مقدمة في القانون

– القانون :

اعتادت الأنظمة الوضعية استعمال كلمة (( قانون )) والتي لا تعدو أن تكون مجرد مرادف لكلمة (( نظام )) وقد درجت المملكة العربية السعودية على استعمال كلمة نظام كبديل لكلمتي قانون وتشريع لتطلقها على مجموعة قواعدها الوضعية .

فقد قصد به من ناحية أولى مجموعة القواعد التي تسهم في تنظيم المجتمع والتي يتعين الأمثال في أحكامها والنظر إليه وفق هذا المفهوم يعطيه معنى عاماً غير محدد بفترة محددة ولا يعني مجتمعاً بذاته وإنما ينصرف إلى المجتمع بصفة عامة ، كما يقصد به مجموعة القواعد التي تنظم نوعاً خاصاً من العلاقات .

– خصائص القواعد القانونية :

خصائص قواعده : الفانون ضرورة يستلزمها كل مجتمع سواء في أحواله الاقتصادية أو الاجتماعية :-

الخاصية الأولى : العمومية والتجريد :
لم تقرر في مواجهة شخص معين أو حالة بذاتها وإنما خاطبت فئات تضم أفراد المجتمع الذي أصدرها ، وحيث كان الأمر كذلك فإنه بتعيين خضوع من توافرت فيه شروط انطباقها من الأفراد ، وهذا ما يضفي عليها صفة العمومية والتجريد . فهي عامة لأنها صورت في مواجهة الكافة ، ومجرد لأنها لم تقصد شخصاً معيناً أو واقعة بذاتها .
والأمر بالنسبة لقواعد الشريعة الإسلامية والتي أوحى بها الله جل شأنه لنبيه الكريم .. قواعد عامة جاءت لتنظيم السلوك البشري على أساس من المساواة وتتمثل العمومية في كثير من الآيات القرآنية التي خاطبت المجتمع والتي بدأت بعبارات منها (( يا أيها الناس )) و (( يا أيها الذين آمنوا )) .

الخاصية الثانية : عناية القاعدة بالسلوك :
ويجيء سلوك الإنسان ، عادة تعبيراً عن نيته الداخلية وهذا يعني أن ذلك السلوك قد لا يكون مطابقاً لما في داخل النفس دائماً ، ومع ذلك فإن القاعدة القانونية في أغلب الأحوال لا تهتم إلا بالمسلك الخارجي دونما اعتبار الدوافع الداخلية إلا في حالات استثنائية .
فالتمييز بين القتل العمد والقتل الخطأ لا يأتي إلا بالوقوف على نية القاتل ، ومن ثم

اختلاف الجزاء تبعاً لذلك . والتميز والتمييز بين الدين حسن النية والآخر سيئ النية ، واختلاف الآثار المترتبة على ذلك من حيث تطبيق أحكام التنفيذ الجبري .
والأمر بالنسبة للقاعدة الشرعية فهي قد جاءت لتوضيح ما يجب أن يكون عليه سلوك أفراد المجتمع بصفة عامة تتميز عن القاعدة الوصفية من حيث اتساع النطاق بحيث لا تستكفي بمجرد تنظيم سلوك الفرد بالنسبة لعلاقته بغيره ، وإنما امتدت لتشمل سلوكه نحو نفسه وعادة نحو ربه .

الخاصية الثالثة : القاعدة القانونية ملزمة :
تتميز القواعد القانونية بالإلزام ، أي أن الخضوع لأحكامها لا يترك لمجرد إرادة الفرد المخاطب ، وإنما يجب عليه طاعتها بحيث يوقع عليه جزاء معين إذا لم يمتثل لأحكامها ، كما أن توقيع الجزاء تنفرد به السلطة العامة فلا يترك للمضرور فيما عدا حالات استثنائية يسيرة تتمثل في حالة الدفاع الشرعي ، ولا شك أن إلزامية القاعدة القانونية أمر يستوجبه استقرار المجتمع بصفة عامة وهو ما لا يمكن إدراكه إذا تركت القاعدة لمحض إرادة المخاطبين بها ،إذ تصبح عندئذ مجرد نصيحة ، قد لا يلتفت إليها مع ما يترتب على ذلك من مضار .

– مميزات الجزاء :

الإلزامية تقتضي ضرورة اصطحاب القاعدة بجزاء توقعه الدولة بوصفها السلطة العامة .
والجزاء هو : عقاب معين يوقع عند الامتثال لأحكام القاعدة القانونية وذلك إجباراً على احترامها ، وللجزاء مميزات معينة :

1- أنه مادي : أي يتخذ مظهراً مادياً أو شكلا ً إيجابياً يقوم أساساً على إجبار الأفراد على احترام القاعدة القانونية .

2- حال غير مؤجل : أي يوقع على المخالف فور تحقق المخالفة .

3- تتولى الدولة توقيعه : وتقوم الدولة بتوقيعه ، عن طريق إحدى مؤسساتها ، وفقاً لنظام محدد يقوم ببيان الواجبات التي يتعين احترامها وبيان الجزاء المترتب على مخالفاتها بجانب التي تتبع عند وقوع المخالفة .

– صور الجزاء :

أولاً :الجزء الجنائي : وهو الذي يترتب على مخالفة قواعد القانون الجنائي .

ثانياً : الجزاء المدني : وهو الذي يلحق بالشخص عند مخالفة قواعد القانون الخاص ، وصوره متعددة ومنها على سبيل المثال :

البطلان : وهو جزاء يمكن إعماله في مواجهة التصرفات التي تأتي على غير ما تقتضيه قواعد القانون . وعلى ذلك تعتبر باطلة تصرفات الصبي غير المميز كما يقع باطلا كل عقد إذا كان سببه غير مشروع .

التعويض : وهو ما يحكم به جبراً للضرر حيث تعذر إزالة المخالفة ، كمن يلحقه أذى نتيجة فعل غير مشروع فيحكم له بالتعويض جبراً للأضرار التي لحقته .

( أقسام القانون مع نبذة مختصرة عنها )

ينقسم القانون عادة بالنظر إلى أطراف العلاقة القانونية إلى قانون عام وقانون خاص .

ويستند التقسيم إلى وجود الدولة في تلك العلاقة ، فالدولة إما أن تتصرف بوصفها سلطة عامة
وإما بوصفها مجرد فرد عادي .

فإذا كان تصرفها بوصفها سلطة عامة .. فإنها عندئذٍ تحتاج إلى سلطات غير عادية تمكنها من أداء دورها مما يتعين معه إخضاع تلك العلاقات إلى قواعد القانون العام .. ومن ثم يعرف القانون العام بأنه : مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات التي تدخل الدولة فيها طرفاً بوصفها سلطة عامة .

كما أن الدولة قد تتعامل مع الغير بوصفها شخصاً عادياً .. فتتعامل مع الأفراد فيما يتعاملون فيه من بيع وشراء ورهن وتأجير في حدود ما يمكنها من أداء مهامها فمن ثم يتعين إخضاع كل العلاقات التي تنشأ في ذلك الصدد لقواعد القانون الخاص ومن ثم يعرف القانون بأنه : مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة بوصفها شخصاً عادياً .
طبيعة كل من القاعدتين ( العامة والخاصة ) :

إن قواعد القانون العام تكفل للدولة سلطات واسعة تعلو بها على الفرد وذلك مما يمكنها من أداء وظائفها أداء تاماً لا يراد بها إلا حماية الصالح العام للمجتمع .

قواعد القانون الخاص : أنها لا تخص أياً من أطراف العلاقة بوضع متميز ، وإنما تحرص على تحقيق المساواة بينهما ن ومن ثم فإن الغرض منها حماية المصالح الخاصة في المقام الأول .

لذلك فإن قواعد القانون العام تعلو وترجح قوتها الملزمة على قواعد القانون الخاص مما يترتب عليه احتمال التضحية بالمصلحة الخاصة في سبيل مصلحة المجموع .

فروع القانون العام :

1- قانون عام خارجي : وهو ذلك الذي يحكم علاقات الدولة بغيرها من الدول .
2- قانون عام داخلي : وهو الذي يحكم العلاقات التي تنشأ بين الدولة والأشخاص العاديين .

القانون الدولي العام :

هو مجموعة القواعد التي تنظم علاقات الدول في السلم والحرب وعلاقاتها بالمنظمات الدولية .
القانون الداخلي العام :

وهذا ينقسم إلى أفرع متعددة :

1- القانون الدستوري : ويعرف بأنه مجموعة القواعد التي تبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها مع بيان هيئاتها وتوزيع السلطة بينها بشكل يبين اختصاص كل منها بسلطات محددة . ويهتم القانون الدستوري بوضع الخطوط الرئيسية عليها التنظيم الاجتماعي وذلك بتحديد شكل الدولة وبيان نظام الحكم فيها .. والهيئات الأساسية للدولة ثلاثة وهي : تشريعية يوكل إليها وضع التشريع ، وقضائية تقوم بتطبيقه ، وتنفيذية يعهد إليها بتنفيذه.

2-القانون الإداري : وهو مجموعة القواعد المنظمة لنشاط السلطة التنفيذية عند قيامها بوظائفها الإدارية .

3-القانون المالي : هو مجموعة القواعد التي تنظم مالية الدولة وبيان مواردها وأوجه إنفاقها .

4-القانون الجنائي : يمكن تعريفه بأنه مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد الجريمة والعقوبة المقررة لها مع بيان الإجراء الذي يتبع سواء بالنسبة للتحقيق مع الجاني لحالته ، ويشمل القانون الجنائي نوعين من القواعد :

الأولى: قواعد موضعية وهي ما يسمى بقانون العقوبات .
والثانية : قواعد شكلية أو إجرائية وهي ما يعرف بقانون الإجراءات الجنائية .

فروع القانون الخاص :

عرف القانون الخاص بأنه ذلك القانون الذي تقوم قواعده بتنظيم العلاقات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة بوصفها شخصاً عادياً ، ويتكون القانون الخاص من أفرع عديدة أهمها :

•القانون المدني :
هو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات المالية والأحوال الشخصية لأفراد المجتمع . فقواعده تنظم نوعين من العلاقات هما :

العلاقات المالية والأحوال الشخصية ، والمالية منها تتصل بكل ما يخص نشاط الأفراد المالي ، وعلى ذلك فإن القواعد المتعلقة بها تتكفل بتعريف المال والحقوق المالية وكيفية اكتسابها وانتقالها وانقضائها ، وهي ما تعرف بالمعاملات أو الأحوال المدنية .

أما الأحوال الشخصية فإنها تعنى بكل ما يتعلق بالفرد باعتباره عضواً في الأسرة ،كمسائل النسب والقرابة والأهلية وما إلى ذلك مما يعتبر متعلقاً بالأحوال الشخصية .

هذا وقد درجت القوانين المدنية ، في معظم البلاد العربية ، على استبعاد العلاقات الأسرية من مجالها واقتصادها على العلاقات المالية فحسب . أما مسائل الأحوال الشخصية فقد أخضت إلى الشريعة التي ينتمي إليها الفرد بحسب دينه أو ملته .

مركز القانون المدني بالنسبة لأفرع القانون الخاص :

يعتبر القانون المدني الأصل لكافة القوانين الخاصة إلا أنه بتطوير الحياة الاقتصادية وتعقدها بدأت بعض العلاقات تستقل بقواعد خاصة بها تتواءم مع طبيعتها . ففي مرحلة أولى انفصلت القواعد الشكلية وكونت ما يسمي بقانون المرافعات ، ثم في مرحلة ثانية انفصلت العلاقة التجارية عن دائرة المدني واستقل بها فرع القانون التجاري ، وتوالى الأمر على ذلك فاستقلت أفرع كثيرة من الأصل كالبحري ، والقانون الجوي ، و قانون العمل والعمال والتأمين ، وأصبحت نظماً قائمة بذاتها .

•القانون التجاري :

وهو من أهم أنواع القانون الخاص ، ويشتمل على مجموعة من القواعد التي تعنى أساساً بتنظيم الشئون التجارية .

موضوعات القانون التجاري :

إن قواعد القانون التجاري هي التي تكفل بيان العمل التجاري وتنظم الشركات التجارية والعقود الخاصة بها .

كما تعنى بصفة خاصة بالملكية التجارية والصناعية والأوراق التجارية من كمبيالات وشيكات وسندات إذنيه كمقاضي وأحكام إفلاس التاجر .

القانون التجاري لا يقتصر على النشاط التجاري الذي يمارسه التاجر والشركات فحسب وإنما ينطبق أيضاً على الأعمال التجارية التي يمارسها القطاع العام أيضاً طالما تحققت الصفة التجارية في النشاط الممارس .

القانون التجاري في المملكة العربية السعودية :

قد عرفت المملكة العربية السعودية النظم التجارية وذلك منذ 1345هـ حيث صدر آنذاك نظام المجلس التجاري ، كما صدر نظام المحكمة التجارية لسنة 1355هـ . وقد نص هذا الأخير على المواضيع المتعلقة بالتجارة كتعريف التاجر وشروطه وصفاته وأنواعه . كما تضمن قواعد خاصة بالشركات والوكيل بالعمولة والإفلاس والتجارة البحرية ، بجانب قواعد تتعلق بأصول المحاكمات التجارية . ثم أجيز نظام الأوراق التجارية لسنة 1383هـ متضمناً قواعد خاصة بالكمبيالات والسند لأمر والشيك .
وأعقب ذلك نظام الشركات لسنة 1385هـ بجانب عدد من النظم المتعلقة بالمسائل التجارية .

قانون العمل :

القانون الذي يحكم العلاقات التي تنشأ بين العمال وأرباب العمل ، وذلك بحكم مراكزهم المتساوية وما يستمتع به أطراف تلك العلاقة من حرية .

تسعى القواعد القانونية جاهدة إلى إضافة الحماية على الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية حتى لا يكون ضحية لاستغلال الطرف الآخر . وقد ترتب على ذلك وجوب خضوع العلاقة العمالية لسلطان المشرع بحيث يكون عليها من القيود ما يراه كفيلاً بتحقيق العدالة الاجتماعية كما يتصورها وفقاً للظروف المحيطة .

-أهداف التشريعات العمالية : وتهدف التشريعات من ذلك التدخل الحفاظ على حقوق العمال وحمايتهم مما قد يلحق بهم من استغلال نتيجة الظروف التي سبق الإشارة إليها .

القانون الدولي الخاص :

إن العلاقات القانونية تختلف بحسب اختلاف أطرافها فمن العلاقات ما ينشأ بين أفراد المجتمع الواحد وعندئذٍ تعتبر العلاقة علاقة وطنية سواء بالنظر إلى أطرافها أو إلى موضوعها .

فإذا نشب نزاع بخصوصها فإن الاختصاص تنفرد به المحاكم الوطنية كما وأن حسمه لا يكون إلا وفقاً للقانون الوطني. وعلى ذلك فإن القانون الدولي الخاص هو مجموعة القواعد التي تحدد المحكمة المختصة كما تحدد القانون الواجب التطبيق ، وذلك عند حسم المنازعات ذات العنصر الأجنبي .
قانون المرافعات المدنية التجارية :

هو مجموعة القواعد التي تبين الإجراءات الواجبة الإتباع للوصول على الحقوق قضاء ، أي بعبارة أخرى فإن قواعده هي التي تحدد طرق الالتجاء إلى القضاء وبيان الإجراءات التي يتعين إتباعها وكيفية الفصل في المنازعات .

القانون البحري :

ويشتمل على مجموعة القواعد التي تعنى بتنظيم الملاحة في البحار سواء أكانت متعلقة بالتجارة أو النقل البحري .

وتعتبر السفينة الأداة الرئيسية في التجارة البحرية ، ومن ثم فيشتمل قواعد القانون البحري التنظيم اللازم لما يرد على السفينة من حقوق خاصة بتنظيم ملكيتها وانتقالها ورهنها . كما تتضمن تنظيماً لكل العلاقات التي قد تنشأ بين ربانها ومالكها . بجانب كل ذلك فإنها تعنى بعقد النقل البحري وعقد العمل البحري ومسئولية الناقل .

أنواع القواعد القانونية

تصنف إلى قواعد مكتوبة ، وذلك حيث كان مظهرها ثابتاً ملموساً وأخرى غير مكتوبة إذا لم يكن مظهرها كذلك ، وقد تجيء القاعدة محددة للحقوق والواجبات ، وبذلك قسمت إلى قواعد موضوعية وأخرى شكلية كما قد يؤسس التقسيم على مدى إلزام القاعدة للمخاطبين بها ، وعندئذٍ تتفرع إلى قواعد آمرة وأخرى مكملة .

-القواعد الآمرة :

هي التي تنظم بها المشرع شئون الأفراد وأوجب الخضوع لأحكامها : وهذا يعني أنه لا يجوز مخالفتها أي لا مجال لأعمال إرادة الأفراد بشأنها وإنما يتعين عليهم التصرف على ضوئها فحسب وإلا جاء تصرفهم باطلا .

وعلى ذلك فإن اتفاق الأفراد على غير ما نظمه المشرع في هذا الشأن يعتبر باطلاً لما قد يترتب عليه من أضرار لا يقتصر أثرها على أطراف الإنفاق فحسب ، وإنما تنعكس آثارها على مصالح المجتمع الأساسية .

-القواعد المكملة :

هي تنظيم علاقات كثيرة للأفراد ووضع لها قواعد متعددة إلا أنه لم يجبر الأفراد على ضرورة إتباعها ، وإنما أباح لهم الاتفاق على خلافها لعدم تعلقها بالنظام العام و ارتباطها بمصالحهم الخاصة .

فالمشرع تقديراً منه لظروف المجتمع ، قد قام بوضع قواعد معينة في شأن كثير من المعاملات فوضع قواعد نظم بها الكثير من المعاملات المالية كما نظم علاقة الإيجار والتأمين والبيع الإيجاري ، إلى آخر ذلك من المعاملات التي تعارف عليها المجتمع .

وقد راعى بالنسبة للأحكام التي أوردها تنظيماً لهذه المعاملات ما استقر عليه العرف والعادات وما نصت عليه القوانين الأساسية من قيود إلا أنه نظراً لتأثر هذه المعاملات بالأحوال الاقتصادية وما يعتريها من تغيير ، فإن المشرع لم يشأ إجبار الأفراد على ضرورة مواءمة اتفاقاتهم على ما نص عليه ممن أحكام لتلك المعاملات وإنما خولهم الحق في مخالفاتها إن شاءوا والإتفاق على غيرها ، وذلك تمشياً مع مرونة المعاملات .

-التمييز بين القاعدة الآمرة والمكملة :

يتعين الوقوف على الضوابط المميزة لكل منها ، وقد انعقد الإجماع على معيارين للإستعانة بهما ، وهي :

•المعيار المادي : وهو ما يسمى باللفظي أو الشكلي ، ومفاده إمكان التحقق من طبيعة القاعدة بالرجوع إلى الألفاظ التي صيغت بها القاعدة فإذا أفاد اللفظ عدم جواز الاتفاق على ما يخالفها اعتبرت آمرة بينما تعتبر مكملة إذا دلت ألفاظها على غير ذلك .فإذا جاء النهي بصيغة الآمر أو بصيغة النهي أو استوجب بطلان التصرف فإنه يكون نصاً آمراً .

•المعيار المعنوي : وذلك بالنظر إلى مضمون المصالح التي تنظمها ، فحيث كانت تلك المصالح متعلقة بالنظام العام أو الآداب ، فإنها تعتبر آمرة ، وإلا فهي مجرد قواعد مكملة .

( والنظام العام : يعرف بأنه مجموعة من القواعد التي تحمي المصالح الأساسية في المجتمع سواء في جانبها الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي )

مصادر القاعدة

القاعدة القانونية ليست إلا نتاجاً للظروف التي يعيش عليها المجتمع , وذلك على اختلاف تلك الظروف وتباينها .

مصادر القاعدة في القانون الوضعي

تعدد المصادر :

ويقصد بالمصدر المنهل الذي أستقت منه القاعدة القانونية حكمها :

فإذا وضع مضمون القاعدة ومادتها في الاعتبار كان المقصود بذلك المصدر الموضوعي فالمجتمعات على اختلافها تعيش على ظروفاً سياسية واقتصادية واجتماعية متباينة تسهم مباشرة في تكوين ومضمون قواعده القانونية .

أما إذا كان ما يهم في ذلك الصدد هو المنبع الذي انحدرت منه القاعدة فإننا بذلك نقصد المصدر التاريخي .. فالقانون الروماني يعتبر المصدر التاريخي للقوانين الأوربية . بينما الشريعة الإسلامية هي المصدر التاريخي لبعض القوانين العربية.

من ناحية أخرى قد نكون بصدد الوقوف على ما ترى إليه القاعدة القانونية مما يعيننا على سلامة تطبيقها وعندئذٍ فإننا نلجأ إلى المصادر التفسيرية تحقيقاً لذلك الفرض .

وأخيراً إذا كان هدفنا الوقوف على الجهة التي أضفت القوة الإلزامية على القاعدة القانونية فإننا بذلك نبحث عن مصدرها الرسمي الذي استقت منه خاصية الإلزام .

تنوع المصادر الرسمية :

والمصادر الرسمية في القوانين الوصفية أما أصلية أو احتياطية .

أما الأصلية منها فهي تلك التي يتعين الرجوع إليها لحسم المنازعات القضائية دون غيرها من المصادر أو بالأولوية عليها ويعتبر التشريع المصدر الأصلي الذي يحتكم إليه دائماً في فض المنازعات .

أما المصادر الاحتياطية في تلك التي يمكن الرجوع إليها عند عدم وجود قاعدة أصلية في ذلك الصدد . فالتشريعات الأصلية قد تعجز عن تغطية ما قد يستحدث من علاقات قانونية أو اقتصادية نظراً لتطورها المستمر .

مروان الروقي