الشروط الواجب توافرها لاستحقاق التعويض في المسؤولية العقدية والتقصيرية

مقال حول: الشروط الواجب توافرها لاستحقاق التعويض في المسؤولية العقدية والتقصيرية

شروط استحقاق التعويض في المسؤولية العقدية و التقصيرية ووقت المطالبة به،و كيفية تقديره.

التعويض كما هو معلوم حق لكل مضرور، وهو وسيلة لجبر الضرر، إلا انه لابد من توفر بعض الشروط لاستحقاقه وهذا ما سنراه في الفقرة الأولى،

لننتقل بعد ذلك للحديث عن الوقت التي يستحق فيه التعويض في فقرة ثانية، وكيفية تقديره في الفقرة الثالثة.

الفقرة الاولى : شروط استحقاق التعويض في المسؤولية العقدية و التقصيرية.

أولا : شروط استحقاق التعويض في المسؤولية العقدية

حتًى يتم إلزام المدين بدفع التعويض للدائن يجب أن يكون المدين هو المسؤول عن السبب الذي ألحق الضرر بالدائن، وهذه المعادلة تتكون من أربعة مفردات هي الخطأ العقدي والضرر وعلاقة السببية بينهما والإنذار وهي شروط استحقاق التعويض، ووفقًا لهذا الترتيب سيتم دراسة الخطأ أولا ومن ثم الضرر وعلاقة السببية والإنذار.

• الخطأ العقدي : يمكن تعريفه بأنه : ” عدم تنفيذ الالتزام الناشئ عن العقد ” ويتمثل في امتناع أحد المتعاقدين عن تنفيذ التزامه، أو تأخره في التنفيذ، الامر الذي يتسبب في الحاق الضرر بالطرف الدائن. والالتزامات العقدية نوعان، الالتزام بتحقيق نتيجة والالتزام ببذل عناية . فإذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه العقدي، كنا امام خطأ عقدي، ويستوي في ذلك أن يكون عدم قيام المدين بالالتزام ناشئًا عن عمده أو عن إهماله، وبذلك يمكن القول بأن الخطأ باعتباره شرطًا لقيام المسؤولية العقدية يتحقق عند اجتماع أمور ثلاثة هي عدم إجراء التنفيذ العيني الكامل للالتزام وحصول الاخلال بالالتزام بفعل يعزى للمدين، وأن يستمر هذا الاخلال إلى ما بعد إنذار المدين .

• الضرر: يعتبر الضرر الشرط الثاني الواجب توفره للحكم بالتعويض للدائن على مدينه في حال عدم قيام هذا الأخير بما هو مطلوب منه في العقد. ويمكن تعريفه بأنه ” ما لحق المتعاقد من خسارة وما فاته من كسب” كنتيجة مباشرة لعدم وفاء المدين بالتزامه . ومثال الخسارة أن يسير صاحب عربة نقل البضائع بسرعة، فتتكسر أواني الزجاج المحمولة عليها، فينجم عن ذلك خسارة تلحق الدائن. ومثال فوات الكسب أن يتأخر سائق الحافلة في إيصال المسافرين إلى مدينة الرباط فتضيع الصفقة عن أحد الركاب الذي سافر من أجل إبرامها . والضرر قد يكون ماديا – كما سبق – أو معنويا كحالة المريض الذي يذيع الطبيب سره فيصيبه بضرر في سمعته. والضرر المستحق للتعويض ،يكون اما ضررا ماديا أو معنويا على حد السواء، دون تفريق بين المسؤولية العقدية والتقصيرية، ويلزم فيه بعض الشروط، إذ يجب أن يكون محققا، فلا يكفي أن يكون محتملا، حتى لو كان احتماله قويا ما دام لم يقع بالفعل، كذلك يجب أن يكون هذا الضرر مباشرا بمعنى ذاك الذي يكون نتيجة لعدم الوفاء بالالتزام أو التأخر في الوفاء به، وأخيرا يلزم أن يكون هذا الضرر متوقعا وقت ابرام العقد، ومثاله أن يسافر شخص بحقيبته، ثم تضيع الحقيبة بخطأ يعزى لأمين النقل؛ فالذي يتوقع عادة هو احتواء الحقيبة على الملابس والأغراض الشخصية… دون المجوهرات النادرة، لذلك فضياع الملابس ونحوها يعتبر ضررا متوقعا يلزم التعويض، في حين أن ضياع المجوهرات النادرة يعتبر ضررا غير متوقع، وبالتالي فلا يستحق عنها التعويض .

• العلاقة السببية : لا يكفي لتحقق المسؤولية العقدية أن يكون هناك خطأ وضرر، و إنما يشترط أن يكون الخطأ هو السبب المباشر في وقوع الضرر. وعبء إثبات علاقة السببية يقع على عاتق الدائن الذي يطالب المدين بالتعويض عن الاضرار المترتبة عن الاخلال بالعقد. واستخلاص العلاقة بين الخطأ والضرر تعد من أمور الواقع التي تكون متروكة للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع، ولا يخضعون في ذلك لرقابة المجلس الاعلى (محكمة النقض حاليا) .

• الإنذار : اشترط المشرع على الدائن لاستحقاقه التعويض شرطًا إجرائيا يتمثل في وجوب إنذار المدين، والذي يعبر من خلاله عن رغبته في استيفاء دينه إن كان محل الالتزام أداء مبلغ من المال وتنفيذ الالتزام أيًا كان. والغاية من الإنذار هي تنبيه المدين إلى أنه متأخر في تنفيذ التزامه تأخرًا يرتب عليه القانون بعض الآثار، ودعوته لتنفيذ التزامه مع وضعه أمام المسائلة القانونية في حال امتناعه عن ذلك ، وقد جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية، أنه لا يستحق التعويض الا بعد اعذار المدين ما لم ينص على خلاف ذلك، فإذا كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة (المشترية) لم تعذر المطعون عليهم (البائع والضامنين له) بالوفاء عند حلول الأجل المحدد لتوريد القطن وكان العقد المبرم بين الطرفين قد خلا من النص على الاعفاء من الاعذار وهو اجراء واجب لاستحقاق التعويض المتفق عليه، فإن الطاعنة لا تكون على حق في المطالبة بهذا التعويض . وتجدر الاشارة في هذا الاطار إلى أن الانذار لا يعتبر ضروريا دائما .

ثانيا : شروط استحقاق التعويض في المسؤولية التقصيرية:

تتمثل هذه الشروط في ضرورة وجود خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما

• الخطأ : عرفه المشرع المغربي من خلال الفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود بأنه ” الخطأ هو ترك ما كان يجب فعله، أو فعل ما كان يجب الامساك عنه، وذلك من غير قصد لإحداث الضرر”، وهذا الاخير أنواع فهو إما أن يكون عمديا أوغير عمدي، جسيما أو يسيرا، إيجابيا أو سلبيا . وقد عرفه الفقيه بلانيول بأنه”خرق أو اخلال بالتزام قانوني سابق” و عرف كذلك الاستاذ سليمان مرقس بأنه” إخلال بواجب قانوني مقترن بإدراك المخل لنتائج أفعاله”

• الضرر: هو الركن الثاني للمسؤولية التقصيرية، فلا يكفي لقيام هذه المسؤولية أن يثبت الخطأ بل يجب أن ينجم عن هذا الخطأ ضرر. وقد عرفه المشرع المغربي في الفصل 98 من قانون الالتزامات و العقود بأنه ” الضرر في الجرائم وأشباه الجرائم ، هو الخسارة التي لحقت المدعى فعلا و المصروفات الضرورية التي اضطرت أو سيضطر الى انفاقها لاصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب أضرارا به و كذلك ما حرم من نفع في دائرة الحدود العادية لنتائج هذا الفعل. و يجب على المحكمة أن تقدر الاضرار بكيفية مختلفة حسب ما تكون ناتجة عن خطأ المدين أو تدليسه”. والضرر هو محل الالتزام بالتعويض الذي ينشأ عن الانحراف في السلوك، وإذا انتفى الضرر انتفت مصلحة المضرور في ممارسة دعوى المسؤولية، والضرر هو الاذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه، أو مصلحة مشروعة له، سواء كانت هذه المصالح مادية أو معنوية . ويشترط فيه ليكون أساسا للتعويض أن يكون محققا بمعنى أنه لا تجوز المطالبة بالتعويض الا إذا كان الضرر محقق الوقوع، ويكون كذلك إذا وقع فعلا أو كان محقق الوقوع في المستقبل. كما يجب أن يكون الضرر ناشئا عن إخلال بحق أو مصلحة مشروعة يحميها القانون . والتعويض يقدر بمقدار الضرر، ويشمل ما لحق المدين من خسارة وما فاته من كسب ( الفقرة الأولى من الفصل 98 من قانون الالتزامات والعقود)، فإذا أتلف شخص سيارة مملوكة لآخر، كان اشتراها بعشرة آلاف درهم، وثبت أن أحدا وعده بشرائها منه باثنين وعشرين ألف درهم، فالعشرة آلاف هي الخسارة التي لحقت المضرور أما الإثني عشر ألف فتمثل الكسب الذي فاته.

• العلاقة السببية : يشترط للتعويض في إطار المسؤولية التقصيرية أن تجمع علاقة سببية بين كل من الخطأ والضرر، بمعنى إثبات أن الخطأ هو السبب المباشر في حصول الضرر، بحيث اذا انتفت هذه العلاقة، فلا مجال حينها للمطالبة بالتعويض. وهناك في قانون الالتزامات و العقود المغربي عدة نصوص تؤكد ضرورة توافر هذه العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر من ذلك ما ورد في الفصلين 77 و 78 من أن المسؤولية عن الفعل الضار لا تتحقق إلا إذا تبث أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر.و يعد موضوع العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر من المواضيع المعقدة جدا، وذلك أن الضرر الواحد قد ينشأ عن عدة أسباب ساهمت من قريب أو من بعيد في حصوله لا فرق في ذلك مابين الحالات التي تستغرق فيها مفعول أحد هذه الاسباب لبعضها الاخر و تلك التي يتعادل فيها تاثير هذه الاسباب على نشوء الضرر الواحد .

الفقرة الثانية : وقت المطالبة بالتعويض في المسؤوليتين العقدية و التقصيرية.

إن تحديد الوقت الذي يتم فيه تقويم الضرر الموجب للتعويض يرتب دراسة مسألتين جوهريتين تتمثلان في: – تحديد وقت تقدير الضرر. – تحديد وقت نشوء الحق في التعويض عن الضرر. فبالنسبة لتحديد وقت تقدير الضرر، فالعبرة عند تقدير الضرر الذي يستتبعه تقدير التعويض تكون بيوم صدور الحكم، اشتد الضرر أو خف، ارتفعت قيمة النقد أو انخفضت وليس بتاريخ وقوع الفعل الضار لأن الغاية من التعويض هي جبر الضرر، ولا تتحقق هذه الغاية إلا إذا روعي تقدير الضرر وقت إصدار الحكم وذلك على النحو التالي: – يتم تقدير الضرر الموجب للتعويض على أساس ما وصل إليه يوم الحكم، فإذا خف الضرر قبل يوم إصدار الحكم، فإن المسؤول يستفيد من ذلك حتى لو كان التحسن لا يرجع إلى تطور الإصابة في ذاته بل إلى سبب أجنبي، أما إذا اشتد الضرر بسبب لا يرجع لخطأ المسؤول، فلا يكون هذا الأخير مسؤولا إلا عن الضرر الذي تسبب فيه دون ما يتعلق بما اشتد منه والذي تقع مسؤوليته على المسؤول عنه. وإذا حدث تغير في الضرر بعد الحكم بالتعويض، يكون للمضرور الحق في طلب تعويض تكميلي يناسب مقدار الزيادة في الضرر، دون أن يكون للمسؤول الاحتجاج بقوة الأمر المقضى به لأنه يطلب تعويضا عن ضرر لم يكن قد تحقق عند الحكم. وفي حالة ما إذا كان الحكم المحدد للضرر والمقدر للتعويض قد تم استئنافه، وأثناء هذه الفترة ما بين صدور الحكم من محكمة أول درجة وبين صدور القرار من محكمة الاستئناف تفاقم الضرر بما يبرر تقديم طلب يتضمن زيادة التعويض عنه، فهنا يقوم القضاة بتقدير الضرر وقيمته بالحالة التي صار إليها عند الحكم . أما فيما يخص تحديد وقت نشوء الحق في التعويض عن الضرر، فتثير مسألة وجوب تقدير الضرر بتاريخ الحكم التي تم التعرض إليها سابقا إشكالية تتعلق بوقت نشوء الحق في التعويض عن هذا الضرر، بمعنى هل أن الحق في تعويض الضرر ينشأ للمضرور أيضا من تاريخ الحكم الذي يقضي به أم من وقت وقوع الضرر. ولهذه التفرقة أهمية عملية من حيث تحديد بعض المسائل التي يتعلق بعضها بـ: – تحديد تاريخ بداية حساب التقادم. – القانون الواجب التطبيق. – وقت التصرف في الحق. وقد انقسم الفقه والقضاء بصدد هذه المسألة إلى جانبين، جانب يرى أن نشوء الحق في التعويض عن الضرر تتقرر من تاريخ صدور الحكم، في حين يذهب الجانب الثاني إلى أن الحق في التعويض ينشأ من وقت وقوع الضرر.

أولا : نشوء الحق في التعويض عن الضرر من تاريخ صدور الحكم:

فحق المضرور في تعويض الضرر حسب هذا الاتجاه يتولد للمضرور من يوم الحكم الذي يقضي به لا من يوم وقوع الضرر مستندين على أن هذا الحكم بالتعويض هو حكم منشئ للحق، لأن الحق في التعويض يظل حقا غير محدد المقدار، فالحكم هو الذي يحدده ويجب الاعتداد بجميع العناصر التي توجد وقت الحكم .

ثانيا : نشوء الحق في التعويض عن الضرر من وقت وقوعه:

يذهب أغلب الفقه إلى أنه يجب الاعتداد بوقت وقوع الضرر كتاريخ لنشوء الحق في التعويض عنه، لأن الحكم الصادر بالتعويض لا يزيد على أن يكون مقررا لهذا الحق لا منشئا له، فالحق في التعويض إنما مصدره العمل غير المشروع الذي أتاه المسؤول فينشأ هذا الحق من وقت قيام أركان المسؤولية العقدية و التقصيرية ، والأخص من وقت وقوع الضرر لا من وقت ارتكاب الخطأ، ذلك أن القول بهذا الرأي يؤدي إلى نتيجة مفادها أن تقدير التعويض عن الضرر لابد أن يتم بتاريخ وقوعه وليس بتاريخ الحكم، لذا فقد ذهب بعض الفقه –وهو الأجدر بالإتباع في نظرنا – إلى وجوب التمييز بين الالتزام بتعويض الضرر وبين الالتزام بدفع التعويض، فالأول ينشأ من وقت حدوث الضرر، ولكن تعويض هذا الضرر يتحول إلى التزام بدفع تعويض وقت الحكم، ولذلك يجب الاعتداد بهذا الوقت في تقدير مبلغ التعويض. والمشرع المغربي أخذ بكون نشوء الحق في التعويض عن الضرر يكون وقت الحكم بالتعويض لطالبه حكما نهائيا، باعتبار هذا الوقت غاية ما يمكن الانتظار إليه لتحديد ما يستحق من تعويض، وقد يترتب على ذلك أن يزيد مقدار التعويض عن تقديره وقت حدوثه، وقد يترتب عليه أيضا أن يتبين أنه أقل أهمية مما كان الظن في البداية .

الفقرة الثالثة : تقدير التعويض في المسؤولية العقدية و التقصيرية.

قبل أن نتطرق الى كيفية تقدير التعويض يجب أولا أن نبين القواعد التي يخضع لها: فاذا وقع عمل غير مشروع كان للمضرور حق في التعويض عما ألحقه به هذا العمل من ضرر وقد أيد المشرع المغربي حق المضرور في التعويض في المادتين 77 و78 و قرر في المواد 98 و99 و100 من قانون الالتزامات والعقود بعض الأحكام الواجبة التطبيق في حقل التعويض وتتلخص في أربعة قواعد كالتالي:

القاعدة الأولى : يجب أن يكون التعويض عن الضرر تعويضا كاملا بحيث يشمل الخسارة التي لحقت المدعي والمصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب اضرارا به وكذلك الكسب الذي فاته.

القاعدة الثانية : يجب على المحكمة عند تقديرها للأضرار أن تدخل في اعتبارها جسامة الخطأ الصادر من المسؤول وتراعي ما إذا كان الضرر الذي أصاب المضرور قد نجم نتيجة خطأ يسيرأم لا.

القاعدة الثالثة : إذا وقع الضرر من أشخاص متعددين يعملون متوافقين كل منهم مسؤول بالتضامن عن النتائج لا فرق بين من كان منهم محرضا أو شريكا أو فاعلا أصليا الفصل 99 من ق. ل.ع.

القاعدة الرابعة : ويسري الحكم نفسه من حيث المسؤولية التضامنية اذا تعدد المسؤولون عن الضرر وتعذر تحديد فاعله الأصلي من بينهم أو تعذر تحديد النسبة التي أسهموا بها في الضرر الفصل 100 من ق ل ع أ – تقدير التعويض في المسؤولية التقصيرية لقاضي الموضوع متى تبين له قيام شروط المسؤولية التقصيرية، الحكم بالتعويض، ولقاضي الموضوع سلطة مطلقة في تحديد الطريقة التي يتم بها التعويض . فعندما ترفع أمام القاضي دعوى للمطالبة بالتعويض، وجب عليه في مرحلة أولى أن يفهم الوقائع المطروحة أمامه، وفي مرحلة ثانية تكييفها بتطبيق النص القانوني الملائم عليها من خلال التأكد بأنها كافية لتشكل أركان المسؤولية التقصيرية ليتأتى له في مرحلة ثالثة تقدير التعويض على اعتبار أنه لا تعويض بدون مسؤولية ، على أن يحدد بطريقة موازية الطريقة التي يتم بها هذا التعويض.

ويقدر التعويض نقدا، غير أنه يجوز للقاضي تبعا للظروف وبناءا على طلب المضرور، أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه. وطريقة إصلاح الضرر تختلف حسبما تكون الظروف الملابسة لحالة النزاع المطروح، وبما يبدي المضرور في طلباته ، كما انها تختلف في نطاق المسؤولية العقدية عنها في نطاق المسؤولية التقصيرية. فإذا كان التنفيذ العيني هو الأصل في المسؤولية التعاقدية، فعلى النقيض من ذلك لا يكون لهذا الضرب من التنفيذ الإ منزلة الاستثناء في نطاق المسؤولية التقصيرية، فالتنفيذ بمقابل أي عن طريق التعويض المالي هو القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية .

والتعويض يكون إما عينيا أو بمقابل: فالتعويض العيني هو إصلاح الضرر بإزالة مصدره من أصله، وهو غير التنفيذ العيني لذا نجد مجاله في المسؤولية التقصيرية دون المسؤولية التعاقدية. والتعويض العيني يتجسد في المسؤولية التقصيرية من خلال إصلاح المتسبب في الضرر، الضرر عينا وليس بمقابل، ومثاله أن يبني شخص حائط في ملكه يسد على جاره الضوء والهواء تعسفا منه، فيكون التعويض العيني عن هذا الفعل هدم الحائط على حساب الباني.

أو أن يضع شخص خلايا نحل بجانب دور للسكن، فللمتضرر الحصول على تعويض عيني عن الضرر الذي لحق به وذلك بالحكم بإبعاد هذه الخلايا. أما التعويض بمقابل فهو الذي يصلح في المسؤولية العقدية متى استحال تنفيذ الالتزام عينا وهو القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية لاستحالة التعويض العيني في أغلب الأحيان. وهو قد يكون نقديا أو غير نقدي،و يكون لقاضي الموضوع سلطة كاملة في اختيار نوع التعويض الأنسب لإصلاح الضرر.

فالتعويض النقدي يكون في أغلب حالات المسؤولية التقصيرية، وفي بعض حالات المسؤولية العقدية، وقد يأخذ صورة مبلغ إجمالي يدفع دفعة واحدة، أو مقسطا حسب الظروف. و تجدر الإشارة إلى انه قد يقع الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية التقصيرية وان كان هدا الاتفاق نادر الحصول عمليا، نظرا لوهن العلاقة بين محدث الضرر والمضرور في العادة ومع ذلك فانه يمكن تصور هذا الاتفاق كما لو اتفق مالك مع جاره على إعفاء نفسه من المسؤولية التي تترتب على الأضرار التي تحدثها ماشيته بالزراعة (الإتلاف) وكما لو اتفق رب العمل مع العمال على عدم المسؤولية عن الأضرار التي تصيبهم من جراء مخاطر المصنع الذي يعملون فيه. ومثل هذا الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية قبل وقوع الضرر يعتبر باطلا لان هده المسؤولية من النظام العام ولان هده الاتفاقيات تشجع على ارتكاب العمل غير المشروع ومن ثم فهي ممنوعة قانونا على ما ورد عليه النص في الفصلين 77 و 78 من ق.ل.ع. على أنه إذا قامت المسؤولية التقصيرية، ونشأ الحق للمضرور في التعويض، فإنه يجوز بعد ذلك، أي بعد وقوع الضرر الاتفاق على التنازل عن التعويض كليا أو جزئيا لأنه تنازل عن حق مالي في هذه الحالة، بعد ثبوت المسؤولية، فهنا لا اعفاء من المسؤولية .

ب‌- تقدير التعويض في المسؤولية العقدية إذا توافرت شروط استحقاق التعويض، ولم يكن هناك شرط صحيح يعفي المدين منه، بقي لحصول الدائن عليه، أن يتحدد في طبيعته وفي مقداره. والأصل أن القاضي هو الذي يقدر التعويض في طبيعته وفي مداه، ولا يخالف هذا الأصل إلا اذا تحدد التعويض بنص في القانون أو بمقتضى اتفاق صحيح. وينص الفصل 264 من قانون الالتزامات والعقود في هذا المعنى على أن: ” الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام. وتقدير الظروف الخاصة بكل حالة موكول لفطنة المحكمة التي يجب عليها أن تقدر التعويضات بكيفية مختلفة حسب خطأ المدين أو تدليسه”. و القاعدة العامة في التعويض ان يتم عينا، أي أن يستهدف ازالة نفس الضرر الذي لحق الدائن. ويجب على القاضي أن يحكم به، إذا طلبه الدائن وكان ممكنا من غير ارهاق للمدين. ومثال التعويض العيني إزالة البناء الذي شيده المدين إخلالا بالتزام يقضي عليه بالامتناع عن فتحه، حتى لا يسبب لدائنه المنافسة في التجارة. أما إذا كان التعويض العيني غير ممكن أو كان فيه إرهاق للمدين من غير أن تحتمه مصلحة الدائن، ساغ للقاضي أن يجعل التعويض نقديا، أي أن يقدره بمبلغ من النقود. والتعويض النقدي هو الغالب في العمل. ويتحدد التعويض في مقداره بما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، بشرط أن يكون هذا وذاك نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو التأخر في الوفاء به، بمعنى ألا يكون في وسع الدائن أن يتفاداه ببذل الجهد المعقول وفقا لما يقضي به الفصل 264 من ق.ل.ع المشار إليه سابقا . هكذا يتبين أن التعويض يتحدد في مقداره بمدى الضرر الذي لحق الدائن، بشرط أن يكون محققا ومباشرا ومتوقعا في حدود، وسواء بعد ذلك أن يكون الضرر ماديا أم أدبيا .

شارك المقالة

1 تعليق

  1. انا اريد تعويض من مصرف الراجحي السنه الماضيه في مثل هذا اليوم تم طلب تمويل عن طريق الهاتف المصرفي تم رفع الطلب أتت الموافقه ذهبت لي التنفيذ وتوقيع العقود الا ان التمويل لم يدرج في حسابي وضل حسابي بي السالب لكامل التمويل مع الأرباح تم إبلاغه ومن وعد في وعد وتصعيد وتصعيد للشكوى خرج جواب البنك بأن العميل حصل واستفاد من التمويل بينما الحساب الجاري مازال بي السالب من تاريخ التنفيذ قلقت ع الراتب لشهر رمضان لا افقده نتيجة أخطاء المصرف فعلا اتا موعد الراتب لم استفد منه ولا قرشكون حسابي سالب ومشكلتي تحت ايقان الراجحي انها حلت ذهب لمؤسسة النقد ورفعة شكوذ بما حصل أبلغني خلال 10ايام عمل انتها الدوام الرسمي لرمضان عيد المسلمون وانا لم اشهد العيد فقد كنت حبيس منزلي انا واولادي وتلطيف الجو بوعود لساعادهم حال يأتي التمويل ابتدا الدوام الرسمي شهر شوال اتفاجئ يوم 12يتصل مصرف الراجحي ويعتذر عن الخطأ بقول كانت هناك مشكله في حساب المحفضه وما ادري ايش المهم شيك ع حسابك ستجد تمويل وراتب شهر9المسحوب نككرر عذرا هل يرا أحدكم كم مقدار الضرر وهل أطالب المصرف وما الاليه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.