لا يجوز للمحكوم بالسجن المؤقت أو المؤبّد التصويت في الانتخابات
القاضي سالم روضان الموسوي

حدّد قانون انتخابات مجلس النواب رقم 45 لسنة 2013 المعدّل الشروط الواجب توافرها في الناخب ليتمكن من المشاركة في التصويت على وفق الشروط الوارد ذكرها في المادة (5) من قانون الانتخابات: “يشترط في الناخب أن يكون :

أولاً- عراقي الجنسية .

ثانياً- كامل الأهلية .

ثالثاً- أتم الثامنة عشرة من عمره في السنة التي تجري فيها الانتخابات . رابعاً- مسجّلاً في سجل الناخبين وفقاً لأحكام هذا القانون والانظمة والاجراءات التي تصدرها المفوضية”. ويقصد بكامل الأهلية هو كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية غير محجور عليه على وفق نص المادة (46/1) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل، أما ناقص الأهلية فهو من فقد شرطاً من شروطها مثل المجنون والصغير وكذلك المحكوم بعقوبة سالبة للحرية ويُقصد بها العقوبة بالسجن مدة أكثر من خمس سنوات أي المحكوم عن جناية، وهذا المحكوم يكون محجوراً بحكم القانون ويُمنع من ممارسة حقوقه بنفسه على وفق حكم المادة (97) من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل التي جاء فيها: “الحكم بالسجن المؤبد أو المؤقت يستتبعه بحكم القانون من يوم صدوره إلى تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة أو انقضائها لأي سبب آخر حرمان المحكوم عليه من إدارة أمواله او التصرف فيها”، كما تتبع العقوبة بالسجن عقوبات تبعية أخرى أي تتبع الحكم تلقائياً دون أن ينص عليها قرار الحكم القضائي الذي قضى بالإدانة أو العقوبة، ويصبح ذلك السجين بحكم القاصر المحجور عليه على وفق ما جاء في المادة (95) من قانون العقوبات التي تنص على الآتي: “العقوبات التبعية هي التي تلحق المحكوم عليه بحكم القانون دون الحاجة إلى النص عليها في الحكم”.

كما يتبع ذلك الحكم حرمان المحكوم من ممارسة حقوقه السياسية ومنها حق الانتخاب والترشح، حيث أشارت المادة (96) من قانون العقوبات إلى ذلك على وفق النص الآتي:1- الحكم بالسجن المؤبد أو المؤقت يستتبعه بحكم القانون من يوم صدوره وحتى إخلاء سبيل المحكوم عليه من السجن حرمانه من الحقوق والمزايا التالية : 2 – أن يكون ناخباً أو منتخباً في المجالس التمثيلية…”، حيث أشار النص الى حرمانه من حق الانتخاب في المجالس التمثيلية ويقصد بها مجلس النواب أو مجالس المحافظات أو أي مجلس يكون الوصول إليه عبر الانتخابات، إلا أن قانون انتخابات مجلس النواب رقم 45 لسنة 2013 لم يتطرق إلى هؤلاء بل أشار صراحةً إلى إمكانية أن يكونوا من الناخبين ويحق لهم التصويت عندما ذكر التصويت الخاص في المادة (40) من قانون الانتخابات التي جاء فيها “يكون التصويت الخاص قبل (48) ساعة من موعد الاقتراع العام ويشمل : ثانياً- النزلاء والموقوفين بناءً على قوائم تقدّم من وزارة الداخلية والعدل خلال مدة لا تقل عن ثلاثين يوماً من موعد الاقتراع وتشطب أسماؤهم من سجل الناخبين العام”.

ويذكر إن تعريف النزيل هو الذي تصدر بحقه أحكام بعقوبات أو تدابير سالبة للحرية من سلطة مختصة قانوناً بإصدارها وعلى وفق ما ورد في نص الفقرة (1) من المادة (2) من قانون المؤسسة العامة للإصلاح الاجتماعي رقم (104) لسنة 1981 المعدل وبذلك فإن إعطاء حق التصويت لهؤلاء المحكومين بعقوبة السجن لأكثر من خمس سنوات فيه مخالفة صريحة للقانون، لأن القانون لا يجيز لهم ممارسة هذا الحق الذي يعد من الحقوق السياسية بسبب إدانتهم بارتكاب جريمة عقوبتها السجن سواء المؤقت أو المؤبد، فضلاً عن عقوبة الإعدام التي تسلب المحكوم من جميع حقوقه السياسية على وفق حكم المادة (98) من قانون العقوبات، وهذا الأمر قد أشير إليه عبر وسائل الإعلام في كل الانتخابات التي جرت في العراق من المختصين في الشأن القانوني، لكن لم نسمع أي رد أو توضيح من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كما لم أجد أي تعليمات تتعلق بموضوع التصويت الخاص بالسجناء، لذا على مجلس المفوضين المكوّن من السادة القضاة الأفاضل الالتفات إلى هذا الأمر والتعامل مع الأصوات التي جاءت عبر تصويت السجناء بأنها باطلة لعدم جواز تصويت السجين على وفق ما تقدم وأن تُشطب من السجلات لأنه على حد علمي لم تقدّم سجلات تفصيلية عن موقف كل سجين ومدة عقوبته وهل اكتسب قرار الحكم بالعقوبة والإدانة الدرجة القطعية من عدمه، لذلك لابد من تدارك هذا الخلل القانوني والتعامل معه على وفق أحكام القانون لأن النتائج التي تبنى على هذا النوع من التصويت تكون باطلة وما يترتب على الباطل فهو باطل.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت