة موجهه لأصحاب العقارات التجارية سواء كانت أراضي أو مباني قائمة , بأن يتم دراسة إحتياجات القطاعات التجارية الناجحة والتي لا تتأثر على المدى المتوسط والطويل من تلك التحديات وعمل المشاريع العقاريه مراعية في التصميم متطلبات تلك الفئة المستهدفة كما يجب الحرص في المشاريع العقارية التجارية أن تراعي مجموعة من المتطلبات لجعلها جاذبة وتضممجموعة من الأنشطة المتكاملة فيما بينها وتوافر المرافق المناسبة لتسريع نجاح تأجير أو بيع مشروعك بأفضل قيمة

إعادة نشر بواسطة محاماة نت