تلقى قوانين التقادم في مجال القانون الجنائي تطبيقاً على الدعوى العامة الناشئة عن الجريمة في الحالات التي تقع فيها الجريمة ويمر الوقت دون صدور حكم مبرم اذ يسقط في هذه الحالة حق الدولة الشخصي في توقيع العقاب على مرتكب الجريمة لعدم تمسكها به بتحريكها لدعوى الى أن انقضت بالتقادم ، كما تلقى تطبيقاً على العقوبة في الحالة التي يصدر فيها على مرتكب الجريمة الحكم المبرم ويمر الوقت دون أن تنفذ فيه تلك العقوبة ، اذ يسقط في هذه الحالة حق الدولة الشخصي في توقيع العقوبة لعدم تنفيذها . والمدة المقررة لتقادم العقوبة تكون عادة أطول من المدة المقررة لتقادم الدعوى على أساس أن حق الدولة في العقاب بعد صدور الحكم المبرم يكون قد تأكد على نحو يستأهل ميعاداً أطول .

وقد اختلف الفقه حول طبيعة هذه القواعد لاسيما وأنها قد وردت في القانون المصري في قانون الاجراءات الجنائية ، فهل هى قواعد اجرائية تسري فوراً ومباشرة أم أنها ذات طبيعة موضوعية ويمكن بالتالي أن يكون لها أثر رجعي اذا كان ذلك في صالح المتهم ؟

والواقع أننا نميل مع أغلب الفقه والقضاء في فرنسا وبعض أحكام محكمة النقض في مصر الى اعتبار قواعد التقادم سواء تعلقت بالدعوى الجنائية أم تعلقت بالعقوبة الصادرة فعلاً وسواء تعلقت بمدة التقادم أم تعلقت بأسباب وقفه أو انقطاعه من القواعد الاجرائية التي تسري على جميع الدعاوى التي تنشأ عن جرائم تقع بعد العمل بها أو عن جرائم وقعت قبل العمل بها ما دامت المدة المقررة للتقادم وفقاً للقانون الملغي لم تكتمل وسواء أكانت هذه القواعد الجديدة قد أطالت مدة التقادم  أو أضافت سبباً لوقفه أو انقطاعه فأساءت الى المستفيد بالتقادم  أم قصرت مدة التقادم أو استبعدت سبباً لوقفه أو انقطاعه فأفادته على أساس أن قواعد التقادم انما هى من صميم أحكام الاجراءات الخاصة بتنظيم الدعوى لكن الأمر يختلف اذا كانت الدعوى قد انقضت بالفعل بالتقادم أو انقضت العقوبة لاكتمال مدة التقادم في ظل القانون القديم ثم جاء القانون الجديد ليطيل من مدة التقادم أو يضيف أسباباً لوقفه أو انقطاعه بما يسئ الى مركز المتهم لو طبق عليه . اذ لا يكون لهذا القانون الجديد تأثير بعد أن سقطت الدعوى أو العقوبة بالفعل بالتقادم وصار للمتهم حقاً مكتسباً في عدم محاكمته أو عدم تنفيذ العقوبة عليه .

بينما يكاد ينعقد اجماع الفقه في مصر على اعتبار القواعد المتعلقة بالتقادم ” قواعد موضوعية ” باعتبار أن جوهرها هو تنازل الدولة عن حقها في المطالبة بتوقيع العقاب على الجاني أو انفاذ العقوبة فيه وبالتالي فهو يؤثر في حق الدولة في العقاب اذ بالتقادم ينقضي هذا الحق . وعلى هذا الأساس فان قواعد التقادم لا تسري بأثر رجعي الا اذا كانت لصالح المتهم كأن تقصر مدة التقادم أو تلغي سبباً من أسباب وقف مدة التقادم أو انقطاعها . أما اذا كان القانون الجديد يسئ الى مركز المتهم كأن يطيل من مدة التقادم أو يقيم سبباً جديداً لوقفها أو انقطاعها فلا يجوز تطبيقه الا على الجرائم التي تقع بعد تاريخ العمل به دون تلك التي تكون قد وقعت قبل ذلك التاريخ . والواقع أن حسم هذا الخلاف سوف تكون له أهمية قصوى وذلك على ضوء التعديل الذي تم بمقتضى القانون 80 لسنة 1997 على المادة 532 من قانون الاجراءات الجنائية التي قررت في فقرتها الثانية حكماً جديداً مقتضاه ” أن يعتبر وجود المحكوم عليه في الخارج مانعاً يوقف سريان مدة تقادم العقوبة المقضي بها ” .