حكم تمييز ( خطف- هتك عرض )

محكمة التمييز
الدائرة الجزائية
جلسة 25/ 10/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ كاظم محمد المزيدي – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود دياب ومجدي أبو العلا وعلي الصادق عثمان ويحيى خليفة.
(18)
الطعن رقم 465/ 2004 جزائي
1 – خطف – جريمة (الركن المادي).
– الركن المادي لجريمة الخطف – مقتضاه قيام الجاني بنشاط إيجابي ينقل به المجني عليه من المكان الذي خطف منه إلى مكان آخر يأخذه إليه – سعي المجني عليه إلى الجاني – ينتفي معه هذا الركن.
2 – شروع – جريمة (الركن المادي) – خطف – حكم (تسبيب معيب) – هتك عرض – تمييز (حالات الطعن – القصور).
– لا عقاب على مجرد التفكير في ارتكاب جريمة أو التصميم على ذلك أو إعداد الأعمال التحضيرية لارتكابها – وجوب عقاب الجاني إذا جاوز تلك المراحل إلى مرحلة البدء في التنفيذ – أساس ذلك: تحقق الشروع بالبدء في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤدى إليه حتمًا.

– إغفال الحكم استظهار واقعة الدعوى بما تنطوي عليه من أفعال ومقاصد تتكون منها أركان جريمتي الخطف بالحيلة بقصد هتك العرض والشروع فيه اللتين دان الطاعن بهما – قصور يوجب تمييزه.

1 – الركن المادي لجريمة الخطف يقتضي قيام الجاني بنشاط إيجابي ينقل به المجني عليه من المكان الذي خطف منه إلى مكان آخر يأخذه إليه، أما إذا كان المجني عليه هو الذي سعى إلى الجاني فإن هذا الركن يكون منتفيًا.

2 – إذ كانت المادة (45) من قانون الجزاء تنص على أن (الشروع في جريمة هو ارتكاب فعل بقصد تنفيذها إذا لم يستطع الفاعل لأسباب لا دخل لإرادته فيها إتمام الجريمة، ولا يعد شروعًا في الجريمة مجرد التفكير فيها أو التصميم على ارتكابها، ويعد المتهم شارعًا سواء استنفذ نشاطه ولم يستطع رغم ذلك إتمام الجريمة، أو أوقف رغم إرادته دون القيام بكل الأفعال التي كان بوسعه ارتكابها، ولا يحول دون اعتبار الفعل شروعًا أن تثبت استحالة الجريمة لظروف يجهلها الفاعل) وجاء بالمذكرة التفسيرية لهذا القانون أن (الركن المادي للجريمة يقوم بقيام الأعمال المادية المكونة للجريمة، ومعروف أن الجريمة تسبقها مرحلة التصميم ومرحلة الأعمال التحضيرية وهاتان المرحلتان لا عقاب عليهما فإذا وصل الجاني إلى المرحلة الثالثة وهي مرحلة الشروع في ارتكاب الجريمة أو جاوز ذلك إلى المرحلة الرابعة وهي مرحلة الفعل التام فقد وجبت العقوبة….)، وكان مؤدى ذلك أنه لا عقاب على مجرد التفكير في ارتكاب جريمة أو التصميم على ذلك أو إعداد الأعمال التحضيرية لارتكابها، فإذا ما جاوز الجاني تلك المراحل ووصل إلى مرحلة البدء في التنفيذ وجب عقابه، ذلك أن الشروع يتحقق بالبدء في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤدٍ إليه حتمًا،

بحيث يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤديًا حالاً وعن طريق مباشر إلى ارتكابها ما دام قصد الجاني من مباشرة هذا الفعل معلومًا وثابتًا. لما كان ذلك, وكانت واقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها كما أوردها الحكم الابتدائي واعتنقها الحكم المطعون فيه – على ما سلف بيانه – أن المجني عليهما هما اللذان طلبا من الطاعنين توصيلهما إلى مقصدهما بسيارتهما بما لا يتوافر به الركن المادي في جريمة الخطف بالحيلة، كما يبين مما حصله الحكم مما صدر من الطاعنين من أفعال أنها لم تصل إلى مرحلة البدء في التنفيذ التي تعد شروعًا في جريمة هتك العرض بالقوة, فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خلا من استظهار واقعة الدعوى بما تنطوي عليه من أفعال ومقاصد تتكون منها أركان جريمتي الخطف بالحيلة بقصد هتك العرض والشروع فيه اللتين دان الطاعنين بهما، فإنه يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب بما يعيبه ويستوجب تمييزه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم الأربعاء 24/ 10/ 2001 بدائرة مخفر شرطة الظهر – محافظة الأحمدي: 1 – خطفا……، …… بالحيلة، بأن قاما بنقلهما معًا بمركبتهما بزعم توصيلهما إلى مبتغاهما وقاما بنقلهما من المكان الذي اعتادا الإقامة فيه إلى مكان ناء وبعيد عن العمران وذلك بقصد هتك عرضهما على النحو المبين بالتحقيقات. 2 – شرعا بهتك عرض…..، …… بالقوة بأن هدداهما باستخدام عصا خشبية وكوب من الشاي لنزع ملابسهما تمهيدًا للاعتداء عليهما عنوة ألا أنهما لم يتمكنا من إتمام فعلتهما لسبب لا دخل لإرادتهما فيه هو هروب المجني عليه الأول وإبلاغه السلطات مما أثار الرعب في نفسهما خوفًا من افتضاح أمرهما على النحو المبين بالتحقيقات.

وطلبت النيابة العامة عقابهما بالمواد (45)، (46/ 3 – 4)، (180)، 191/ 1 من قانون الجزاء. ومحكمة الجنايات، قضت في الخامس من فبراير سنة 2002 حضوريًا بحسب كل من المتهمين لمدة ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ، فاستأنف الطاعنان، كما استأنفت النيابة العامة, ومحكمة الاستئناف، قضت في الثامن والعشرين من سبتمبر سنة 2004 بقبول استئناف كل من النيابة العامة والمتهمين/……، …… شكلاً، وفي الموضوع: أولاً: برفض استئناف المتهمين. ثانيًا: بالنسبة لاستئناف النيابة العامة بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة على المتهمين إلى معاقبة كل منهما بالحبس لمدة عشر سنوات مع الشغل عما أسند إليه، فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق التمييز.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن المقدم من كل من الطاعنين استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي الخطف بالحيلة بقصد هتك العرض والشروع فيه، قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأن لم يدلل على توافر أركان هاتين الجريمتين، بما يعيبه ويستوجب تمييزه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أحال في بيانه لواقعة الدعوى ومؤدى الأدلة التي أقام عليها قضاءه إلى ما أورده بشأنها الحكم المستأنف، وبعد أن أورد بعض التقريرات القانونية أورد أن الحكم الابتدائي أخطأ فيما انتهى إليه من إدانة الطاعنين بجريمتي حجز المجني عليهما بدون وجه حق وتحريضهما على ارتكاب أعمال الفجور، بدلاً من تهمتي الخطف بالحيلة والشروع في هتك عرض المجني عليهما بالقوة المرفوعة بهما الدعوى، وخلص من ذلك إلى ثبوت هاتين الجريمتين في حق الطاعنين ودانهما بهما.

لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف قد حصل واقعة الدعوى ومؤدى أقوال المجني عليهما وشاهدي الإثبات بما حاصله: إنه في وقت الحادث كان المجني عليه…… برفقة زميله المجني عليه…… يسيران في الطريق يقصدان منطقة الفحاحيل وقد أبصرا سيارة يقودها الطاعن الأول وبصحبته الطاعن الثاني فطلب المجني عليهما منهما توصيلهما بالسيارة إلى حيث يقصدان، فوافقا، وانطلقا بالسيارة متجاوزين المكان الذي يقصده المجني عليهما اللذين اعترضا على ذلك بيد أن الطاعنين أبقياهما في السيارة واتجها بها إلى مخيم في منطقة نائية زاعمين أنهما على موعد للقاء مع زملاء لهما بذلك المخيم, وما أن وصلوا إليه طلب الطاعن الثاني من المجني عليه…… خلع ملابسه لهتك عرضه فأبى، كما رواد الطاعن الثاني المجني عليه…… عن نفسه وأمسك بملابسه فاستعصم وضربه بعصا وفر هاربًا، وبعدها قام الطاعنان بتوصيل المجني عليه…… إلى المنطقة التي كان يريد الوصول إليها مع زميله المجني عليه الآخر. لما كان ذلك، وكان الركن المادي لجريمة الخطف يقتضي قيام الجاني بنشاط إيجابي ينقل به المجني عليه من المكان الذي خطف منه إلى مكان آخر يأخذه إليه، أما إذا كان المجني عليه هو الذي سعى إلى الجاني فإن هذا الركن يكون منتفيًا. وكانت المادة (45) من قانون الجزاء تنص على أن (الشروع في جريمة هو ارتكاب فعل بقصد تنفيذها إذا لم يستطع الفاعل لأسباب لا دخل لإرادته فيها إتمام الجريمة، ولا يعد شروعًا في الجريمة مجرد التفكير فيها أو التصميم على ارتكباها، ويعد المتهم شارعًا سواء استنفذ نشاطه ولم يستطع رغم ذلك إتمام الجريمة، أو أوقف رغم إرادته دون القيام بكل الأفعال التي كان بوسعه ارتكابها، ولا يحول دون اعتبار الفعل شروعًا أن تثبت استحالة الجريمة لظروف يجهلها الفاعل) وجاء بالمذكرة التفسيرية لهذا القانون أن (الركن المادي للجريمة يقوم بقيام الأعمال المادية المكونة للجريمة،

ومعروف أن الجريمة تسبقها مرحلة التصميم ومرحلة الأعمال التحضيرية وهاتان المرحلتان لا عقاب عليهما فإذا وصل الجاني إلى المرحلة الثالثة وهي مرحلة الشروع في ارتكاب الجريمة أو جاوز ذلك إلى المرحلة الرابعة وهي مرحلة الفعل التام فقد وجبت العقوبة…..)، وكان مؤدى ذلك أنه لا عقاب على مجرد التفكير في ارتكاب جريمة أو التصميم على ذلك أو إعداد الأعمال التحضيرية لارتكابها، فإذا ما جاوز الجاني تلك المراحل ووصل إلى مرحلة البدء في التنفيذ وجب عقابه، ذلك أن الشروع يتحقق بالبدء في تنفيذ فعل ما سابق مباشرة على تنفيذ الركن المادي للجريمة ومؤدٍ إليه حتمًا، بحيث يكون الفعل الذي باشره الجاني هو الخطوة الأولى في سبيل ارتكاب الجريمة وأن يكون بذاته مؤديًا حالاً وعن طريق مباشر إلى ارتكابها ما دام قصد الجاني من مباشرة هذا الفعل معلومًا وثابتًا. لما كان ذلك, وكانت واقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها كما أوردها الحكم الابتدائي واعتنقها الحكم المطعون فيه – على ما سلف بيانه – أن المجني عليهما هما اللذان طلبا من الطاعنين توصيلهما إلى مقصدهما بسيارتهما بما لا يتوافر به الركن المادي في جريمة الخطف بالحيلة، كما يبين مما حصله الحكم مما صدر من الطاعنين من أفعال أنها لم تصل إلى مرحلة البدء في التنفيذ التي تعد شروعًا في جريمة هتك العرض بالقوة, فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خلا من استظهار واقعة الدعوى بما تنطوي عليه من أفعال ومقاصد تتكون منها أركان جريمتي الخطف بالحيلة بقصد هتك العرض والشروع فيه اللتين دان الطاعنين بهما، فإنه يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب بما يعيبه ويستوجب تمييزه وذلك بغير حاجة لبحث باقي ما يثيره الطاعنان.
ومن حيث إن الاستئناف صالح للفصل فيه.
ومن حيث إن المحكمة تعتنق تصوير الحكم المستأنف للواقعة وما ساقه من أدلة على ثبوتها في حق المستأنفين، فإنها تحيل إليه في هذا الخصوص.

ومن حيث إن المحكمة مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقًا صحيحًا ما دامت الواقعة المرفوعة بها الدعوى لم تتغير، وكان الحكم المستأنف قد خلص سائغًا إلى تعديل وصف التهمتين اللتين رفعت بهما الدعوى من خطف بالحيلة والشروع في هتك العرض بالقوة إلى حجز بدون وجه حق وتحريض بارتكاب أفعال الفجور – دون أن يجري أن تعديل في الواقعة المرفوعة بها الدعوى – وهو مما يدخل في حدود سلطة محكمة الموضوع، وتقره هذه المحكمة دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع.

ومن حيث إن المستأنفين مثلا أمام هذه المحكمة، كما مثلا أمام محكمة أول درجة واعتصما أمامها بالإنكار وجرى دفاعهما على عدم توافر أركان جريمتي الخطف بالحيلة والشروع في هتك العرض اللتين نسبتهما النيابة العامة لهما.
ومن حيث إن المحكمة لا تأبه بتذرع المستأنفين بالإنكار، وتلتفت عما أثاراه من دفاع موضوعي.

ومن حيث إن هذه المحكمة إذ ترى صحة الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة المستأنفين بجريمتي الحجز بدون وجه حق والتحريض على ارتكاب أفعال الفجور المؤثمتين بالمادتين (184)، (200) من قانون الجزاء، بيد أنه وفي مجال تقدير العقوبة، فإن المحكمة ترى تعديل الحكم المستأنف وإنزال العقوبة المبينة بمنطوق الحكم بالمستأنفين.