حقوق المطلقات وحقوق ساهر

سالمة الموشي

كما أن الزواج هو أحد أشكال الحياة التي يعيشها الإنسان فإن الطلاق أيضا هو شكل حياة، وإلا لم يكن ليُحلل للناس، ويكون حلا إنسانيا ودينيا للخروج من جحيم حياة لم يعد يحتملها أحد الطرفين. بالرغم من وجود سورة كاملة للطلاق وعشرات الكتب الفقهية التي تتحدث عن أدق التفاصيل عن الحقوق التي يجب أن ترضى بها النساء ويتقبلنها ومنها الضرب – غير المبرح طبعا – إلا أننا ما زلنا عالقين في مشكلات لا تنتهي من مشاكل المطلقات والمعلقات في أكثر بلد مسلم يرفع شعارات الكرامة للمرأة، والدرة المكنونة، والجنة تحت أقدام الأمهات.
في حلقة داود الشريان الماضية “الثانية مع داود” سجل الشريان مواقف رائعة في طرحه لما يدور في كواليس أروقة القضاء والمحاكم الشرعية من حيث تعاملهم مع حقوق المطلقات.

الحكاية باختصار تتلخص في أن الرجل ما إن يفكر في الطلاق حتى يذهب إلى المحكمة ويطلق المرأة في نفس اليوم وينتهي الأمر بتلك المرأة على قارعة الحياة وجحيم الطلاق. والمرأة ما إن ترغب بالطلاق فإنها ستمر بعشرات العقبات.
الشاهد في هذا المثال أنه إذا كان عقد الزواج تم التوقيع عليه من الطرفين المرأة والرجل بعهد وميثاق أن لكل منهم حقوقا وواجبات متساوية إلا أنها تختل تماما في حال كانت المرأة هي المتضررة، إذ يصبح هذا العهد مجيرا لصالح الرجل، أما ما يخص المرأة فإنه يصبح مجرد كلام على ورق!
الأمر الذي يجب أن نلتفت له هو أنه إذا لم تكن كل المعطيات غير قادرة على إنصاف المرأة من الظلم والإجحاف فإن هذا يعني أن الخلل في التطبيق وليس في التشريع.

أصبحت الحاجة اليوم ماسة جدا إلى “مدونة للأسرة” قابلة للتنفيذ، بالإضافة إلى المحاكم الأسرية التي لم تفعل حتى الآن. نريد تجاوز مرحلة النقد وإثارة الأسئلة والنزول إلى أرض الواقع لإيجاد الحلول التي تنتشل المئات من النساء اللواتي تمضي عليهن سنوات طويلة حتى يتم إغلاق ملف الطلاق وحصول المرأة على حياتها، وكم من السنوات الذهبية في عمر المرأة يتم سلبها منها في أروقة المحاكم تكون خلالها قد فقدت حياتها ما بين المحاكم والمطالبات والانتظار غير المبرر.
حيث لا توجد آلية تنفيذية للإسراع في إجراءات الطلاق أو أخذ حقوقهن المالية في حال كن حاضنات، مثل: اقتصاصها من حساب الرجل بإلزامه بها من خلال تعطيل إجراءاته المدنية كما يحدث في حال تعثر أخذ مستحقات مطلقاتهن.
ما نطالب به هو أن تجعلوا للمرأة المطلقة وحقوقها قانونا يطبق وينفذ كما تفعلون في “متأخرات ساهر” أو مخالفات الطرق.. أليست المرأة أحق أن تأخذ الحق الذي لها بآلية إنسانية وعملية تحقق لها حياة كريمة؟ فحين تضيق بها الحياة مع رجل؛ يكون أملها كبيرا ألا تضيق بها في مجتمعها.