اجازت اغلب التشريعات الضريبية المعاصرة الخروج على مبدأ السنوية وتقدير الضريبة على فترة تقل او تزيد على اثنى عشر شهراً . وقد وردت في قانون ضريبة الدخل النافذ استثناءات عديدة يمكن ايجازها بالاتي(1):

أ- خضوع دخول للضريبة تتحقق في اقل من سنة .

فقد تتحقق الضريبة خلال فترة تقل عن السنة وذلك لا سباب عديدة منها :

1-انقطاع مصدر الدخل : أي انعدام ذلك المصدر وتوقفه بسبب الوفاة او التنازل عنه بعوض او من دونه(2).

2-بدء النشاط بعد بداية السنة التقويمية : فقد جرى العمل على الاخذ بهذا الاستثناء وذلك في حالة ما اذا بدا نشاط المشروع بعد مضي بضعة شهور من السنة التقويمية فيقدر في السنة التقديرية عن ارباحه الناجمة خلال فترة الاشهر المتبقية من السنة المنصرمة .

ب- خضوع دخول للضريبة في غير سنتها التقديرية : فغالباً ما تلجأ السلطة المالية الى تقدير الضريبة في غير السنة التقديرية وذلك في احوال منها :

1- الرواتب والاجور والمخصصات حيث تستقطع مباشرة عند تحققها .

2- البدل الناجم عن نقل ملكية العقار او نقل حق التصرف فيه .

3- دخل غير المقيم : اذ تفرض الضريبة على دخل غير المقيم في سنة تسلمه للدخل او قيده لحسابه الا اذا كان غير المقيم قد سبق وان تم تقديره في السنة التقديرية التي تلت السنة المالية(3).

4- التقدير الاضافي : كما لو قدرت السلطة المالية دخل المكلف على غير حقيقته ثم اكتشفت ذلك في وقت لاحق حيث يتم تعديل التقدير السابق في غير السنة التقديرية التي جرى فيها التقدير الاصلي .

5- الخسائر المرّحلة(4).

6- الديون المعدومة(5).

ح- الخروج عن القاعدة من حيث تحديد بداية السنة نهايتها :

فقد تخرج السلطة المالية عن القاعدة المقررة في هذا الشأن في احوال منها :

1-السماح للمكلفين الملزمين بمسك الحسابات ان يتخذوا سنة لحساباتهم مغايرة للسنة التقويمية(6).

2-استغراق تنفيذ وانجاز بعض الاعمال لفترات زمنية تزيد على السنة كما في المقاولات اذ ان تواصل العمل في سنوات يستدعي تجزئة العملية الواحدة الى سنوات عدة فيوزع الربح على سنوات التنفيذ .

_________________________

1- لمزيد من التفصيل انظر د. هشام صفوت العمري – الضرائب على الدخل – مطبعة الجاحظ – بغداد – 1989 – ص97 وما بعدها .

2- فقد نصت الفقرة (3) من المادة (3) من قانون ضريبة الدخل النافذ على ان ” اذا انقطع مصدر الدخل خلال السنة التقديرية فللسلطة المالية اجراء التقدير وفرض الضريبة وجبايتها خلال نفس السنة وقيدها ايراداً نهائياً لنفس السنة … الخ ” . انظر ايضاً المادة 29 من قانون الضريبة الموحدة على الدخل المصري النافذ .

3- انظر الفقرة (5) من المادة (3) من قانون ضريبة الدخل النافذ .

4- وسنتناول هذه الموضوع بالتفصيل لاحقاً . انظر ص من الرسالة .

5- وسنتناول هذا الموضوع بالتفصيل في الفصل القادم . انظر ص من الرسالة .

6- انظر المادة الرابعة من قانون ضريبة الدخل النافذ .

المؤلف : قيصر يحيى جعفر الربيعي
الكتاب أو المصدر : السلطة التقديرية للإدارة في فرض ضريبة الدخل القانون العراقي

الاستثناءات التي ترد على مبدأ سنوية الضريبة :

إن مبدأ السنوية على الرغم من أهميته إلاّ أنّه لا يؤخذ به على إطلاقه في جميع الحالات ، حيث ترد عليه بعض الاستثناءات التي توجب محاسبة المكلف عن دخله بشكل يخرج عن الإطار السنوي بالزيادة أو النقصان أو غير ذلك ، وإن هذه الاستثناءات أما أن تقر بها التشريعات الضريبية فيكون مصدرها تشريعياً أو أن يقر بها الواقع العملي فيكون مصدرها العرف أو مبادئ المحاسبة المعمول بها، ولما كانت هذه الاستثناءات تشكل أهمية كبيرة أصبح من المهم تناولها والتعرف عليها في فقرتين ، وقدر تعلق الأمر بالشركات كالآتي:

آ. الاستثناءات التي تحاسب بموجبها الشركة على دخلها خلال مدة تقل أو تزيد على سنة.

ب. الاستثناءات التي تحاسب بموجبها الشركة على دخلها في غير سنتها التقديرية.

آ. الاستثناءات التي تحاسب بموجبها الشركة على دخلها خلال مدة تقل أو تزيد على سنة.

ونميز فيها بين الاستثناءات التي تحاسب بموجبها الشركة مدة تقل على سنة وتلك التي تحاسب بموجبها مدة تزيد عليها.

1- الاستثناءات التي تحاسب بموجبها الشركة مدة تقل عن السنة وتشمل الحالات الآتية:

-انقطاع مصدر الدخل

يقصد به انعدام دخل المكلف وتوقف عمله أو نشاطه الاقتصادي الذي اعتاد ممارسته لأي سبب يؤدي إلى ذلك ، ويعتبر كافياً لحصوله(1). وإن الانقطاع أما أن يكون كلياً بحيث يترتب عليه إنهاء المكلف نشاطه برمته والخروج تماماً من ميدان النشاط الاقتصادي ، أو أن يكون جزئياً بحيث يوقف المكلف بعض اوجه نشاطه أو فروع هذا النشاط أو قسماً من الفعاليات التي اعتاد ممارستها وفي كلتا الحالتين يكون التوقف دائماً أو مؤقتاً(2). وعلى أية حال ، فإن انقطاع مصدر الدخل بأية صورة كان يستوجب إجراء التقدير وفرض الضريبة في ذات السنة التي حصل فيها الانقطاع ولو كان عن مدة تقل عن سنة ، حيث تجبى الضريبة وتقيد إيراداً نهائياً لتلك السنة استثناءً من القاعدة العامة(3). وتتفق التشريعات الضريبية على الأخذ بهذا الاستثناء لذا فإن مصدره تشريعي وإن كانت التشريعات قد اختلفت من حيث عدم تحديد بعضها لحالات الانقطاع وصوره والمدد التي يجب أن يتم التبليغ عن حصوله خلالها، وهذا الأمر يبدو واضحاً في القانونين العراقي والأردني خلافاً للقانون المصري ، فقد تناول المشرع العراقي هذا الاستثناء بنص صريح عندما أجاز للسلطة المالية إجراء التقدير وفرض الضريبة خلال نفس السنة التي تحقق فيها للمكلف دخله إذا انقطع مصدر هذا الدخل خلال السنة التقديرية استثناءً من الأصل العام(4). لكنه لم يبين معنى الانقطاع أو صوره وإن كان المرجح انه ركز على الانقطاع الكلي لان ضريبة الدخل تفرض على مجموع الدخل وليس على فروعه(5). كما انه لم يحدد مدة للتبليغ بحصوله خلالها مما دفع البعض إلى انتقاده واعتبار ذلك نقصاً تشريعياً ينبغي معالجته(6). على الرغم من أنه ترك للسلطة المالية صلاحية تقرير إخضاع الدخل للضريبة من عدمه إذا لم يتم التبليغ والتي اعتبرت ذلك قرينة على استمرار النشاط(7). أما عن حالات الانقطاع فلم يحدد أياً منها بل جرى العمل في العراق على تحديدها بالنسبة إلى الشركة بالتصفية وتغير الشكل القانوني لها ً. ولم يخرج الوضع في القانون الأردني عما ورد في القانون العراقي ، حيث جاء المشرع الأردني ذكر الانقطاع بنص صريح أجاز فيه تقدير وفرض الضريبة على دخل المكلف الذي تحصل عليه في أي سنة بعد انتهائها ، ولو انقطع مصدر الدخل خلالها(8). وفيما عدا ذلك لم يأتِ بذكر أي تفاصيل عنه ، إلاّ إنهّ أشار إلى حالة واحدة من حالاته ، وهي حالة انقطاع الإقامة عندما أجاز محاسبة المكلف الذي ينوي مغادرة البلاد بصورة نهائية أو مؤقتة(9). ويمكن أن تطبق على الشركة أولاً لعموم النص الذي جاء فيه ، وثانياً لان الشركة المقيمة يمكن أن تنقطع إقامتها إذا أغلقت مكاتبها ومركزها أو فرعها أو محل مراقبتها فترة مؤقتة أو دائمة ، وهذا من شأنه أن يوقف نشاطها في الأردن وإن كان الأمر يحتاج بالنسبة إليها إلى إجراءات تستغرق مدة اكبر من تلك التي يحتاجها الأفراد ، وفيما عدا ذلك لم يرد في الجوانب التطبيقية أو الفقهية أو قرارات القضاء ما يشير إلى حالات أخرى فكل ما ورد لا يزيد عن قرارات تجيز التحاسب مدة تقل أو تزيد عن سنة(10). وقد اختلف الوضع في القانون المصري لأنه حدد حالات الانقطاع وبين أنواعه ، كما أنه قيد المكلفين بمدد معينة يجب أن يتم التبليغ عن حدوثه خلالها فقد اخذ بالانقطاع الكلي والجزئي ، وعرف الانقطاع الجزئي بأنه إنهاء الشركة أحد اوجه نشاطها(11). إلا انه لم يحدد فيما إذا كان الانقطاع دائماً أو مؤقتاً ، إلاّ أن الفقه المصري بين أنه لا يقصد به الانقطاع المؤقت إذا كانت أعمال شركة موسمية(12). وقد حدد هذا القانون مدة التبليغ بحصول الانقطاع (30) يوماً ، يجب خلالها تحقق العلم لدى السلطة المالية بحصول التوقف ، وقد رتب جزاءً على عدم التبليغ تمثل في التحاسب عن سنة كاملة ، كما الزم الشركة أن تقدم خلال (60) يوماً تقريراً تبين فيه نتيجة أعمالها إلى حين تاريخ التوقف(13). أما عن حالات التوقف فخلافاً لما جرى عليه العمل في العراق لم يعتبر القضاء ومصلحة الضرائب المصرية تصفية الشركة ضمن هذه الحالات ، كما لم يدخل حالات التغيير في الشكل القانوني للشركة ضمن حالات الانقطاع

 – حالة بدء النشاط بعد بداية السنة المالية(14).

تتحقق هذه الحالة إذا بدأت الشركة أو الفرد نشاطها التجاري أو الصناعي بعد بدء السنة المالية وكانت لديها رغبة في أن تطابق سنتها المالية السنة التقويمية فيجوز لها أن تطلب التحاسب عن المدة الواقعة بين بدء النشاط ونهاية السنة المالية التقويمية وهي قطعاً اقل من سنة ، وفي السنة التقديرية التالية يتم التحاسب مع الشركة عن سنة مالية كاملة وفقاً للقاعدة العامة وأسوةً بباقي المكلفين. ويمكن أن يتحقق هذا الاستثناء أيضاً إذا رغبت الشركة في أن تدمج هذه المدة مع السنة المالية التالية فتصبح الفترة التي تحاسب فيها الشركة أكثر من سنة ، وفي السنة التقديرية التالية يتم التحاسب عن سنة كاملة(15). وان هذا الاستثناء تقره قواعد المحاسبة ، لذا لا نجد له نصوصاً صريحة ضمن التشريعات إلا أنها تأخذ به.

 – تغيير الشركة سنتها المالية

تتم هذه الحالة إذا رغبت الشركة أو الفرد في التحول من حالة التحاسب على أساس السنة الحسابية إلى حالة التحاسب على أساس (القاعدة العامة) السنة التقديرية ، أو العكس ، وفي الحالتين متى تمت موافقة السلطة المالية جاز لها أن تحاسب عن المدة الواقعة بين تاريخ تغيير السنة المالية وتاريخ بدايتها فتكون المدة هنا أقل من سنة ، وللشركة أن تطلب دمج هذه المدة إلى حسابات السنة الجديدة فتكون الفترة اكبر من سنة وبعد انتهاء ذلك تحاسب الشركة سنوياً وفقاً لما تختاره ، ويرتبط هذا الاستثناء أيضاً بمبادئ المحاسبة ويعمل به في القانون العراقي والقوانين محل المقارنة(16).

الحالات التي يحاسب فيها المكلف على دخله الخاضع للضريبة مدةً تزيد على سنة ، وتشمل فضلاً عن حالتي ما إذا تم دمج مدة بدء النشاط أو المدة السابقة لتغيير الشركة سنتها إلى حسابات السنة الجديدة حالة أخرى هي:

 – حالة عقود المقاولات طويلة الأجل

إذ أن أعمال المقاولات هي أعمال تجارية تخضع للضريبة ، ولا تثير أي إشكال فيما لو كانت تبدأ وتنتهي في السنة ذاتها ، حيث يكون معلوماً مقدار ما تحقق خلال تلك السنة، ولكن إذا حصل وامتدت أعمال المقاولة مدة تجاوز السنة فيما يسمى عقود المقاولات طويلة الأجل التي تتميز بأن تنفيذها وإنجازها يستغرق مدة من الزمن بحيث لا تظهر نتيجة أرباحها أو خسائرها خلال مدة مالية واحدة، بل يحتاج الأمر إلى الوصول إلى السنة الأخيرة من أجل الوقوف على حقيقة الوضع ، وقد اختلفت التشريعات الضريبية وما جرى عليه العمل لدى السلطات المالية في كل دولة بين طريقتين(17).

1-طريقة المقاولة المنتهية: وتقوم على تأجيل احتساب الربح الخاضع للضريبة إلى حين تمام إنجاز العقد.

2-طريقة نسبة الإنجاز: تقوم على تقدير الضريبة وفرضها على أساس نسبة ما تم إنجازه في عقد المقاولة أو مقدار السلف التي قبضها المقاول . ويبدو وجه الاستثناء في هاتين الحالتين من خلال تواصل العمل في تنفيذ المقاولة سنواتٍ طويلة. ويتوقف تعامل السلطة المالية مع الشركة في العراق على مدى قبولها لحساباتها من عدمه ، فإذا قررّت قبولها تتعامل معها على وفق معادلة معينة تظهر فيها المصاريف بانتهاء المقاولة ، أو أن تظهر نتيجة التعهد لكل سنة مالية من حساب الارباح والخسائر ويقدر الربح بصورة احتياطية . أما إذا رُفضت حسابات الشركة فإن التقدير يكون نهائياً استناداً إلى مقدار السلف المقبوضة فعلياً أو لما أنجز من الأعمال(18). فيما ركزت السلطة المالية في مصر على طريقة نسبة الإنجاز، كما أجازت السلطة المالية أن يخصم من هذه الأرباح نسبة (20%) كتقدير احتياطي إلى أن يتم تنفيذ المقاولة نهائياً ، وتتحدد قيمتها بالضبط(19). أما القانون الأردني فقد ترك الخيار للشركة بين ما يناسبها من هاتين الطريقتين ، إلا أن التعديل الأخير الذي جاءت به مبادئ المحاسبة الدولية بخصوص إلغاء طريقة المقاولة المنتهية لم يترك للمكلفين سوى طريقة نسبة الإنجاز. ومع هذا لم يورد التشريع الأردني أو التشريعات الأخرى ولا التوجهات العملية للسلطات المالية فيها ما يشير إلى هذا الموضوع.

ب. الاستثناءات التي تجيز محاسبة الشركة على دخلها في غير سنته التقديرية

تتمثل هذه الاستثناءات في الحالات التي تستوجب التعامل مع بعض الدخول التي تتحقق للشركة في صورتين:

الاولى: تتعلق بالدخول التي تستوجب طبيعتها التعامل معها خلال السنة التي تحققت فيها وتشمل:-

_دخول ذات طابع دوري ومتجدد تتحقق بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري ، وتتمثل بالرواتب والأجور التي تتعهد الشركة بدفعها.

_الدخول التي يتم الحصول عليها بصورة نهائية غير دورية ، أو مرةً واحدة كل عدد من السنين وهي تختلف باختلاف مصدرها، وما تقرره بخصوصها التشريعات .

الثانية: تتعلق بشخص الشركة أو (المكلف ذاته) ، أو حالة معينة أو سبب يطرأ وقت تحقق الدخل أو بعد مضي فترة من الزمن ، وتستوجب التعامل مع الشركة خلال سنة النجوم ، وتتحقق هذه الصورة في ثلاث حالات:

1- حالة الدخل المتحقق للشركة إذا كانت غير مقيمة

يأتي هذا الاستثناء في القانون العراقي فقط ، وهو يتقرر للشركة لتحقق صفة فيها هي كونها غير مقيمة في العراق ، ويأتي نتيجة التمييز الذي تقره التشريعات بالنسبة إلى غير المقيم عموماً عن المقيم ، حيث إن ذلك الأول قد لا تفيد منه دولة الإقامة فيما إذا حاول التهرب من دفع الضريبة فيها(20). مما يدفع هذه الدولة إلى مخالفة القاعدة العامة في فرض الضريبة والتحاسب معه عن دخله خلال السنة التي تحقق فيها ، وهذا الأمر أقّر به المشرع العراقي صراحة عندما قرر فرض الضريبة على دخل غير المقيم في سنة تسلمه أو قيده لحسابه ، عدا من سبق وقدر دخله وفقاً للقاعدة العامة(21). ولما كان هذا النص عاماً لم يميز بين الشركة أو غيرها من غير المقيمين ، وكان القانون العراقي قد حدد الشروط التي تعتبر فيها الشركة مقيمة التي بانتفائها ينتفي عنصر الإقامة بموجب (ف11/م1)(22). من هذا القانون أصبح هذا الاستثناء مقرراً للشركة أيضاً ومن هنا فهي تحاسب عن ما تحققه من دخل إذا كان كذلك خلال سنة تسلمه أو تسجيله لحسابها في أحد البنوك ، إلا إذا كانت مرتبطة بأعمالها مع شركة أخرى مقيمة أو جهة متمتعة بالإقامة كالحكومة أو إحدى الجهات أو المؤسسات التابعة لها عندئذٍ يمكن الانتظار إلى حين انتهاء السنة المالية والتحاسب على وفق القاعدة العامة.

2- حالة تقدير دخل الشركة بصورة احتياطية

تتعلق هذه الحالة في الأصل بقيام أسباب أو ظروف معينة تطرأ فتجعل من الأنسب تحصيل الضريبة من المكلف قبل حلول السنة التقديرية وخلال سنة تحقق الدخل ، حيث ترى السلطة المالية أن من الضروري التحاسب مع المكلف في هذا الوقت فتلجأ إلى تقدير دخله بصورة احتياطية وتسجيله بشكل أمانات لحساب السنة التقديرية التي سيتم فيها التقدير النهائي لأجل ضمان تحصيل مبلغ الضريبة ، وهذا ما جاءت به المادة الثالثة من قانون ضريبة الدخل العراقي التي تفردت (ف4) منها بإيراد هذا الحكم بشكل صريح ، لكنها حصرت هذا الاستثناء بالدخول التي تخضع للقاعدة العامة والتي جاءت بها ف1/م3 من هذا القانون(23). كما أنها جعلت هذه الصلاحية للسلطة المالية قائمة على الجواز وليس على الحتم والإلزام ، ولكن يلاحظ أن الجوانب العملية في تطبيقات الهيئة العامة للضرائب وظفت هذا النص لمصلحتها عندما توجهت إلى إجراء هذا التقدير بوصفه تقديراً أولياً للضريبة على أساس المتاح من المعلومات والبيانات التي تقدمها الشركة أو غيرها من المكلفين إلى حين استكمال بقية المعلومات أو توافر الوقائع الإضافية كنتائج المسح الميداني ونتائج التدقيق(24). ولم يورد القانونان الأردني والمصري ما يشير إلى مثل هذا الاستثناء ، وان كان التوجه في القانون المصري بالنسبة إلى عقود المقاولات طويلة الأجل باحتجاز 20% من ربح المشروع وتسجيلها أمانات لحساب السنة النهائية يمكن أن يفسر على هذا الأساس(25).

3- حالة الرجوع في التقدير

تتعلق هذه الحالة بسبب أو ظرف يطرأ بعد تقدير وفرض الضريبة واستيفائها من المكلف بفترة من الزمن قد تكون عدة سنوات تؤدي إلى رجوعها عليه سواءٌ أكان من الشركات أو غيرها، حيث يتبين لها أن التقدير الذي تم والضريبة التي استوفيت لم تكن تشمل دخل المكلف الحقيقي أو الكلي ، أو أن دخل المكلف لم تقدر عنه الضريبة أصلاً ، وتحدث هذه الحالة لأسباب تتحقق أما من جانب المكلف كما لو تعمدت الشركة بسوء نية إخفاء أحد مصادر دخلها أو استخدمت الغش والبيانات الكاذبة ، أو كانت حسنة النية فكان الخطأ نتيجة الجهل بأمور تقديم الإقرار مثلاً ، كما أن أسباب ذلك قد تتحقق من جانب السلطة المالية لو وقع خطأ من جانب المخمن وترتب عليه تقدير الدخل بأقل من حقيقته أو استيفاء مبلغ يقل عما كان يجب استيفاؤه ، وفي كل الأحوال لا يكتشف ذلك إلا بعد مرور فترة من الزمن(26). فإذا كان ذلك أصبح للسلطة المالية أن ترجع على المكلف بمقدار ما تبقى من دخله لتخضعه لتقدير ثانٍ إضافي يتبع التقدير الأول ويحاسب المكلف عن الفرق الذي يتحقق بين هذين التقديرين فيما يسمى (التقدير الإضافي) ، أو أن تقدر دخله ابتداءً إذا لم تكن قد قدرت عنه الضريبة أصلاً ، ويبدو وجه الاستثناء في هذه الحالة من حيث أنها لا يراعى فيها وجوب التمسك بوجود سنة لنجوم الدخل ، وأخرى لتقديره إنما مجرد اكتشاف الخطأ أو الغش الحاصل في التقدير المسبق والقيام بالتقدير الإضافي سواء في غير سنة النجوم أو غير السنة التقديرية(27). تتفق التشريعات الضريبية على الأخذ بهذا الاستثناء صراحة ومنها تشريعنا العراقي والتشريعات محل المقارنة وإن كانت تضع لذلك جملة شروط تتعلق بحالات محددة يتم فيها هذا التقدير ، وقد ميزّ المشرع العراقي بالنسبة للمدة بين حالتين هما :

1-حالة إذا ما تبين أن التقدير لم يتم منذ بدء تحقق الدخل ، فجعل الرجوع مطلقاً ولم يقيده بمدة معينة ، فمتى اكتشفت السلطة المالية أن التقدير لم يتم تقوم به .

2-حالة ما إذا تبين للسلطة المالية أن الدخل قد قدّر بأقل من قيمته أجازت الرجوع خلال خمسة سنوات .

أما عن القانونين الأردني والمصري ، فقد اتفق المشرع المصري مع المشرع العراقي في تطلبه مدة خمسة سنوات للرجوع في التقدير ، أما عن المشرع الأردني فقد جعلها أربعة سنوات لاحقة لانتهاء السنة التي تم فيها التقدير(28).

_____________________________________

[1]- د. صالح يوسف عجينة ، مصدر سابق ، ص534.

2- يرتبط هذا بالظروف التي استدعت حصول التوقف كما لو كانت هناك ظروف قاهرة أو طبيعة عمل موسمية للشركة ، أنظر : د. إسماعيل خليل إسماعيل ، المحاسبة الضريبية ، مصدر سابق ، ص217.

3- ريا زكي عبدالله الدوري ، مصدر سابق ، ص60.

4- ف3/م3 من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ.

5- تؤيد ذلك توجهات السلطة المالية في العراق ، انظر القرار الصادر عن الهيئية التمييزية المرقم 110/1996 بتاريخ 3/6/1997 الذي جاء فيها “أصدرت اللجنة الاستئنافية قرارها بتخفيض التقدير إلى (136) ألف بدلاً من (300) ألف لكون المعمل متوقفاً عن العمل منذ زمنٍ طويل” ، نقلاً عن : ريا زكي عبدالله الدوري ، مصدر سابق ، ص60.

6- علي هادي عطية مطر الهلالي ، مصدر سابق ، ص172.

7- لا تعد هذه القرينة قاطعة فهي تقبل إثبات العكس بشتى طرق الإثبات ومنها البينة الشخصية انظر، قرار اللجنة الاستئنافية الثالثة 1995 في 9/6/1996 ، إذ جاء في حيثياته “إن نتيجة الكشف الموضعي أظهرت أن الأسواق كانت مغلقة وما يدعم ذلك أجور الكهرباء الضئيلة والبينة الشخصية المستحقة من قبل المحاورين……”، نقلاً عن : علي هادي عطية ، المصدر السابق ، ص173.

8- (ف آ/م5) من قانون ضريبة الدخل الأردني النافذ.

9- (ف آ/م.4) من المصدر السابق .

0[1]- على سبيل المثال انظر قرار محكمة التمييز الأردنية المرقم 280/77 ، مشار إليه لدى جهاد ناصر الخصاونة، مصدر سابق ، ص93.

1[1]- م (116) من قانون ضريبة الدخل المصري النافذ.

2[1]- د. السيد عبد المولى ، الضرائب على الدخل ، مصدر سابق ، ص151.

3[1]- انظر الشق الأخير من م(116) من هذا القانون.

14- تعرف هذه الفترة بالمدة التجارية الاولى للشركة في القانون المصري ، انظر : د. منصور أحمد البديوي د. محمد رشيد الجمّال ، المحاسبة الضريبية : الضريبة على أرباح شركات الأموال والضريبة على أرباح المهن الصناعية والتجارية في لبنان ، الدار الجامعية ، بيروت ، 2000 ، ص22.

5[1]- صادق الحسني ، مصدر سابق ، ص36.

6[1]- د. إسماعيل خليل إسماعيل ، المحاسبة الضريبية ، مصدر سابق ، ص215 ،

– جهاد ناصر الخصاونة ، مصدر سابق ، ص95.

– د. منصور أحمد البديوي ، د. محمد رشيد الجمّال ، المحاسبة الضريبية ، مصدر سابق ، ص 23 .

7[1]- ريا زكي عبدالله الدوري ، مصدر سابق ، ص69.

8[1]- د. مدحت عباس أمين ، مصدر سابق ، ص74.

9[1]- د. حسن محمد كمال ، د. سعيد عبدالمنعم ، مصدر سابق، ص209.

20- عبدالعال الصكبان ، علم المالية العامة ، مصدر سابق ، ص244.

21- ف5/م3 من قانون ضريبة الدخل العراقي النافذ.

22- جاء في هذه الفقرة “غير المقيم الشخص الذي لا تتوافر فيه شروط المقيم المبينة في الفقرة 10 ولو نجم له دخل في العراق من أي مصدرٍ كان” .

(23) انظر ما سبق ، ص (145).

(24) د. عادل فليح العلي ، التشريع المالي ، مصدر سابق ، ص405.

(25) انظر ما سبق ، ص (151).

(26) يمكن الإشارة بهذا الخصوص إلى الحالة التي واجهت السلطة المالية في العراق عندما قدرت دخل إحدى الشركات على أنها مشاركة ثم اكتشفت ذلك بعد عدة سنوات فأعادت التقدير عليها على أنها شخص معنوي ، إذ أن التقدير كان قد تم على أساس اعتبارها شخص طبيعي ومنح الشركاء فيها سماحات فأعاد التقدير الجديد إخضاع السماحات للضريبة لأن الشخص المعنوي لا يتمتع بسماحات وإعفاءات للأعباء العائلية، انظر في تفاصيل ذلك ، د. صالح يوسف عجينة ، مصدر سابق ، ص ص225-226.

(27) ريا زكي عبدالله الدوري ، مصدر سابق ، ص 90.

(28) انظر المواد (32) ، (33) ، (152) من قوانين ضريبة الدخل النافذة في هذه التشريعات ، ولم يستخدم المشرع الأردني ذات المصطلح الذي استخدمه المشرعين العراقي والمصري ، وإنما استخدم مصطلح إعادة النظر بالتقدير الذي جاء به بنصٍ واحدٍ منح فيه هذا الحق لكل من الإدارة الضريبية والمكلف ، أنظر ما سبق، ص (118-121) .

المؤلف : زينب منذر جاسم الوائلي
الكتاب أو المصدر : ضريبة الدخل على الاشخاص المعنوية

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .