هل القانون العراقي يعتبر صغر السن مانع من موانع المسؤولية؟

صغر السن مانع من المسؤولية الجنائية ان الادراك لا يكتمل عند الانسان منذ ولادته بل يكتسب تدريجيا في مدى سنوات منذ الميلاد الى ان تكتمل ملكاتة الذهنية ، فالانسان يولد فاقد الادراك ثم ينمو عقله تدريجيا بتقدم سنه ،ويتبع ذلك نمو مدراكه حتى يأتي السن الذي ينضج فيه العقل و يتكامل الادراك،و المشرع الجنائي يحدد سن معينه للمسؤوليه الجنائيه و يمنع من مسألة الصغير قبل اتمامها تاسيسا على افتراض عدم ادراك الصغير لماهية العمل الاجرامي و عواقبه ، فان اتمها توافرت للصغيرالمسؤولية و لكن بصوره ناقصه لقيام الادراك الجزئي غير الكامل لديه و عندئذ يسال مسؤولية مخففه و يبقى هكذا الى ان يكمل ادراكه ، و عند ذلك يسال مسؤوليه كامله ، و كل انسان يمر في حياته بادوار يكون في بعض منها فاقد الادراك و في بعضها ناقص الادراك فيكون الاول عديم المسؤوليه الجنائيه و يكون الثاني ناقصها، و المشرع قد راعى ذلك و جعل من صغر السن مانعا من موانع المسؤوليه الجنائية في السنوات الاولى من الحياة و وجها لتخفيف العقوبه في الفترة بين فترة الاعفاء و مرحلة الرشد٠ والتشريعات الجنائية اعتبرت صغر السن مانعا من المسؤولية الجنائية اقتناعا منها بان الانسان قبل تجاوزة لسن معين يكون غير متمتع بالادراك والذي هو شرطا لقيام المسؤولية الجنائية ٠ و علة امتناع مسؤولية الصغير هي انتفاء التميز لدية لان التمييز يتطلب توافر قوى ذهنية قادرة على تفسير المحسوسات وادراك ماهية افعاله وتوقع اثارها ، و هذة القوى لاتتوافر الا اذا نضجت في الجسم الاجزاء التي تؤدي العمليات الذهنية وتوافر قدر من هذه العمليات ، وقانون العقوبات العراقي كان من ضمن هذه التشريعات حيث اعتبر من لم يتم السابعة من العمر لا ادراك له وبالتالي لامسؤوليه عليه حيث نص على ذلك في الماده ( ٦٤ عقوبات ) و لكن ما ينبغي الاشاره اليه هو ان قانون رعاية الاحداث العراقي قد حددها باتمام التاسعه من العمر حيث نصت الماده (٣ / الفقره-اولا ) منه على ( اولا- يعتبر صغيرا من لم يتم التاسعة من العمر ) ، حيث ان قانون رعاية الاحداث هو قانون خاص بالنسبة لقانون العقوبات والخاص يقيد العام لذلك فان النص الواجب هو النص المادة ( ٣ / الفقره-اولا ) من قانون رعاية الاحداث٠ رقم ٧٦ لسنة ١٩٨٣ و المشرع العراقي قد استعمل مصطلح ( لا تقام الدعوى الجزائيه٠٠٠ (في مستهل الماده ٦٤ و بذلك لم يكن موفقا في صياغته لهذه الماده حيث كان عليه ان يبدأها بعبارة ( لا يسال جزائيا٠٠٠٠ (تلك العباره التي ابتدأ بها جميع نصوص موانع المسؤوليه لاخرى ٠

و القوانين الجنائيه العربيه و منها القانون العراقي و كذلك الشريعه الاسلاميه قد حددت سن المسؤوليه الجنائيه بتمام سن السابعه، بينما هناك تشريعات جنائيه قد حددت سن المسؤوليه بتمام الثالثه عشرة من العمر ، ان عدم بلوغ تمام السن المحددة بموجب القانون قرينه قانونيه قاطعه على عدم الادراك لا تقبل اثبات العكس بحكم القانون ، فلا يسال جنائيا حتى لو ثبت ان ادراكه قد سبق سنه و ان عقله قد نضج قبل الاوان ، ففقد الادراك قبل اتمام تلك السن مفترض قانونا افتراضا غير قابل لاثبات العكس و لا مجال للبحث فيه ٠

و حالة فقد الادراك حاله طبيعيه حتميه يمر بها كل انسان ، والعبره في تقرير سن المتهم هي بوقت ارتكاب الجريمه لا وقت المحاكمه او الحكم في الدعوى و يكون تقدير سن المتهم في الاصل بالوثائق الرسميه و لكن يمكن للمحكمه ان تحيل المتهم الى الفحص الطبي لتقدير عمره بالوسائل الشعاعيه او المختبريه اذا وجد ان الوثيقه تتعارض مع واقع الحال ٠

و امتناع المسؤوليه بسبب صغر السن هو الامتناع عن مباشرة أي اجراء قبل الصغير ذكرا كان ام انثى ، وسواء كان عقوبه او تدبير احترازي ، و سواء كانت الجريمه جنايه او جنحه او مخالفه ، لان افعال الصغير غير المميز لا تعني قانون العقوبات بشيء ، و لكن ذلك لا يؤثر في المسؤوليه المدنيه للصغير فيبقى الصغير مسؤولا عن الاضرار الماديه التي يحدثها و يازم بالتعويض عنها طبقا للماده ١٩١ من القانون المدني العراق.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت