الدافع و الباعث على الجريمة و الفرق بينهما

 

بواسطة باحث قانوني
محاماة نت

مفهوم الدافع

الدافع في اللغة :
الدفع هو الإزالة بقوة،وتأتي بمعنى الناقة التي تدفع اللبن على رأس ولدها لكثرته، حيث يكثر اللبن في ضرعها حين تريد أن تضع.
ودفع الشيء: نحاه وأزاله بقوة. قال الله تعالى:ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض.
وناقة دافع ودافعة ومدفاع: تدفع اللبأ في ضرعها قبيل النتاج. ويقال: دفع فلان إلى فلان أي انتهى إليه.
ويقال: دفع ناقته: أي حملها على السير. ودفع إليه شـيئا ودفعه فاندفع، وتدافع القوم: دفع بعضهم بعضاً، ودفعت القول: رددته بالحجة، ودفعت الوديعة إلى صاحبها: رددتها إليه، ودفعت عند الموضع: وصلت عنه.
تعريف الدافع : عرفه الدكتور محمد مصطفى زيدان بأنه: “حالة فسيولوجية وسيكولوجية داخل الفرد تجعله ينزع إلى القيام بأنواع معينة من السلوك في اتجاه معين، وتهدف الدوافع إلى خفض حالة التوتر لدى الكائن الحي، وتخليصه من حالة عدم التوازن، أي إن الكائن الحي يعمل على إزالة الظروف المثيرة وإشباع الدافع الذي يحرّكه”.
وعرفة الدكتور حلمي المليجي بأنه: “مثير قوي يدفع الإنسان إلى أن يسلك بصورة ما حتى تخف حدة هذا المثير أو يستبعد كلية”.
وذكر أن الدوافع تعمل داخلياً، إلا أنها تعمل متعاونة مع مثيرات خارجية في إثارة النشاط وتوجيهه كي يسلك سلوكاً معينا في الخارج.
والدوافع توجه السلوك الفردي إلى تحقيق هدف معين في العالم الخارجي.
والدوافع هي حالة استثارة وتوتر داخلي تثير السلوك وتدفعه إلى تحقيق هدف معين.
وعرّفه الدكتور أحمد عزت راجح بأنه:”حاله داخلية جسمية أو نفسية تثير السلوك في ظروف معينة، وتواصله حتى ينتهي إلى غاية معينة.
والدافع: قوة محركة موجهة في آن واحد تثير السلوك إلى غاية أو هدف يرضيه، وعند إعاقة الدافع عن بلوغ هدفه يظل في حالة من التوتر كأنه زنبرك مشدود.
والإنسان منذ ميلاده خلق الله سبحانه وتعالى له حاجات لكي يشبعها ويحتاجها الجسم، مثل الحاجة إلى الهواء والغذاء والماء، مما تكون ضرورية لإشباع التوازن البدني للكائن البشرى لحفظ البقاء، قال الله تعالى: “الذي خلق فسـوى والذي قدر فهدى”.
وعند نمو الفرد وتطور خبراته وتعليمه، فإنه يحتاج إلى حاجات إضافية شخصية أو اجتماعية، وهي ضرورية لإشباع التوازن النفسي مثل الحاجة إلى الأمن والرضا الاجتماعي، والحاجة إلى تحقيق الذات وتقدير الآخرين.
قال الله تعالى: ( إنا كل شيء خلقناه بقدر) .
والدافع يثير السلوك حتى ينتهي إلى غاية معينة، فالكلب الجائع يضرب في الأرض بدافع الجوع، ولا ينتهي سلوكه حتى يقع على طعام أو يصيبه الإغماء.
والشخص الذي يؤلمه ضرسه يبحث عن مسكن يخفف به ألمه، والطالب يستذكر دروسه، ويسهر الليالي بدافع الرغبة في النجاح، والشعور بالواجب الشخصي. والشخص الغاضب لا يزال يتربص بمن آذاه، ويتحيَّن له الفرصة حتى ينال منه، فهو حالة من التوتر الجسمي والنفسي تحفز السلوك وتواصله حتى يخف التوتر، أو يزول بعد أن يحقق السلوك هدفه، فيستعيد الفرد توازنه.
وهناك دوافع ناشئة عند حاجات الجسم الفسيولوجية كالحاجة إلى الطعام والماء والهواء، وبعضها ناشئ منه تفاعل الفرد مع المجتمع، كالحاجة إلى الحب والعطف والأمن والسيطرة والكرامة والشرف.
وهناك دوافع تظهر في حالة الإثارة كالخوف والدهشة والفرح والغضب، وهي دوافع تدفع المرء إلى القيام بسلوك معينة لا يقوم بها في الظروف العادية.
وهذه الحاجات عامة بالنسبة للإنسان والحيوان، فبعض هذه الحاجات عبارة عن نقص لدى الكائن الحي فتدفعه إلى الأخذ مثل الجوع والعطش، وبعضها عبارة عن حاجة إلى خفض التوتّر تؤدي إلى إنتاج خارجي مثل *****.
وهذه من حكمة الله سبحانه وتعالى أن أودع في مخلوقاته خصائص وصفات خارجية تؤدي كلها لأداء الوظائف التي خلقها الله تعالى لها.
قال الله تعالى: (الذي خلقك فسواك فعدلك) وقال الله تعالي:”ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى”، وقال الله تعالى: “سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى”.
فعند اختلاف الاتزان في البدن بأن قل الغذاء في الدم أو الماء في أنسجة البدن أو غيرها انبعث في البدن دوافع معينة تدفع الفرد إلى القيام بالنشاط اللازم لإعادة البدن إلى حالته السابقة من الاتزان.
-أقسام الدوافع:
وتنقسم الدوافع باعتبار منشئها إلى قسمين:
أولاً: الدوافع الأولية (الفطرية ): ويُقصَدُ بها التي لم يكتسبها الفرد من بيئته، وإنما هي استعداد يولد الفرد مزوّدا به، وهي فطرية موروثة وبيولوجية، أي: جسمية يشترك فيها الإنسان والحيوان.
وهي حاجات فسيولوجية تتحكم فيها الظروف الكيميائية والعصبية بقدر كبير مثل الحاجة إلى الطعام والماء والأكسجين والإخراج والراحة.
وأهم الدوافع الأولية هي:
1-دوافع حفظ الذات: وهي التي تقوم بحفظ الذات، وبقاء الفرد مثل: الجوع والعطش وغيرها.
قال الله تعالى :” فقلنا ياآدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى، وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلىً”
وعن أبي خداش عن رجل من المهاجرين من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “المسلمون شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار”.
2-دافع بقاء النوع: وهما دافع ***** ودافع الأمومة.
فقد قال الله تعالى: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلنكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير.
وقال الله تعالى:”ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة.
وقال الله تعالى:”ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليً المصير.
وقال الله تعالى:”وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين.
ثانياً : الدوافع المكتسبة :وهي دوافع من أصل اكتسابي؛ ولذا تسمى بالدوافع الثانوية، أو الدوافع الاجتماعية.
وهذه الدوافع يكتسبها الفرد نتيجة خبراته اليومية، وتعلمه المقصود وغير المقصود أثناء تفاعله مع بيئته الخاصة، فكما يسعى الإنسان لحفظ التوازن البيولوجي عن طريق التوازن البدني فإنه يسعى كذلك إلى حفظ التوازن النفسي عن طريق التوازن الانفعالي، وذلك بإشباع الحاجات الشخصية والاجتماعية التي تجب على الحاجات البيولوجية نتيجة خبرات التعلم المبكرة.
وأهم هذه الدوافع:
الدوافع النفسية: وهي التي تشبع حاجات نفسية للفرد من جهة، وتظهر أثناء تنشئة الفرد الاجتماعية نتيجة لتفاعله الاجتماعي مع غيره من الناس من جهة أخرى.
وهي دوافع مكتسبة مثل الحاجة إلى التقدير الاجتماعي والحاجة إلى تحقيق الذات والحاجة إلى الأمن.
وأهم الدوافع النفسية المكتسبة هي:
دافع التملك: وهي من الدوافع النفسية المكتبية التي يتعلمها الإنسان أثناء تنشئته، فيتعلم الإنسان من مجتمعة حبه لامتلاك المال والعقارات والممتلكات المختلفة التي تشعره بالأمن من الفقر.
قال الله تعالى: “زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب”.
وقد أثار إبليس دافع التملك في نفس آدم عليه السلام، مما جعله يقع في المعصية بأكله من الشجرة التي نهاه الله تعالى عنها.
قال الله تعالى:”فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى “.
فبإثارة إبليس لآدم عليه السلام باعث حرك لدى آدم عليه السلام دافع حب التملك.
دافع العدوان: يظهر دافع العدوان في سلوك الإنسان العدواني تجاه الآخرين لهدف الوصول إلى غاية معينة كالانتقام أو إلحاق الأذى بهم، سواء كان السلوك العدواني بالفعل أو القول.
قال الله تعالى :”فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كان فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين.
وقال الله تعالى :”وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أنجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون”.
دافع التنافس:
قال الله تعالى:”إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون، تعرف في وجوهم نضرة النعيم، يسقون من رحيق مختوم، ختامه مسـك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
وكل دافع لا بد له من إشباع بباعث معين، فمثلاً الطعام باعث يشبع دافع الجوع، والماء باعث يشبع دافع العطش، ومشاهدة الرجل زوجته حال تلبسها بالزنا باعث يشبع دافع العدوان، وقتل الأم المخطئة وليدها حديث الولادة باعث يشبع دافع الخوف من العار.
وتنقسم الدوافع باعتبار الكم إلى صورتين: 1-صورة تناسب رد الفعل مع الدافع، فيكون الدافع متناسباً مع رد الفعل الذي ينتج عنه، وهي الحالة المعتادة للإنسان المعتاد، حيث يصدر رد الفعل متناسباً مع سببه النفسي ومتعادلا مع رد الفعل الذي نتج عنه.
2-صورة عدم تناسب رد الفعل مع الدافع، وفيها يكون الدافع غير متناسب مع رد الفعل الذي ينتج عنه، وهو ما يكون رد الفعل شديداً، وأكبر من الدافع الذي سببه فيوصف بأنه الدافع التافه، أي قليل الأهمية بالنظر إلى أثره في التصرف الشخصي.
وتميز الدوافع من هذه الزاوية له قيمة عملية من حيث تقدير العقوبة حيث تشدد العقوبة في حالة ارتكاب الجريمة تحت تأثير دافع تافه. ومثال الدافع التافه أن يقتل شخص غيره بمجرد أن هذا وقف بســياراته برهة على جانب الطريق العام الضيق، مما عرقل سير الجاني الذي أقبل بسيارته في صورة استعجال، أو أن يقتله؛ لأنه أقرض عدوه مالاً، أو أن يطعنه بخنجر؛ لأنه اصطدم به في الطريق عفوا.
وتنقسم الدوافع باعتبار الكيف إلى قسمين: 1-الدوافع الشريفة أي غير مرذولة وفقاً للميزان الأخلاقي السائد، كما يوصف أحياناً بأنه الدافع الاجتماعي أو الإنساني أوالأخلاقي.
2-الدوافع غير الشريفة أي الدوافع المرذولة التي تنفر منها الطبائع السليمة، وتوصف بأنها دوافع غير اجتماعية، أو غير إنسانية، أو غير أخلاقية، وتنقسم إلى الدوافع التافهة والدوافع الدنيئة.
ووصف الدافع بالشريف أو غير الشريف بالنظر إليه في ذاته وفقاً للمقياس الأخلاقي، وليس بالنظر إلى القانون الذي يجرم الأفعال الداعي إليها، فوفق القانون ستكون جميع الدوافع المؤدية إلى سلوك إجرامي دوافع غير حميدة بالنظر إلى النتائج المحرمة التي أدت إليه، وهذا يعني أنه يصح الاستعانة بالمعايير الأخلاقية لوصف الدوافع إلى ارتكاب السلوك الإجرامي.
وللتميز بين الدوافع الشريفة وغير الشريفة أهمية فيها متعلقة بالعقوبة التعزيرية؛ لأن الدوافع الشريفة تدل على نفس محبة للخبر. وأما الدوافع غير الشريفة فإنها تدل على النفس الميالة للشر، والميل نحو سلوك إجرامي.
ومن أمثلة الدوافع الشريفة: حب الخير، الرحمة، الغيرة المحمودة ونحو ذلك.
ومن أمثلة الدوافع الغير الشريفة: الكبر، الطمع، الحسد، البخل، الغيرة غير المحمودة ونحو ذلك.
الانفعالات:
يعتبر الكثير من علماء النفس الانفعالات نوعاً من أنواع الدوافع والتي بينها صلة وثيقة، وأغلب الدوافع الأساسية تصحبها انفعالات مميزة.
فدافع الأمن يقترن بانفعال الخوف، ودافع العدوان يقترن بانفعال الغضب، فكأن الانفعال هو القوة المحركة للدافع، ومن دونه يكون الدافع خامداً لا أثر له.
إن عدم إشباع الحاجات أو إشباعها يكون مصحوباً باستجابة انفعالية، فإذا أشبعت فإن الصفة الوجدانية المصاحبة تكون سارة، وإن لم تشبع فإنها تكون غير سارة، ومع مرور الوقت يصبح الانفعال ذاته دافعاً يؤثر في السلوك.
ومن أهم الانفعالات:
1-الغضب: فقد قال عنه الإمام الغزالي رحمة الله: “شعلة نار اقتبست من نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، وإنها المستكنة في طي الفؤاد استكانة الجمر تحت الفؤاد ويستخرجها الكبر الدقيق في قلب كل جبار عنيد”.
وقد ذم الله سبحانه وتعالى الغضب حيث قال: “إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين”.
وقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مرني بعمل وأقلل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تغضب”.ثم أعاد عليه فقال:”لا تغضب”.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما تعدون الصرعة فيكم؟”. قلنا: الذي لا تصرعه الرجال، قال: “ليس ذلك ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب”.
وقوة الغضب محلها القلب، ومعناها غليان الدم بطلب الانتقام وتتوجه عند ثورانها إلى دفع المؤذيات قبل وقوعها والتشفي والانتقام بعد وقوعها.
2 –الخوف: وهو من الانفعالات المهمة في حياة الإنسان؛ لأنه يعينه على اتقاء الأخطار التي تهدده، مما يساعده على الحياة والبقاء.
والخوف من عقاب الله يدفع المؤمن إلى تجنب الوقوع في المعاصي والتمسك بالتقوى والانتظام في العبادة.
قال الله تعالى:”إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون”.
الحب: وهو أنواع ، حب الذات. قال الله تعالى:”وإنه لحب الخير لشديد”.
وحب الشهوات. قال الله تعالى :”زين للناس حب الشهوات من النساء”.
وحب المال والأولاد. قال الله تعالى: “المال والبنون زينة الحياة الدنيا”.
الكراهية: قال الله تعالى: “وعاشرونهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً”.
الغيرة: قال الله تعالى: “إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين اقتلوا يوسف أواطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوماً صالحين”.
الحسد: وهو نوعان: الحسد المذموم، وهو كراهية رؤية النعمة على الغير مطلقاً، حيث هو مرض بالقلب.
والنوع الثاني: الحسد الذي يسمى الغبطة، وهو تمني أن يكون مثل المحـسـود، أو أفضل منه، وهو غير مذموم.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “لاحسد إلا في اثنتين: رجل أتاء الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها، ورجل أتاه الله ما لا فسلطه على هلكته في الحق”.
-المفهوم الفقهي للدافع:يقصد بالمفهوم الفقهي أو القانوني للدافع هي تلك القوة ذات الطبيعة النفسية والذهنية التي تكون لها صفات التأثير في التصرف الإرادي وتستبعد العمليات الحيوية البيلوجية التي في أعماق الكائن الحي، وتدعو بعض أعضائه للحركة تلبية لاحتياج الكيان العضوي.
والدافع لابد أن يدل على الغاية من فعله، فالشخص الذي لا غاية له لا يمكن أن يكون له دافع، فالذي يقف في البنك ليودع مبلغا ماليا ويترك بلا وعي منه قنبلة كان يحملها لا يمكن البحث عن دوافع لفعله.
وقد عرفة الدكتور محمود محمود مصطفي بأنه: “العامل النفسي المحرك للإرادة أو هو العامل النفسي الذي يدعو إلى التفكير في الجريمة “.
وقد عرفة شراح القانون بأنه العامل النفسي المحرك للإرادة أو النشاط النفسي المتعلق بالغابة، أو الدافع النفسي المؤدي إلى ارتكاب الجريمة أو العامل الداخلي الذي يدفع إلى ارتكاب الجريمة، أو السبب النفسي الذي يتحكم في فعل الشخص وتصرفاته، أو المجهود النفسي الدافع إلى نشاط إرادي، أو هو الإحساس أو المصلحة التي تحرك الجاني لارتكاب جريمة عمدية، أو السبب الذي يدفع الانسان إلى ارتكاب الجريمة”.
وعرفة الدكتور محمد محيي الدين عوض بأنه: “العمل الفطري الداخلي الذي تحركه المنبهات الداخلية أو الخارجية ويدل على حاجتنا الدفينة لإشباعها ويقود الفعل لإرادة ارتكاب الفعل”.
وعرفه الدكتور علي حسن الشرفي بأنه: “القوة النفسية الحاملة على السلوك الإرادي المنبعثة عن إدراك وتصور للغاية “.
ومن تتبع تعريفات رجال القانون للدافع نجد أنه عامل خفي يصعب الوصول إليه.
وقد تطرقت بعض القوانين العربية لتعريف الدافع ومنها القانون اللبناني حيث عرفة بأنه: “العلة التي تحمل الفاعل على الفعل أو الغاية القصوى التي يتوخاها”. وجاء في مشروع قانون العقوبات العربي الموحد في المادة (54)منه: “هو العلة الدافعة إلى الجريمة، أو الغاية التي توخاها الفاعل من ارتكابها”.
والدافع يرجع أساسا إلى حالة ذهنية وطبيعية نفسية، فهو يقوم على الميل والعاطفة والتصور والتمثل، فهو اتحاد ظواهر نفسية وذهنية مؤثرة، أو هو اتحاد وتصور وشعور، والتصور هو الجزء الذهني المرتبط بالغاية، بينما الشعور هو الجزء النفسي وهو العنصر الحاسم في الإعداد للفعل”.
قال الدكتور محمد نيازي حتاتة:” الدافع على السلوك يبدأ أولاً بإدراك أو معرفة شيء أو أمر من الأمور، فإذا تم الإدراك والمعرفة حدث تأثر أو انفعال داخلي نتيجة هذا الإدراك أو هذه المعرفة وحينئذ تتولد في النفس رغبة أو نزوع في مواجهة هذا الشيء أو الأمر”.
قال الدكتور عادل عاذر:” إن الإنسان في حياته اليومية يشعر بحاجات ورغبات عديدة، غير أن مقدار شعوره بأهميتها يختلف، فإنه يقدر ويزن هذه الحاجات ويسعى إلى إشباع الضروريات وقدر من الكماليات حسب طاقاته وموارده، ومن ذلك يبدو أن العوامل المعنوية التي تؤثر في سلوك الإنسان حيث تمر بمراحل عديدة، فتوجد أولا مرحلة شعور الشخص بالحاجة ثم تقديره لهذه الحاجة ووزنه للأمور، ونرى أن جميع هذه المراحل تعتبر سابقة وضرورية لوجود الدافع أو الباعث إلى التصرف، فلا بد أن يشعر الشخص برغبة أو حاجة يريد إشباعها ثم لابد أن يدرك الأمور على حقيقتها ويزن قدراته وموارده فإذا ما قدر أن الحاجة ملحة لابد له من إشباعها اعتبر هذا الشعور وهذا التقدير السابق دافعاً أو باعثا يدفع الإرادة إلى العزم والتصميم على إتيان التصرف وعندئذ تتجه الإرادة إلى إتيان سلوك يرتب نتيجة معينة من أجل تحقيق هدف مرغوب فيه”.
والشخص لا بد له من تصور وتمثل عقلي للغاية والإدراك الذهني للنفع والضرر مع اقترانه برغبة في ممارسة السلوك، فجريمة الزنا مثلاً يدرك المرء فيها فوائد جمة لكن لا يقوم الشخص على ارتكاب جريمة الزنا إلا بعد توفر رغبة في تحصيلها تشترك مع الإدراك تحث الإرادة على ممارسة السلوك الإجرامي.
فلا تكفي الرغبة لوحدها أو الإدراك العقلي المحض لحث الإرادة على ممارسة السلوك.
قال أبو حامد الغزالي: لا بد من معرفة وإدراك للمنفعة ثم لابد من ميل إليها ورغبة فيها، فإذا توافر الجانب الإدراكي المعرفي فإن الدافع لا ينهض، فالمريض يرى الغذاء ويعلم أنه موافق يدرك فائدته ولكنه لا يمكنه تناوله لعدم الرغبة والميل أي لفقدان الداعية المحركة إليه، أما إذا انعدم الجانب الإدراكي أي لم تحصل معرفة للغرض واعتقاد بنفعه فإن الميل أو الرغبة لا تقوم، ذلك أنها تنتظر العلم المعرفة أو الظن والاعتقاد وهو أن يقوى في نفسه كون الشيء موافقاً له، فإذا جزمت المعرفة بأن الشيء موافق ولا بد وأن يفعل وسمت عن معارضة دافع آخر صارف عنه انبعثت الإرادة”.
قال أحمد الدهلوي: فلولا إدراك ما في الفعل من حسن وقبح وتوهم النفع والضر تبعاً لذلك ما هاج غضب ولا حب ولولا معرفة المطاعم و المناكح وتوهم المنافع فيها لم يمل إليها طبع ولم يحصل اندفاع لتحصيلها.
وقد قسَّم الإمام الغزالي الدوافع إلى أربعة أقسام:
1- أن ينْفرد الدافعُ الواحدُ ويتجرّد، ويحث على العمل، فتكون النية المتولدة عنه خالصة، ويسمى العمل بموجبها إخلاصا، ومثاله: إذا هجم على الإنسان سبع، وعند رؤيته له، فإن غرضه الحرب من السبع؛ لأنه عرفه ضاراً.
2-أن يجتمع دافعان كل واحد منهم مستقل بالإنهاض لوانفرد، ومثاله أن يتعاون رجلان على حمل شيء بمقدار من القوة كان كافيا في الحمل لو انفرد، وكالامتناع عن الطعام في يوم عرفة رغبة في الحمية حسب إرشاد الطبيب، ورغبة في الصوم، فقد اجتمع باعثان، وكان كل منهم صالحاً للمنع على انفراد ويسمى هذا الوضع مرافقة الدوافع.
3-أن يجتمع دافعان أو أكثر، ولكنه لا يكفي كلٌّ منهم لو انفرد، ومثاله: أن يتعاون ضعيفان على حمل ما لا ينفرد أحدهما به،كالتصدق بين يد الناس رغبة في الثواب والثناء، بحيث لا يدفعه على العطاء مجرد الرغبة في الثواب فقط، بدليل أنه كان سيمتنع عن العطاء بعيداً عن الناس، كما لا يدفعه مجرد الرغبة في الثناء، بدليل أنه لوكان الطالب فاسقاً لا ثواب في التصدق عليه لما تصدق ويسمى هذه الوضع مشاركة.
4-أن يكون أحد الدافعين مستقلاً لوا نفرد بنفسه، والثاني لا يستقل ولكنه لما أضيف إليه لم ينفك عن التأثير بالإعانة والتسهيل. ومثاله: أن يعاون الضعيف الرجل القوي على الحمل، ولوا نفرد القوي لاستقل، ولو انفرد الضعيف لم يستقل فإن ذلك بالجملة يسهل العمل ويؤثر في تحقيقه، وأيضا إذا كان للإنسان ورد من الصلاة أوعادة في إخراج قدر معين من الصدقات، فحصل أن حضره نفر من الناس وقت الأداء فصار الأداء بحضورهم أرغب إلى نفسه، وعلم أن عدم حضورهم لم يكن ليمنع ذلك الأداء، أو يقلل منه، وعلم أن مجرد حضورهم لم يكن كافياً لحثه عليه، ويسمى هذا الوضع معاون. الغزالي، أبو حامد محمد، إحياء علوم الدين، ص365-366.
يتميز الدافع بما يلي:
1-أنه قوة داخلية خفية.
2-أنه متغير من شخص إلى آخر، فما كان دافع عند شخص قد يكون غير دافع عند غيره.
3-قد تتعدد الدوافع الحاملة على السلوك الإرادي الواحد.
4-الدافع هو من طبيعة نفسية وذهنية لها صفة التأثير في التصرف الإرادي.
الباعث في اللغة :
الباعث هو إثارة الشيء وتوجيهه. وبعثه على الشيء أي حمله على فعله وبعثه: أثاره وهيّجه. يقال: بعثت الناقة فانبعثت أي أثارها فتأثرت ونهضت. ومنه يوم البعث يوم يبعث الله من في القبور، وبعثه: أرسله. ومن ضرب عليهم البعث عين عليهم وألزموا أنه يبعثوا.
والبعث يكون بعثاً للقوم يبعثون إلى وجه من الوجوه، والبعوث هي الجيوش. وبعث الله الخلق يبعثهم بعثاً أي: نشرهم.
قال الله تعالى: “كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها”وقال الله تعالى: “ولكن كره الله انبعاثهم”.
مفهوم الباعث: الباعث هو موقف خارجي مادي أو اجتماعي يستجيب له الدافع، فيؤدي إلى إشباعه.
فالباعث هو مثير خارجي يحرك الدوافع داخل الفرد، مما يجعله يقوم بسلوك إرادي.
والباعث نوع من المنبهات الخارجية يثير الدافع ويرضيه في آن واحد، وهو ضرب من ضروب الإغواء الخارجية، وليس له أثر في سلوكنا إلا إذا صادف هوى من نفوسنا، أي إذا استجابت له رغباتنا الدفينة، وهي الدوافع الفطرية. فالطعام باعث يثير دافع الجوع والماء باعث يثير دافع العطش. وسمي الباعث باعثا؛ لأنه يبعث الإنسان على الحركة للحصول عليه حتى يشبع الدافع.
والبواعث نوعان: بواعث إيجابية تجذب إليها المرء كأنواع الثواب والمديح والمكافأة، أو وجود مجال للترفيه والتسلية، وبواعث سلبية تحمل المرء على تجنبها وتفاديها، مثل: التوبيخ واللوم والعقاب والقوانين الرادعة والنواهي الاجتماعية.
وتعتبر القوانين الجنائية والأنظمة وغيرها والزواجر الاجتماعية التي تحمل الشخص على تعديل سلوكه وتكيفه وفق مطالب المجتمع من قبيل البواعث.
والبواعث مختلفة، فقد يكون الباعث مثيراً ومهيجاً لدافع المرء، بينما لا يثيره ولا يحركه عند آخر.
ومثاله: مشاهدة الرجل إحدى محارمه، في وضع شائن، فهو باعث حرك لديه دافع الغيرة، فهذا الموقف قد لا يحرك دافع الغيرة عند شخص آخر.
ورؤية الطعام تثير وتهيج دافع الجوع، بينما الشخص الشبعان أو المريض لا تثير شهية، بل يبتعد عن الطعام.
والباعث يثير الدافع ويساعده لكي يوجه السلوك الإرادي لدى الفرد.
ويمكن أن نعرف الباعث بأنه مثير خارجي يحرك الدافع ويساعده لكي يقوم بسلوك إرادي معين في الخارج.
وهناك تطابق بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي للباعث، فهو في اللغة معين الإثارة والتهيُّج.
ويتميَّز الباعث بما يلي: 1-أنه قوة خارجية الفرد.
2-أنه موقف خارجي مادي أو اجتماعي أو غيره.
3-لا يؤثر الباعث على الفرد إلا بوجود دافع لديه.
4-الباعث يرضي الدافع، ويشبعه في آن واحد.
الفرق بين الدافع والباعث
هناك ثلاثة مذاهب في التفريق بين الدافع والباعث:
المذهب الأول: هو رأيٌ لبعض شُرَّاح القانون، حيث يفرقون بين الدافع والباعث، فيقولون: إن الباعث عبارة عن مجموعة عوامل نفسية صادرة عن إحساس الجاني وميوله العمياء التي تدفعه دون تقدير أو تفكير إلى ارتكاب الجريمة.
أما الدافع فهو عبارة عن المراحل التي تنبع عن الفعل والتفكير فهي ليست وليدة الاندفاع أو الغرائز.
فالفرق بينهما على حسب هذا الرأي أن الدافع يصدر بعد تقدير كافة الظروف، بحيث ينتهي إلى الإقدام أو الإحجام، فهو يتمثل في سبب التصرف الإجرامي الصادر عن العقل.
أما الباعث فهو صادر عن الإحساس المرتبط بالغرائز اللاشعورية وتحرك الشخص بطريقة عمياء خالية من التدبّر والتفكير.
المذهب الثاني: هو رأيٌ لبعض شراح القانون وعلماء النفس حيث إنهم يفرّقون بين الدافع والباعث: فيقولون: إن الدافع يعمل من داخل الكيان الإنساني لتوجيه الشخص نحو إشباع الحاجات المطلوبة عندما يثار بمثير خارجي.
أما الباعث فهو يعمل من خارج الكيان الإنساني، وهو موقف مادي أو اجتماعي أو غيره يؤدي إلى إثارة الدافع.
قال الدكتور محمد محيي الدين عوض:” يجب أن تفرق بين الدافع والباعث فالباعث نوع من المنبهات الخارجية تثير الدافع وترضيه في آن واحد كتأثر عاطفة الشفقة عند الإنسان لدى رؤيته صديقاً يتعذب من آلام مرض عضال أو آلام جروح بالغة في حالة حرب، فيؤدي ذلك إلى نشاط إجرامي هو القتل لتخليصه من ويلات هذا التعذيب أو تأثر عاطفة الكراهية وغريزة المقاتلة والعدوان عنده لدي رؤيته عدواً، فيؤدي ذلك إلى إزالة هذا العدو وتحطيمه، فرؤية الصديق أو العدو باعث أثار دافع الشفقة أو الكراهية والعدوان”.
فالدافع استعداد يوجد لدى الفرد قبل أن يؤثر فيه الباعث والباعث موقف خارجي مادي أو اجتماعي يؤثر على الدافع فيستجيب له.
المذهب الثالث :عدم التفرقة بين الدافع والباعث، وإنما هما اسمان لمسمى واحد، وهذا رأي لبعض شراح القانون.
ويميل الباحث إلى المذهب الثاني الذي يفرق بين الدافع والباعث، حيث إن الدافع يكون من داخل الكيان الإنساني ويعمل لإشباع حاجات هذا الكيان وهو من طبيعة نفسية وذهنية.
أما الباعث فيكون من خارج الكيان الإنسان سواء كان مادياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أوسياساً ويعمل لإثارة الدافع.
ومما يقوي هذا الرأي أن هناك اختلافا واضحا في المعنى اللغوي بين الدافع والباعث.
والباعث لا يستطيع التأثير على الفرد إلا إذا وجد لديه دافع يستطيع إثارته وتهييجه.
فالفرد الذي يشاهد إحدى محارمه في وضع شائن هو موقف خارجي يطلق عليه باعث، فلا يستطيع التأثير على الفرد مالم يكن لديه دافع يستجيب له، وهو دافع الغيرة الذي يحركه ويوجهه إلى ارتكاب سلوك معين .
فبناءً على هذا الباعث يتحرك الدافع ويتأثر، بينما هناك نوعية من الأفراد قد لا يتأثرون ولا يحركون ساكنا، وليس هناك دافع للغيرة لديهم بتاتاً.
فالباعث وحده لا يثير السلوك إن لم تتجاوب معه عوامل داخلية عنده.
وهناك مصطلحات ينبغي التعريف بها في هذه الدراسة وهي:
المنبهات، الغرض، الغاية . المنبهات: هي أي تغير في الطاقة ينبه عضواً حسيا، وهي مؤثرات عارضة.
والمنبهات إما داخلية كالاختلاف في التوازن العضوي وما ينجم عنه من مؤثرات في حالة الجوع والعطش والألم الجسمي، أو ألم وتقلصات داخلية في المعدة، أو الحالة الذهنية الراهنة للفرد، فإنّ تصوّر الهدف أو تذكره أو توهمه يثير الدافع ويوجه سلوكه، فالتفكير في الطعام قد يثير الجوع، وتصور الخطر يحملنا على التحوّط منه.
والمنبهات الخارجية كالصوت الفجائي الذي ينبه حاسة السمع أو الضوء الذي ينبه حاسة البصر أو رؤية الفرد لصديقه أو سماع دقات ساعة أو شم رائحة الطعام.
والفرق بين الدافع والمنبه: أن المنبه مؤثر عارض مؤقت مرتبط بعمليات الإحساس، وهو ما يحيل الدافع من حالة الكمون إلى حالة النشاط.
أما الدافع فهو استعداد داخلي يوجد لدى الفرد قبل أن يؤثر المنبه فيه.
الغرض : هو الهدف الواضح القريب الذي يحرك السلوك إلى نشاط معين.
قال رمسيس بهنام: “غرض الإنسان من فعل إرادي ما هو تحقيق المصلحة المباشرة التي له في هذا الفعل أي تحقيق المنفعة التي يعتقد الإنسان إمكان استخلاصها مباشرة من الفعل ولو كانت منفعة وهمية غير حقيقة”.
وهي النتيجة المحددة للنشاط والتي توصف في حالة التجريم بالنتيجة الإجرامية، ولكن ليس دائماً فقد يكون الغرض أمرا غير النتيجة التي حدثت في حالة القتل العمد وهي نتيجة إزهاق الروح فهو بخلاف الغرض في حالة الخطأ غير العمد وهو أمر مختلف عن النتيجة التي حدثت إذ لو كانت هي لتحقق العمد.
وفي صورة العمد يكون الغرض مختلفا عن النتيجة؛ إذ قصر النشاط عن بلوغه وهذا يعني أن الغرض والنتيجة قد يتطابقان في الجريمة العمدية التامة وقد يختلفان حالة الخطأ غير العمدي والشروع.
فالغرض عنصر موضوعي له وجود ويمكن إدراكه وتصوره ثم الرغوب فيه والسعي إليه.
والعلاقة بين الدافع والغرض تتخذ صورة التصور الذهني والإدراك العقلي، فالشخص إذا أدرك أن في أمر ما مصلحة من نوع معيّن، ورغب في تحصيلها، فإن هذا التصوّر والإدراك والرغوب كاف لأن يدفعه إلى تحقيقها.
الغاية: هو أقصى مايبتغيه الشخص من نشاطه، وهو الهدف البعيد، وقد يطلقه عليها الغرض النهائي الذي يرمي إليه الشخص.
وتتميّز الغاية عن الغرض أنها لاحقة له من حيث وقت تحقيقها، وبينهما زمن قد يطول ويقصر. والمصلحة هي دافع الإرادة المحركة للسلوك، سواء كان تحقيقها يعد غرضاً لكونها مصلحة قريبة أو غاية كونها مصلحة بعيدة، فالتصوّر الذهني الغاية دافع للسلوك مثل التصور الذهني للغرض.
والعلاقة بين الدافع والغاية هو أن الدوافع تصور الغاية ورغوب فيه. والغاية هي وسيلة لإشباع الدوافع؛ لكونها أقصى ما يبتغيه الشخص.
ونوع الغاية وصفتها تحدد نوع الدافع وصفته، فإذا تم العثور على غاية الجاني من جريمته أمكن معرفة الدافع له على اقترافها، وكذلك العكس.
ونوضح الغرض والغاية بمثال: غرض السارق من السرقة مثلاً هو تحقيق مصلحته المباشرة فيها وتنحصر في إشباع حاجته إلى المال بإضافة مال الغير إلى ملكه، أما غايته من السرقة، فقد تكون إشباع حاجة ضرورية كالحاجة إلى الغذاء أو حاجة كمالية كالحاجة إلى اللهو، بل قد تكون إشباعاً لحاجة الغير بالتصدق على فقير، فحصول السرقة على مال ليس له هو الغرض من السرقة وغايته هو الوجه الذي ينفق فيه المال المسروق بعد حصوله عليه.
والإرادة المتجهة إلى الاستيلاء والتملك هي القصد الجنائي، والقوة النفسية الحاملة لإشباع الحاجة أو الرغبة هي الدافع.