التزامات التاجر

متى اكتسب الشخص صفة التاجر خضع لالتزامات عديدة أهمها الالتزام بإمساك الدفاتر التجارية و الالتزام بالقيد في السجل التجاري.

الالتزام الأول : الالتزام بإمساك الدفاتر التجاري

تعريف الدفاتر التجاري :

هي دفاتر ذات صفحات مرقمة يمسكها التاجر نفسه أو بواسطة تابعيه لبيان مركزه المالي بالوجه الذي يتطلبه القانون.
أهمية هذه الدفاتر تكمن في :

أنها تبين للتاجر في كل لحظة و بالأرقام نفقات الإنتاج و أسعار البيع و إيراداته و مصروفاته و كذلك حركة البضائع وحاله مخازنه و مقدار أرباحه و خسائره.

أحكام الالتزام بإمساك الدفاتر التجارية :

أولا : الملتزمون بإمساك الدفاتر التجارية :

– يلتزم بإمساك الدفاتر التجارية جميع التجار أفرادا و شركات وطنين و أجانب الذكور و الإناث ، سواء كان لهم محالا تجارية أو لم يكن.

– يستثنى من هذا الالتزام التاجر الذي يمارس تجارة بسيطة لعدم تكبيده عناء إمساك هذه الدفاتر لما تتطلبه من نفقات ولما تحتاجه قيود العمليات من معرفة بأصولها التي يندر أن يلم بها التاجر الذي لم يزد رأس ماله على مبلغ متواضع سيما كان أميا.

– الأمية لا تعتبر عذرا للتاجر بعدم إمساك الدفاتر حيث يمكنه أن يستعين بمحاسب يقوم بهذا العمل عنه .

– لا يكفي إعفاء التاجر من الالتزام بإمساك الدفاتر التجارية إقراره بأنه يمارس تجارة بسيطة أو صغيرة بل يخضع هذا الإقرار للسلطات التي تقدر الإعفاء من عدمه.

-لا يعتبر الشريك الموصى في شركة التوصية البسيطة أو بالأسهم ولا الشريك في شركة المساهمة أو في الشركة ذات المسئولية المحدودة تاجرا فبالتالي لا يلتزم بالإمساك بالدفاتر التجارية ، في حين تلتزم هذه الشركات بهذا كونها تاجرا.

-أما الشريك المتضامن في شركة التضامن و شركة التوصية البسيطة و التوصية بالأسهم فانه يعد تاجرا بمجرد دخوله في التجارة – وبعيدا عن الخلاف – يلتزم الشريك ولو بشكل نظري بالإمساك بالدفاتر التجارية الخاصة به لقيد العمليات التي تنشأ من خلال علاقته بالشركة مثل قيد الأرباح التي يحصل عليها و مقدار ما ساهم به في ديونها وكذلك سحوباته الشخصية ، وهو ما يقرر لمصلحته كون إفلاس الشركة يعني إفلاس الشريك ومن ثم يكون من مصلحته إمساكه للدفاتر التي تكفل بيان مركزه المالي للدائنين كي يثبت بان إفلاسه لم يكن بالتقصير منه .

ثانيا: أنواع الدفاتر التجارية :

-لابد أن يمسك التاجر دفتران كحد أدنى وهم ( دفتر اليومية ، و دفتر الجرد ) لكن المشرع ألزم بعض التجار بإمساك بعض الدفاتر بالإضافة إلى دفتر اليومية و دفتر الجرد وذلك بحسب ما تستلزمه تجارته و أهميتها .

يعفى من إمساك الدفاتر بالإضافة إلى التاجر الذي يمارس تجارة بسيطة ، التجار الذين لا يزيد رأس مالهم عن خمسة آلاف دينار كويتي .

-دفتر اليومية الأصلي : يقيد في هذا الدفتر جميع العمليات المالية التي يقوم بها التاجر ، وكذلك مصروفاته الشخصية ، ويتم هذا القيد يوما بيوم ، و يجوز للتاجر أن يستعمل دفاتر يومية مساعدة لإثبات تفاصيل الأنواع المختلفة من العمليات المالية ، وفي هذه الحالة يكتفي بتقييد إجمالي لهذه العمليات في دفتر اليومية الأصلي في فترات منتظمة من واقع هذه الدفاتر.

-دفتر الجرد : يقيد فيه تفاصيل البضاعة الموجودة لدى التاجر في آخر السنة المالية أو بيان إجمالي عنها إذا كانت تفاصيلها واردة بدفاتر وقوائم مستقلة ، وفي هذه الحالة تعتبر هذه الدفاتر و القوائم جزءا متمما للدفتر المذكور ، كما تقيد بالدفتر صورة من الميزانية العامة للتاجر في كل سنة .

-دفاتر أخرى ( يمسكها التاجر وفقا لما تستلزمه طبيعة تجارته وأهميتها ) : كدفتر الأستاذ الذي يقيد فيه التاجر العمليات الخاصة بكل عميل من عملائه بحسب تسلسلها الزمني الذي قيدت به في دفتر اليومية الأصلي ، ودفتر الخزانة أو الصندوق الذي يقيد فيه التاجر حركة النقود تحت يديه ، ودفتر الأوراق المالية الذي يقيد فيه التاجر ما يتوافر لديه من الأسهم و السندات الصادرة من الشركات ودفتر المخزن الذي يقيد فيه التاجر حركة بضاعته ، لكن يلاحظ أن هذه الدفاتر قد تكون إلزامية بالنسبة لتاجر بينما قد تكون اختيارية أو مساعدة بالنسبة لتاجر آخر وذلك بحسب طبيعة التجارة و أهميتها.

ثالثا : انتظام الدفاتر التجارية

– يجب أن تكون الدفاتر التجارية خالية من أي فراغ أو كتابة في الحواشي أو كشط أو تحشير.

– ويجب قبل استعمال دفتري اليومية والجرد أن تنمر كل صفحة من صفحاتهما ، وأن يختم على كل ورقة فيهما كاتب العدل.

– ويقدم التاجر إلى كاتب العدل، خلال شهرين من انقضاء كل سنة مالية ، هذين الدفترين للتأشير عليهما بما يفيد انتهاءهما وذلك بحضور التاجر ودون حجز الدفترين لدى كاتب العدل. فإذا انتهت صفحات هذين الدفترين قبل انقضاء السنة المالية، تعين على التاجر أن يقدمهما إلى كاتب العدل للتأشير عليهما بما يفيد ذلك بعد أخر قيد.

– على التاجر أو ورثته ، في حالة وقف نشاط المحل التجاري تقديم الدفترين المشار إليهما إلى كاتب العدل للتأشير عليهما بما يفيد ذلك.

– يكون الختم والتأشير في الحالات المتقدمة بغير رسوم.

– على التاجر أن يحتفظ بصورة مطابقة للأصل من جميع المراسلات والبرقيات التي يرسلها لأعمال تجارته ، وكذلك يحتفظ بجميع ما يرد إليه من مراسلات وبرقيات وفواتير وغيرها من المستندات التي تتصل بأعمال تجارته ، وذلك للتحقق من مطابقة مستندات التاجر و فواتيره ومراسلاته وبرقياته للقيود الواردة بدفاتره التجارية لضمان صحتها وانتظامها.

رابعا : مدة الاحتفاظ بالدفاتر التجارية

– على التاجر أو ورثته الاحتفاظ بدفتر اليومية الأصلي ودفتر الجرد مدة عشر سنوات تبدأ من تاريخ إقفالها، ويجب عليهم كذلك حفظ المراسلات والمستندات والبرقيات و الفواتير وصورها مدة خمس سنوات.

– لا تعتبر هذه المدة مدة تقادم للحقوق الثابتة في تلك الدفاتر و الأوراق ، إذ لكل حق تقادم خاص به ، فإذا لم يوجد مدة خاصة للتقادم ، انقضى الحق بمضي 15 سنة .

– تعني مدة انقضاء 10 أو 5 سنوات المذكورة قيام قرينة على أن التاجر قد أعدم دفاتره أو مستنداته ، إلا أن هذه القرينة بسيطة يجوز للخصم إثبات بأن التاجر لازال يحتفظ بهذه الأوراق رغم انقضاء المدة ، وفي حالة أقنع الخصم القاضي بهذا جاز لهذا الأخير إلزام التاجر تقديم دفاتره إلى المحكمة رغم انقضاء المدة المذكورة سالفا .

أما بسقوط حق الخصم بالتقادم الطويل ، فلا يجدي أن يطلب الخصم من التاجر بتقديم الدفاتر حتى لو كان محتفظا بها .

دور الدفاتر التجارية في الإثبات :

أجاز المشرع الكويتي تقديم الدفاتر التجارية للإطلاع عليها واعترف لها بحجية في الإثبات :

أولا : تقديم الدفاتر التجارية للإطلاع عليها

-للمحكمة عند نظر الدعوى أن تقرر، من تلقاء نفسها أو بناء على طلب احد الخصمين، إبراز الدفاتر والأوراق التجارية للإطلاع على القيود المتعلقة بالموضوع المتنازع فيه وحده، واستخلاص ما ترى استخلاصه منها.

-تصدر المحكمة أمرها إلى الخصم الماثل أمامها بالدعوى بأن يقدم دفاتره إليها وإذا لم يستجيب الخصم لأمر المحكمة جاز لها أن تحمله على ذلك بإخضاعه لغرامة تهديديه عن كل يوم يتأخر فيه عن تقديم دفاتره 292 مدني.

– لا يعني تقديم الدفاتر للقاضي تخلي التاجر عنها ، بل يقدمها في الجلسة كي تستخلص منها المحكمة الأدلة التي تعينها على حسم النزاع .

– نظرا لما يقتضيه العمل التجاري من سرية وعدم كشف المعلومات للمنافسين ، فان المحكمة تبحث في الدفاتر التجارية و الأوراق دون التطرق لأي بيانات ليس لها صلة في موضوع النزاع ، ويقع كل هذا تحت نظر التاجر أو من ينوب عنه ، كما يجوز للمحكمة أن تنتدب خبيرا لكي يقوم بالمهمة ، أو تبعث إلى مقر التاجر التي توجد به الدفاتر مندوبا للإطلاع عليها إن وجد عائق من نقلها للمحكمة و يجوز له الحصول على صور منها .

-كما للمحكمة من سلطة على حمل التاجر لتقديم دفاتره تملك أن تأمره بتقديم ما في حوزته من وثائق ومستندات ، غير أن التاجر لا يلتزم سوى بتقديم الدفاتر الإلزامية و الأوراق التي تستلزمها طبيعة عمله ، إذ هي وحدها التي يلتزم بالمحافظة عليها لمدة 10 أو 5 سنوات .

ثانيا : حجية الدفاتر التجارية في الإثبات

-أجاز المشرع الاحتجاج بالدفاتر التجارية ، لكن الإثبات عن طريق الدفاتر التجارية ليس هو الطريق الوحيد لإثبات الحقوق التي وردت بها ، فكما نعلم بأن المسائل التجارية خاضعة لمبدأ حرية الإثبات ومنها البينة و القرائن .

-حجية الدفاتر تخضع لتقدير القاضي ، فالأصل لابد أن تكون هذه الدفاتر منظمة و مستوفية للشروط التي تطلبها المشرع كي يطمئن لها القاضي ، لكن لا يوجد ما يمنع القاضي من الأخذ بدفاتر غير منظمة أو غير مستوفية للشروط متى وجد بها قرائن تظهر وجه الحق في النزاع .

هناك ثلاث حالات يجوز فيها الاحتجاج بالدفاتر التجارية :

أ-احتجاج التاجر بدفاتره ضد تاجر آخر :

-تكون الدفاتر التجارية الإلزامية حجة لصاحبها التاجر ضد خصمه التاجر وهو ما يعتبر استثناءا من المبدأ التقليدي الذي لا يجيز للشخص أن يصطنع بنفسه دليلا لنفسه ، بهذا يمكن أن تكون الدفاتر التجارية أمام القضاء دليلا كاملا للتاجر ضد خصمه التاجر الآخر ، وكون النزاع بين تاجرين فان القاضي يستطيع مضاهاة دفاتر كل منهما على دفاتر الآخر و المقارنة بينهما حتى يتيقن من صدق دعوى التاجر الذي يريد الاحتجاج بدفاتره ضد التاجر الآخر.

-لا يكفي أن يكون النزاع بين تاجرين بل لا بد أن يكون النزاع متعلقا بعمل تجاري للطرفين ، فلا يقبل الاحتجاج بالدفاتر إذا كانت العملية المثارة تجارية بالنسبة للأول و مدنية للآخر ، لأن الآخر لا يكون قد قيد هذه العمليات مما لا يمكن للقاضي مضاهاة الدفاتر ببعضها ، ومن باب أولى لا يجوز الاحتجاج بالدفاتر إذا كانت العملية محل النزاع مدنية حتى لو كانت بين تاجرين .

– اشترط المشرع لإثبات احتجاج التاجر بدفاتره ضد تاجر آخر في الأعمال التجارية ، أن تكون هذه الدفاتر منظمة أي مستوفية للشروط التي تطلبها القانون و إلا لا يكون لها حجية أمام المحاكم.

– تسقط حجية الدفاتر بالدليل العكسي ، ويجوز أن يؤخذ هذا الدليل من دفاتر الخصم المنتظمة ، حيث يتمتع القاضي بسلطة تقديرية في قبول الدفاتر كدليل في الإثبات ، ويرجح القاضي الدفاتر المنتظمة على الدفاتر الغير منتظمة ، ومع ذلك لا يوجد ما يمنعه من أن يرجح دفتر منتظم على آخر منتظم أو غي منتظم ، بل له أن يهدر حجية هذه الدفاتر مما يجبر الخصوم لللجوء لوسائل الإثبات الأخرى .

– يجوز للخصم الذي يراد الاحتجاج ضده بدفاتر التاجر ، أن يثبت عكس ما ورد في هذه الدفاتر حتى لو كانت منتظمة وذلك بكافة وسائل الإثبات كما يجوز له الاستناد إلى دفاتره هو إذا كانت تحوي دليلا عكسيا .

-يجوز للقاضي توجيه اليمين المتممة لأحد الخصمين على صحة دعواه ليكمل بها قناعته .

ب- احتجاج التاجر بدفاتره ضد غير التاجر :

-الأصل أن دفاتر التجار لا تكون حجة على غير التجار ولكن و خروجا عن الأصل فان البيانات المثبتة في الدفاتر التجارية تصلح أساسا يجيز للقاضي أن يوجه اليمين المتممة إلى أي من الطرفين ، وذلك حتى فيما لا يجوز إثباته بالبينة ، و يتوقف اعتبار ما ورد في دفاتر التاجر دليلا كاملا ضد غير التاجر على اقتناع القاضي بسلامة الدليل المستخلص وصدق اليمين الذي حلفه الخصم .

– هذا الحكم ينطبق على الغير حتى لو كان تاجرا ولكنه معفي من إمساك الدفاتر التجارية ، أو كانت المعاملة مدنية بالنسبة للطرف الذي يراد الاحتجاج بالدفاتر ضده.

جـ- الاحتجاج ضد التاجر بدفاتره :

-الأصل أنه لا يجوز إجبار الشخص أن يقدم دليلا ضد نفسه مع ذلك و استثناءا على هذا الأصل فان الدفاتر التجارية الإلزامية – منتظمة كانت أو غير منتظمة – حجة على صاحبها التاجر فيما استند إليه خصمه سواء كان هذا الأخير تاجرا أو غير تاجر ، فيجوز للغير أن يطلب من القاضي أن يوجه أمرا للتاجر بتقديم دفاتره للمحكمة التي يمكن لها أن تستخرج منها دليلا ضده و ذلك بالشروط المقررة لتقديم الدفاتر التجارية و الإطلاع عليها ، وينبني الاحتجاج ضد التاجر بدفاتره على اعتبار أن ما ورد بها من بيانات يعد إقرارا منه بوقوعها .

– يخضع هذا الاحتجاج لمبدأ أن الإقرار لا يتجزأ ، بحيث أنه لو استفاد الغير من دفاتر التاجر بما يؤيد دعواه فإنه كذلك يضار بما يوجد بها من أمور تناقض دعواه ، فإما أن يقبل بحجية هذا الدفتر بكل ما جاء فيه أو أن ينبذه .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .