الــتَــغَــيُّـب عــن العمل

تتعدد الأسباب لغياب العامل عن العمل، كالراحة الأسبوعية، الإجازة الإعتيادية (السنوية)، الإجتماعية للزواج أو الوفاة لذوي العامل أو العدة للزوجة والوضع، المرضية، والإجازة الرسمية (الأعياد واليوم الوطني)، أو الإجازة التعليمية، وغيرها مما قرر في النظام، وقد يضاف لها إجازات أُخرى اتفاقية، فهذه الحالات يكون غياب العامل بسبب مشروع وبأجر مدفوع غالباً. وطرأ على بعض منها تعديلات في مددها وأحكامها بموجب المرسوم الملكي ذي الرقم (م/46) وتاريخ 05/06/1436هـ، كما جرى تعديل مدة الغياب بدون سبب مشروع الواردة بالمادة (80)، وعليه فقد يكون التغيب عن العمل بسبب مشروع أساسه نظامي أي متقرر بنص نظامي حق للعامل ولا يمكن لصاحب العمل منع أو حجبها عن العامل، وله سلطة ضيقة جداً وفي الغالب منعدمة، وأخرى تغيب مشروع أساسه إتفاقي كالإجازة التعليمية أو الإجازة بدون أجر أو ما قد يرد في عقد العمل. وبموجب التعديلات النظامية لنظام العمل عُدلت إجازة العامل عند وفاة الزوج أو أحد أصوله أو فروعه أو عند زواجه لتكون مدتها (05) أيام وبأجر كامل، إذ في السابق كانت (03) أيام.

كما عُدلت إجازة العامل عند ولادة مولود من إجازة لمدة يوم واحد لتكون (03) أيام وبأجر كامل، ويتمتع العامل تلقائياً بموجب تحقق الواقعة المقررة نظاماً ولصاحب العمل الحق بطلب الوثائق المؤيدة للواقعة، ولا حق له بمنع العامل بالتمتع بهذه الإجازات.

ومن أهم التعديلات ما تقرر للمرأة ليتفق مع المدد الشرعية للزوجة في حال وفاة زوجها، إذ كانت في السابق مقرر لها إجازة مدتها (05) أيام عند وفاة زوجها وفي ذلك مخالفة شرعية وسبب لإشكاليات بين العاملة وصاحب العمل خصوصاً في الشركات الأجنبية أو عند تعنت صاحب العمل، فعُدلت المدة لتكون إجازة المرأة العاملة المُسلمة لتكون بمدة لا تقل عن (04) أشهر و(10) أيام وبأجر كامل تبدأ من تاريخ وفاة الزوج، ولغير المسلمة إجازة لمدة (15) يوماً، أما إجازة الوضع فلم تزاد مدتها المقررة بــ(10) أسابيع بأجر كامل، إنما تقرر حق للمرأة العاملة بتوزيعها كيفما تشاء بدءاً بحد أقصى بـ(04) أسابيع السابقة لموعد الولادة المحتمل، كما أعطاها النظام الحق بإجازة لمدة شهر إضافي بدون أجر.

أما الإجازة المرضية فلم يطرأ عليها أي تعديل، فكما هي (30) يوماً الأولى بكامل الأجر، ثم الــ(60) يوماً التالية بثلاثة أرباع الأجر، ثم الــ(30) يوماً التالية بدون أجر، أي أن الإجازة المرضية في مجملها (180) يوماً أكانت متصلة أو متقطعة خلال السنة الواحدة ويبدأ حسابها من تاريخ أول إجازة مرضية، فلو مضت مدة (12) شهراً من تاريخ أول إجازة مرضية يبدأ إحتساب هذه الإجازة من جديد، ومن ثم تكون المدة متجددة. كما جرى تعديل الإجازة التعليمية، بإعادة صياغة المادة دون تعديل في جوهرها، وأضيف لها ما يؤكد حق العامل بأن ينتسب لمؤسسة تعليمية دون موافقة صاحب العمل، إلا أن إجازته في هذه الحالة لأداء الإمتحانات تكون من رصيد إجازات العامل السنوية أو إجازة بدون أجر إن لم يكن للعامل رصيد إجازة السنوية. وعن الراحة الأسبوعية والإجازات الرسمية فسبق بيانها بمقالين الأول بعنوان: العمل بالإجازة الرسمية، والثاني بعنوان: الإجازة الرسمية (عيدالفطر) .. فهذه الحالات يكون غياب العامل فيها بسبب مشروع ورقابة صاحب العمل فيها لاحقة عليها ومحددة بطلب ما يثبت الواقعة التي جوزت للعامل هذا الغياب، أما الإجازة الإعتيادية فلصاحب العمل تنظيمها بين عامليه ورقابته مقررة إبتداءً ومحصورة بتحديد موعد الإجازة وفقاً لمتطلبات العمل على أن لا تزيد مدة تأجيلها بأي حال من الأحوال للسنة التالية من استحقاق الإجازة شريطة موافقة العامل الكتابية.

أما عن الغياب عن العمل بسبب غير مشروع فقد جرى عليها تعديل جوهري، إذ تم زيادة مدة غياب العامل بدون سبب مشروع، لتكون إن تغيب العامل خلال السنة التعاقدية الواحدة مدة في مجملها تزيد عن أكثر من (30) يوماً متقطعة أو أكثر من (15) يوماً متتالية، فعندها يجوز لصاحب العمل أن يُنهي عقد العمل فسخاً ويفقد العامل حقه بمكافأة نهاية الخدمة أو التعويض، شريطة أن يقوم صاحب العمل بإنذار العامل كتابياً بعد تحقق غياب العامل مدة (20) يوماً منقطعة أو (10) أيام متصلة، فإن إستمر غياب العامل وتجاوز حد الغياب النظامي جاز لصاحب العمل فسخ العقد وتطبيق العقوبات النظامية المقررة بالمادة (80) ضد العامل. فيتضح من التعديلات الواردة بالإجازات والمدد بأن غايتها تحسين بيئة العمل، وجلها في صالح العامل، مُصاغة بألفاظ وجوبية لا يجوز الإتفاق بخلافها إنقاصاً أو تقييداً، حماية للطرف الأضعف دائماً في العلاقة العمالية ألا وهو العامل. إن وفقت وأصبت فمن الله وفضله والحَمدُلِله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله العليّ العظيم لوالديّ ولي ولزوجتي وذريتي وإخواني والمسلميّن ونتوب إليه ..

عبدالعزيز بن عبدالله الخريجي
محامي مستشار
إعادة نشر بواسطة محاماة نت