ما هو المفهوم القانوني للجريمة المسلكية ؟

مفهوم الجريمة المسلكية

إن نجاح نظام الموظفين يتوقف إلى حد كبير على أخذه بعين الاعتبار الحقائق التي فطر عليها الإنسان ومن أهمها فكرة الجزاء فكما يجب أن يثاب الموظف الكفء المجتهد الذي يحسن القيام بمهام وظيفته يجب أن يعاقب المسيء المهمل الذي يخل بهذه المهام فالإخلال بواجبات الوظيفة والتزاماتها يعد خطا من شانه إثارة المسؤولية المسلكية للموظف وهذا الخطأ نفسه يمكن أن يؤدي فضلا عن ذلك إلى إثارة نوعين من المسؤولية هما المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية

فالمسؤولية الجزائية تظهر إلى جانب المسؤولية المسلكية في كثير من الجرائم كالرشوة والاختلاس وفي هذه الحالة يستحق الموظف عقابا جزائيا إلى جانب العقاب التأديبي حيث أن فرض احدهما لا يغني عن الأخر لان الخطأين مستقلين عن بعضهما
وأما المسؤولية المدنية على الخطأ المسلكي إذا نتج عنه ضرر للإدارة أو للغير فيتحمل الموظف عبء تعويض هذا الضرر إذا كان هذا الخطأ شخصيا وليس مرفقيا إذ لا يسأل الموظف مدنيا إلا عن خطئه الشخصي وأما الخطأ المرفقي فيلقى عبؤه على عاتق الإدارة ويعود الى القضاء أمر تقدير ذلك لهذا نص قانون العاملين الأساسي في الدولة على أن الدعوى المسلكية لا تخل بحق الإدارة بملاحقة الموظف جزائيا ومدنيا عن الأضرار التي يسببها للغير أو للإدارة معا

ومن المعلوم أن للقانون الجزائي سمة جوهرية وهي عدم تقرير جريمة أو عقوبة إلا بنص قانوني لذلك نجد أن الجرائم الجزائية محددة حصرا وكذلك الحال بالنسبة لعقوبتها والحل بخلاف ذلك في المجال التأديبي إذ انه من المقرر قانونا لمن يملك سلطة التأديب أن يرى في عمل ما يقع من العامل أثناء ممارسته لإعمال وظيفته جرما مسلكيا إذا كان ذلك الفعل لا يتفق وواجبات عمله لذلك قيل أن الأفعال المكونة للجرم المسلكي ليست محددة حصرا ونوعا وإنما مردها بوجه عام إلى الإخلال بواجبات الوظيفة أو الخروج على مقتضياتها ولقد سادت مع هذا المسلك أوصاف عامة للجرائم المسلكية ومعايير عامة ومرنة وأتاح ذلك للسلطات التأديبية اختصاص تقديري واسع في اعتبار فعل ما أو عدم اعتباره جريمة مسلكية تبعا لمنحاها في التفسير والتكييف وعلى هذا النحو فان السلطات التأديبية تتمتع بشبه سلطة تشريعية من خلال خلق أوصاف المخالفة وفرض العقوبة التي تراها مناسبة وبغض النظر عن الرقابة اللاحقة للقضاء في التأكد من عدم انحراف هذه السلطة أو تعسفها

ونتيجة لذلك فقد نادى البعض بوجوب حصر الجرائم التأديبية أخذا بمبدأ شرعية الجرائم
وفي ظل عدم تحديد الجرائم التأديبية وعدم تحديد الأسس التي تقوم عليها وعدم تعريفها بشكل واضح من قبل المشرع فانه لابد من وضع ضمانات تحد من مبدأ عدم الشرعية في الجرائم التأديبية بالنسبة للحالة التقديرية للإدارة
ولتوضيح مفهوم الجريمة المسلكية لابد من إبراز أن الجريمة المسلكية تفترض ارتكاب فعل ايجابي أو سلبي فلا مخالفة تأديبية إذا لم يرتكب فعل وان القانون يقدر لها عقوبة وتتسم العقوبة التي تقع على مرتكب الجريمة المسلكية بأنها عقوبة مقدره وليست مقررة

وإن عدم قيام المشرع الإداري بتحديد مفهوم الجريمة المسلكية بنص قانوني صريح قد ترك الباب مفتوحا على مصراعيه أما فقهاء وشراح القانون الاداري في التصدي لهذا الأمر إلا أن هؤلاء اختلفوا في تحديد هذا المفهوم وقد برز في هذا الخصوص رايان هما:

الرأي الأول يقول أصحابه أن الجريمة المسلكية هي فعل ايجابي يأتيه الموظف ويتضمن إخلالا بواجبات الوظيفة أو خرقا لقوانينها مساسا بكرامتها أو هي فعل سلبي أي امتناع الموظف عن القيام بواجب يحتم عليه القانون إتيانه تحت طائلة المساءلة

أما الرأي الثاني : إن أصحاب هذا الرأي يعيبون على أصحاب الرأي الأول أمرين هما :
1-إهمالهم ركنا أساسيا من أركان الجريمة المسكية وهو الركن المعنوي الذي يوجب أن يكون الفعل صادرا عن إرادة الموظف
2-إهمالهم ركن الصفة في الجريمة المسلكية مع انه لا يتصور قيام الجريمة دون أن تتوفر صفة الموظف العام فيمن وقعت منه هذه الجريمة
وعليه فهم يرون أن للجريمة المسلكية أركانا أربعة ركنا ماديا ومعنويا وشرعيا وركن الصفة وبناء على ذلك يعرفون الجريمة المسلكية على أنها :
” فعل أو امتناع إرادي يخالف واجبات الوظيفة ومقتضياتها ويصدر ممن تتوفر فيه صفة الموظف العام “.
مقالة للاستاذ محمد حسن ،منشورة في مجلة العلوم للغة العربية المصرية.