نزع الملكية الخاصة من اجل المنفعة العامة و رقابة القاضي الإداري

نزع الملكية الخاصة من اجل المنفعة العامة و رقابة القاضي الإداري
على مدى احترام الإدارة العامة لإجراءات نزع الملكية الخاصة.

مقدمة:

إن الملكية الفردية تصنفها النظم القانونية المقارنة ضمن الحريات الفردية العامة فهي من الحريات الأساسية التي تسعى كل التشريعات حمايتها من كل اعتداء فأدرجها دستور 1996 ضمن الحقوق و الحريات و نصت المادة 52 ف1 على أن: ” الملكية الخاصة مضمونة ………… ”
-إن نزع الملكية كامتياز يمكن للدولة بمقتضاه أن تقوم بإجبار المواطنين على التنازل عن أموالهم و حقوقهم العقارية بهدف تحقيق مشاريع ذات النفع العام مقابل تعويق عادل و مسبق المادة 20 من دستور 1996 ( لا يتم نزع الملكية إلا في إطار القانون و يترتب عليه تعويض قبلي ، عادل و منصف ).
-صدور قانون 91/11 المؤرخ في 27 أفريل 1991 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بنزع الملكية

1-تعريف نزع الملكية:

عرفها الأستاذ السنهوري بأنها ( عملية تتم بمقتضاها نقل ملكية عقار مملوك لأحد الأفراد إلى شخص عام بقصد المنفعة العامة نظير تعويض عادل ).

2-تمييز نزع الملكية عن طرق الاستملاك القهرية الأخرى:

أ-نزع الملكية و الاستيلاء:
-من حيث المجال فإن نزع الملكية تنصب على العقارت فقط أما الاستيلاء فينصب على العقارات و المنقولات.
-إن العقارات يمكن أن تكون موضوع استيلاء قصد الاستعمال فقط و ليس الاكتساب إلا أنه يمنع الاستيلاء على المحلات المعدة للسكن، أما المنقولات فيمكن الاستيلاء عليها قصد تملكها.
-من ناحية الإجراءات ، إجراءات الاستيلاء بسيطة جدا و أقل حماية لحقوق الأفراد على عكس نزع الملكية.
ب-نزع الملكية و المصادرة: المصادرة نوع من العقوبة تتواجد في قانون العقوبات، هي الأيلولة النهائية إلى الدولة لمال أو مجموعة من الأموال المعنية و ذلك في حالات معينة.

-المصادرة تعتبر كعقوبة و لا تؤدي إلى التعويض.
ج-نزع الملكية و التأميم: -من حيث الموضوع ينصب التأميم على موضوع إنتاجي ، أما نزع الملكية فينصب على عقار مملوك لأحد الأفراد ، إن المشرع هو الذي يقرر التأميم محددا الإجراءات في ذلك و لا يتدخل القضاء في نقل الملكية و لا في تحديد التعويض.
3-إجراءات نزع الملكية: لقد حدد المشرع في المادة 03 من قانون 91/11 الإجراءات الواجب على الإدارة إتباعها لاكتساب الأملاك و الحقوق العقارية الأخرى ، و الهدف منها هو حماية الملكية الفردية ضد التعسفات غير المشروعة الصادرة من الإدارة ، هذه الإجراءات هي:
1.التصريح بالمنفعة العمومية.
2.تحديد كامل الأملاك و الحقوق العينية القابلة للنزاع.
3.تقييم الأملاك المنزوعة.
4.التصريح بقابلية التنازل عن الأملاك.
5.قرار نزع الملكية.
و هي إجراءات إلزامية و خاضعة لرقابة القاضي الإداري الذي يستطيع إبطال قرارات الإدارة التي اتخذت خرقا لهذه الإجراءات.
أ-التصريح بالمنفعة العمومية: هو إجراء أساسي و لا يكون ممكنا إلا إذا سبقته إجراءات أخرى من أهمها: فتح تحقيق عمومي تقوم به اللجنة المعينة بذلك.
و يخضع كل قرار نزع الملكية إلى التحقيق مسبقا و ذلك وجوبا و إلزاما و يقع هذا القرار تحت طائلة البطلان و كذا نشر التقرير الخاص بهذا التحقيق بمقر البلدية المعنية ، كما يوضع ملف التحقيق تحت تصرف الجمهور.
و القرار الذي يقضي فتح تحقيق يحتوي على: تاريخ فتح التحقيق و نهايته و الهدف من العملية و مكان الأشغال.
-تقدم اللجنة المعنية إلى السلطة التي عينتها تقريرا كتابيا تبين فيه استنتاجاتها حول طابع المنفعة العامة و ذلك في ظرف 15 يوما ، تتخذ الإدارة بعد ذلك قرار التصريح بالمنفعة الذي يخضع لإجراءات جوهرية تؤدي مخالفتها إلى إبطالها من طرف القاضي الإداري – التبليغ لكل واحد من المعنيين – النشر في الجريدة الرسمية – التعليق في مقر البلدية.
موضوع قرار التصريح من اجل المنفعة العامة و علاقته بدعوى الإ‘لغاء:.
لقد أعطى المشرع في قانون 91/11 المؤرخ في 27 أفريل 1991 المحدد للقواعد العامة المتعلقة بنزع الملكية الحق لكل شخص له مصلحة أن يطعن في قرار التصريح بالمنفعة العمومية لدى المحكمة المختصة حسب الأشكال المنصوص عليها في قانون الإجراءات المدنية .

-بالنسبة لقواعد الاختصاص:
-المادة 7 ق إ م : الغرفة الجهوية هي المختصة بالنظر في قرارا التصريح بالمنفعة العمومية الصادر عن الوالي ( الوالي هو المختص بقرار التصريح عندما تقع الأملاك على تراب ولايته ).
-مجلس الدولة عندما يكون القرار الخاص بالتصريح بالمنفعة العامة صادر من طرف الوزير و ذلك عندما يتعلق الأمر بأملاك تقع على أكثر من ولاية.
-بالنسبة للمواعيد: المشرع أضفى عليها الطابع الاستعجالي و أخرجها من القواعد العامة المنصوص عليها في ق إ م
-ميعاد الطعن القضائي أمام الغرفة الجهوية و مجلس الدولة هو شهر واحد إبتداء من تاريخ التبليغ أو النشر و القصد من تقصير المواعيد هو السهر على حسن سير المرافق العامة حين أدائها لمهامها
-بالنسبة للتظلم الإداري المسبق: يستبعد في كلتا الحالتين
رقابة القاضي الإداري على الإجراءات السابقة لقرار التصريح بالمنفعة العامة و على قرار التصريح بالمنفعة العامة:
إذا ما التمس القاضي الإداري بطعن أو بدعوى فإنه:
-يتأكد من مدى إحترام الإدارة لكل الأحكام و الإجراءات المنصوص عليها في قانون 91/11
-التأكد من جدية المحاولة في اقتناء الملك بالتراضي.
-يتعين من قرار لجنة التحقيق و الأعضاء المكونين.
-يتأكد من التبليغ و النشر و يقف على قواعد الاختصاص.
-يقدر القاضي طابع المنفعة العامة.
إن الدعوى التي يرفعها الطاعن هي دعوى تجاوز السلطة و التي ليس لها مبدئيا الأثر الموقف القرارات الإدارية و خروجا عن المبدأ أجاز للقاضي الإداري توقيف إجراءات نزع الملكية إذا كان الطلب غير مؤسس على وسائل قانونية و جدية و يرى خطورة في العملية.
إن الدعوى التي تنصب أو ترفع ضد قرار التصريح بالمنفعة العامة يمكن أن تؤسس على العيوب التي تصيب القرار الإداري و التي تتمثل في ما يلي:
1.عيب عدم الاختصاص.
2.عيب الشكل و الإجراءات.
3.عيب إنحراف السلطة.
4.عيب مخالفة القانون.
1-عيب عدم الاختصاص: -عندما يصدر القرار الإداري الخاص بإجراءات نزع الملكية و المتعلق بالتصريح بالمنفعة العامة من سلطة إدارية غير مختصة حسب ما حدده المشرع في قانون نزع الملكية و الذي خول اختصاص إصدار القرار إلا من طرف الوزير – الوالي إذ لا يمكن لرئيس المجلس الشعبي البلدي أن يصدر القرار الذي يخص إجراءات نزع الملكية.
2-عيب الشكل و الإجراءات: مثلا عيب الإجراء: كإصدار قرار التصريح بالمنفعة العامة دون إجراء تحقيق أو الخطأ في تشكيل لجنة التحقيق. ، و مثلا عيب الشكل: نقصان الوثائق في ملف التحقيق الإداري كإجراء من إجراءات نزع الملكية.
3-عيب انحراف السلطة: إن القاضي الإداري يتحقق من وجود المنفعة العامة و إذا ما تأكد و تبث له أن التصريح بالمنفعة العامة كان بقصد تحقيق مصلحة أو منفعة خاصة فإنه يكون هناك انحراف السلطة.
4-عيب مخالفة القانون: إن القاضي الإداري هو قاضي وقائع و قانون فيبحث في الواقعة المادية و عن وجودها و صحتها و ليتأكد من السبب الذي على أساسه بنيت الإدارة قرارها.
ب-قرار تحديد كامل الأملاك و الحقوق العينية القابلة للنزاع: و هي مرحلة تلي قرار التصريح بالمنفعة العمومية و تتم عن طريق فتح تحقيق تحدد فيه الأملاك العقارية و الحقوق العقارية و هوية المالكين و أصحاب الحقوق المطلوب نزع ملكيتهم، يقوم بهذا التحقيق و يعينه الوالي.

يشتمل قرار التعيين وجوبا و تحت طائلة البطلان على ما يلي:
-إسم و لقب المحافظ.
-تاريخ و بداية و نهاية القرار.
-ينشر قرار التعيين وجوبا في الجريدة الرسمية.
ج-تقييم الأملاك: تقوم به مصلحة إدارة أملاك الدولة و يتم في شكل تقرير يقدم إلى الوالي إستنادا إلى تصريح قرار بالمنفعة العامة و التحقيق الذي قام به المحافظ.
-و يستند في تقدير التعويض إلى القيمة الحقيقية للأملاك حسب طبيعتها أي من حيث كونها أراضي فلاحية أو صالحة للبناء و استعمالها و موقعها و ذلك لتفادي التحايل من الإدارة.
د-التصريح بقابلية التنازل عن الأملاك: -يكون هذا التصريح بقرار من الوالي يعرض فيه مبلغ التعويض لكل الملاك المعنيين بنزع الملكية بعد تحديد قائمتهم و حقوقهم و قائمة العقارات المعنية و طريقة الحساب لتقديم مبلغ التعويض.
ه-القرار الخاص بنقل الملكية: -إن نقل الملكية تتم بعد حصول الإدارة على اتفاق بالتراضي أو حصولها على حكم يؤهلها بوضع اليد على الاموال المعنية.
-المشرع الجزائري أضفى على كل هذه الإجراءات الطابع الإداري.

دعوى التعويض في مجال نزع الملكية:
إلى جانب دعوى تجاوز السلطة التي يمكن أن تنصب على أي قرار من قرارات نزع الملكية توجد دعوى التعويض التي إعادة النظر في مبلغ التعويض المقترح من الغدارة و التي تحدده من جانب واحد و لا تكون مشاركة الطرف الآخر إلا بالمشاركة أو الرغبة من الإدارة النازعة للملكية ، تقترح مبلغ التعويض في قرار قابل للتنازل عن الأملاك و يحق للأشخاص المنزوع ملكيتهم أن يفصحون عن المبلغ الذي يطالبونه في مدة 15 يوما بعد تبليغ القرار إليهم و في حالة عدم الاتفاق على المبلغ جاز للطرف المعني أن يرفع دعوى أمام القاضي المختص خلال شهر الذي يلي تبليغ القرار و يباشر القاضي الإداري تحديد التعويض من جديد.
1-الجهة المختصة في التعويض: المادة 7 ق إ م: المجلس القضائي ( الغرفة المحلية ).
2-مواعيد الطعن: حددت ذلك المادة 39 من المرسوم التنفيذي 81/126 و هو شهر واحد من تاريخ تبليغ قرار قابلية التنازل عن الأملاك.
3-سلطات القاضي الإداري في مجال التعويض: له السلطة التقديرية الكاملة في تحديد مبلغ التعويض و القاضي مقيد بطلبات الخصوم فلا يجب أن يتجاوز تقديره المبلغ الذي طلبه المنزوع ملكيته و لا أن يقل عن ما اقترحته الإدارة النازعة للملكية.
-في مجال التعويض العيني: يفصل القاضي في أي خلاف يخص تعادل الأمكنة.