أركان المخالفات التأديبية
إن شركات ومؤسسات القطاع الخاص بصفتها شخصية اعتبارية لا تمارس أعمالها بنفسها، بل تنهض بهذه الأعمال من خلال أشخاص تعينهم لهذه الغاية يعرفون بالموظفين أو العمال.

والعلاقة بين صاحب العمل وبين العامل علاقة قانونية تعاقدية يحكمها قانون العمل، وبموجب هذه العلاقة التعاقدية فإن الموظفين لهم حقوق يتعين على صاحب العمل الوفاء بها، وتقابل هذه الحقوق مسؤوليات على الموظفين القيام بها لتحقيق أهداف الجهة التي يعملون بها أو المحافظة على مصالح صاحب العمل. ومن الصعب على من يكتب في العلاقة بين العامل ورب العمل ألا يبدأ بالمخالفات التأديبية، لأنها هي المشكلة الجدلية التي ملأت أروقة الهيئات العمالية في المنازعات، أضف إلى ذلك أن المخالفات التأديبية ليست محددة على سبيل الحصر، وبالتالي لصاحب العمل سلطة تقديرية لاعتبار فعل ما أو الامتناع عنه مخالفة، وهنا لا يعفى الموظف من المسؤولية بادعائه الجهل باللوائح إذا كانت معلنة بأي وسيلة متاحة تحقق الغرض منها.

لكن ما تقدم ذكره لا يفتح ذريعة لصاحب العمل بأن يصنف كل ما يريد مخالفة يعاقب عليها الموظف ما لم تستوف المخالفة ركنيها المادي والمعنوي، فالسلوك الذي يقع من الموظف أو العامل سواء كان إيجابيا أو سلبيا المعيار الأنسب لقياسه من كونه مخالفة أو غير ذلك أن ينظر إلى السلوك الذي ارتكبه الموظف وقياسه وفق المألوف من سلوك الموظف المعتاد من ذات فئة الموظف أو العامل الذي يراد قياس سلوكه، فهذا المعيار واقعي وموضوعي يراعى فيه تطبيق الظروف التي صدر فيها سلوك الموظف أو العامل، بحيث ينظر فيما لو أحاطت ذات الظروف في الموظف المعتاد فهل يقع منه ذات السلوك أم لا؟! وتقاس وتكيف الوقائع على أنها مخالفات تأديبية أو غير ذلك على هذا الأساس في حال عدم وجود لائحة مخالفات لشركة أو المؤسسة منشورة ومعلومة لدى الموظفين.

ثم نؤكد على أن المخالفة التأديبية أيا كانت يجب أن يصاحبها سلوك غير مشروع وقصد من العامل أو الموظف بارتكاب ذلك السلوك دون ظروف قاهرة، فانتفاء أحد ركني المخالفة التأديبية لا يعتبر مخالفة ولا يترتب عليه مسؤولية تأديبية توجه للموظف أو العامل.

عبدالله قاسم العنزي

إعادة نشر بواسطة محاماة نت