ورقة بحثية عن دعــوي الإخلاء للحوجة الماسة

الحاجة الماسة وتطبيقاتها فى قانون
إيجار المبانى لسنة 1991

مقدمة :

تعد المسائل التى يثيرها عقد الايجار من أكثر المسائل إرتباطاً بالأشخاص ولا سيما الايجارات المتعلقة بالعقارات التى هى عبارة عن مساكن او محلات تجارية ، نظراً لأهمية المسكن والمتجر فى حياة الانسان ، ولهذا تكثر الاسئلة عن النواحى التى تتعلق بعقود الايجار التى تبرم على هذه الاماكن ، وبما أن هذه المسائل كثيرة ومتشعبة وتثير أسئلة الكثير من الناس وخاصة ما يتعلق بحق المالك فى إسترداد حيازة العين المؤجرة لحاجته لها وهو ما شاع عند القانونيين بمسمى الحاجة الماسة.
وسوف اتناول هذا الموضوع فى المباحث التالية :
أولا : تعريف الإجارة فى اللغة والفقه والقانون
ثانياً : تعريف الحاجة الماسة
ثالثاً :القوانين التى كانت تحكم الحاجة الماسةقبل سنة 1991
رابعاً : الاساس القانونى لدعوى استرداد للحيازة للحاجة الماسة
خامساً : إسترداد الحيازة حال سريان الأجرة التعاقدية
سادساً : الحاجة الماسة فى ظل قانون ايجار المبانى لسنة1991 وتطبيقاتها القضائية

أولا : تعريف الاجارة فى اللغة والفقه والقانون
الاجارة فى اللغة بمعنى الاجرة وقد استعملت فى معنى الايجار أيضاً . والاجرة الكراء أي بدل المنفعة والايجار المكاراة والاستئجار الاكتراءوالمؤجر المكارى والمستأجر المكترى.
وفى إصطلاح الفقهاء بمعنى بيع المنفعة المعلومة فى مقابلة عوض معلوم ( المادة 404-405 ) مجلة الاحكام العدلية ص 79
وعرفت الاجارة فى المادة (295) من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 بأنها : تمليك المؤجر للنستأجر منفعة مقصودة من الشئ المؤجر لمدة معينة لقاء مقابل معلوم .

ثانياً : تعريف الحاجة الماسة :
ليس هناك تعريف دقيق ومحدد للحاجة الماسة ، بل هى من الامور التى يصعب وضع تعريف محدد لها لأنها مسألة تتعلق بتكييف الوقائع الثابتة من الادلة المطروحة وقد ناقشتها محاكمنا فى قضايا عديدة وخلصت الى أن مفهمومها متجددوأنه ليس فى الامكان وضع معيار ثابت لها لا يتغير إذ أن الحاجة الماسة تحكمها ظروف وإعتبارات شتى ( مجلة الاحكام القضائية 1980 ص291 ) ومع ذلك فقد إجتهدت المحكمة العليافى وضع تعريف لمصطلح الحاجة الماسة بقولها : الحاجة الماسة هى تلك الحاجة التى تبرر إسترداد الحيازة سواء لغرض السكن أو لمزاولة العمل التجارى . ( مجلة الاحكام القضائية 1977 ص 388) .

ثالثاً : القوانين التى كانت تحكم دعوى الاخلاء للحاجة الماسة قبل 1991
بدأ تطبيق القوانين المدنية الحديثة فى السودان مع بداية الاحتلال الانجليزى 1899فكان ان صدر قانون القضاء المدنى لسنة 1900 وكانت المادة 4 منه تنص على وجوب حسم المنازعات بحسب مقتضيات العدالة والانصاف والوجدان السليم وذلك فى الحالات التى لم يرد بشأنها نص تشريعى فى قانون القضاء المدنى او اى قانون آخر .
( أنظر قانون الاجراءات المدنية لسنة 1984 ج1-ا.د محمد الشيخ عمر ) فكانت المحاكم تطبق مبادئ القانون الانجليزى فى دعاوى الايجـار إرتكــازاً على هذه المادة الى أن صدر قانون تقييد أجرة المنازل لسنة 1920 وقد كان قانونا مؤقتا بفترة زمنية محددة ولم يسر على جميع انحاء السودان وقد تناول مسألة إسترداد الحيازة فى المادة 2 منه ثم تلاه قانون تقييد الايجارات وإسترداد حيازة المبانى لسنة 1943وقد اشار الى مسألة الحاجة الماسة فى المادة 6 /د/هـ. ثم اعقبه قانون تقييد الايجارات لسنة 1947 واشار لهل فى المادة 8 الفقرات د /هـ/ و منه . ثم تلاه قانون تقييد الايجارات لستة 1953 فى المادة 11 الفقرة د/ هـ .
وقد عدل هذا القانون فى سنة 1958 واخيرا تم إلغاؤه بصدور قانون تقييد الايجارات لسنة 1982 والذى تناول مسألة الحاجة الماسة فى المادة 9 الفقرة و / ز وهذا القانون الغى بدوره بصدور قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 والذى تناول مسألة الاخلاء للحاجة الماسة فى المادة 321/5منه ، وأخيرا صدر قانون ايجار المبانى لسنة 1991 والذي سنتناول نصوصه المتعلقة بالاخلاء للحاجة الماسة بشى من التفصيل .

رابعاً : الاساس القانونى لدعوى استرداد الحيازة للحاجة الماسة :
تقوم دعوى إسترداد الحيازة للحاجة الماسة على القاعد ة الفقهية التى تقول : المالك أولى بملكه . وهذه لا مكان لتطبيقها إلا عند وجود التعارض بين مصلحة المالك ومصلحة المستأجر ، وقد استقرت السوابق القضائية على وجوب تغليب مصلحة المالك فى إسترداد حيازة عقاره للحاجة الماسة متى ما تعارضت تلك المصلحة مع مصلحة المستأجر شريطة أن تكون مصلحة المالك قائمة ومعقولة أ و على الاقل أن يكون تحقيقها حتمى . ( أنظر مجلة الاحكام القضائية 1977ص 388 ومجلة 1976ص 114 ) ويفهم من هذا أن قاعدة ( المالك أولى بملكه ) لا يجب أن تكون عملية مفترضة وكأنها بديهية ، فعقد الإجارة له إحترامه وضوابطه وبنفس القدر المطلوب لحماية حق المالك فى إسترداد ملكه يجب أن نراعى حق من إلتزموا معه بعقد . ( مجلة الاحكام القضائية 1990 ص 107 )
أما الفقهاء فقد تحدثوا عن حق المؤجر فى إسترداد العين المؤجرة فى إطار حديثهم عن حق اى من أطراف عقد الاجارة فى فسخ العقد ، فالحنفية يرون جواز فسخ الاجارة لحدوث عذر بأحد العاقدين او بالمستأجر ( بفتح الجيم ) ولا يبقى العقد لازماً ويصح الفسخ إذ الحاجة تدعوا إليه عند العذر ، لأنه لو لزم العقد حينئذ للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد فكان الفسخ فى الحقيقة إمتناعاً من إلتزام الضرر . ( انظر بدائع الصنائع 4/197 والمبسوط 16/2 ) .
وأما جمهور الفقهاء فلا يرون جواز فسخ العقد بالاعذار لأن الاجارة أحد نوعى البيع فيكون العقد لازماً إذ العقد إنعقد باتفاقهما . وقد نص الشافعية على أنه ليس لأحد العاقدين فسخ الاجارة بالاعذار سواء كانت على عين أم كانت فى الذمة ما دام العذر لا يوجب خللاً فى المعقود عليه . ( أنظر المهذب للشيرازى 1/405 ومنهاج الطالبين وحاشية القليوبى 3/81 )

خامساً : إسترداد الحيازة للحاجة الماسة أثناء سريان الاجرة التعاقدية :
نجد أن نص المادة (11) 1 الفقرة (هـ) و ( و) لم يبين متى يحق للمؤجر طلب إسترداد حيازة المبانى المؤجرة للحاجة الماسة وهل هذا الحق يسرى حتى على الاجرة التعاقدية أم انه مقصور فقط على الاجرة الحكمية ؟؟
بالنظر فى الاحكام القضائية التى صدرت قبل قانون 1991 نجد أنها قصرت حق المؤجر فى استرداد الحيازة على الإجارة الحكمية فقط واعتبرت الدعوي التى ترفع من المؤجر للمطالبة بإسترداد المبانى المؤجرة حال سريان الأجرة التعاقدية سابقة لأوانها ويتعين شطبها ( المغاسل الاوتوماتيكية /ضد/ صالح محمد صالح – مجلة 1977 ص 428)
أما فى ظل قانون 1991 فقد صدرت احكام بعضها يسير وفق المعمول به فى السابق ( رحمة عثمان يس /ضد/شركة كنانة المحدودة /م ع/ ط م/ 179/ 1994 غير منشورة مشار اليها فى /د محمد الشيخ عمر –قانون ايجار المبانى ص 174)
وبعضها يبيح للمؤجر استرداد الحيازة فى اى حال سابقة: ( ورثة أحمد يونس عواض /ضد/ عائشة عبد الرحيم – مجلة 1994 ص 212)

سادساً : إسترداد الحيازة للحاجة الماسة فى قانون إيجار المبانى لسنة 1991
تحدث قانون إيجار المباني لسنة 1991 عن حق المالك في استرداد حيازة المبنى المؤجر – سواء كانت حاجته للسكن أو لغرض أخر – في المادة (11) 1 /هـ/ و واليكم نص المادة : تحكم المحكمة بالاخلاء فى أي دعوة يقيمها المؤجر لإسترداد حيازة اى مبنى فى أي من الحالات الاتية : هـ /طلب المؤجر المبانى لسكنه هو او سكن اى من والديه او اولاده واثبت ان الظروف تستلزم ذلك .
و / حاجة المؤجر للمبانى لغرض اخر غير السكن لاستعماله الشخصى ولم يكن المستأجر يستخدمها للسكن واثبت المؤجر ان كل الظروف تستلزم استخدامه المبانى لذلك الغرض .

اولاً: الحاجة الماسة للسكن :-
اختلفت معالجة التشريعات بالنسبة لرغبة المالك فى شغل المكان المستأجر . ففى مرحلة اولى كان النص اكثر تساهلااذ كانت تتطلب تلك الفقرة مجرد قيام حاجة معقولة لأستعمال المكان سواء لنفسه او والديه اواولاده ، ولكن وفقا لتعديل 1958 راى المشرع الحد من ذلك التساهل فاشترط فيه ضرورة تلجى المالك لطلب استرداد الحيازة دون والديه او ابنائه ، ولكن بعد صدور قانون 1991 فان الامر عاد لما كان عليه الامر قبل تعديل 1958 بحيث لم يقتصر طلب استرداد الحيازة على المالك فحسب وانما اتسع ليشمل سكنى والديه وابنائه كما ان المشرع تطلب للقضاء بذلك ان تستلزمه كل الظروف وبالتالى فان عبء اثبات الحاجة الماسة وضرورتها يقع على عاتق المؤجر ( بتصرف من قانون إيجار المباني /د محمد الشيخ عمر ص 179/180 ) ولكن الحاجة الماسة المطلوب برهانها لا يمكن أن ترقى الى مثل حاجة الانسان للماء والهواء ولكنها لا يمكن ان تنزل الى مجرد الترف والراحة اذ هى وضع وسط بين هذا وذاك ( سابقة محمد طه مصطفى /ضد/ فتح الرحمن البشير – مجلة الاحكام القضائية 1975 ص 143/144 ) وقد وضعت المحكمة العليا مبادئ يجب مراعاتها لأثبات الحاجة الماسة وذلك فى قضية ( استاوروس كالستراتوس /ضد / فتحية عبد الله حاج حسن . مجلة الاحكام القضائية 1973 ص 78 ) و من هذه المبادئ: ثانياً : لا تعنى الحاجة الماسة و الملحة ان يحشر الناس فى منازل ضيقة لا تتسع ثالثاً : ان حاجته لسكنى المنزل ماسة وملحة فى كل الظروف للسكنى الكريمة للاسرة رابعاً : ان تكون سكناه فى الموضع الذى هو فيه لم تعد مضايقة له فحسب بل ان بقاءه فى ذلك الموضع اصبح مشقة لا تطاق ويكون البديل عندئذ البحث عن مسكن آخر . ولكن محكمة الاستئناف ذهبت الى ان مسألة الراحة قد تضاف لأسباب اعادة الحيازة الاخري
( سابقة فخرى بولس /ضد/ محمد احمد الرخا -مجلة الاحكام القضائية 1975 ص 336 )
وعلى كل حال على المحكمة أن تأخذ فى اعتبارها ظروف المالك ووضعه السكنى وقت رفع الدعوى واذا كان يطلب العقار لسكنه هو وحده فلا شك ان عامل السن وجنس المالك ووضعه العائلى تدخل جميعها ضمن الاعتبارات وعلى المحكمة ايضاً ألا تغض الطرف عن واقع العائلة السودانية وما تتميز به من حرص على الوالدين والالتفاف حولهما عناية وبرا بهما اذا بلغا سن الشيخوخة لأن المحاكم لا تعمل فى فراغ وانما تستمد عدالتها وحسن تطبيقها من صميم تقاليد المجتمع . ( محجوب السيد /ضد/ اللقية الطاهر /مجلة الاحكام القضائية 1980 ص 271 )
فإذا ثبتت الحاجة الماسة فإن من واجب المحكمة الاستجابة لطلب الاخلاء ولا تملك المحكمة صلاحية إصدار أمر خلاف ذلك (استاوروس /ضد/ فتحية )
وكذلك جاء فى السابقة ( عامر يوسف /ضد/ بابكر حسن بابكر /مجلة الاحكام 1976ص 98 ) بعد إثبات المطعون ضده لحاجته الماسة فلا يحق للمحكمة أن تعرض عليه شرطاً جديداً هو أن يبحث عن سكن له ، لا تكتمل حاجته إلا بعد فشله فى العثور عليه
وهذا الرأي الموضح فى هذا الحــكم يختلف عـما ورد في الســابقة القضــائية ( عبد الرحيم احمد /ضد/ كمال احمد ابراهيم – مجلة الاحكام القضائية 1963 ص 194) والتى اوردت شرط البحث عن منزل وعدم العثور عليه كأحد إشتراطات الحاجة الماسة .
وعلى العموم ليس بالامكان حصر الوقائع التى تشكل الحاجة الماسة لأنها تختلف بإختلاف وقائع القضايا وظروف المؤجر وحالته الاجتماعية وعادات واخلاقيات مجتمعه فمثلا فى قضية ( محمد توفيق /ضد/ درية حمزة المشار اليها فى قانون ايجار المبانى ص 181 /182 ) قضت المحكمة برفض دعوى الاخلاء لأن الخطوبة لا تعدوا ان تكون مجرد اعلان لنية الزواج فى المستقبل وان احتمال فشل الخطوبة كبير ولذلك اعتبرت الدعوى سابقة لأوانها ، بينما نجد المحكمة العليا فى سابقة ( جوزيف مجاهد /ضد/ مكى الحاج – مجلة 2000ص 165 ) قضت بأن : الخطبة فى الديانة المسيحية نصف إكليل وهى ملزمة ولا يجوز فسخها ، لذلك يجوز إعتبارها عنصراً من عناصر الحاجة الماسة التى تبرر إسترداد الحيازة .
ومن الاحكام التى ربما تثير جدلاً كثيرا ما ذهبت اليه محكمة الاستئناف فى سابقة
( محمد مختار /ضد/ فوزى فرج جرجس – مجلة 1976 ص 468 ) بقولها : إن الحاجة الفعلية فى دعوي استرداد الحيازة للاستعمال الشخصى لا يتوجب وجودها فى تاريخ اقامة الدعوى ولكن ينبغى توفرها فى الوقت الذي يصدر فيه امر المحكمة بالاخلاء …..
واما فيما يتعلق بحاجة المالك الجديد لإسترداد الحيازة لأى من الاغراض المذكورة فى اى من الفقرتين (هـ) و (و) من البند (1) لا يجوز له حيازة تلك المبانى إلا بعد أن يعطى المستأجر اخطاراً مكتوباً ليخلى تلك المبانى وتنقضى فترة ستة أشهر كاملة على الاخطار وفق نص المادة (11) الفقرة (2) من قانون ايجار المبانى لسنة 1991 .
ويجوز للمحكمة اذا لم يكن للمستأجر الذي صدر ضده أمر بإسترداد حيازة المبانى بموجب الفقرة (هـ) او (و) او (ح) من المادة (11) 1 بناء على تقديرها ان تؤجل سريان الامر لأى مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وفق نص المادة 12 من قانون ايجار المبانى لسنة 1991

ثانياً : الحاجة الماسة للمبانى غير السكنية :
من الاسباب التى نصت عليها المادة (11) الفقرة (و) من قانون اجارة المبانى لسنة 1991 كسبب لاسترداد الحيازة حاجة المؤجر للمبانى لغرض اخر غير السكن لاستعماله الشخصى ولم يكن المستاجر يستخدمها واثبت المؤجر ان كل الظروف تستلزم استخدامه المبانى لذلك الغرض .
والملاحظ ان هذا الحق مقصور على المؤجر فحسب لا يتعداه الى ابنائه او والديه .
وقد وضعت المحكمة العليا بعض الضوابط العامة التي يجب توافرها حتى يحكم للمؤجر باسترداد الحيازة وهى :
أ ـ ان تكون الحاجة حقيقيةبمعنى ان البينة تؤكد وجود حاجة موجودة فعلاً .
ب ـ ان تكون الحاجة جادة بمعنى انها ترتكز على على أسباب موضوعية .
ت ـ ان تكون الحاجة عاجلة بمعنى توفرها وقت الدعوى بصورة لا تقبل التأجيل وألا تكون مستقبلية او حاجة لا تمليها ظروف الدعوى . ( سابقة هشام محمد /ضد/ الطيب حسن – مجلة 1992 ص 364 ) وفى نفس هذه السابقة اشترطت المحكمة مع قيام العمل ان يكون العمل مشروعا وذلك بقولها :
من شروط دعوى الحاجة الماسة لمزاولة العمل التجاري أن يكون العمل قائماً فعلاً والعمل القائم المنشئ لحق الدعوى يجب أن يكون مشروعاً ، وإن ممارسة العمل التجاري كتجارة الشنطة ودون رخصة يعد غير مشروع ولا ينشئ حقاً للإخلاء .
واما مجرد رغبة المالك فى بدء عمل تجارى لا تشكل فى حد ذاتها حاجة ماسة بل يجب على المحكمة أن تنظر فى كل الخطوات التى اتخذها المالك ومدى جديتها فى بدء العمل لكيلا تقصر حق استرداد الحيازة على من يزاول عملا فعلا ( البدوى بابكر /ضد/ خليل اسماعيل – مجلة 1982 ص 250 )
ولكن اذا تعلق الطلب برغبة المالك فى التوسع فى عمله القائم من قبل وضيق المكان الذي يشغله وقت رفع الدعوى فإنه يتعين على المحكمة ان تأمر برد الحيازة اليه .
( سابقة – فاروق العوض /ضد/ احمد محمد – مجلة 1980 ص 246 )
ولكن فى سابقة ( على سعيد وآخر /ضد/ عبد القادر محمد – مجلة 1991 ص 232 ) قضت بأن : وجود الرخصة التجارية قد يكون عاملاً يقوى من حجة المالك ، إلا ان عدم وجودها لا يعنى بالضرورة فشله فى اثبات الحاجة الماسة .
وكذلك لا يشترط لثبوت الحاجة الملجئة لإسترداد حيازة العقار لممارسة العمل التجارى ان يثبت المدعى مقدرته على ممارسة أو تمويل العمل بشخصه طالما كانت الحاجة حاجته والغرض ممارسة العمل لحسابه ( عوض خليفة /ضد /محمد على موسى -مجلة 1992 ص 329)
وأما حاجة المالك للعقار لبيعه أو عرضه للبيع فإن هذا ينفى حاجته الماسة و يعارضها لأن الحاجة الماسة التى تسمح للمالك بإسترداد الحيازة هى حاجته لإستغلال العقار للسكن او العمل وليس حاجته الى المال ( زين العابدين محمد /ضد/ زين العابدين مطر – مجلة 1977ص 300 و سابقة عوض الكريم على /ضد/ عمر عباس – مجلة 1980 ص 192 )

ثالثاً : إسترداد الحيازة للحاجة الماسة فى حالة الملكية على الشيوع :
عالجت هذا الموضوع المحكمة العليا فى قضية : خضر أحمد /ضد/ محمد بخيت وآخر – مجلة الاحكام القضائية 1973 ص 91 ) وتتلخص وقائعها بإختصار فى الآتى :
أثار المدعي دعواه مطالباً باسترداد حيازة عقار كان يمتلكه على الشيوع للاستعمال الشخصي وحكمت المحكمة الابتدائية له ونقضت المحكمة الكلية الحكم على أساس ان بقية الملاك على الشيوع لم يضموا في الدعوى و المدعي يمتلك 1 11/12 1 من جملة العقار.قضت المحكمة العليا بتأييد حكم المحكمة الابتدائية ووضعت المبادئ الاتية :
1- الدفع بعدم رفع الدعوى بواسطة كل الملاك على الشيوع بسيط إذا ما يثار أمام محكمة الموضوع . وبما أنه ليس من الدفوع المتعلقة بالمصلحة العامة لا يحق للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
2- يجوز لملاك أغلبية الأنصبة في العقار المملوك على الشيوع أن يسترد حيازته من المستأجر دون أن يكون للأخير حق الاعتراض وإن كان هنالك شريك آخر لم يضم في الدعوى ما دام هذا الشريك قد سكت عن المعارضة الصريحة.
3- يعتبر الشريك صاحب الأغلبية في العقار المملوك على الشيوع وكيلاً عن الشريك صاحب الأقلية في استئجار ذلك العقار ويعتبر عدم اعتراض الأخير صراحة موافقة ضمنية على الإيجارة.
وقد أكدت المحكمة بعض هذه المبادئ فى سابقة ( حيدر حامد الهاشمى /ضد/ شركة مصر لأعمال الأسمنت المسلح – مجلة 1993 ص 195 ) و التى جاء فيها :
1/ الشريك علي الشيوع في العقار والذي تم تخصيص وإفراز نصيبه باتفاق الشركاء يكون في معني المؤجر الذي يحق له منح الإجارة وإنهاؤها
2/ إتفاق الشركاء علي الشيوع في عمارة علي تخصيص شقة بها وإفرازها لأحد الشركاء يجعله في معني المؤجر الذي يحق له رفع دعوى لاسترداد حيازتها دون الرجوع إلي موافقة بقية الشركاء علي الشيوع

رابعاً : مخالفة أحكام قانون ايجار المبانى 1991:
تنص المادة 13 على انه : إذا صدر أمر برد حيازة أى مبان إستناداً على أى من الأسباب الواردة فى الفقرةه (هـ) أو (و) أو (ح) من المادة (11) (1) فلا يجوز للمؤجر قبل مضى سنة من تاريخ صدور هذا الأمر أن يؤجر المبانى أو أى جزء منها أو يتخلى عن الحيازة لشخص آخر ، إلا بإذن من المحكمة التى أصدرت الأمر .
ولعل الحكمة من هذا النص منع التحايل على أحكام القانون حتى لا يكون الإخلاء للحاجة الماسة ذريعة يلجأ اليها بعض المؤجرين لزيادة الأجرة ، ولذلك لم يكتف القانون بهذا المنع بل نجد أنه رتب عقوبة على مخالفة أحكام المادة 13 تصل الى السجن مدة لا تجاوز ستة أشهر او الغرامة أو العقوبتين معاً . [