ظرف الارتباط وقيود تحريك الدعوى في قضايا القتل والسرقة

أصدرت محكمة النقض المصرية حكماَ هاماَ بشأن ظرف الإرتباط وقيود تحريك الدعوى الجنائية، قالت فيه: « أن ظرف الارتباط بين جريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والسرقة، مناط توافره المادة 312 من قانون العقوبات».

المحكمة فى حيثيات الطعن المُقيد برقم 28565 لسنة 86 جلسة 2017/05/06، قالت أنه لما كان من المقرر أن ظرف الارتباط بين جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وجريمة السرقة يتوافر متى كان قد وقع لأحد المقاصد المبينة بالفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات وهي التأهب لفعل جنحة أو تسهيل ارتكابها أو ارتكابها بالفعل، وكان البين من المفردات المضمومة أن المتهم اعترف بتحقيقات النيابة العامة أنه نظراً لعدم إنفاق أبيه عليه اشتد الخلاف معه، وما إن علم المتهم باحتفاظ والده بمبلغ مالي حتى فكر فى قتله فتظاهر بالنوم بجواره حتى استغرق والده فى النوم فتسلل من جواره، وأحضر عصا غليظة وضربه فوق رأسه ثلاث ضربات ففارق الحياة فى الحال فقام بسرقة المبلغ المالي ، وساعة يد، وفيزا كارت.

ومن ثم- وفقا لـ«المحكمة» – يكون القتل قد وقع بقصد السرقة الأمر الذي يوفر فى حق المتهم جريمة القتل العمد المرتبطة بجنحة سرقة فضلاً عن توافر ظرف سبق الإصرار فى حقه كظرف مشدد ولا ينال من ذلك ما قد يثار من أن تلك الجنحة غير معاقب عليها بموجب نص المادة 312 من قانون العقوبات لوقوعها بين الأصول والفروع وأن وفاة الأب يكون حائلاً دون تقديم الشكوى ومن ثم لا يصح تغليظ العقوبة عليه، إذ إن ذلك لا يتفق وفلسفة المشرع الجنائي فى المادة 312 من قانون العقوبات التي تنص على أنه : «لا تجوز محاكمة من يرتكب سرقة إضراراً بزوجه أو زوجته أو أصوله أو فروعه إلا بناء على طلب المجنى عليه،وللمجنى عليه أن يتنازل عن دعواه بذلك فى أية حالة كانت عليها . كما له أن يوقف تنفيذ الحكم النهائي على الجاني فى أي وقت شاء».

ومفاد ذلك أن هذه المادة تضع قيداً على حق النيابة العامة فى تحريك الدعوى الجنائية بجعله متوقفاً على طلب المجنى عليه، كما تضع حداً لتنفيذها الحكم النهائي على الجاني بتخويل المجنى عليه وقف تنفيذ الحكم فى أي وقت شاء وذلك رغبة من المشرع فى التستر على أسرار العائلات صوناً لسمعتها وحفظاً لكيان الأسرة وهو ما أشير إليه فى تقرير لجنة الشئون التشريعية والمذكرة التفسيرية، الأمر الذى يستفاد منه بحكم اللزوم العقلي والمنطقي أن يكون المضرور من الجريمة – المسروق ماله – باق على قيد الحياة، كي يكون له الحق فى الإقدام على الشكاية أو الإحجام عنها وهو وشأنه فى الخيار بين هذا أو ذاك، أما إذا قتل المجني عليه بقصد سرقة ماله وكان القاتل ابنه – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة – فيزول هذا القيد لوفاة المضرور من السرقة وتسترد النيابة العامة حقها فى تحريك دعواها لأسباب ثلاثة :

أولها :- أن الحق فى الشكوى قد انقضى لوفاة المجني عليه وأضحى ماله تركه تؤول لورثته يتوارثونها شرعاً ، عدا القاتل لقتله مورثه ، والسرقة التي حدثت تكون واقعة على مال للورثة ومن حق النيابة العامة تحريك دعواها دون توقف على تقديم شكوى من قبلهم .

ثانيها :- أن المشرع رهن محاكمة السارق وفقاً لنص المادة 312 المار ذكرها بتقديم شكوى من المجني عليه شريطة أن تكون جريمة السرقة قائمة بذاتها ، أما إذا كانت مرتبطة بجريمة أخرى أو ظرفاً مشدداً لها – كما هو الحال فى الدعوى الراهنة – فلا لزوم لتقديمها ، وتضحى النيابة العامة طليقة من هذا القيد .

ثالثها :- أن القول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة ينفر منها العقل وتأباها العدالة إذ يجعل من يجهز على أبيه قتلاً لسرقته أوفر حظاً ممن لا يجهز عليه تماماً حال سرقته لأنه فى الحالة الثانية يكون فى وسع الوالد شكاية ولده بينما يستحيل عليه ذلك فى الحالة الأولى لوفاته .

ووفقا لـ«المحكمة»- أن الحكم المطعون فيه قد خلص فى منطق سائغ وتدليل صحيح ثبوت جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المرتبطة بجنحة السرقة المؤثمة بالمادة 234/2 عقوبات فى حق الطاعن وذلك على النحو آنف البيان وأوقع عليه عقوبة الإعدام وهى ذات العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، ومن ثم فلا مصلحة للنعي بشأن واقعة السرقة .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت