أثر تطبيق نظام التصفية على التركة بعد وفاة المدين:

وثمة تفرقة أخرى، في شأن وفاة الدين وأثرها في التنفيذ، ينبغي أن نشير اليها، نظرا لما قرره المشرع في القانون المدني بشأن التركات التي توضع تحت التصفية، فان كل ما تقدم من اجراءات انما يكون في حالة وفاة المدين وحلول ورثته محله في السيطرة على الأموال المخلفة عنه طبقا لنظام الميراث أي في الأحوال العادية التي لا يتقرر فيها تعيين مصف التركة. الا أن الحال تختلف إذا ما طبق على التركة نظام التصفية وفقا للمواد 875 وما بعدها من القانون المدني – إذ من المقرر في هذه الحالة أنه لا يجوز من وقت قيد الأمر الصادر بتعيين المصفى أن يتخذ الدائنون أي اجراء على التركة، كما لا يجوز لهم أن يستمروا في أي اجراء اتخذوه الا في مواجهة المصفى (مادة 883 مدنى).

وهنا يجب أن نفرق بالنسبة للتنفيذ ضد الورثة بعد وفاة المدين بين حالتين: أولاهما حالة وضع التركة تحت التصفية فتتبع في هذا الشأن أحكام القانون المدني الخاصة بتسوية ديون التركة ووفاء التزاماتها ولا يجوز اتخاذ أي اجراء الا في مواجهة المصفى، فأي اجراء يتخذ ضد الورثة وحدهم دون اختصام المصفى يكون باطلاً – والحالة الثانية هى حالة التركات التي لا يطبق عليها نظام التصفية فتتبع في شأنها القواعد العامة.

وقد نصت المادة 914 مدنى تحت عنوان “أحكام التركات التي لم تصف” على أنه “إذا لم تكن التركة قد صفيت وفقا لأحكام النصوص السابقة جاز لدائني التركة العاديين أن ينفذوا بحقوقهم على عقارات التركة التي حصل التصرف فيها أو التي رتبت عليها حقوق عينية لصالح الغير إذا أشروا بديونهم وفقا لأحكام القانون”.

هل يكتفى باختصام بعض الورثة:

ويبقى أن نتساءل عما إذا كان يجوز اتخاذ اجراءات التنفيذ ضد بعض الورثة أو ضد واحد منهم دون اختصام الباقين على أساس أن الوارث ينتصب خصما على التركة فلا يلزم اذن اختصام جميع الورثة في اجراءات التنفيذ. هذه المسألة غامضة في الفقه والقضاء، ويرجع ذلك إلى ثمة قاعدة شرعية تقضى بأن الوارث ينتصب خصما عن باقي الورثة امام القضاء. وقد عرض أمر هذه القاعدة الشرعية على محكمة النقض فلم تحسمه بل قامت مرة في حكم لها([10]) أن هذه القاعدة “قد” تكون صحيحة ممكنا الاخذ بها لو أن الوارث كان قد خاصم أو خوصم طالبا الحكم للتركة نفسها بكل حقها أو مطلوبا في مواجهته الحكم على التركة نفسها بكل ما عليها، أما إذا كانت دعوى الوارث تهدف إلى تبرئة ذمته من نصيبه من الدين فانه لا يكون نائبا شرعيا من عموم التركة لأنه يعمل لنفسه ولمصلحته الشخصية في حدود نصيبه، ثم قالت في حكم آخر([11]) أو الوارث الذى لم يظهر في الخصومة يعتبر ممثلا فيها عن طريق نيابة الوارث الاخر أو بعبارة أدق عن طريق المورث الذى تلقى الحق عنه الا أنه مع ذلك لا يعتبر محكوما عليه مباشرة بل يكون من الغير. والواقع أننا يجب أن نواجه هذه المسألة ونعالجها على نحو واضح.

ونحن نرى أن اختصام أحد الورثة قد يكن مثابة وذريعة للتواطؤ، وان القول بتمثيل الوارث لباقي الورثة انما يحص بالنسبة لما ينفع لا بالنسبة لما يضر، ومن ثم فانه يجوز لأحد الورثة أن ينفذ بحق التركة على الغير، أو أن يحصل على حكم لصالح التركة ضد الغير. ولكن لا يجوز أن يكون الحكم الصادر ضد أحد الورثة أو بعض الورثة حجة على الباقين كما لا يجوز أن يجرى التنفيذ ضد بعض الورثة أو ضد واحد منهم لأن ذلك أمر ضار فلا ينبغي الاكتفاء فيه اختصام وارث دون آخر. بل لابد من اختصام الورثة جميعا([12])، وآية ذلك ما نصت عليه المادة 463 من أن اعلان أوراق التنفيذ يتم للورثة جملة في خلال الثلاثة شهور التالية للوفاة، ومفهوم ذلك أنه بعد انقضاء هذه الفترة يجب اعلان كل من الورثة على انفراد، وهو ما يستفاد منه أنه يجب توجيه اعلان خاص لكل واحد من الورثة. وأنه لا يكفى اعلان البعض منهم دون البعض الآخر بأوراق التنفيذ.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .