بواسطة dorra ben mohammed
نعلم جميعا أن للميراث أحكام وحالات معروفة ولا لبس فيها والقانون حدد انصبة الميراث وفقا للشريعة ولكن هناك مسألة هامة في علاقة مباشرة بالميراث تسمى الوصية الواجبة فما هي؟؟؟ الوصية الواجبة: هي تلك الوصية التي أوجبها القانون على المتوفى واوجب بتنفيذها حتى ولو لم يوصى بها المتوفى، بمعنى انه فى بعض الحالات يفرض القانون نصيبا لأشخاص بعينهم ليس لهم نصيب في الميراث و هي استحقاق يخضع لبعض شروط الإرث. و بمكن ان نعرف الوصية الواجبة بأنها تمليك مضاف إلى ما بعد موت صاحب المال لفائدة بعض الأشخاص الذين يمنحهم القانون هذا الحق. فالوصية الواجبة تتمثل في أن يفرض القانون نصيبا لأشخاص بعينهم، ليس لهم نصيب فى الميراث على أن تتوفر فيهم الشروط التي جاء بها الفصل 191 و192 من مجلة الأحوال الشخصية ( بموجب القانون عدد 77 لسنة 1959 بتاريخ 19 جوان 1959).ويعرفها البعض بأنها فرع من الميراث إذ تجب فرضا لمستحقيها الذين لا يرثون إما لأنهم أصلا ليسوا من الورثة (ابن البنت أو بنت البنت) وإما لأنهم كانوا من الورثة و حضر وارث حرمهم من الميراث (ابن الابن أو بنت الابن في حالة وجود الابن الذي يحجبهم حجب الحرمان) إلا أننا لا نتبنى هذا الموقف و نفرق بين الإرث و الوصية الواجبة و هذه الأخيرة تمثل في جميع الأحوال استحقاقا و ليس ميراثا من حيث أسبقيتها على الميراث و تحديدها بحدود الثلث. الوصية الواجبة هي التي أوجبها القانون حتى ولو لم يوصى بها الموّرث، وهي بذلك تختلف عن الوصية الاختيارية في كون مصدرها هو القانون وليست إرادة الموصي رغم أنهما يتشابهان في كونهما تسبقان على الميراث. فـالوصية الواجبة- مثلما سبق و اشرنا – ليست ميراثا وإنما هي مؤسسة قانونية مستقلة بذاتها تشارك الميراث في البعض من أحكامه (قاعدة للذكر مثل حظ الانثيين) وتشارك الوصية الاختيارية في البعض الآخر وهي تؤدى من التركة قبل الميراث وتقدم على الوصية الاختيارية” ( تعقيبي مدني عدد 24628 مؤرخ في 26/06/2003). فهي بذلك تأخذ حكم الميراث بالنسبة لكيفية استحقاقها (بحكم القانون) وتأخذ حكم الوصية بالنسبة لكيفية تنفيذها (قبل الميراث وفي حدود الثلث). أما شرعا فقد أوجب الإسلام الوصية للوالدين والأقربين دون تحديد النسبة وتركها للاجتهاد والظروف لقوله تعالى: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت أن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين.” سورة البقرة 18 وقد تضاربت الآراء الفقهية حول هذه المسألة ليعتبر البعض أنها نسخت بآيات المواريث وليعتبر البعض الآخر بأنها نسخت جزئيا بالنسبة لمن لا يرث من الوالدين والأقربين وفئة ثالثة قالت بأنها لم تنسخ لا كليا ولا جزئيا وأن العمل مازال قائما، وعلى كل حال، فإن الوصية الاختيارية بإجماع الفقهاء مرغوبة ومستحبة لأنها عمل من أعمال الخير وقد أجمع الأيمة الأربعة وجمهور الفقهاء على أن الوصية للأقربين أفضل من الوصية لسواهم. لقوله تعالى “وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا” النساء الآية 8 وقد اعتبر ابن حزم بأن الوصية فرض وواجب على كل من ترك مالا لأن الرسول أمر بذلك ليصل إلى أن الله فرض على كل مسلم أن يوصي لقرابته الذين لا يرثون إما بسبب اختلاف الدين أو لوجود من يحجبهم عن الميراث أو لكونهم أصلا من غير الورثة. وإن قانون الوصية المصري رقم 71 لسنة 1946 هو أول قانون عربي طبق مبدأ الوصية الواجبة ولكن بصورة ضيقة جدا إذ قصرها على فروع الطبقة الأولى لأولاد البنات وعلى أولاد الأبناء من الظهور وإن نزلوا على أن لا يحجب كل أصل فرعه. وجاء القانون مزيجا من آراء الفقهاء الذين قالوا بأن آية الوصية لم تنسخ وأنها واجبة لمن لا يرث من الأقربين وأخذ برأي ابن حزم المبني على قاعدة شرعية مفادها أن لولي الأمر أن يأمر بالمباح لما يراه من المصلحة العامة ومتى أمر به وجبت طاعته، وفي رأي بعض الفقهاء أن أمره ينشئ حكما شرعيا مضافا إليها ما أثبته من وجوب الوصية وعدم نسخ آية الوصية. وكذلك أخذ القانون السوري بأحكام الوصية من القانون المصري ومنها المتعلقة بالوصية الواجبة وأدخل عليها بعض التعديلات كحرمان أولاد البنت من الوصية الواجبة. كما أخذ القانون المغربي بالوصية الواجبة، وجاء النص عليها في القانون المتعلق بالميراث، لا في القانون المتعلق بالوصية. وقد استمد القانون المغربي نصوص الوصية الواجبة من القانون السوري، فجاءت مطابقة له. كذلك الأمر بالنسبة للقانون الكويتي المتعلق بالوصية الواجبة إذ أنه مستمد من القوانين العربية الآنفة الذكر وخاصة القانون المصري وقد حصر الوصية الوجبة بأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات وبأولاد الأبناء من أولاد الظهور وإن نزلوا. ولقد خصصت مجلة الأحوال الشخصية التونسية الباب الخامس من الكتاب الحادي عشر منها للوصية الواجبة، وقد وردت الأحكام الخاصة بهذه الوصية في الفصلين 191 و192 من مجلة الأحوال الشخصية كما بينا سابقا إذ ينص الفصل 191 على أنه “من توفي وله أولاد ابن ذكرا أو أنثى مات والدهم أو والدتهم قبله أو معه وجبت لهؤلاء الأولاد وصية على نسبة حصة ما يرثه أبوهم أو والدتهم عن أصله الهالك باعتبار موته إثر وفاة أصله المذكور بدون أن يتجاوز ذلك ثلث التركة ” ويبين هذا الفصل كذلك أن هؤلاء الأحفاد لا يستحقون الوصية الواجبة: “1) إذا ورثوا أصل أبيهم جدا أو جدة 2) إذا أوصى لهم الجد أو الجدة في حياته أو أعطاهم بلا عوض مقدار الوصية الواجبة فإن أوصى لهم الجد بأقل وجب تكملة الناقص وإن أوصى بأكثر فتطبق على الزائد القواعد العامة للوصية” هذا وتضيف الفقرة الأخيرة من الفصل المذكور أن” الوصية الواجبة مقدمة على الوصية الاختيارية والوصايا الاختيارية متساوية وإن تزاحمت تقسم على التناسب” ثم جاء أيضا بالفصل 192 في ما يتعلق بالأحكام الخاصة بالوصية الواجبة أنه” لا تنصرف هذه الوصية إلا للطبقة الأولى من أولاد الأبناء ذكورا أو إناثا وتقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين” ويتضح من نص هذين الفصلين أن الوصية الواجبة هي في الواقع ميراث لأن المستفيد ينوب الوارث في نصيبه من التركة ولكن القانون يعتبرها وصية. لذا فإن نظام الوصية الواجبة يخضع للأحكام الخاصة بها وكذلك للأحكام العامة للوصية مثل الأحكام المتعلقة بقبول وبرد الوصية. وعلى هذا الأساس فان الوصية الواجبة لا تصح إلا إذا توفرت شروطها العامة والخاصة. وهذه الشروط يمكن تقسيمها الى صنفين: شروط متعلقة بالموصى له (الفقرة الأولى) وشروط متعلقة بالموصى به ( الفقرة الثانية)، اعتبارا و أن الموصي هو القانون. الفقرة الأولى: الشروط المتعلقة بالموصى له: تصرف الوصية الواجبة للطبقة الأولى من أولاد الأبناء ذكورا وإناثا (ابن ابن أو بنت ابن أو بنت بنت أو ابن بنت) وبذلك فهي لا تصح لفائدة أولاد ابن ابن أواولاد ابن بنت أو اولاد بنت ابن أو اولاد بنت بنت المورث ولا لفائدة أولاد أخ أو أولاد أخت أو أولاد عم أو أولاد ابن عم المورث. فالموصى له في الوصية الواجبة هو الحفيدة أو الحفيد الذي مات والده أو والدته قبل أو في نفس التاريخ الذي مات فيه المورث. بشرط أن لا يكونوا قد ورثوا أصل أبيهم جدا أو جدة . فمثلا لو توفي شخص وترك زوجة وابن ابن متوفي قبله فهنا لا وصية واجبة لأن ابن الابن يرث جده اصالة في غياب الابن ” فهذا الحكم ملائم للمبدأ الذي يمنع الوصية للوارث ومتماش كذلك مع أساس الوصية الواجبة المتمثل في عدم حرمان الأحفاد الذين لا يرثون من مال جدتهم أو جدهم المتوفى. فالأحفاد لا يأخذون منابا من التركة بعنوان الوصيَة الواجبة في صورة عدم وجود عمهم الذي يحجبهم عن الميراث بل يرثون جدهم بالتعصيب” تعقيبي مدني عدد 50749 مؤرخ فى 24/02/1998. ولا وصية لوارث ولا فيما زاد على الثلث… (الفصل 179 م أ ش). وهنا نلاحظ أنه خلافا للميراث الذي لا ترث فيه بنت البنت باعتبارها من ذوي الأرحام، فإنّه في الوصية الواجبة إذا توفيت البنت قبل مورثها فإن أبناءها يستحقون وصية واجبة على قدر مناب والدتهم على أن لا يتجاوز الثلث. كما أنه لا مجال للوصية الواجبة إذا أوصى لهم الجد أي المورث في حياته أو أعطاهم مقدار الوصية الواجبة وهنا يجب التمييز بين الوصية الواجبة وما كان يعرف بكتب “التنزيل “، وهو أن ينزل الإنسان غير وارث منزلة وارث وقد نص الفقهاء على أن التنزيل من باب الوصايا يخرج قبل قسمة التركة يعني أن ضرره يدخل على عامة الورثة. ” فمن المعلوم قانونا أن موضوع التنزيل قد حسم أمره من تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية التي جرى العمل بأحكامها في غرة جانفي 1957 ولم تعد العقود التي تبرم في الغرض مقبولة وتعتبر باطلة من أساسها إذ أن المجلة المذكورة جاءت بالبديل صلب الفصل 191 من مجلة الأحوال الشخصية المتعلقة بالوصية الواجبة للأحفاد …”( تعقيبي مدني عدد 56816 مؤرخ فى 11/03/1997). ويجب أيضا لصحة الوصية الواجبة أن يكون الموصى له موجودا في تاريخ وفاة المورث، و أما إذا كان جنينا في ذلك التاريخ فأنه لا يستحقها إلا إذا ولد حيا في مدة لا تزيد عن العام . ومثل ما هو مقرر بالنسبة للوصية الاختيارية فإن الوصية الواجبة لا تصح إلا إذا قبلها الموصى له بصفة صريحة أو ضمنية. فإذا رد الموصى له هذه الوصية بعد وفاة الموصي فإنها تبطل. وتبطل الوصية الواجبة أيضا بقتل الموصى له للمورث عمدا أو بتسببه في قتله سواء بصفة فاعل أصلي أو شريك أو مشارك أو شاهد زور أدت شهادته إلى الحكم بإعدام المورث كل ذلك إذا كان القتل بلا عذر. وأخيرا يجب التنبيه إلى أنه نظرا لكون الوصية الواجبة ليست ميراثا فأنها تصح مع اختلاف الدين بين المورث والموصى له (ولئن كان اختلاف الدين كمانع من موانع الإرث هو محل جدل ونقاش) ولكن إذا كان الموصى له أجنبيا فأن الوصية الواجبة لا تصح إلا إذا كان قانون الدولة التي ينتمي لها الموصى له يمنح التونسي نفس الحق أي أنه في هذه الحالة يشترط لصحة الوصية الواجبة لفائدة الأجنبي المعاملة بالمثل لفائدة التونسي. الفقرة الثانية الشروط المتعلقة بالموصى به: يُعطى المستحق للوصية الواجبة حصة ما يرثه أبوه أو والدته عن أصله الهالك وذلك فى حدود الثلث. ( لا وصية لوارث ولا فيما زاد على الثلث إلا بإجازة الورثة بعد وفاة المورث. تعقيبي مدني عدد 64400 مؤرخ فى 01/06/1999) على أن مستحقي الوصية الواجبة يرثون ميراث والدهم أو والدتهم كاملا عندما لا يتجاوز الثلث وعند عدم وجود أصحاب الفروض. ولكن في حالة وجود أصحاب الفروض فإن طريقة عمل الفريضة تختلف إذ تقام فريضة على تقدير حياته (اي فريضة افتراضية على اعتبار والد مستحقي الوصية الواجبة غلى قيد الحياة)، و يعاد منابه إلى الثلث إن تجاوزه، ثم تقام فريضة أخرى على تقدير وفاته (و تسمى فريضة الإرث تحتسب فيها منابات الورثة من الأحياء لا غير دون اعتبار أصحاب الوصية الواجبة). و لا بد في إطار إعمال قواعد الوصية الواجبة من تطبيق أحكام الفصل 87 م أ ش الذي جاء به: “يؤدى من التركة بحسب الترتيب الآتي: 1- الحقوق المتعلقة بالتركة . 2- مصاريف التجهيز والدفن. 3- الديون الثابتة في الذمة. 4- الوصية الصحيحة النافذة. 5- الميراث. ….” فالوصية عموما مقدمة على الميراث سواء كانت واجبة أو اختيارية . والفصل 191 م أ ش : ” من توفي وله أولاد ابن ذكرا أو أنثى مات والدهم أو والدتهم قبله أو معه وجبت لهؤلاء الأولاد وصية واجبة على نسبة حصة ما يرثه أبوهم أو والدتهم عن أصله الهالك (ولذلك تقام فريضة افتراضية على تقدير حياته) باعتبار موته إثر وفاة أصله المذكور بدون أن يتجاوز ذلك ثلث التركة (ولذلك تقام فريضة الوصية لبيان إن كانت قد تجاوزت الثلث أم لا ) …” فالموصى به بموجب الوصية الواجبة هو نصيب أب أو أم الموصى له من الميراث في حدود ثلث ما يبقى من التركة من أموال بعد أداء الديون الموظفة عليها. لكن الورثة يمكنهم تمليك الموصى له كامل نصيب أمه أو أبيه على أن يكون الزائد على ثلث التركة تبرعا يصح في حق كل من أجازه صراحة وله أهلية التبرع بماله. ثم لكي لا يكون للمستفيد من الوصية الواجبة أكثر مما يستحقه والده أو والدته من تركة المورث، فان الوصية الواجبة لا تصح إذا تحصل الموصى له على ما يعادل حقه بموجب الهبة (أعطاهم بلا عوض) أو الوصية الاختيارية لكن إذا أعطاه المورث أقل من حقه وجب تكملة الناقص وإذا أعطاه أكثر” طبق على الزائد القواعد العامة للوصية ” ويجب التنبيه في هذا الصدد إلى أنه عندما يكون الموصى له حفيدة واحدة أو حفيدا واحدا فأنه يستحق كامل الموصى به بمفرده لكن إذا كانت الوصية الواجبة لفائدة عدة أحفاد وحفيدات فأن الموصى به يقسم ” بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين”. وهذه القاعدة تدل على أن الوصية الواجبة هي في استحقاقها ميراث رغم أن القانون يعتبرها وصية. فالموصى به بالوصية الواجبة هو نصيب الوارث الهالك من الميراث الذي يقسم بين أولاده على أساس القاعدة المعمول بها في الميراث والتي تجعل نصيب الابن أو ابن الابن ضعف نصيب البنت أو بنت الابن. فمثلا إذا كان للمورث ابن مات قبله أو معه فإن الموصى به لأولاد هذا الابن من تركة الابن يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين إذا كانوا ذكورا وإناثا ويقسم بينهم بالتساوي إذا كانوا كلهم ذكورا أو كلهم إناثا، ويكون الأمر كذلك إذا كان للمورث بنت ماتت قبله أو معه وكان لهذه البنت أولاد. وعندما يكون للمورث ابنان فأكثر أو بنتان فأكثر ماتا معه أو قبله فان الوصية الواجبة تكون واحدة فتكون قيمة الموصى به في حدود ثلث قيمة ما يبقى من التركة بعد أداء الديون الموظفة عليها ويقسم الموصى به أولا على عدد البنات أو الأبناء ، ثم يقسم نصيب كل بنت أو ابن على أولاده. وإذا كان للمورث أبناء وبنات ماتوا معه أو قبله فإن الموصى به يقسم أولا للذكر مثل حظ الأنثيين ثم يقسم نصيب كل بنت ميتة على أولادها ويقسم نصيب كل ابن ميت على أولاده. وأخيرا إذا اجتمعت الوصية الواجبة مع الوصية الاختيارية تقدم الوصية الواجبة على الاختيارية: إذ في هذه الحالة يقع تنفيذ الوصية الواجبة أولا فإذا كانت هذه الوصية بأقل من ثلث التركة يكون الباقي من هذا الثلث للموصى له اختياريا وبالنسبة للزائد على الثلث تطبق عليه الأحكام العامة للوصية أي أن هذا الزائد لا ينفذ إلا في حق الوارث الذي يرضى بذلك وله أهلية التبرع به.