آلية الانتخابات في فلسطين

نظرة عامة

تم سنة 1995 توقيع الاتفاق الإسرائيلي ـ الفلسطيني المؤقت حول الضفة الغربية وقطاع غزة على أن يكون ساريا لخمس سنوات. واشترطت الاتفاقية عقد انتخابات رئاسية وتشريعية. ومن ضمن أمور أخرى، شرحت الاتفاقية بالتفصيل تنظيم الهيئة التشريعية وهيكلها ووظائفها، كما أوضحت حدود صلاحيات السلطتين التشريعية والتنفيذية ونظام الانتخابات.

قوانين الانتخابات، النظم والعمليات

أصدر الرئيس محمود عباس في 2 أيلول/سبتمبر 2007 مرسوما رئاسيا أجرى بموجبه تعديلات جوهرية على قانون الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وينص القانون المعدل على اعتماد نظام التمثيل النسبي الكامل (القوائم) في الانتخابات التشريعية، واعتبار الأراضي الفلسطينية دائرة انتخابية واحدة. كما يشترط على كل من يريد أن يترشح للانتخابات التشريعية أن يلتزم بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني وبوثيقة إعلان الاستقلال الصادرة عن منظمة التحرير عام 1989، وبأحكام القانون الأساسي. أما بالنسبة للانتخابات الرئاسية، فيشترط القانون المعدل حصول الفائز في انتخابات الرئاسة على 50% من الأصوات زائد واحد. وفي حال لم يحصل أي من المرشحين على الغالبية المطلقة المطلوبة تجرى جول ثانية بعد 15 يوما من تاريخ إعلان نتائج الجولة الأولى بين المرشحين اللذين يحصلان على أعلى الأصوات ويفوز بمنصب الرئيس المرشح الذي يحل على أعلى الأصوات في جولة الإعادة. ورفضت حركة “حماس” التعديلات التي أدخلها عباس على قانون الانتخابات معتبرة أن ليس من حقه إدخال تعديلات على القانون لأن المجلس التشريعي هو الجسم الوحيد المخول سن القوانين وليس الرئيس. وردّ عباس بأن “النظام الأساسي” منحه الحق في إصدار قرارات بقوة القانون في حال غياب المجلس التشريعي. وأضاف أن للمجلس الحق في رفض التعديلات التي أدخلها على القانون بعد أن يستأنف أعماله. يذكر أن هذا التعديل يستبعد حركة “حماس” من المشاركة والترشح في الانتخابات التشريعية ككتلة سياسية لأنها لا توافق على اتفاقات أوسلو وليست عضوا في منظمة التحرير الفلسطينية.

أصدر الرئيس محمود عباس في 11 آب/أغسطس 2007 بصفته رئيس منظمة التحرير الفلسطينية قرارا يقضي باعتماد أسلوب التمثيل النسبي الكامل (القوائم) في انتخابات منظمة التحرير الفلسطينية، وانتخابات المنظمات الشعبية، وفي انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.

ويحدد قانون الانتخابات الفلسطيني رقم 15 لعام 1995 شروط الترشيح ونظام الدعاية الانتخابية. وتجري العملية الانتخابية وفقا لقانون الانتخابات لعام 1995. وينص القانون على استئناف المنازعات الانتخابية أمام “محكمة الاستئناف الانتخابية” المؤلفة من رئيس وأربع قضاة يعينهم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.

يتألف المجلس التشريعي الفلسطيني من 132 عضوا منتخبا. ورئيس السلطة الفلسطينية عضو إضافي بحكم منصبه. وينتخب الأعضاء لخمس سنوات بناء على نظام الفوز بأغلبية الأصوات في 16 دائرة انتخابية. وبعض المقاعد محجوزة لتمثيل الأقليات. وتم في انتخابات 1996 حجز ستة مقاعد للأقلية المسيحية ومقعد واحد للسامريين. وعلى المرشحين الحصول على 500 توقيع تؤيد ترشيحهم وإيداع 1000 دولار أمريكي لدى وزارة المالية. وينتخب رئيس السلطة من دائرة انتخابية واحدة على أساس نظام الفوز بأكثرية الأصوات. وبينما يسمح للناخبين في الانتخابات التشريعية بالتصويت لجميع المرشحين في دائرتهم، فلا يسمح لهم إلا بالتصويت لمرشح واحد من المرشحين للرئاسة. وعلى المرشحين للرئاسة الحصول على 5000 توقيع يؤيدون ترشيحهم وإيداع 3000 دولار لدى وزارة المالية. ولجميع الفلسطينيين ممن لا تقل أعمارهم عن 18 سنة يوم إجراء الانتخابات الحق في التصويت.

السلطات الانتخابية

كما فوضت الاتفاقية السلطة الفلسطينية إنشاء “لجنة الانتخابات المركزية” لإدارة الانتخابات وفقا لنصوص القانون الانتخابي. وأنشأت لجنة الانتخابات المركزية بدورها “مكاتب الأقضية الانتخابية” و “لجان مراكز تسجيل الناخبين لمساعدتها في إجراء الانتخابات على المستوى المحلي. واستعدادا لانتخابات 1996 انهمكت لجنة الانتخابات المركزية في تثقيف الناخبين وتسجيلهم. وتذكر الاتفاقية المؤقتة لعام 1995 أيضا ضرورة السماح لمراقبين دوليين بمراقبة الانتخابات. وكانت جميع مراحل العملية الانتخابية عام 1996 مفتوحة أمام المراقبين، بدءا بتسجيل الناخبين وفترة الحملات الانتخابية وانتهاء باليوم المخصص للتصويت داخل أقلام الاقتراع. ولقيت انتخابات 1996 الرئاسية والتشريعية اهتماما عالميا كبيرا، وتم منذ ذلك الحين نشر عدد من التقارير في مواقع كثيرة حول نوعية الانتخابات وصحتها. وكانت معظم أجزاء هذه التقارير إيجابية.

الإنتخابات الرئاسية

جرت آخر انتخابات رئاسية في مناطق السلطة الفلسطينية في 9 كانون الثاني/يناير 2005. وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية فوز مرشح حركة فتح محمود عباس (أبو مازن) وحصوله على 62.3 بالمئة من الأصوات. وصوت في هذه الانتخابات 000ر775 مواطنا من أصل 1.1 مليون ناخب مسجل في اللوائح الانتخابية مما يجعل نسبة المشاركة 70 بالمئة. وخاض الانتخابات سبعة مرشحين بمن فيهم عباس. وحصل المرشحون الآخرون على النسبة التالية من الأصوات: حصل مصطفى البرغوثي على 18 بالمئة، وتيسير خالد (مرشح الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين) على 3.5 بالمئة، وتراوحت نسب الأصوات التي نالها بقية المرشحين بين 2.7 بالمئة و 0.8 بالمئة. ومن الجدير بالذكر أن حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي قاطعتا الانتخابات الرئاسية.

الإنتخابات التشريعية

فاز في الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الثاني/يناير 1996، 49 مرشحا من أعضاء حركة التحرير الوطني الفلسطيني ـ فتح، بينما فاز 15 مرشحا آخر من أنصار فتح. وفاز ببقية المقاعد مرشحون مستقلون وان كان بعضهم من أنصار التيار الإسلامي. أما فصائل م ت ف المنافسة لفتح فلم تشارك في الانتخابات. وتعبيرا عن رفضهم لاتفاقات أوسلو امتنع بعض الإسلاميين المناصرين لحماس عن المشاركة. وفي أثناء مناقشة إجراءات ونظام الانتخابات سنة 1995 نادت بعض أحزاب المعارضة الصغيرة باتباع نظام التمثيل النسبي الذي يعطي في العادة فرصة اكبر للأحزاب الصغيرة. فنظام التمثيل على أساس الأكثرية يميل لمصلحة الأحزاب الكبيرة. ففي انتخابات 1996 التشريعية مثلا، وعلى الرغم من أن حركة فتح حصلت على 30 بالمئة تقريبا من أصوات الناخبين، فقد فازت بـ 58بالمئة من المقاعد النيابية. وعلى عكس ذلك، حصل المرشحون المستقلون على 60 بالمئة تقريبا من الأصوات لكنهم لم يفوزا إلا بـ 40 بالمئة من المقاعد النيابية.

جرت ثاني انتخابات تشريعية فلسطينية في 25 كانون الثاني/يناير 2006 وفق نظام مختلط مناصفة بين الدوائر الانتخابية والقوائم النسبية. وتنافست 11 قائمة على نصف مقاعد المجلس التشريعي على شغل 66 مقعدا نيابيا، بينما تنافس 414 مرشحا على شغل الـ 66 مقعدا الأخرى. وكانت الأراضي الفلسطينية قد قسمت إلى 16 دائرة انتخابية (11 دائرة للضفة الغربية و 5 دوائر لقطاع غزة). وشاركت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للمرة الأولى في هذه الانتخابات. أما القوائم المشاركة والتي تمثل أحزابا وقوى سياسية فهي: قائمة “حركة فتح”؛ قائمة “حركة حماس” التي خاضت الانتخابات تحت اسم “قائمة التغيير والإصلاح”؛ قائمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ قائمة “البديل” (ائتلاف يساري من الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني وحزب فدا)؛ قائمة “فلسطين المستقلة” (ضمت عددا من المستقلين برئاسة مصطفى البرغوثي)؛ قائمة “جبهة التحرير الفلسطينية”؛ قائمة “الحرية والعدالة الاجتماعية” (ضمت حركة “كفى” الشبابية و “حزب الخضر الفلسطيني”)؛ قائمة “وعد” (مستقلون)؛ قائمة “الطريق الثالث” برئاسة وزير المالية سلام فياض (ضمت أكاديميين ورجال أعمال)؛ قائمة “الحرية والاستقلال” (تمثل جبهة التحرير العربية)؛ وقائمة “العدالة الاجتماعية” (تمثل حزب العدالة الاجتماعية وهو حزب وسط يدعو إلى المقاومة السلمية).

بلغ عدد الناخبين المسجلين 3ر1 مليون شخص أدلى نحو 980 ألف منهم بأصواتهم حيث بلغت نسبة المشاركة العامة 77%. وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية النتائج الرسمية النهائية للانتخابات فجاءت على النحو التالي: فازت حركة “حماس” بـ 74 مقعدا وفازت حركة فتح بـ 45 مقعدا من مقاعد المجلس التشريعي. أما المقاعد الـ 13 المتبقية فتوزعت على النحو التالي: حصلت قائمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على 3 مقاعد، وقائمة “البديل” على مقعدين، وقائمة “فلسطين المستقلة” على مقعدين، وقائمة “الطريق الثالث” على مقعدين. وفاز مرشحون منفردون بأربعة مقاعد. وفور إعلان فوز حركة حماس بنسبة 56% من مقاعد المجلس التشريعي قدّم رئيس الوزراء، أحمد قريع، استقالته من منصبه لأنه بحسب القانون الأساسي الفلسطيني يفترض تكليف الحزب الذي يحصل على أكثرية المقاعد بتأليف الحكومة. كما ينص القانون الأساسي على أن تتولى الحكومة السياسة الداخلية فيما يتولى الرئيس مسؤولية السياسة الخارجية، خصوصا العلاقات مع اسرائيل. وسارت العملية الانتخابية بهدوء ولم تتخللها أي أحداث شغب، وأشرف عليها مئات المراقبين الدوليين والمحليين. وكان هناك اجماع على أنها انتخابات حرة وديمقراطية.

الإنتخابات المحلية

وجرت أول انتخابات بلدية في الضفة الغربية منذ ثلاثة عقود في 23 كانون الأول/ديسمبر 2004. وتأجلت هذه الانتخابات في قطاع غزة بسبب وقوع أعمال عنف أعاقت تسجيل الناخبين. وترشح في المرحلة الأولى 886 مرشحا لشغل 360 مقعدا بلديا في 26 موقعا في مدينة أريحا و 25 قرية في الضفة الغربية. وجاءت نتائج الانتخابات على النحو التالي: حصلت حركة فتح على غالبية مقاعد 17 مجلسا قرويا وبلديا، فيما حصلت حركة حماس على غالبية مقاعد 9 مجالس، وحلّت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في المرتبة الثالثة. وحصلت فتح على 135 مقعدا في مقابل 75 مقعدا لحماس. وبلغت نسبة المشاركة 84 بالمئة من المؤهلين للتصويت وعددهم 140 ألف مواطن. واحتسبت “كوتا نسائية” بنسبة 16 بالمئة من مجموع المقاعد البلدية والقروية. وأفاد المراقبون الدوليون والمحليون بأن الانتخابات كانت نزيهة وشفافة. وفاز مرشحو حركة حماس بـ 78 مقعدا بلديا من أصل 118 مقعدا، بينما فاز مرشحو حركة فتح بـ 30 مقعدا، والمستقلون بـ 9 مقاعد، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمقعد بلدي واحد.

جرت المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية الفلسطينية وفق التمثيل النسبي المعتمد في 29 أيلول/سبتمبر2005. وشملت الانتخابات 104 قرى وتجمعات في الضفة الغربية يبلغ عدد ناخبيها 127 ألف ناخبا وناخبة. وبلغ عدد القوائم الحزبية الإجمالي 297 قائمة تنافست على شغل 1018 مقعدا بلديا. وتنافس 2274 مرشحا من بينهم 558 امرأة على شغل 814 مقعدا بلديا ومحليا بعد أن حسمت نتائج 22 دائرة سلفا بالتزكية لوجود قائمة واحدة فيها. وفازت حركة “فتح” بـ 16 دائرة انتخابية بالتزكية بمفردها، بينما فازت في الدوائر الـ 6 الأخرى بتحالفها مع أحزاب سياسية أو عائلات. وبلغت نسبة المشاركة 81 بالمئة ممن يحق لهم الاقتراع. وأعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات، جمال الشوبكي، أن “فتح” فازت في 51 بلدية، وحركة “حماس” في 13 بلدية بينما حازت فصائل أخرى وقوائم عشائرية وعائلية على 40 مجلسا بلديا. وبلغ عدد المقاعد البلدية التي حصلت عليها “فتح” 547 مقعدا فيما حصلت “حماس” على 265 مقعدا. وبلغت نسبة الأصوات التي حصلت عليها “فتح” 73ر53 بالمئة، في حين حصلت حماس على 03ر26 بالمئة، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على 40ر5 بالمئة، ثم حزب الشعب الفلسطيني على 77ر1 بالمئة. وكان من المفترض أن تجري الانتخابات أصلا في 132 دائرة انتخابية إلا أنه تقرر إرجاء الانتخابات في دوائر غزة وجنين ودائرتين في منطقة نابلس بسبب الانسحاب الإسرائيلي الذي نفذ في الشهر نفسه. وجرت المرحلة الرابعة من الانتخابات البلدية الفلسطينية في 15 كانون الأول/ديسمبر 2005. وشملت الانتخابات 42 مدينة وقرية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ولم تعلن لجنة الانتخابات النتائج الإجمالية لهذه الانتخابات، لكنها أعلنت نتائج الانتخابات في أكبر 4 مدن في الضفة الغربية وهي نابلس وجنين والبيرة ورام الله. وحققت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فوزا كبيرا على حركة فتح في هذه الانتخابات إذ فازت بـ 13 مقعدا من مقاعد المجلس البلدي لمدينة نابلس وعددها 15 مقعدا فيما ذهب المقعدان المتبقيان إلى مستقلين (عدد الناخبين المسجلين في نابلس 50 ألف). وفازت حماس بـ 8 مقاعد من 15 مقعدا في المجلس البلدي لمدينة جنين الأمر الذي يؤهلها لرئاسة المجلس. وفي مدينة البيرة ذات الصبغة العلمانية فازت حماس بـ 9 مقاعد من 15 مقعدا. أما في مدينة رام الله ذات الأكثرية المسيحية فتقاسمت مقاعد المجلس البلدي حركة “فتح” وحلفائها من جهة، و”الجبهة الشعبية” وحلفائها المستقلين من جهة ثانية، بينما فازت حركة “حماس” بـ 3 مقاعد في مجلس المدينة. وذكرت المعلومات المنشورة أن حركة “فتح” فازت في المناطق الريفية من دون إعطاء أية أرقام. وبقيت مرحلة أخيرة من الانتخابات البلدية تشمل 60 مدينة وبلدة وقرية بينها مدن كبيرة مثل غزة والخليل.