تتنوع وتتعدد المرافق العامة بتنوع الخدمات والحاجات العامة التي تقوم على إشباعها، وليست كل المرافق محلا للخصخصة فمنها ما لا يصلح خصخصته . وتكمن نقطة الاختلاف في طبيعة ووظيفة ونشاط المرفق العام، ووفقا لذلك يمكن تقسيم المرافق العامة إلى المرافق العامة الإدارية والمرافق العامة الاقتصادية . وفيما يتعلق بالمرافق العامة الإدارية فيمكن تقسيمها إلى مرافق عامة قومية وأخرى محلية والأولى تؤدي خدماتها لتشمل إقليم الدولة بأكمله وتشرف عليها الأجهزة المركزية في الدولة وهي تنقسم بدورها إلى مرافق عامة قومية ترتبط بسيادة واستقلال الدولة ، ومرافق عامة لا ترتبط بسيادة واستقلال الدولة ، وقد اتجهت الدول على اختلاف توجهاتها على ضرورة قيام الدول بالنوع الأول من المرافق مثل القضاء والشرطة والدفاع والعلاقات الدولية إنشاء وتنظيم .

وهذه المرافق تستمد أهميتها من المبادئ والقواعد الدستورية الحاكمة وقد سميت بالمرافق الدستورية(1). نظرا لطبيعتها المرتبطة بنصوص الدستور وعلى ذلك لا يجوز خصخصة هذه المرافق أيا كانت الأيديولوجية السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحاكمة في الدولة. والنوع الثاني : مرافق عامة قومية لا ترتبط بسيادة الدولة واستقلالها ولكنها مكفولة دستوريا مثل التعليم والصحة ويطلق عليها مرافق دستورية غير سيادية ، هذه المرافق يجوز مشاركة القطاع الخاص فيها ولذلك تم إنشاء الجامعات الخاصة إلى جانب الجامعات الحكومية. وفيما يتعلق بالمرافق المحلية تنطبق عليها ذات الضوابط الخاصة بالمرافق العامة القومية(2). وفي تقديري انه من الصعب ان نجد مرفق محلي متعلق بسيادة الدولة واستقلالها أو ان يكفل الدستور الخدمات التي يؤديها .

أما المرافق العامة الاقتصادية فيمكن التمييز بشأنها بين نوعين من الأنشطة الاقتصادية(3). الأول الأنشطة التي تمثل احتكارا للدولة، أي انفراد الدولة وحدها بإنتاج سلعة أو تقديم خدمة مع الاستئثار بعناصر السوق وانتفاء المنافسة فهذه لا يجوز خصخصتها . الثاني ، فيما عدا الأنشطة والمشروعات التي تمثل احتكارا للدولة ولا يجوز خصخصتها فان تحديد المرافق والمشروعات والأنشطة التي يجوز خصخصتها متروك للسلطة التقديرية للإدارة التي تملك سلطة واسعة في تقدير ملاءمة قيام القطاع الخاص بها مثل مرافق الكهرباء والمياه والنقل والطرق والاتصالات السلكية واللاسلكية والموانئ ، طالما كان ذلك في اطار دستوري وقانوني واضح . نخلص من ذلك كله ان خصخصة المرافق العامة الاقتصادية لا يتحقق إلا وفقا للمفهوم الضيق للخصخصة والمتمثل فقط في نقل ملكية المرفق العام من القطاع العام إلى القطاع الخاص . أما الإدارة الخاصة للمرافق العامة فهي ليست من صور الخصخصة، والحكم نفسه ينطبق أيضا على زيادة كفاءة إدارة وتشغيل المشروعات العامة من خلال الاعتماد على آليات السوق والتخلص من الترتيبات البيروقراطية وهذا التمييز بين الخصخصة في مفهومها الضيق والإدارة الخاصة للمرافق العامة الاقتصادية له أهمية كبيرة .

_______________________________

[1]- د.محمد محمد عبداللطيف ، الاتجاهات المعاصرة في ادارة المرافق العامة الاقتصادية ، مصدر سابق ، ص51 وما بعدها .

2- د. محمد المتولي ، الاتجاهات الحديثة في خصخصة المرافق العامة الاقتصادية ، مصدر سابق ، ص 38 وص 39 .

3- د. محمد عبدالمحسن المقاطع ، الاسس الدستورية لخصخصة المشروعات العامة ورقابة الدولة عليها، مجلة المحامي تصدرها جمعية المحاميين الكويتيين ، السنة 22 ، ابريل ومايو ويونيه ، 1988 ، ص 34 وما بعدها .

المؤلف : حسن محمد علي البنان
الكتاب أو المصدر : مبدا قابلية قواعد المرافق العامة للتغيير والتطوير

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .