الغالب في الايجاب أن يكون موجهاً إلى شخص معين بالذات، فينعقد البيع في هذه الحالة إذا ما صادف قبول هذا الشخص. إلا أن الايجاب قد يكون موجهاً إلى الجمهور فما الحكم في هذه الحالة؟ تنص المادة 80 من القانون المدني في هذا الصدد على أنه (1ـ يعتبر عرض البضائع مع بيان ثمنها ايجابياً. 2ـ أما النشر والاعلان وبيان الاسعار التجاري عرضي التعامل بها وكل بيان آخر متعلق بعروض أو بطلبات موجهة للجمهور أو للانفراد فلا يعتبر عند الشك ايجاباً وإنما يكون دعوة إلى التفاوض).

فالمشرع يفرق بين الحالتين التاليتين:

1ـ عرض البضاعة في المتجر والاعلان عنها مع بيان ثمنها

إن عرض التاجر لبضاعته في واجهة المعرض مع بيان ثمنها يعتبر ايجاباً موجهاً إلى الجمهور. وهذا الايجاب يظل قائماً وصالحاً لأن يقترن به قبول أي فرد من الجمهور مادام أن التاجر لم يرجع بعد عنه.

فالبيع ينعقد إذا تقدم أحد أفراد الجمهور بالقبول قبل أن يجع التاجر عن ايجابه بسحب البضاعة من واجهة المتجر أو يرفع الثمن المبين عليها.

والعقد إذا ما تم فإنه ينصب على البضاعة المعروضة في واجهة المتجر بالذات ولذلك لا يجوز للمشتري المطالبة بتسليمه بضاعة مماثلة للبضاعة المعروضة في واجهة المتجر، ولكن للتاجر أن يسلم المشتري بضاعة مماثلة بدلاً من البضاعة المعروضة ولا يسوغ للمشتري المطالبة بالبضاعة المعروضة لأن تسليم هذه البضاعة بالذات يتطلب جهوداً لا مبرر له في عادة تنظيم الواجهة واصار مع بيان اثمانها، على أن يكون دخول المحل مباحاً للجمهور(1).

والبائع يكون ملزماً ببيع البضاعة المعروضة لأي شخص يتقدم للشراء في حدود الكمية المتوفرة لديه منها، لأن الأصل في عقد البيع أن لا اعتبار لشخصية المشتري والأحكام أعلاه لا تقتصر على البضائع المعروضة في واجهة المتجر مع اثمانها فقط، بل هي تسري أيضاً على البضائع المعروضة داخل المتجر مع بيان اثمانها، على أن يكون دخول المحل مباحاً للجمهور(2). ويعتبر اعلان التاجر عن بضاعته مع بيان اثمانها في الصحف أو النشرات الخاصة التي توزعها المجلات التجارية على الجمهور، ايجاباً صحيحاً وصالحاً لاقتران قبول أي فرد من الجمهور به. ويتوجب على التاجر أن يسلم البضاعة المعلن عنها لجميع الذين يتقدمون إليه لشرائها، على أن لا تكون البضاعة قد نفذت، لأن ايجاب التاجر يسق بنفاذ البضاعة المعلن عنها فنفاذ البضاعة المعلن عنها يعد بالنسبة للتاجر في حكم رجوع الموجب عن ايجابه(3). ولكن لا يجوز للتاجر الامتناع عن تلبية طلبات الراغبين في الشراء بحجة ارتفاع الأسعار من وقت ارسال النشرات إلا إذا مضت مدة طويلة بين ارسال النشرات وتقدم العميل للشراء(4). وكذلك يعد اعلان التاجر عن بضاعته ايجاباً صحيحاً حتى ولو لم يكن عند التاجر شيء من البضاعة التي أعلن عنها وقت الاعلان أو كان عنده منها قدراً يسيراً فقط، إذ يفترض أن التاجر قد تعهد بإيجابه أن يشتري من هذه البضاعة من السوق ما يلبي طلبات الذين يتقدمون إليه بقبول وإلا فلا يبقى أي معنى لهذا الايجاب، ولا يجوز للتاجر في هذه الحالة الامتناع عن تلبية هذه الطلبات بحجة عدم وجود البضاعة في الأسواق أو ارتفاع الأسعار أو الندرة التي طرأت على البضاعة بعد الاعلان وإلا فيلزم بالتعويض. ولكن يشترط لالزام التاجر بتلبية طلبات الراغبين في الشراء وقوع هذه الطلبات إليه ضمن المدة المحددة للإيجاب أو في المدة المعقولة التي يقررها القاضي في حالة عدم تحديد المدة المذكورة في الاعلان. كما يعتبر اعلان التاجر لبيع بضاعته بثمن معين يدفع على اقساط ايجاباً ملزماً له لذلك لا يجوز للتاجر الامتناع عن البيع بحجة عدم اطمئنانه إلى سداد المتقدم للشراء للأقساط المؤجلة ما لم يكن قد احتفظ لنفسه بهذا الحق أو تبين سبق اعلان إفلاس أو اعار الراغب في الشراء وفقاً للقانون.

2ـ عرض البضاعة أو الاعلان عنها دون بيان ثمنها:

إذا لم يكن عرض البضاعة أو الاعلان عنها مصحوباً ببيان الثمن أو كانت هناك بيانات عن الثمن لا يستطيع العميل ادراك معناها، فإن العرض، أو الاعلان لا يعتبر ايجاباً في هذه الحالة بل مجرد دعوة للتفاوض (80/ 2م مدني).

والفارق بين الايجاب والدعوة إلى التفاوض هو أن الاستجابة إلى الدعوة إلى التفاوض لا تعتبر قبولاً يتم به العقد، بل يعد ايجاباً صالحاً لأن يقترن به قبول صاحب الدعوة فإذا صدر هذا القبول بعد ذلك انعقد البيع.

_______________________

1- مرقس وامام ف35.

2- غني حسون طه ص60 ص49.

3- السنهوري ج4 ص 49.

4- المصدر السابق.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .