المصادر القانونية لنظام تسليم المجرمين في الجزائر

تنقسم مصادر نظام التسليم في الجزائر إلى:

1- الدستور :

ينص الدستور الجزائري على مبدأين أساسيين يتمثلان ,في جواز تسليم أي شخص بناءا على قانون تسليم المجرمين وتطبيقا له (المادة 65 من الدستور سنة 1996 ) و عدم إمكانية التسليم أو طرد لاجئ سياسي يتمتع قانونا بحق اللجوء

2- الاتفاقيات الدولية :

عقدت الجزائر منذ استقلالها اتفاقيات ثنائية للتعاون القضائي وتسليم المجرمين مع الدول التالية : المغرب ( 15 مارس 1963 ) تونس ( 14 نوفمبر 1963 ) جمهورية مصر العربية ( 29 جويلية 1965 ) فرنسا ( 29 جويلية 1965) و ( 14 أكتوبر 1966) موريتانيا ( 15 جانفي 1970 ) بلجيكا ( 8 أكتوبر 1970 ) ألمانيا الديمقراطية 21 نوفمبر 1973 كوبا ( 30 أوت 1990 ) .

تفضل الجزائر الاتفاقيات الثنائية غير أنّ ذلك لم يمنعها من الانظمام إلى الاتفاقيات الدولي الإقليمية المتعددة ,وهذا لتكريس مبدأ التعاون الدولي وتنمية العلاقات الودية بين الدول على أساس المساواة والمصلحة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية التي ينص عليه الدستور في مادته 27 . وقد أعطت لنصوص الاتفاقيات الدولية مكانة تسمو على القانون الداخلي من حيث التطبيق وهذا ما تبينه المادة 132 من الدستور المادة 694 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه يكون التسليم بناءا على قانون الإجراءات الجزائية مالم تنص الاتفاقيات الدولية على خلاف ذلك.

والاتفاقيات الدولية التي عقدتها الجزائر تشبه إلى حد كبير الاتفاقيات الأوروبية وتأخذ بالمبادئ الأساسية الواردة في الاتفاقيات النموذجية لتسليم المجرمين التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة 35-116.

3- التشريع الداخلي :

أما الأحكام المنظمة لتسليم المجرمين ,فإنها وردت في قانون الإجراءات الجزائية, حيث أفرد لها المشرع باب كامل يحتوي على 27 مادة, وهو

الباب الأول للكتاب السابع ,الخاص بالعلاقات مع السلطات القضائية الأجنبية.

طبيعة التسليم :

إنّ لمعرفة طبيعة التسليم أهمية خاصة عند البحث في شروطه وأحكامه, و انقسم الفقهاء في تحديد طبيعته إلى ثلاث فئات :

الفئة الأولى : ترى أنّ التسليم يعد من أعمال القضاء غايته إيقاع العقاب العادل بالمجرم الذي انتهك حرمة قوانين الدولة طالبة التسليم ,والتي تتشابه مع قوانين الدولة المطلوب منها ذلك والتي تهدف كلّها إلى إحقاق الحق وإقامة العدل.

ويؤيد أصحاب هذا الرأي موقفهم بأن السلطة التي تقوم بإجراءات التسليم والفصل فيه هي السلطة القضائية, كما أنّ رفض أو قبول التسليم يكون بقرار قضائي نهائي غير قابل لأي طريق من طرق الطعن فيه لكن هذا لا يمنع من انتقاد هذا الرأي كون التسليم يعد بمثابة تأمين مثول الجاني أو المتابع أمام الجهات القضائية المختصة لمحاكمته فقط, فهو لا يعدّ من قبيل الأعمال القضائية هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد أن أحكام القضاء المتعلقة بالتسليم, وخاصة بالنسبة للبلدان التي تأخذ بالنظام القضائي في التسليم لا تلزم السلطة التنفيذية إذ تبقى هذه الأخيرة حرة في قبول التسليم أو رفضه

الفئـــة الثانية: ويرى أنصار هذا الرأي[أن التسليم هو عمل إداري من أعمال السيادة تباشر ه الحكومة بمقتضى هذا الحق، ولا يمكن للسلطة القضائية أو الدولة طالبة التسليم إجبار حكومة الدولة المطلوب منها التسليم على التسليم، إذا ما رأت هذه الأخيرة أن شروط التسليم غير متوفرة أو أنه لا يجوز التسليم في مثل هذا النوع من الجرائم، أو لأي سبب أخر يحول دون التسليم القانوني.

وما يعاب على هذا الرأي، أن تتجاهل الأنظمة التي تأخذ بالنظام القضائي بالتسليم سواء التي تأخذ بإلزامية أحكام القضاء الايجابية والسلبية في التسليم ،أو التي تأخذ فقط بإلزامية أحكام القضاء السلبية فقط.

الفئـــة الثالثة :

ويري أنصار هذا الرأي أن صعوبة الإقرار بوجود طبيعة واحدة للتسليم يقتضي التسليم بوجود طبيعة مزدوجة للتسليم، فهو من جهة يعتبر عملا قضائيا من حيث الإجراءات التي يقوم بها القضاء، في إصدار أوامر بالقبض والتحقيق وإصدار قرار التسليم، والتي تهدف كلها إلى إنزال العقاب بالجاني أو المتابع من أجل جريمة .ومن جهة أخرى فإن القرار النهائي لقبول التسليم، أو رفضه يبقى للسلطة السياسية, ويصبح دور القضاء دورا استشاريا.

موقف المشرع الجزائري :

إنّ الجزائر على غرار باقي الدول،ولتنظيم التسليم فإنها سنت موادا في قانون الإجراءات الجزائية، بالإضافة إلى نصوص الاتفاقات الدولية الثنائية منها والمتعددة بشأن التعاون القانوني والقضائي، ولتحديد طبيعة التسليم، ما هو النظام الذي اعتمدته الجزائري تسليم المجرمين ؟.

وبالرجوع إلى أحكام المواد 704 إلى 710 من قانون الإجراءات الجزائية فإنّ الإجراءات المتعلقة بالاستجواب والقبض المؤقت، الفصل في طلب التسليم بالقبول أو الرفض كله يعود إلى الجهة القضائية – الغرفة الجنائية بالمحكمة العليا. حتى أن ّ إقرار الشخص المطلوب قبوله بالتسليم دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، فإنه وجوبا يخضع لاثباثه من طرف القضاء كما أنّ الفصل في طلب التسليم بالقبول أو الرفض يتميّز بالطابع النهائي الذي لا يقبل الطعن فيه بأي طريقة واستخلاصا لما سبق ذكره فإن المشرّع الجزائري أخذ بالنظام القضائي في التسليم واعتبر التسليم عمل قضائي وكل ما يتعلق به مرجعه القضاء من حيث فحص الشروط و الإجراءات وكذا قبوله أو رفضه , وما على السلطة التنفيذية إلا تنفيذ الأحكام القضائية بوسائلها القانونية