مقال حول التقادم الصرفي المبني على قرينة الوفاء – القانون المصري

حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 378 من القانون المدني (الشريعة العامة للمعاملات) على أن: “ويجب على من يتمسك بأن الحق قد تقادم … أن يحلف اليمين على انه أدى الدين فعلاً. وهذه اليمين يوجهها القاضي من تلقاء نفسه وتوجه إلى ورثة المدين أو أوصيائهم إن كانوا قصراء بأنهم لا يعلمون بوجود الدين أو يعلمون بحصول الوفاء”.

فحقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها، تتقادم بسنة واحدة، والتقادم هنا مبني رأساً على قرينة الوفاء. ومن ثم فقد أوجبت الفقرة الثانية من المادة 378 مدني على المدين الذي يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة، أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً، فإن نكل، فقد انقضت قرينة الوفاء، وبقى الحق قائماً للدائن أن يستوفيه. وكذلك التقادم الخاص بالدعاوى الناشئة من الكمبيالات والسندات الأذنية ونحوها من الأوراق التجارية، فهو يقوم على قرينة الوفاء.

(لطفاً، المرجع: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور/ عبد الرزاق أحمد السنهوري – الجزء الثالث – بند 592 – صـ 809 وهامش 1 بذات الصفحة).

ولكن لما كان القانون يفرض هنا – نظراً لقصر مدة التقادم – أن المدين قد وفى الحق في خلال سنة من وقت استحقاقه، فقد جعل هذه القرينة قابلة لإثبات العكس عن طريق توجيه القاضي لليمين، من تلقاء نفسه، إلى المدين، فيحلف على أنه أدى الدين فعلاً، فإذا حلف سقط الدين بالتقادم، وإذا نكل عن الحلف، ثبت الدين في ذمته، ووجب عليه وفائه، ولا يتقادم هذا الدين بعد ذلك إلا بخمس عشرة سنة من وقت صدور الحكم أو من وقت النكول إذا لم يصدر حكم.

(لطفاً، المرجع: وسيط السنهوري – المرجع السابق – بند 608 – صـ 855).

فالتقادم الصرفي يقوم على “قرينة الوفاء” المستفادة من السكوت عن المطالبة طوال المدة المقررة. ولكن هذه القرينة يجوز دحضها وإثبات عكسها بإقرار المدين بعدم الوفاء، إذ أن هذا الإقرار يفضي إلى سقوط دلالة قرينة الوفاء، وينبني على ذلك أنه لا يجوز للمدين أن يتمسك بالتقادم إذا أقر بوجود الدين وعدم الوفاء به، وهذا الإقرار قد يكون صريحاً أو ضمنياً، ويُستخلص الإقرار الضمني بوجه خاص: إذا أنكر المدين وجود الدين أو إذا تمسك بأي دفع لا يتفق مع قرينة الوفاء، كالدفع بالإبراء أو المقاصة أو البطلان أو صورية الدين.

(لطفاً، المرجع: “الأوراق التجارية” – للدكتور/ عبد الحميد الشواربي – صـ 380).

وقد كان قانون التجارة القديم يسلك نفس نهج القانون المدني حيث كان يبني التقادم في الأوراق التجارية على قرينة الوفاء، حيث كانت المادة 194 من قانون التجارة الملغي تنص على أن: “كل دعوى متعلقة بالكمبيالات أو السندات التي تحت إذن وتعتبر عملاً تجارياً، أو بالسندات التي لحاملها أو بالأوراق المتضمنة أمراً بالدفع، أو بالحوالات الواجبة الدفع بمجرد الإطلاع عليها وغيرها من الأوراق المحررة لأعمال تجارية يسقط الحق في إقامتها بمضي خمس سنين اعتباراً من اليوم التالي ليوم حلول الدفع أو من يوم عمل البروتستو أو من يوم آخر مرافعة بالمحكمة إذا لم يكن صدر حكم أو لم يحصل اعتراف بالدين بسند منفرد، وإنما على المدعى عليهم تأييد براءة ذمتهم بحلفهم اليمين على أنه لم يكن في ذمتهم شيء من الدين إذا دعوا للحلف، وعلى من يقوم مقامهم أو ورثتهم أن يحلفوا يميناً على أنهم معتقدون حقيقة أنه لم يبقى شيء مستحق من الدين”.

ومؤدى ذلك، أن المشرع بنى التقادم في الأوراق التجارية على قرينة الوفاء، شريطة أن يحلف الملتزم أو من يقوم مقامه أو ورثته ببراءة ذمته إذا دعي إلى ذلك. فمن أغراض التقادم أن يكون قرينة على الوفاء، فالدين الذي مضت عليه مدة التقادم يغلب في الواقع أن يكون قد وفي، والمشرع يجعل من هذا الواقع الغالب حقيقة قانونية، فالتقادم طريق للإثبات، أو بالأحرى طريق إعفاء من الإثبات (إعفاء المدين من إثبات أنه أوفى الدين)، أكثر منه سبباً لانقضاء الالتزام.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .