عقوبة النقل تاديبيا

——————————————————————————–

كثيرا مانرى بعض القرارات الادارية التي تتضمن عقوبة الحسم من الراتب والنقل

فهل يعد ذلك نظاميا ؟!

المادة الثانية والثلاثون:
العقوبات التأديبية التي يجوز أن توقَّع على الموظف هي:
أولاً : بالنسبة لموظفي المرتبة العاشرة فما دون أو ما يُعادِلُها:
1- الإنذار.
2- اللـوم.
3- الحسم من الراتب بما لا يتجاوز صافي راتب ثلاثة أشهُر، على ألاَّ يتجاوز المحسوم شهرياً ثُلث صافي الراتب الشهري.
4- الحرمان من علاوة دورية واحدة.
5- الفصـل.
ثانياً : بالنسبة للموظفين الذين يشغلون المرتبة الحادية عشرة فما فوق أو ما يُعادِلُها:
1- اللـوم.
2- الحرمان من علاوة دورية واحدة.
3- الفصـل.

فنرى انه لاتوجد عقوبة تاديبية بنقل الموظف من مقر عمله الى مقر عمل اخر
اذا مالغاية من نقل الموظف ؟!

لكي يكون قرار النقل مشروعاً، يجب ان يهدف إلى تحقيق مصلحة العمل فإذا خالفت الإدارة هذه الغاية، فإن القضاء الإداري يلغي قرارها المشوب بعيب سوء استعمال السلطة.

ولكن ما حيلة الموظف عندما تسيء الإدارة استخدام هذه السلطة وتحيد عن الغرض الحقيقي الذي من أجله شرع النقل؟
للإجابة على هذا التساؤل يجب التأكيد على ان العلاقة التي تحكم الموظف بالإدارة هي علاقة تنظيمية أو لائحية ويخضع الموظف لما تصدره الإدارة من قرارات وتعليمات متعلقة بحسن سير العمل وتنظيمه.

ولكن أحياناً قد تلجأ الإدارة وهي بصدد مؤاخذة الموظف المخالف إلى نقله سواء كان مكانياً أو نوعياً متذرعة بأن المصلحة العامة تتطلب ذلك بينما يحمل في طياته عقوبة تأديبية مبطنة وليس أمام الموظف الضعيف إلاّ القبول به، وإلاّ تعرض للمساءلة التأديبية أو طي قيده إذا انقطع عن عمله المدة النظامية.

لا شك ان عبارة المصلحة العامة واسع ولا يمكن تقييده بضوابط معينة من أجل الحكم على تصرفات الإدارة بأنها مشروعة أم لا. فاثبات عيب الانحراف بالسلطة يعد من المسائل التي يصعب اكتشافها لأنها غالباً ما تكون متعلقة بنفسية مصدر القرار تقبع داخله بخلاف العيوب الأخرى التي يسهل اكتشافها.. فضلاً عن ان الموظف في هذه الحالة يكون بعيداً عن مجريات الأمور داخل محيط الإدارة مصدرة القرار والتي غالباً ما تحتفظ بأسباب صدوره.

وإذا كانت القاعدة العامة ان الإدارة وهي تمارس سلطاتها ان تضع نصب عينيها تحقيق المصلحة العامة دون أي أغراض أخرى، فإن هناك حالات تجافي بها الإدارة تلك المصلحة لتحقيق أهداف أخرى ليس لها علاقة بالصالح العام. وأقرب الأمثلة على ذلك هي حالات نقل الموظف المخالف بنوعية المكاني والنوعي.

فإذا أرادت الإدارة معاقبة الموظف نتيجة لارتكابه مخالفة معينة فإنها تكون مقيدة بالعقوبات الواردة على سبيل الحصر في المادة 32من نظام التأديب الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 7وتاريخ 1391/2/1هـ ، وليس من بينها عقوبة النقل والتي لا تملك الجهة الإدارية الخروج عليها وإلاّ عد تصرفها باطلاً. ولكن قد تتذرع الإدارة بحجة ان الموظف زائد عن حاجة العمل ومن الأفضل وفقاً لهواها نقله إلى مكان أو جهة أخرى تكون بحاجة لخدماته دون ان يكون للموظف حول أو قوة إزاء ذلك. ولكن بعد البحث والتنقيب عن المقاصد الحقيقية في نقل الموظف تجدها أما بقصد الانتقام منه أو السخط عليه أو محاباة الغير على حساب ذلك الموظف الضعيف الذي لا يستطيع الوقوف في وجه الإدارة ومناقشتها في قرار نقله وإلاّ تعرض إلى نتائج لا تحمد عقباها.

فقرار النقل إذا انطوى على جزاء تأديبي فإنه حري بالإلغاء أمام ديوان المظالم لمخالفته النظام، وفي هذا الصدد أشار الديوان في قرار له رقم 86/17لعام 1400بأن “نقل الموظف عقب التحقيق معه ومجازاته بالحسم من راتبه يعتبر جزاء تأديبياً مقنعاً تأباه الأصول العامة في النظم الجزائية ويخالف النظام، فالنقل إجراء تتطلبه المصلحة العامة لحسن وتنظيم المرفق. ولم يقرر كعقوبة، وإنما قرر للمصلحة العامة بإعادة توزيع الموظفين من حين لآخر على نحو يوائم بين حجم العمل في كل مرفق وما يحتاجه من موظفين لتقديم الخدمات على نحو يضمن استمرارية المرفق العام بانتظام واطراد. أما إذا حادت الإدارة عن تلك الغاية واستهدف غرض آخر غير المصلحة العامة فإنه في هذه الحالة ينقلب النقل إلى جزاء تأديبي مقنع.

وقد انتهى ديوان المظالم أيضاً في قرار له رقم 86/32لعام 1401هـ بخصوص نقل موظف من وظيفة إلى أخرى (… فلا ولاية للقضاء الإداري على هذا النوع من القرارات الفردية، متى كان هدف الإدارة من إجراء النقل هو الصالح العام والا يكون في حقيقته جزاء تأديبياً مقنعاً ينصح بعدم الرضا وبالسخط على الموظف ويحمل في طياته تنزيلاً في الوظيفة أو الدرجة أو أي جزاء آخر مما لا يجوز توقيعه على الموظف إلاّ لذنب ارتكبه وبعد اتباع الإجراءات التي يستوجبها النظام..).وهذا يفيد بأن النقل المكاني إذا كان متضمناً لجزاء مقنع لا علاقة له بالتأديب وأصوله النظامية فيجب الغاؤه لمخالفته مبدأ المشروعية. لأن نقل الموظف كعقوبة ممكن ان يسيء إلى سمعته ومكانته، وبالتالي تؤثر في نفسيته وقد تصيبه بالاحباط فضلاً عن ذلك فإن تنفيذ قرار النقل ثم الحكم بالغائه من شأنه ان يؤثر في استقرار الوضع الأسري للموظف نتيجة عدم استقراره في المكان الوظيفي فضلاً عن المشقة التي يتكبدها الموظف المنقول مما ينعكس سلباً على كفاءة وحسن سير العمل.وكما أشرت سابقاً فإن صعوبة اثبات الانحراف بالسلطة تكمن في ان أغلب قرارات النقل تصدر وهي مذيلة بعبارة (بناء على مقتضيات المصلحة العامة). فهناك فرضية تنص على ان كل قرار إداري يقوم على أسباب مشروعة، ويقع على من يدعي العكس إثبات فساد تلك الأسباب. الأمر الذي يعني وجود علاقة طردية بين سبب صدور القرار والغاية منه فإذا أثبت المدعي ان القرار قائم على أسباب غير مشروعة، اعتبر ذلك قرينة على ان الغاية غير مشروعة والعكس صحيح.
وتوجد عدة طرق قد تساعد المدعي في إثبات عيب إساءة استعمال السلطة في قرار نقله وذلك على النحو التالي:
نص القرار المطعون فيه.. لأن البحث عن السبب الدافع لإصدار القرار ممكن ان يؤدي إلى معرفة نية صاحب الصلاحية مصدر القرار نظراً لما بين السبب والغاية من علاقة مباشرة.

وفي هذا الصدد صدر قرار من ديوان المظالم رقم 86/36لعام 1401هـ بالغاء قرار النقل قائلاً: (بأن تكليف المدعي بالعمل في الشؤون المالية والإدارية مدة غياب الأول “رئيسه” لما عهده في المدعي من الكفاءة والاخلاص في العمل فضلاً على ان المدعي قد حصل على تقدير كفاية بدرجة امتياز كلها دلائل ينتفي معها القول بعدم الاستفادة من المدعي في العمل الذي كان يقوم به وقت صدور قرار النقل المطعون عليه، ولا شبهة في ان كل الظروف والملابسات لا تدع مجالا للشك في ان الإدارة لم تستعمل سلطتها في نقل المدعي من وظيفة كمدير لشؤون الموظفين إلى وظيفة كاتب بمديرية.. بالمنطقة.. للغرض الطبيعي الذي شرع النقل من أجله.. إذ لا يتبين من الأوراق وجود سبب مصلحة يدعو إلى النقل.. وبذلك تكون الإدارة قد انحرفت بسلطتها في نقل الموظفين من مكان لآخر عن الغاية التي وضع لها..).

2- ظروف إصدار القرار.. مثلاً التسرع في إصداره ممكن ان تكشف فيه عن عيب الانحراف بالسلطة.
وفي هذا الشأن صدر حكم من ديوان المظالم رقم 9/د/ف/ 15لعام 1413هـ ببطلان قرار نقل موظف قائلاً: (ولما كان الثابت من طبيعة العمل التي كان يمارسها المدعي والمهام المناطة قبل نقله وكانت مهام الوظيفة الجديدة التي نقل إليها من إدارة.. وهذا يدل على شعور المدعى عليها بالخطأ والجرم فأي مصلحة للعمل في مثل هذه القرارات المتسرعة، فضلاً عن ذلك فإن المدعي كان مثالاً للموظف المخلص الجاد في عمله المتعاون مع زملائه القدوة في أخلاقه وتعامله.. وكان الثابت مما سبق بيانه فإنه تبين انتفاء المصلحة العامة في نقل المدعي من عمله..).

المراسلات السابقة واللاحقة بين الجهة الإدارية والموظف صاحب الشأن وتوجيهات الرؤساء الإداريين ممكن ان يستشف منها التعسف في استعمال السلطة.

فالرئيس الإداري إذا أراد الأضرار بالموظف، تجده على سبيل المثال يحيل إليه المعاملة قبل نهاية دوام يوم الأربعاء طالباً منه إنجازها خلال ثلاثة أيام وهو وقت يستحيل إنجاز العمل المكلف فيه بالنظر إلى طبيعة المعاملة والتي قد تحتاج إلى مزيد من الوقت.. وبالتالي فإن عدم إنجازها خلال تلك المدة يعتبر تقصيرا من الموظف في نظر رئيسه. أو قد يطلب منه التوقيع أو التأشير على معاملة قد يكون باطنها مخالفة للنظام من أجل الايقاع به وهكذا.

ويتضح لنا مما سبق أنه يجب على الإدارة مخافة الله سبحانه وتعالى وان تسعى بما تصدره من قرارات إلى تحقيق المصلحة العامة، فإذا حادت عن ذلك واستهدف أمر آخر أصبح قرارها معيبا مستحق الالغاء أمام ديوان المظالم

إعادة نشر بواسطة محاماة نت