حق الأم في الحضانة دون رفع دعوى قضائية
منصور الزغيبي
استبشر الناس كثيراً بالتوجه الذي أخذت به دراسة في المجلس الأعلى للقضاء في موضوع الحضانة. إذ إن الظروف الراهنة تحتّم التعمق في مجال الدراسات القضائية أكثر من أي وقت مضى، وبشكل مختلف مطرز بحس الإبداع، لسد الثغرات، ولتصحيح وتجديد مسار الإجراءات، بحكم ما يطرأ ويظهر خلال التطبيق والممارسة.

ومن خلال قراءتي الكتابات عن هذه الدراسة، وجدت بعضها ابتعد عن الفهم الصحيح لما صدر عن المجلس الأعلى للقضاء، فالبعض ظنه قراراً، وآخرون فهموا أن الأب ليست له حضانة، إلى غير ذلك من المفاهيم غير الدقيقة.

وأساسه وفق الكتاب الموجه من المشرف العام على الإدارة العامة للمستشارين بالمجلس الأعلى للقضاء لوزارة العدل، مقترح من فضيلة رئيس محكمة الأحوال الشخصية بمحافظة جدة في شأن هذا الموضوع.

ودرس في المجلس، وانتهت الدراسة إلى أنه في الحالات التي لا خصومة فيها، يحق للمرأة أن تستصدر إثباتاً من المحكمة يقضي لها بثبوت حضانتها، من دون حاجة إلى اللجوء لرفع الدعوى أمام المحكمة ضد زوجها أو طليقها، حتى لا تتكلف عناء إقامة الدعوى، ولما قد تسببه إقامتها من تعنت المدعى عليه، مما قد يعود بالضرر على أبنائها القصّر.

فما دام القاصر تحت حضانتها ولم ينازعها والده في الحضانة، فتجري المحكمة الإجراء الشرعي في الإثبات.

هذا وقد اشترطت الدراسة بحسب الكتاب المشار إليه، أن تتعهد الأم بأنها لم تقم هي أو غيرها دعوى في موضوع الحضانة وأن تثبت صلاحيتها لذلك.

وسيفيد الأم هذا الإثبات في متابعة ابنها في الجهات الحكومية وغير ذلك، من دون حاجة إلى أحد ما دامت تحمل هذا الإثبات، مما ييسّر عليها القيام بشؤون المحضون، وقد نصت الدراسة على أن يضمن الإثبات ما نص عليه قرار المجلس الأعلى للقضاء 1176/11/30 من أن للأم حق مراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات والمدارس والجهات الحكومية والأهلية، ما عدا السفر بالمحضون، فيكون في طلب مستعجل وفقاً للقضاء المستعجل.

وأشير إلى أنه في الحالات التي يقوم فيها نزاع في الحضانة، فإن الدعوى تنظر وفقاً للإجراءات المقررة في الترافع.

كما أشير إلى أنه إذا كان هناك نزاع في الحضانة، فلا يسوغ للأم أن تقدم الطلب، بل عليها أن تواصل الدعوى حتى تنتهي بحكم بات.

وفي الحالات التي يصدر فيها صك إثبات الحضانة إنهاء، فإن للأب أن يعترض على ذلك وفقاً للفقرتين (3 و4) للمادة (218) من نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية.

ولم تبتعد الدراسة عما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة (الخامسة عشرة) من نظام حماية الطفل، التي نصت على أنه يعد والدا الطفل – أو أحدهما، أو من يقوم على رعايته – مسؤولين في حدود إمكاناتهما المالية وقدراتهما عن تربيته وضمان حقوقه، والعمل على توفير الرعاية له، وحمايته من الإيذاء والإهمال.

خلاصة القول، نحن في حاجة إلى مزيد من هذه الدراسات، التي تختصر الكثير من الإجراءات والوقت، وتخفف من حدة النزاعات بين الناس، وتخفف الضغط والعبء على المحاكم، وتسهم في معالجة الكثير من إشكاليات الإجراءات وما فيها من الفجوات والنقص، التي غالباً ما تكون واضحة بعد تنزيلها على أرض الواقع، وكذلك ما يستجد من ظروف وأحداث تستلزم التحديث والإضافة والإبداع داخل النصوص الإجرائية، وتسهم أيضاً في رفع مستوى الأداء القضائي وتطويره.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت