المقارنة بين المفهومين القانوني والفقهي للإجازة

من خلال تعريف الإجازة في القانون الوضعي والفقه الإسلامي، نجد أن التعريفين يتفقان في جعل الإجازة تصرفا من جانب واحد، لا تحتاج لقبول من الطرف الآخر، بل تحدث أثرها دون الحاجة إلى علم الطرف الآخر بها، وبمجرد صدور الإجازة لا يستطيع المجيز الرجوع فيها والعدول عنها. كما أن للإجازة حسب الفقهين الإسلامي والقانوني أثر رجعي يستند إلى يوم صدور البيع.

ويتفق الفقه الإسلامي أيضا مع القانون الوضعي في الشروط التي يتطلبها الفقهين لصحة الإجازة، إذ لابد من تنازل المجيز عن حقه في إبطال العقد، وأن يكون هذا المجيز ذا أهلية، وأن تكون إرادته سليمة وخالية من العيوب.

وبالرغم من هذا التشابه بين الفقهين الإسلامي والقانوني في مسألة الإجازة إلا أنه يوجد اختلافات جوهرية بينهما. فالإجازة في القانون من شأنها تأكيد صحة العقد القابل للإبطال، دون إضافة أي جديد للعقد. بمعنى أن الإجازة في القانون الوضعي ما هي إلا نزول صاحبها عن حقه في إبطال العقد. بخلاف موقف الفقه الإسلامي، فالعقد الموقوف، قبل الإجازة لا أثر له، وبعد الإجازة ينتج عن العقد كل آثاره. إضافة إلى أن الإجازة في القانون الوضعي تصدر من المشتري وحده حسب النص الخاص ببيع ملك الغير. أما في الفقه الإسلامي فالإجازة تصدر من المالك وحده الذي باع ماله الفضولي من غير إذنه.

كذلك فإن الإجازة في القانون الوضعي في ظل تطبيق فكرة العقد القابل للإبطال تكون كاشفة وليست منشئة، لأن العقد قبل صدور الإجازة كان نافذا صحيحا، والإجازة تؤكد ما أنتجه العقد من آثار من دون إضافة أي جديد عليه. أما في الفقه الإسلامي فالإجازة – كما قلنا – فهي من جهة كاشفة للأحكام المترتبة على التصرف، ومن جهة أخرى منشئة لها. لهذا تطلب الفقه الإسلامي توافر الشروط التي اشترطها وقت صدور التصرف وهو الوقت الذي تستند إليه الإجازة، كما يجب توافرها وقت صدور الإجازة وهو الوقت الذي وجدت فيه. فالفقه الإسلامي أضاف إلي الشروط التي تطلبها القانون الوضعي شروطا أخرى وهي:

وجود العاقدين والمحل والمجيز وقت صدور التصرف ووقت صدور الإجازة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت