الطبيعة القانونية للتجارة الالكترونية

المحامي فاضل الحاضري
مما لا شك فيه أن شبكة الإنترنت أصبحتاليوم تعج بالمواقع التي يقوم أصحابها بعرض بضائعهم وخدماتهم ، ولقد أصبح بإمكان كلشخص أن يقوم بشراء السلعة أو دخول المزاد دون أن يغادر مكانه، وتتخذ النشاطاتالتجارية على الشبكة أحد نمطين رئيسين

حيث يمكن القولأن الخط الأول وهو يتعلق بالتجارة العادية للأشياء المادية كعمليات البيع والشراء،في حين أن الخط الثاني يتعلق بتجارة الخدمات والتي يتم فيها تقديم الخدمة مباشرة،وتمتاز التجارة الالكترونية بتوحيد الأسواق الدولية والوطنية على حد سواء متجاوزةحدود الزمان والمكان .‏

وقد تكون العلاقة بين طرفين وطنيين أو بين طرف وطني وآخر أجنبي ، حيث أنه وبمجرد أن يقررالشخص شراء المادة المطلوبة يقوم بالضغط على زر موجود في الصفحة مثل اشتر أو اطلب فتظهر صفحة جديدة تتضمن عادة الشروط العامة للبيع والطريقة التي يرغب بها المشتري تسديد الثمن بموجبها كحساب مصرفي مثلاً أو حوالة أو بطاقة ائتمان ، وبعد قيام الزائر بإعطاء كافة المعلومات المطلوبة منه يتوجب عليه الضغط بالمؤشر على زر أرسل عندها يقوم البائع بعد قبوله طلب المشتري وحصوله على الثمن بإرسال المادة إلى العنوان المحدد من قبل المشتري وفي هذه الحالة يكون الطرفان قد أبرما في الواقع عقدبيع يخضع إلى القواعد القانونية التي تحكم مثل هذا العقد، ولهذا فلابد لاتمام أيعقد من إيجاب يطابقه قبول خاليين من عيوب الإرادة منصبين على عقد يتم بالشكل الذي يتطلبه القانون .‏

ولقد حدد القانون المدني السوري في المواد /92/ وما بعدها الشروط اللازمة لابرام أي عقد بحيثيتم تطبيق هذه القواعد على كافة العقود سواء أبرمت بالطرق العادية أو بواسطة وسائل الاتصال الحديثة.‏

وبمقتضى الفقرةالأولى من المادة /95/من القانون المدني فقد أجازت للمتعاقدين التعبير عن إرادتهم بواسطة الهاتف الذي يُمكن شخصين موجودين في مكانين مختلفين من التعبير عن إرادتيهما .‏

ومن ناحية أخرى فقد أجازت الفقرة الأولى من المادة /93/أيضاً التعبير عن الإرادة بواسطة الإشارة مما يجعل الإيجاب الذي يوجهه المشتري للبائع على شبكة الانترنت عن طريق ضغط الزر بواسطة المؤشر على شاشة الكمبيوتر تعبيراً صحيحاً عن الإرادة يتم نقله الكترونياًعن طريق الشبكة إلى المخاطب البائع فإذا قبل البائع الإيجاب الموجه له من المشتري بشكل صريح كأن يعلن قبوله برسالة عادية أو الكترونية أو بشكل ضمني كأن يقوم بشحنالبضاعة للمشتري يكون قد نشأ عقد صحيح بين الطرفين .‏

أما بالنسبةلزمان انبرام العقد فيحدد بالوقت الذي يُعلن فيه البائع عن قبوله ، ومما تجدرالإشارة إليه أن التعاقد بواسطة الانترنت يختلف أحياناً عن التعاقد بواسطة الهاتفمن ناحية تحلل الموجب من إيجابه إذا لم يصدر القبول فوراً وإذا لم يحدد في الإيجابموعد للقبول في حين أن التعاقد بواسطة الانترنت يتم عادة بين غائبين

لأن التعبير عنإرادة المتعاقدين لا يتم في محل واحد أو بشكل آني كما هو الحال في التعاقد عن طريقالهاتف وإنما يتم في مكانين وزمانين مختلفين بحيث يتوجب قياس التعاقد عن طريقالانترنت على التعاقد عن طريق المراسلة ولكن يمكننا أن نتصور أن قيام تعاقد بينحاضرين عن طريق الانترنت وذلك عندما يكون البائع والمشتري في نفس الوقت على اتصالمباشر فيما بينهما بشكل آني ومستمر .‏

ففي مثل هذهالحالة يجب اعتبارهما يتخاطبان وكأنهما يقومان بذلك على الهاتف مما يجعل أحكامالتعاقد بالهاتف تنطبق على هذا النوع من التعبير عن الإرادة، وللتفرقة بين حالةالتعاقد بين حاضرين وغائبين أهمية في تحديد فترة ارتباط الموجب بإيجابه ففي حالةالتعاقد بين حاضرين يبقى الموجب ملزماً بإيجابه طالما أنه على اتصال مباشر مع الطرفالذي وجه له الإيجاب عن طريق الانترنت

فإذا انتهت الجلسة قبل الإعلان عن القبولتحلل الموجب من إيجابه، أما في حالة التعاقد بين غائبين كأن يتم التعاقد عن طريقرسالة الكترونية تخزن في صندوق البريد الالكتروني للمرسل إليه فإذا تم تعيين ميعادللقبول التزم الموجب بالبقاء على إيجابه إلى أن ينتهي هذا الميعاد، وإذا لم يعينميعاد للقبول فيسخلص الميعاد من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة .‏

وهكذا يتضح أنالتجارة الالكترونية تتخذ أنماطاً عديدة تبعاً لمضمون النشاط القائم الذي يقوم بهالتاجر عبر الشبكة كعرض البضائع والخدمات وإجراء صفقات البيع الدولية عبر مواقعالشبكة العالمية والقيام بنشاطات الخدمات والتوزيع والوكالات التجارية سواء علىالصعيد الوطني أم الدولي.‏
————————————–