الدية بين الشريعة و القانون الكويتي

شرع الله سبحانه وتعالى الدية في القتل الخطأ دون بيان قدرها قال تعالى: ( ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً ) وجاءت السنة الشريفة مبينة أن الدية وفق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بينة فإنه قود، إلا أن يرضى أولياء المقتول، وإن في النفس الدية مائة من الإبل…).

والحكمة من شرعية الدية وتقديرها هي رفع النزاع في تقدير القيمة إذا وكل إلى أولياء القتيل، وحتى لا يغالب هؤلاء أهل القاتل.
ومهما اختلفت منازل الناس وأجناسهم فهم جميعاً أمام تقدير الدماء سواء، فلا تفاوت بينهم.

والدية المقررة في الشريعة الإسلامية لا تدخل في نطاق التعويض أو الغرامة التي ترد قانون الجزاء الوضعي.

كما أن الدية في الشريعة الإسلامية تختلف عن التعويض إذ يدخل في عناصر تقدير التعويض مقومات متعددة، مادية وجسدية وأدبية.

بينما الدية جاءت مقدرة شرعاً غير داخل في تقديرها احتساب كل ما نتج عن الجريمة من الأذى والخسارة.

والذي يحمل الدية في الشريعة الإسلامية الجاني باتفاق الفقهاء، ليتحقق الزجر والردع للجاني، بإنتقاص ماله بسبب تقصيره ووقوع جريمته.
أما الدية في القانون الكويتي فإن مفاد نصوص المواد 245، 248، 251، 258 من القانون المدني أن التعويض عن إصابة النفس يتحدد طبقاً لما قررته لائحة جدول الديات.
ذلك أن التحديد لا يكون إلا حينما تكون إصابة النفس مما يمكن أن يستحق عليه الدية أو الأرث المقرر.
وحدة الدية:
تتميز الدية كتعويض عن إصابة النفس بوحدة قدرها أو مبلغها، وعدم اختلافه باختلاف الأشخاص وظروفهم.
فعلى الرغم من إحتمال اختلاف مدى الضرر المترتب على ذات الإصابة من شخص إلى آخر، وفقاً للظروف الخاصة بكل مصاب، فإن الدية تكون واحدة بالنسبة لنفس الإصابة.
ويرجع ذلك إلى طبيعة الإصابة وكونها ترد على جسم الإنسان الذي هو في ذاته قيمة مطلقة يتساوى فيها جميع الأفراد، دون تمييز بين جنسهم أو سنهم أو دينهم أو جنسيتهم، بل يتساوى أمام الدية الصغير والكبير، والفقير والغني، والرجل والمرأة، والمسلم وغير المسلم، القادر على الكسب وغير القادر.
مقدار الدية:
حدد المشرع الكويتي مقدار الدية بمبلغ 10.000 د.ك (عشرة آلاف دينار كويتي) كما أجاز تعديلها بمرسوم قانوني، لتتماشى مع ظروف المجتمع وتطوراته اللاحقة.
غير أن المبلغ المذكور يشمل الدية الكاملة، وقدر أصدر المشرع مرسوماً يحدد حالات الدية وحالات تجزئتها.
أما حالات وجوب الدية كاملة:
فإنه تجب الدية كاملة – وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي – في الإعتداء على النفس بالقتل، عمداً كان أو خطئاً أم إهمالاً.
كما تجب كاملة أيضاُ في حالة الإعتداء على طرف أو عضو من أعضاء الجسم الفردية التي لا مثيل لها في البدن، كاللسان والأنف والذكر. كذلك تجب الدية كاملة بالنسبة لفقد المنافع من قوى النفس وغرائزها من سمع وبصر وشم وذوق وعقل ومنفعة الجماع . وذلك على التفصيل الوارد بلائحة جدول الديات.
عدم تأثر الدية بخطأ المضرور:
تتميز الدية باعتبارها تعويضاً عن الإصابة في أذى النفس، بعدم تأثرها بخطأ المضرور في حالة إشتراكه في إحداث الضرر.
إنتقال الدية إلى الورثة:
حيث نصت المادة 250 من القانون الكويتي على أنه: “إذا استحقت الدية عن فقد النفس، يتقاسمها الورثة وفقاً للأنصبة الشرعية”