حقوق الإنسان في ليبيا إلى أين؟

ضو المنصوري المحامي

تابع العديد من المهتمين بالشأن العام ونشطاء حقوق الانسان قرار المجلس الوطنى الانتقالى – بتشكيل المجلس الأعلى لحقوق الإنسان – بالعديد من الانتقادات الموضوعية لهذا التشكيل الذى جاء منافيا لابسط مبادئ حقوق الانسان على اعتبار هذا الموضوع هو من صميم اهتمامات منظمات المجتمع المدني، فمن المعروف بداية أن انتهاك حقوق الانسان عادة مايكون من نتاج عمل السلطة مهما كان شكلها او تشكيلها فى مواجهة إفراد الشعب لفرض السيطرة على مواطنيها وترسيخ قهرهم وظلمهم.

مع تنامى الأصوات العالمية المنادية بضرورة احترام حقوق الإنسان التى يتم انتهاكها فى العديد من النظم الاستبدادية الشمولية انتهجت هذه الدول طريق تشكيل مجالس ومنظمات وروابط تابعة للسلطة فى مجال حقوق الإنسان محاولة منها لتبييض صفحاتها والتعتيم على الجرائم التى ترتكبها فى مواجهة مواطنيها، فقد شكلت المغرب مجلساً لحقوق الإنسان، كما شكلت تونس مكتبا لحقوق الإنسان تابعا لوزارة العدل وفى مصر يعتبر المجلس الأعلى لحقوق الإنسان من إفرازات النظام الحاكم، والتحقت ليبيا فى ظل النظام البائد بهذا الركب من خلال تشكيلها اللجنة الليبية لحقوق الانسان ومكتب لحقوق الانسان تابع لمؤتمر الشعب العام واضافت اليها جمعية القدافى لحقوق الانسان كذراع استخباراتى لجمعية القدافى للاعمال الخيرية والتنمية تابعة فى التشكيل والاهداف لسيف الاسلام حتى يتم من خلالها تمرير الانفراجات الشكلية لملفات مهيأه للحل يتم استغلالها باعتبارها تقدما فى ملف حقوق الانسان يغطى اختراقات جسيمة لهذا الملف كمذبحة سجناء ابوسليم وقضايا الاختطاف والاختفاء القسرى وغيرها.

وبعد صراع مرير مع نظام الاستبداد الظالم حاول العديد من نشطاء حقوق الانسان انشاء جمعية العدالة لحقوق الانسان ومركز الديمقراطية، الا ان السلطة القائمة وان كان انشاء تلك الجمعية وذلك المركز بمباركة منها فى بداية الامر ادركت خطورة ترك هذا الملف لتناول منظمات المجتمع المدنى فعملت على وأدها فى المهد ونجحت فى الالتفاف على هذا الموضوع ووضعته تحت عباءتها.

فوجئ الجميع بعد انتصار ثورة 17 فبراير بمجلسنا الانتقالى الموقر يصدر قرارا بتشكيل المجلس الاعلى لحقوق الانسان مشتملا فى مسميات تكوينه على قامات شامخة فى هذا المجال على راسهم الناشطان الحقـــــوقــــيان د- صلاح المرغنى وزميله المناضل الوطنى الاستاذ عمر الحباسى ودون استشارتهما فما كان منهما الا ان رفضا هذا المجلس وفقا للمبررات السابق الإشارة إليها، وفى رسائل رسمية عبر قنوات التواصل الأكترونى وسجلا بذلك صفحة جديدة، فى ملفاتهما الناصعة.

وحتى لا يأخذنا الانتقاد مأخذاً دون ان نعالج الامر فإننا نرى فى حالة وجود ضرورة لهذا المجلس أن يكون تشكيله من المنظمات والجمعيات والروابط المهتمة بحقوق الانسان المشكلة كاحد مكونات المجتمع المدنى وان يكون اعضاء تلك الاجسام الحقوقية مشكلة للمؤتمر العام لحقوق الانسان ليكون هذا المجلس قد ولد ولادة طبيعية من رحم معاناة المتضررين من هذه الانتهاكات بعيدا عن السلطة مناكفا لها ومدافعاً ومنافحأ عن هذه الحقوق فى مواجهتها.

لأختم ماوددت إثارته بتوجيه تحية خالصة لزميلي الدكتور / صلاح المرغنى والأستاذ / عمر الحباسى المحاميين اللذين رفضا الانضمام الى هذا المجلس رغم المغريات التى ستغدقها السلطة على أعضائه فى وقت يتسابق فيه الكثيرون على مثل هذه المكونات حتى وان كانت متناقضة مع مبادئهم ومعتقداتهم، فهل وصلت ثقافة الغنيمة الى الوظائف التى يقف وراءها مجلسنا الوطنى الانتقالى، ام أنه اعادة انتاج للنظام السابق وبعت للروح فى جمعية القدافى لحقوق الانسان شكلا وادارة.