تخضع إدارة شركة التوصية البسيطة لذات القواعد التي تنظم إدارة شركة التضامن من حيث تعيين المدير وعزله وأجره وسلطاته ومسئولية الشركة عن أعماله ومسئوليته في مواجهة الشركة. وعلى ذلك يتولى إدارة شركة التوصية البسيطة مدير فيد يكون اتفاقى معين بالعقد التأسيسي للشركة أو غير اتفاقى معين بعقد مستقل عن عقد الشركة وسواء كان شريك أو غير شريك. بيد أنه إذا كان من الممكن تعيين الشريك المتضامن مدير للشركة، فإن الأمر على خلاف ذلك بالنسبة للشريك الموصى، فلا يجوز له التدخل فى إدارة الشركة.

قاعدة حظر تدخل الشريك الموصى فى إدارة الشركة:

تنص المادة ٢٨ من قانون التجارة على أن الشركاء الموصين (( لايجوز لهم أن يعملوا عملاً متعلقاً بإدارة الشركة ولو بناء على توكيل ويتبين من هذا النص أنه لا يجوز للشريك الموصى أن يقوم بأي عمل من أعمال إدارة الشركة، أو أن يكون مدير للشركة. وعلى ذلك يجب أن يتولى إدارة الشركة إما شريك متضامن أو شخص أجنبي عن الشركة. وفى حالة عدم تعيين مدير للشركة، تكون الإدارة للشركاء المتضامنين وحدهم دون الشركاء الموصين.

الحكمة من الحظر:

اختلف الفقهاء حول تحديد الحكمة من قاعدة حظر تدخل الشريك الموصى فى أعمال إدارة الشركة. فقد ذهب البعض(١) إلى القول بأنه الحكمة التى توخاها المشرع من منع الشريك الموصى من التدخل فى إدارة الشركة هي حماية الغير الذى يتعامل مع الشركة من أن ينخدع فى حقيقة مركز الشريك الموصى فيعتقد أنه شريك متضامن مسئول مسئولية شخصية وتضامنية عن ديون الشركة فيوليها ائتماناً كبيراً اعتماداً على أمواله، ثم يفاجأ بأنه شريك موصى ويسأل فى حدود الحصة المقدمة منه. ولذلك حظر المشرع على الشريك الموصى التدخل فى إدارة الشركة ليدفع هذا الخطأ الذى يقع فيه الغير. ويذهب البعض الآخر(2) إلى القول بأن حكمة حظر تدخل الشريك الموصى فى عنوان الشركة هو حماية الغير والشركة. ذلك أنه إذا سمحنا للشريك الموصى بالتدخل فى إدارة الشركة فقد يجرى تصرفات تتسم بعدم الحيطة وعدم الحذر وهو مطمئن إلى تحديد مسئوليته مما قد يعرض الشركة إلى مخاطر جسيمة. ونرى مع البعض(3) أنه من غير المنطقي أن يحظر على الشريك الموصى أن يتدخل فى إدارة الشركة بينما يسمح لشخص غير شريك بإدارة شركة التوصية البسيطة، وهو غير مسئول عن ديونها على الإطلاق. فإذا كان جائزاً، أفليس من الأولى منح الشريك الموصى حق إدارة الشركة؟ الحقيقة أن قاعدة حظر تدخل الشريك الموصى فى أعمال الإدارة يرجع على الاعتبارات التاريخية لنشأة شركة التوصية البسيطة. حيث كان الشريك الموصى يأخذ دور المقرض بفائدة يعمل فى الخفاء ولا يظهر أمام الغير ولا يدخل معه فى تعاملات. وذلك تحايلاً على تحريم الكنيسة للقرض بفائدة.

نطاق الحظر:

لما كانت الحكمة من حظر تدخل الشريك الموصى فى أعمال إدارة الشركة هي حماية الغير، فقد استقر الرأي فى الفقه والقضاء على التفرقة بين نوعين من أعمال الإدارة: أعمال الإدارة الخارجية، وأعمال الإدارة الداخلية. ويقصد بأعمال الإدارة الخارجية هي تلك الأعمال التى تقتضى تمثيل الشركة أمام الغير. كأن يشترى الشريك الموصى من الغير لحساب الشركة أو يقترض منه لحسابها … الخ. كما ليس للشريك الموصى الحق فى تمثيل الشركة أمام القضاء(4) أو الاشتراك مع المدير الحقيقي في التوقيع على تصرف قانونى مع الغير. وبصفة عامة يحظر على الشريك الموصى التدخل فى أى عمل من أعمال الإدارة الخارجية سواء بصفة أصلية أم بناء على توكيل صادر من المدير أو الشركاء(5) أما أعمال الإدارة الداخلية فيقصد بها الأعمال التى لا تقتضى تمثيل الشركة أمام الغير، وإنما تتصل بأمور الشركة الداخلية. ولذلك فإنه من حق الشريك الموصى القيام بهذه الأعمال لأنها تمثل الحد الأدنى المقرر لكل شريك بغض النظر عن مسئوليته عن ديون الشركة أى حتى ولو كانت مسئوليته عنها محدودة بقدر حصته فى رأس المال( 6). كأن يشترك الشريك الموصى فى تعديل عقد الشركة وتوجيه النصح للمدير والاطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها …. الخ. وإذا كان للشريك الموصى حق التدخل فى أعمال الإدارة الداخلية. فإن له أن يرتبط مع الشركة بعقد من عقود العمل، كأن يعمل محاسباً أو مراجعاً. كما أن له أن يتعاقد مع الشركة ويصبح دائناً أو مديناً لها على اعتبار أن هذه الأعمال تتم فى دائرة علاقته بالشركة والشركاء وليس لها أى أثر على ائتمان الغير(7)

جزاء مخالفة الحظر:

إذا خالف الشريك الموصى قاعدة حظر تدخله فى أعمال الإدارة الخارجية. فإنه يفرق من حيث الجزاء المترتب على هذه المخالفة بين مسئوليته فى مواجهة الغير ومسئوليته فى مواجهة الشركاء المتضامنين.

١ – مسئولية الشريك الموصى فى مواجهة الغير:

نصت المادة ٣٠ من قانون التجارة على أنه ((وكذلك إذا عمل أى واحد من الشركاء الموصين عملاً متعلقاً بإدارة الشركة يكون ملزوماً على وجه التضامن بديون الشركة وتعهداتها التى تنتج من العمل الذى أجراه. ويجوز أن يلزم الشريك المذكور على وجه التضامن بجميع تعهدات الشركة أو بعضها على حسب عدد وجسامة أعماله وعلى حسب ائتمان الغير له بسبب تلك الأعمال )) ويتبين من هذا النص أنه إذا تدخل الشريك الموصى فى أعمال الإدارة الخارجية للشركة وذلك بالمخالفة للحظر المقرر بالمادة ٢٨ من قانون التجارة، فإنه يسأل أمام الغير عن العمل الذى تدخل فيه كما لو كان شريك متضامن، أى يكون مسئول مسئولية شخصية وتضامنية في جميع أمواله عن الدين الناشئ عن العمل الذى تدخل فيه لحساب الشركة. وليس لقاضى الموضوع أدنى سلطة تقديرية فى هذا الشأن(8) وإذا تكرر تدخل الشريك الموصى فى أعمال الإدارة الخارجية للشركة، أو قام بعدد قليل منها ولكن على قدر كبير من الأهمية والخطورة، فإنه يسأل أمام الغير كما لو كان شريك متضامن عن جميع ديون وتعهدات الشركة ولو لم تكن ناتجة عن الأعمال التى تدخل فيها لحساب الشركة. ويستقل قاضى الموضوع بتقدير جسامة أعمال الإدارة التى قام بها الشريك الموصى، والتى أوحت للغير بتعامله كشريك متضامن.

٢ – مسئولية الشريك الموصى فى مواجهة الشركاء المتضامنين:

نفرق فى هذا الصدد بين ما إذا كان تدخل الشريك الموصى في أعمال الإدارة الخارجية قد تم بناء على تفويض أو توكيل من الشركاء المتضامنين، أم تدخل فى هذه الأعمال بدون تفويض أو توكيل. فإذا تدخل الشريك الموصى فى أعمال الإدارة الخارجية بناء على توكيل صريح أو ضمني من الشركاء المتضامنين، فإنه يظل شريكاً موصياً فى مواجهتهم ولا يسأل إلا فى حدود الحصة المقدمة منه في رأس مال الشركة. بل أبعد من ذلك يجوز له الرجوع عليهم بما يكون قد دفعه من ديون الشركة زائداً على حصته. أما إذا تدخل الشريك الموصى فى أعمال الإدارة الخارجية بدون توكيل من باقي الشركاء المتضامنين، فليس له حق الرجوع على هؤلاء الشركاء إلا فى الحالة التى يعود فيها نفع على الشركة من جراء هذا العمل وذلك وفقاً لقواعد الإثراء بلا سبب.

_______________

1- د. مصطفى كمال طه: القانون التجاري ، الدار الجامعية 1991 ، ص ١٤٤ .

2- د. على حسن يونس: القانون التجاري 1983 ، ص 189

3- د. سميحة القليوبي: الوسيط في شرح القانون التجاري المصري ، الجزء الأول – دار النهضة العربية ، ٢٠٠٥ ، ص 236.

4- نقض مدنى ٩ يناير ١٩٨٠ ، مجموعة أحكام النقض، السنة ٣١ ، ص ١١٧ .

5- د. مصطفى كمال طه: الشركات التجارية، دار المطبوعات الجامعية، ٢٠٠٦ ، ص ٢٤٥ .

. د. محمود سمير الشرقاوى: القانون التجاري ، الجزء الأول ، دار النهضة العربية 1986 ، ص ١٠٠

6- د. كمال محمد أبو سريع: الشركات التجارية، الجزء الأول، شركات الأشخاص، 1994، ص ٢٣٣

7- د. عاطف محمد الفقى: الشركات التجارية فى القانون المصري، دار النهضة العربية، ٢٠٠٧ ، ص 262

8- Ripert et Roblot: Op. Cit.، P. 591.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .