الأسرة في قانون الأحوال الشخصية العماني

أوجب المشرع العماني بحسب قانون الأحوال الشخصية في المواد (36-37-38) عدة واجبات وحقوق منها ما هو خاص بالزوج ومنها ما هو خاص بالزوجة ومنها ما اشترك الإثنان فيهما ؛ وذلك ليكفل للأسرة جواً من الاستقرار والأمان الذي سيعيشانه الزوجان في حياتهما الأسرية ، وقد أكد المشرع ذلك المفهوم في النظام الأساسي للدولة حيث نصت المادة (12) من المبادئ الاجتماعية : “الأسرة أساس المجتمع، وينظم القانون وسائل حمايتها، والحفاظ على كيانها الشرعي، وتـقـوية أواصرها وقيمها، ورعاية أفرادها وتوفير الظروف المناسبة لتـنمية ملكاتهم وقدراتهم”.

فالمشرع العماني أولى الأسرة اهتماماً عظيماً كونها أساس المجتمع ، والبوتقة الأولى التي يتخرج منها شباب عمان ، فحرص على أن تكون لتلك الأسرة الحصانة المناسبة التي تحافظ على أعمدتها باقية صلبة في وجه أي خطر محدق ، من خلال تعزيز العلاقة بين الزوجين وتقوية أواصر المحبة والتفاهم بين الطرفين .

وحتى يوازي المشرع الكفة بين الطرفين فقد أوجب على الزوج واجبات وأعطاه بعض الحقوق كما أوجب على الزوجة واجبات وكفل لها بعض الحقوق ؛ التي من شأنها أن تجعل الحياة بينهما تنشأ وفق معايير نبيلة دعى إليه القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، وما حماية المشرع العماني لكيان تلك الأسرة إلا تنفيذ للمبادئ السامية التي نصت عليها النصوص الشرعية ، وتأكيد على أن للأسرة أهمية عظيمة في بناء نهضة عمان المباركة ، من خلال تخريجها لتلك العقول الناضجة والتي تتوافق و تطور الأحداث في العالم ، والتي ستساهم بلا شك في بناء نهضة عصرية كما خطط لبنائها جلالته -حفظه الله ورعاه-.

ولهذا فقد نص المشرع العماني في قانون الأحوال الشخصية على عدة حقوق و واجبات للزوجين نبدأ أولاً فيها بالحقوق والواجبات المشتركة بينهما حيث ألزم الطرفين في المادة (36) بالآتي:
1》حل استمتاع كل من الزوجين بالزوج الآخر فيما أباحه الشارع.
2》إحصان كل منهما الآخر.
3》المساكنة الشرعية.
4》حسن المعاشرة، وتبادل الاحترام والعطف، والمحافظة على خير الأسرة.
5》العناية بالأولاد وتربيتهم بما يكفل تنشأتهم تنشئة صالحة.
6》احترام كل منهما لأبوي الزوج الآخر وأهله الأقربين.
● بعدها تطرق في المادة (37) من ذات القانون للحديث عن حقوق الزوجة على زوجها وبين لها حقوقها الواجب عليه أن ينفذها لها عند الزواج بها:
1》النفقة.
2》السماح لها بزيارة أبويها، ومحارمها واستزارتهم بالمعروف.
3》الاحتفاظ باسمها العائلي.
4》عدم التعرض لأموالها الخاصة، فلها التصرف فيها بكل حرية.
6》عدم الاضرار بها مادياً أو معنوياً.
7》العدل بينها وبين بقية الزوجات، إن كان للزوج أكثر من زوجه .
ثم انتقل أخيراً في مادة (38) وبين حقوق الزوج على زوجته وما هو واجب على الزوجة اتجاه زوجها في سبيل الحفاظ على تلكم الحياة الأسرية ، فنص على الآتي:
1》العناية به، باعتباره رب الأسرة.
2》الإشراف على البيت، وتنظيم شؤونه، والحفاظ على موجوداته.
3》رعاية أولاده منها، وإرضاعهم إلا إذا كان هناك مانع.

ومن خلال ما تم ذكره أعلاه يتضح لنا جلياً أن المشرع العماني أورد قيوداً لممارسة الحياة الزوجية وعدها من قبيل الحقوق والواجبات التي إن طبقت ومبادئ الشريعة السمحة شملت الأسرة بالحماية اللازمة لبناء الأجيال القادمة والمحافظة على أساس المجتمع من الأخطار التي تطرأ مع تغيرات الحياة ومستجداتها وتحدياتها المستمرة.

ولا يعني أن المشرع العماني أورد تلك القيود بمعنى أن المحاكم لا تخلو من نزاعاتٍ دائرةٍ بين الأزواج ، فهو أوردها لبيان أهميتها؛ ولكونها ستساعد وتساهم في المحافظة على الأسرة وكيانها ، والدور الأهم يكون على عاتق الزوجين في تطبيق ما أمرت بها الشريعة الإسلامية من أحكام وما بينته و أكدت عليها الأنظمة والقوانين والأعراف والآداب العامة، والتي من شأنها أن تساهم في حماية أسرتنا من التشتت والضياع والدخول في متاهاتٍ تكون آثارها سلبية على أفراد الأسرة وبالتالي تنعكس على المجتمع لتأثر فيه.

فوجب علينا أن نوعي أنفسنا وأجيالنا القادمة على أهمية الأسرة وأنها تعد أول مؤسسة تربوية يتخرج منها الفرد لينطلق نحو المؤسسات الأخرى المساعدة في بناء مستقبله كالمسجد والمدرسة وغيرهما ، والأسرة هي عمود أي مجتمع ، فوجب علينا المحافظة عليها وفق ما دعتنا إليها الشريعة الإسلامية ، والحرص على تعزيز قدراتها في سبيل مواجهة تحديات الحياة المتغيرة ، لننعم بمجتمعٍ واعٍ ومثقف يحرص على بناء نفسه و وطنه لنصل إلى تلكم الأهداف المرسومة التي نسمو إليها ونرجو تحقيقها ، والتي لن تتحقق إلا بالصبر والبناء ومواصلة التعلم والحرص على زرع القيم والمبادئ النبيلة المساعدة لنا في بقائنا مبدعين منتجين مخلصين لوطننا الغالي.
كتبه/
فراس بن يونس بن راشد النقبي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت