مقال يوضح موانع تطبيق القانون الأجنبي

بعد أن يكون القانون الأجنبي قد تحدد إختصاصه لحكم النزاع وفقاً لما أشارت إليه قواعد إسناد دولة القاضي فإنه قد يحول مانع دون التطبيق والموانع ثلاثة هي النظام العام والمصلحة الوطنية والغش نحو القانون ، ولقانون القاضي دورٌ واضح في أصل تحقق كل مانع والأثر المترتب عليه وكالآتي :أولاً : النظام العام في حال كون القانون الأجنبي الذي تحدد إختصاصه مخالفاً للنظام العام في دولة القاضي فإنه يُمنع تطبيقه فالنظام العام مانع من تطبيق القانون الأجنبي هذا النظام الذي تعرفه دولة القاضي لا دولة القانون الأجنبي الواجب التطبيق إذ يرجع القاضي إلى فكرة النظام العام المعروفة في النظام القانوني لدولته كي يقرر من بعد ذلك أن القانون الأجنبي الذي تقرر إختصاصه معارضاً للنظام العام فيمتنع عن تطبيق أحكامه أم العكس كي يقوم بتطبيق تلك الأحكام.

وتقدير مخالفة القانون الأجنبي للنظام العام ترجع لسلطة القاضي التقديرية خاضعاً فيها لرقابة المحاكم العليا في دولته لكونها مسألة قانونية لا واقعة لأجل أن تكون من إختصاص محاكم الموضوع فقط.

أما من ناحية الأثر فإنه يتم إستبعاد القانون الأجنبي المعارض للنظام العام في دولة القاضي ويحل قانون المحكمة المختصة إختصاصاً قضائياً دولياً محله ، فالمشرع في كل دولة حين يسمح بتطبيق أحكام قانون أجنبي في نطاق العلاقات الخاصة الدولية إنما يقوم بذلك مراعاة لإعتبارات الملاءمة والفاعلية والنفاذ للأحكام ولكن هذه الإعتبارات لا يمكن الإعتداد بها من قبله إذا كان القانون الأجنبي مخالفاً للمصالح العليا في دولته تلك التي يعبر عنها بالفكرة القانونية المسماة ( النظام العام ). وُيلاحظ هنا إن إستبعاد أحكام القانون المخالف قد لا يكون كلياً إنما تُستبعد الأحكام المخالفة فحسب مضافاً إلى وجود فكرة الأثر المخفف للنظام العام فيما يخص الحقوق المكتسبة في خارج دولة القاضي بالرغم من عدم الإعتراف بها من قبل هذه الأخيرة ومثاله الإعتراف بآثار الزواج الثاني المنعقد في خارج دولة القاضي في حين أن الزواج الثاني نفسه يعد باطلاً لمخالفته للنظام العام إذا أريد إنشاؤه في هذه الدولة.

ثانياً : المصلحة الوطنية إذا كان الأجنبي في دولة القاضي ناقص الأهلية وفقاً لقانون جنسيته وكامل الأهلية وفقاً لقانون القاضي فهنا إذا ما ثار نزاع يخص أهلية الأجنبي هذا فلن يطبق بشأنه قانون جنسيته كما تقضي بذلك قاعد الإسناد وإنما يعد كامل الأهلية طبقاً لقانون القاضي فالمصلحة الوطنية في دولة القاضي ( حمــاية الوطني المتعاقد الآخر أو تأمين سير المعاملات المدنية في الدولة ) هي المانع من تطبيق القانون الأجنبي.

والأثر المترتب على الأخذ بالمصلحة الوطنية هو تطبيق قانون القاضي أي اعتبار الشخص الأجنبي كامل الأهلية وفقاً لقانون المحكمة الناظرة في النزاع بصرف النظر عما يقضي به قانون جنسيته ، مضافاً إلى أن التصرف القانوني الذي يجريه الأجنبي في دولة القاضي يُعد صحيحاً منتجاً لجميع آثاره.

ثالثاً : الغش نحو القانون وهو قيام الفرد بإرادته بتغيير ظرف الإسناد قاصداً تطبيق قانون هو غير القانون المختص أصلاً بحكم النزاع.

كأن يقوم الفرد بتغيير جنسيته قاصداً التهرب من قيود قانون الدولة صاحبة الجنسية الأولى ومستفيداً من المزايا التي يقررها قانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته الجديدة. ” لا غش نحو القانون ما لم يكن هذا الأخير هو قانون القاضي نفسه ” هـــــــذا هو أحد الآراء وإن لم يكن الرأي الراجح إلاّ أنه المطبق عملياً .
و كنتيجة للأخذ بنظرية الغش نحو القانون لا يعتد بالأثر المترتب على تغيير ظرف الإسناد في خصوص النزاع ويبقى قانون القاضي ( المتحايل عليه ) هو المختص .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت